Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > المواضيع الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016/03/15, 03:53 PM   #41
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي

إن إدراك ضرورة المحن والعناء في هذا العالم يسهّل على الإنسان اختيار الدين


لأذكر لكم فائدة أخرى من هذا البحث والتي نستطيع أن نستخرجها الآن. اسمعوا هذه الرواية لتجدوا كم كان الحديث في الليالي السابقة دقيقا وصائبا. لقد شكرني بعض الإخوة في هذه الليالي السابقة، بطريقة وكأنهم لم يسمعوا بهذه المعارف من أحد أبدا. ولكني أريد أن أبيّن لكم أيها الإخوة أن هذا الكلام ليس من ذوقي وفنّي، بل هو ما تصارحنا به روايات أهل البيت(ع). قال الإمام موسى بن جعفر(ع) لهشام: «يَا هِشَامُ إِنَ‏ الْعَاقِلَ‏ نَظَرَ إِلَى‏ الدُّنْيَا وَ إِلَى أَهْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ وَ نَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ فَطَلَبَ بِالْمَشَقَّةِ أَبْقَاهُمَا»[الكافي/ج1/ص18]. أفهل يسمح الله لأحد أن تخلو حياته من الصعوبات؟! أرجو أن تدققوا في هذه الحقيقة كثيرا.

إحدى الخيانات التي تمارسها الأفلام الغربية تجاه الناس، هي أن تظهر المجتمع الغربي أكثر سعادة من غيره، لنتصور أن سعادته في هذه الدنيا جاءت من ابتعاده عن الدين. أفهل يمكن أن يسعد الإنسان بالابتعاد عن الدين، وهل يمكن أن تخلو الحياة البعيدة عن الدين عن جهاد النفس والمشاكل والمعاناة؟!

ذات يوم كنت في كندا وكان أحد الأصدقاء يعرّفني على القنوات التلفزيونية في كندا. ففي تلك الأثناء قال لي: إن المجتمع الغربي قد حلّ الكثير من هذه المشاكل والقيود التي تعتقدون بها أنتم في علاقة المرأة والرجل. قلت: كيف يمكن ذلك؟ فهل انتفت كل المشاكل بحرية علاقة الرجل والمرأة؟! قال: نعم بالتأكيد فلم تبق مشكلة في هذا المجال، أنتم قد عقدتم القضية بمجموعة من الأوامر والنواهي، أما هنا فالكل مرتاحون ولا مشكلة بعد في هذا المجال. أثناء ما كان يتكلم بهذا الكلام، رأيت في الفيلم فتاة صفعت وجه شاب. فسألته لماذا صفعت الفتاة وجه هذا الولد؟ أنا سألته عن القصة، وإلا فما رأيته كان فيلما وطال ما كذب الغربيون في أفلامهم وقصصهم وصوروا مجتمعهم في قمة السعادة والجمال. فنظر إلى الفيلم وقال: يبدو أن هذين صديقان، ولكن الفتاة قد رأت صديقها مع فتاة أخرى فصفعت وجهه. فقلت له: أما قلت لي الآن أن مشاكل علاقة الرجل والمرأة محلولة هنا؟! فقال: لا، لم تنحلّ إلى هذا المستوى. فرجع إلى نفسه سائلا لماذا قلتُ أن هذه القضايا محلولة في هذا البلد؟!

كان ينظر بأم عينه المشاكل والخلافات والنزاعات والجرائم في المجتمع الغربي، ولكن مع ذلك يشعر بأن المجتمع قد حلّ الملف الجنسي والعلاقة بين الرجل والمرأة! فانظروا كم كانت هذه الإلقاءات السامّة والكاذبة والخادعة قويّة.

بعد أن وعى الإنسان فلسفة هذه الدنيا وهي الكبد والعناء وأدرك ضرورة تحمله العناء، سوف يسهل عليه تحمل العناء ويختار الدين بسهولة. وهذا ما سوف يفرضه عليه عقله.
إن لم تجاهد نفسك فسوف تجاهدك نفسك


قال أمير المؤمنين(ع): «مَنْ‏ سَامَحَ‏ نَفْسَهُ‏ فِيمَا تُحِبُّ أَتْعَبَتْهُ فِيمَا يَكْرَه»[غرر الحكم/ص637]‏ فهذا الذي لبّى رغبات نفسه وأعطاها ما ترغب، سوف تنغّص حياتَه نفسُه. هذه النفس التي أعطيتها زمام أمرك وخدمتها وأطعتها في ما أمرت، يأتي يوم وإذا بها تدوس في حلقومك وتخنقك.

لا أدري هل يمكن أن أتطرق لهذا الموضوع أم لا. وهو أنه في ما إذا لم يجاهد الإنسان نفسه في شبابه، ماذا يلاقي من معاناة ومسكنة في كبره! فهذا ما يصعب علي أن أصرح به. إن نفسه سوف تتعبه وتقتله. شأنها شأن الجسم، فإنك إن أرحت جسمك ولم تتعبه، سوف تصاب بأمراض ولابد لك حينئذ أن تتحمل عناء المرض والنوم في المستشفى.

إن لم تتريض ولم تتعب جسمك، فعندئذ لا تشعر بالراحة إلا إذا جلست على قنفة فخمة وراقية جدا، أما إذا أتعبت جسمك بالرياضة، بعد ذلك حتى لو جلست على صخرة صلبة تشعر بالراحة والانتعاش. الرياضة تتعب الجسم ولكنها تريحه في الواقع. وكذلك إن تتعب نفسك وتجاهدها ففي الواقع تريحها. هذه هي النتائج الفورية لهذه الأبحاث. ولكن أمامنا طريق طويل، فلم نصل في أبحاثنا إلى الله وعبادة الله بعد.
إن إدراك هذه الحقائق تجعل الإنسان شاكرا لله


واحدة أخرى من فوائد هذا البحث ـ وهي من الفوائد والنتائج الفرعية طبعا ـ هي أنك إذا صدّقت بهذه الحقيقة وعرفت أن الدنيا محل لإزعاجك وقد صمّمت أحداثها ضد نفسك وأهوائها، وحتى إن فلتّ من هذه الأحداث واستطعت أن ترتب حياتك كما تحب وتهوى يبعث الله إليك ملكا ليخرّب مخططاتك، وأنا قرأت لك الرواية بنصّها حتى لا تتصور أني أبالغ على المنبر، فإن عرفت الحياة الدنيا وقواعدها وسننها جيدا، تصبح شاكرا لله، وسوف تخاطب الله عندئذ وتقول له: إلهي ما أرحمك، إذ كان المفترض أن تزعجنا وتؤلمنا في هذه الدنيا وتبلونا بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، ولكنك قد رحمتنا ولطفت بنا ولم تنزل علينا المصائب والنوازل كثيرا.

فإنك إن شعرت بهذا الشعور وناجيت ربك بمثل هذه الكلمات، ففي الواقع قد عرفت معنى الشكر. لعلك تسمع عبارة «شكرا لله» كثيرا من الناس، ولكن الله يقول: (وَ قَليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُور)[السبأ/13].

يتبع إن شاء الله...


توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/03/29, 08:19 AM   #42
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي


اسمحوا لي أن أشرح لكم معنى الشكر جيدا. فلا تسمحوا لأنفسكم أن تكونوا بسطاء وتشكروا الله ببساطة وبدون تعمق. ما معنى شكرا لله؟ ولماذا تقول: إلهي شكرا لك؟ هل لأنه أنقذك من مرضك؟ طيب، من الذي أمرضك أساسا؟ اذهب وعاتب ربك وقل له لماذا أزعجتني وأنزلت عليّ المصائب؟ هل هديتني إلى طبيب جيّد فداواني؟ فلماذا أمرضتني أساسا؟ وهل قد هديتني إلى قاض جيد ليحكم بيني وبين خصمي؟ لماذا سمحت أن يتنازع الناس بينهم أساسا؟!

أتدرك ماذا أقول أخي العزيز؟! فإنك إن لم تدرك فلسفة الحياة وهي العناء وإن لم تع فلسفة وجودك وهو الكبد، عند ذلك كلما أعطاك الله ورزقك من نعم، لا تزال تشعر بأنك تطلب الله. إذ تقول: هو الذي خلقني فكان لابدّ له أن ينعم علي وإلا لمتّ من الجوع! عند ذلك كلما يقال لك اشكر ربك تقول: لماذا أشكره؟ لماذا أفقرني؟ ولماذا أمرضني؟ ولماذا أوقعني في مشاكل؟

إن لم تدرك فلسفة حياتك وهويتك لا تستطيع أن تشكر الله أبدا. فإن أراحك ونفّس عليك في خضمّ محن الدنيا وآلامها، تعتبرها لا شيء، ثم ينصرف ذهنك عنها إلى مشاكل حياتك وآلامك ومعاناتك. فهل يبقى لك حينئذ شيء باسم الأخلاق؟ وهل يمكن أن يتحدث معك أحد عن الله وشكر الله؟! وهل سوف تعبد الله وهذه رؤيتك عن الدنيا وأحداثها؟ وهل سوف تفهم لقاء الله حتى تشتاق إليه؟ وأساسا هل يبقى لك إمكان لإدراك المعارف المعنوية؟

لابدّ للإنسان أساسا أن يعيش حالة الشكر بكل وجوده. قال لي بعض الإخوة: إنك قد صعّبت الحياة في أبحاثك هذه، ولكن نحن لا نجد هذه المعاناة في حياتنا، فأقول له: إذن اشكر الله على هذه النعمة. وإذا سامحني أقول له كلمة جارحة وهي: «لم يجد الله فيك القابلية على تحمل البلاء والعناء فخفّفَ عليك، وإلا فلو كنت إنسانا راقيا ممتازا لما سمح الله لك أن تمضي حياتك بسلامات». وقد سبق أن قد قرأت عليكم في خصائص عباد الله الصالحين حيث يصفهم الله في حديث المعراج قائلا: «يَمُوتُ‏ النَّاسُ مَرَّةً وَ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ‏ مَرَّةً مِنْ مُجَاهَدَةِ أَنْفُسِهِمْ وَ مُخَالَفَةِ هَوَاهُم»[بحار الأنوار/ج74/ص24]. فإن عرفت معنى الحياة الدنيا ودورها في فرض المعاناة على الإنسان، عند ذلك تشعر كم قد لطف بك الله وتفضّل عليك.

هل رأيت الإمام الحسين(ع) في دعاء عرفة حيث لا يستطيع أن يترك شكر الله؟ يبكي ويشكر ويصب الدموع ويشكر حتى أنه في آخر لحظات عمره وفي حفرة المذبح كان يعبّر عن شكره ورضاه قائلا «رضا بقضائك».
وصف حال مناجاة غير الشاكرين


لعلك تقول لي شيخنا فلنقيم جلسة دعاء ومناجاة. جيد جدا، ولكن نقيم الجلسة لمن؟ في البداية اذهب وابحث عن أناس شاكرين، وابحث عن من يشعر بالخجل من الله والذي لا يستطيع أن يمتلك نفسه من البكاء شكرا لله. وإلا فما الفائدة من المناجاة إن لم تكن بهذا الدافع ولم يصحبها هذا الشعور؟

إن بعض مناجاتنا أشبه شيء بتسليم طلباتنا لله سبحانه. فلسان حالنا عند الدعاء والمناجاة يقول: ربنا! يبدو أن حدث خطأ في تعاملك معنا، إذ لم تنظر إلينا في فلان قضية، وتركتنا وحدنا في فلان موقف، وفرضت علينا بعض الصعوبات في فلان حادث، ونغّصت عيشنا في ذلك اليوم. فكيف نتعامل معك يا إلهنا وماذا نقول لك؟ وإلى أين نفرّ منك؟ فقد كسرت قلوبنا وأنزلت دموعنا، فانظر كيف قد أبكيتنا! فحلّ مشكلتنا بعد ما بكينا أمامك وإلا فلن نأتيك بعد. فمثل هذا الكلام لا قيمة له، إذ ليس بمناجاة بل عتاب کما جاء في بعض أدعية المعصومين «َ فَإِنْ أَبْطَأَ عَنِّي عَتَبْتُ بِجَهْلِي‏ عَلَيْكَ وَ لَعَلَّ الَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعَاقِبَةِ الْأُمُور»[دعاء الافتتاح]

وما أكثر هؤلاء الذين إن خلوا بربّهم لا يناجونه بل يعاتبونه، فلا تنظر إلی ظاهرهم إذ لا حول لهم على الله ولا تصل يدهم إلى الله، وإلا فقلوبهم قد ملئت عتابا.

من الشاكر؟ هو الذي جاء إلى الدنيا ليغرق في بلاياها ومحنها، وسلّم إلى هذه السنّة ووطن نفسه على تحمل الآلام والمصائب، ثم ينظر إلى حياته وإلى النعم التي أنعمها الله عليه وإلى ما نفّس الله عليه بالنعم ورفع المحن وتخفيف المصائب، فيشكر الله ويحمده.
ثلاثة أحزان سلبية يصاب بها الإنسان، لابد أن يجتنب عنها


عندما ينزل الله عليك نعمة من نعمه، يحب أن تتمتع وتهنأ بها، إذ أنت تحتاجها و هي من رزقك. يحب الله أن ترتاح في حياتك وتتمتع بنعمك. ويعزّ على الله أن ينزل علينا الصعاب والبلايا بلا مهلة واستراحة وتنفيس. (فإنَّ مَع العُسرِ یُسراً * إنَّ مع العُسر یُسراً) [الانشراح/5، 6] فمع كل محنة وعسر، يأتيك بيسر، فعندما ينعم الله عليك بنعمة لا تحزن على ماضيك وما فات، ولا تقلق على المستقبل، بل كن سعيدا بما أنعم الله عليك.

اترك الماضي، فكان لابدّ أن تأتيك بلاياه وقد مرت وذهبت مصائبه بحمد الله. وكذلك سوف تأتيك بلايا المستقبل قطعا مهما قلقت منها فاخضع لهذا القانون ولا تقلق ولا تشغل فكرك بما جرى وما سيجري بل اشعر بالسعادة واغتبط بما رزقك الله واشكره. فهل من الصواب أن تحزن في أيام رفاهك ونعمتك؟!

الإنسان يحزن بثلاثة أنواع من الحزن:

الأول: يحزن على أحزانه الماضية والفائتة. أريد هنا أن أدعو بدعاء ولكن أجدكم غير متسلحين إذ لا ترفعون إيديكم. فقد روي عن نبينا(ص): «إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين»[نهج الفصاحة/ص294]. طبعا لا أريد أن أجبركم على رفع يديكم، ولكني محتاج إلى دعائكم وأرى أن عدد المؤمنين الحاضرين هنا في هذا المسجد أكثر من الأربعين، فإذا رفعوا أيديهم يستجاب الدعاء إن شاء الله، وسوف أحصل أنا المسكين شيئا من دعائكم.

اللهم لا تجعلنا ممن يحزن على مشاكله وبلاياه. وبودّي أن أكرر دعاءنا السابق لأهميته. اللهم لا تجعلنا ممن يحقد على من ظلمه وآذاه.

الثاني: يحزن على أحزانه المستقبليّة والقادمة. أيها الإنسان المسكين المخدوع بإبليس! لقد رزقك الله نعما فقد حان وقت ارتياحك والشعور بالسعادة الآن ولكنّك تبدّل الشعور بالراحة إلى القلق من المستقبل. إللهم أخرج من قلوبنا الحزن والقلق على المستقبل.

الثالث: هذا الإنسان المسكين إما يحزن على ما فات، وإما يحزن على ما سيأتي، وإما يحزن على الحاضر. يعني يحصل على نعمة من الله، ولكن يقايس بينه وبين الغير وهذا ما يسمّى بالحسد. وهذا النوع من الحزن أمرّ وأتعس من النوعين السابقين.

خذ حصّتك وتنعّم بها ولا تقارن بينك وبين غيرك. فكن برزقك وقسمك «راضیا قانعا وفي جميع الأحوال متواضعا». فلو كان الله أراد أن يكلمنا لقال: أنا لم أفرض عليك هذه الأحزان الثلاثة. أنا قلت إني سأبليك بمصائب ومحن ولكن لا بهذه الآلام التعيسة والسخيفة، فلماذا أنت تصعّب على نفسك الحياة أكثر من صعوبتها الحقيقية؟! أنا قلت لأبلوك بمختلف البلايا والبأساء والضراء ولكن كل هذه المعاناة لا تخلو من الحلاوة والجمال، فلماذا تسلب جمالها وتزيدها مرارة؟ أنا قد حرقت قنفات بيتك فقط، فلماذا تصبّ البنزين على بيتك وتحرق البيت برمته؟! أنا قلت: سأفرض عليك بعض العسر، ولكن سأجعل مع كل عسر يسرا، فلماذا تخرب اليسر والنعم التي أنعمتها عليك؟ فكلما امتحنتك بمحنة وبلاء استقبله بصبر جميل، وكلما أنعمت عليك نعمة فاشعر بالسعادة. ثم اشكرني على النعم التي رزقتها بحيث تنسى الآلام والمحن وتغفل عنها.
كيف نكون كذلك؟


إللهم نحن نتكلم ونتحدث بهذه المعارف، فاجعلنا هكذا واجعل حياتنا هكذا. ماذا نفعل وما هو الطريق، إذ لا يصبح الإنسان هكذا بالكلام وحسب.

لابدّ أن نعاشر الأخيار والأبرار ونعاشر الصالحين ونعاشر أهل البيت(ع). يجب أن نكثر من الذهاب إلى جلسات ذكر مصائب أهل البيت(ع) وننادي الحسين كثيرا وننادي عليا كثيرا. إن وجود هذه العترة الطاهرة نور وله تأثير قوي جدا يترك أثره علينا من مسافة ألف وأربعمئة سنة. وأنتم بحمد الله تحظون بالقابلية والاستعداد الجيد لتعاشروا أهل البيت وتأنسوا بصحبتهم.

السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة



توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/04/02, 07:41 AM   #43
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي


إليك ملخص الجلسة السابعة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.

إن كثيرا مما يصعب عليهم الدين، لم يقتنعوا بالدين عن عمق

أحيانا لا ينبغي أن نكتفي باقتناعنا ولا سيما إن كانت القناعة سطحية. فلابدّ أن نبني كياننا الفكري من جديد، إذ قد تكون ثغرات في هذا النظام ولعلّنا قد اقتنعنا ببعض العقائد عبر أدلة غير كافية وغير صحيحة، وقد يكون هناك خلل في مقدمات عقائدنا وقد خفي عن أنظارنا، أو لعلّنا رتبنا مقدمات عقائدنا واقتنعنا بها بغير دقّة. فإن لم يطو الإنسان مراحل اقتناعه واعتقاده بالدين بشكل دقيق ومحكم، سيواجه مشكلة في محلّ ما.

وقد تظهر هذه المشكلة في الاستخفاف بالصلاة وفي التساهل في السير والسلوك إلى الله وفي التقصير في الإطاعة وغيرها. إنّ هؤلاء الذين يزعمون أنّهم قد آمنوا بكل شيء واقتنعوا بكلّ شيء ولا مشكلة فيهم سوى أن يصعب عليهم العمل ببعض أجزاء الدين ولا مهجة لهم في بعض الأحيان أو أنهم يفقدون تلك القابليّة العالية للتقوى أو ليس لهم توفيق أولياء الله، فهولاء الذين يتحدثون بمثل هذا الكلام وهكذا ينظرون إلى قصورهم وتقصيرهم في الدين، لا يقولوا بأننا نعتقد بكل شيء ولا يسطّروا محفوظاتهم في العقائد الدينيّة، إذ أنا لا أعتقد بأنهم يعتقدون بكل شيء وليس هناك خلل في عقائدهم وقناعاتهم.

بالتأكيد أنهم مؤمنون ولا أقول أنهم غير مؤمنين! ولكن لي نقاش في اقتناعهم، فإن الكثير من الناس لم يقتنعوا بتعاليم الدين عن عمق. فقد قبلوا بها واعتقدوا بها كالطالب الذي يحترم أستاذه، ولكن بدلا من أن يستدل له الأستاذ على مدّعاه، يرفع له صوته ويؤكد في لحن قوله، فيقتنع الطالب ويرضى بالجواب الضعيف الذي أعطاه أستاذه. فهذا ليس بطريق صائب ولابدّ أن نقتنع عن عمق.

باعتقادي أن كثيرا ممن يصعب عليهم الالتزام بالدين، لم يقتنعوا به عن عمق، بل قد قبلوا ببعض التعاليم وبمجمل الدين بشكل سطحي. فهم لا يستطيعون أن يرفضوا وجود الله سبحانه ولا يقدرون على إنكار نبي الله(ص) وليس بإمكانهم أن يكفروا بيوم القيامة والجنة والنار، فآمنوا بكل هذه العقائد وهم مؤمنون.

ولكن لا تزال أسئلة باقية في أعماق قلوبهم عن بعض الأسباب والغايات والأهداف. إن بعضهم لا يسألون عما يختلج في قلوبهم احتراما لله، فيشعرون بالإساءة إن طرحوا استفسارا عن أصل الدين، ويقولون مع نفسهم: ليس من الأدب أن نسأل هذه الأسئلة، إذ أن الله يعلم الصواب جيدا، ولابد أن هذا الدين لصالحنا ولهذا أوجبه علينا، فمن الأولى أن لا نتدخل في شؤونه ونلتزم بدينه بلا سؤال ونقاش!

إن هذا الكلام كلام صحيح ولكنك لا تستطيع أن تلتزم بالدين بهذا الأسلوب، إذ أحيانا تفرّ من أحكام الله وأحيانا تصعب عليك هذه الأحكام، فليس لك بدّ سوى أن تقتنع بالدين عن عمق. فلا داعي لأن تكتم سؤالك من أجل أن تحترم الله، بل اطرح سؤالك حتى تقتنع بالقضية بكل وجودك.

طبعا أنا أؤمن أنّ بعض الأسئلة غلط من أساسها، وإن بعض الأسئلة إن لم تكن غلط فهي تحكي عن مرض في قلب الإنسان، كما يقول القرآن: (بَلْ يُريدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَه‏ * يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَة)[القيامة/5ـ6]، ولكن السؤال الجيد يشفي قلب الإنسان وينقذه فلا ينبغي أن نتركه. إن السؤال الجيد والنظرة إلى مختلف القضايا من زاوية صحيحة وتحليل القضايا بشكل صحيح، كلها من مقتضيات حياة الإنسان.

إن منطلقنا في هذه الأبحاث هو مشاهدة الواقع في الدنيا وفي حياة الإنسان

من أين انطلقنا في هذه الأبحاث أيها الإخوة؟ إنّنا لم ننطلق من الإيمان. اسمحوا لي أيها الإخوة أن أشرح لكم الأسلوب والمنهج الذي اتخذناه في هذه الأبحاث. نحن لم نبدأ من الإيمان بالله سبحانه في هذه الأبحاث، فمن أين بدأنا؟ بدأنا من دراسة الواقع، فحاولوا أن تشاهدوا الواقع بشكل صحيح. وهذا هو الأسلوب الذي اتخذه أمير المؤمنين(ع) في الكتاب الواحد والثلاثين من نهج البلاغة الذي كتبه إلى ولده الإمام الحسن(ع)، وهذا هو الأسلوب الذي تستطيعون أن تشاهدونه في القرآن بأنحاء مختلفة.

نحن قد انطلقنا من دراسة الواقع، ولا من ذكر الواجبات والمحرمات وأحكام الدين، ولا من الأمور الغيبية التي على رأسها هو غيب الغيوب رب العالمين. فلم نبدأ حديثنا من هذه المواضيع، بل بدأناه بدراسة الواقع. وسوف نصل إن شاء الله إلى الإيمان.

لماذا بدأنا من الواقع؟

لماذا بدأنا من الواقع؟ أريد أن أجعلكم على بصيرة من مسار البحث كما بودّي أن أطلعكم على خلفية هذا الفيلم وهذه السيناريو التي بدأنا بكتابتها معا في هذه الليالي.

إن ما نرمي إليه في هذه الأبحاث هو أن نتعطّش إلى الإيمان بالله قبل أن نصل إليه في بحثنا، ونشعر بالحاجة إلى أحكام الله قبل أن نواجهها، ونريد أن نشعر بالألم والحاجة إلى الطبيب قبل أن يخاطبنا الأنبياء. فإذا جاءني طبيب وسألني عن صحتي وأنا لم أشعر بأي ألم في جسمي، لعلي أستهزء بالطبيب وأجيبه بتكبر واستعلاء إذ لا أشعر بالحاجة إليه، وهذا ما حدث تجاه الأنبياء على مرّ التاريخ (مَا یَأتِیهِم مِن رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُن)[يس/30].

فلابدّ للإنسان أن ينقدح في قلبه السؤال ويشعر بالعطش، فإذا دلّوه على عين الدين الصافية، عند ذلك يعرف قدرها ويلتذّ ويرتوي بها، كما يصبح قلبه عند ذلك عينا جارية بالحكمة والمعارف الحقّة.

أما إن أعطيت الدين من لا يشعر بالعطش والحاجة والفقر. يقول مستنكفا: لماذا يجب علي أن ألتزم بهذه القيود؟! أفهل يمكن أن تجيب مثل هذا الإنسان عن هذا السؤال؟! إن هذا السؤال ليس بلا جواب ويمكن أن يجيب عنه الإنسان ولكن باعتباره لا يصدر من قلب سليم، فحتى لو أعطيته الجواب الصحيح لا ينفعه.

إن الإنسان لجوج لا ينصاع للأوامر والنواهي بسهولة، وليس علاجه سوى أن يدرك الواقع بعمق. فإن قلت له: صلّ، يقل: لماذا يجب أن أصلي! ولعلّه يتفلسف ويقول: هل يحتاج الله إلى صلاتي؟ إلى غيرها من الأسئلة... وكلما تحاول على إقناعه لا تقدر على ذلك. لأنك قد أخطأت في اختيار التكتيك وابتدأت معه بذكر الحكم، فأقفل قلبه عليك ولم يفتحه مهما أعطيته من أدلة وبراهين.

فحاول أن يشعر بألم وحزن، ليأتيك ويقول لك: ماذا أفعل بهذا الألم الذي أشعر به في قلبي؟ عند ذلك قدّم له الصلاة كدواء للداء الذي يشعر به ويعاني منه. فيأخذ الصلاة متلهفا لأنها جاءت دواء لألم شعر به في قلبه وماء صافيا يزيل به عطشه.

إن هذا الأسلوب والمنهج يقول: عرّف الناس في بداية الأمر على واقعهم وواقع حياتهم وعرفهم على مرارة هذا الواقع. فإن شاهدوا هذه المرارة وشعروا بها جيدا يبحثوا عن الحلاوة. وهنا تسنح الفرصة لتحلّي حياتهم بحلاوة الدين. هذا هو الأسلوب المعقول والطبيعي لتبليغ الدين.

أنا لا أقول إن باقي الأساليب غلط ولا ينبغي أن يتخذها أحد، ولكن بودي أن تروا هذا الأسلوب وتقفوا عنده. طبعا إذا أردنا أن نتحدث عن هذا المنهج بشكل عام وندافع عنه ونتحدث عن أبعاده نحتاج إلى عشر محاضرات مستقلة، ليس مجالها الآن.

يتبع إن شاء الله...


توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/04/03, 12:32 PM   #44
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي


النقطة المقابلة لهذا المنهج هو أسلوب الشيطان


ما هي النقطة المقابلة لهذا المنهج؟ النقطة المقابلة لهذا المنهج، هو أسلوب الشيطان، إذ أول ما يقوم به الشيطان هو أن يزيّن لك الدنيا ويحليها في مذاقك. فيتحدث معك عن الدنيا ولذاتها وحلاوتها وجمالها بالنحو الذي تشعر أن قد سبقك غيرك كثيرا في التمتع بهذه الدنيا والالتذاذ بها.

وبطبيعة الحال إن أصبح انطباع الإنسان عن هذه الدنيا هو أن يستطيع أن يرتع فيها ويتمتع ويأكل ويشرب ويلعب مهما شاء، لا يستطيع عندئذ أن يقيّد نفسه بالدين. وإن قلت له: إن الدين لا يسمح لك بهذا النوع من اللذة، لا يقبل، وقد يتهجم عليك بشدّة. هذا هو أسلوب الشيطان إذ قال الله تعالى عن إبليس: (لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ)[الحجر/39]

أما نحن فقد عملنا ضدّ الشيطان تماما، إذ قلنا إن الدنيا خربة وهي محل بلاء وعناء وتعب وألم. فقد تعلمنا هذا الأسلوب من أمير المؤمنين(ع) إذ عمل عكس الشيطان وأسقط الدنيا من عيننا.

مقارنة بين الأسلوب الصحيح وأسلوب الشيطان


عندما تعتبرون الدنيا مرّة، تبحثون عن الحلا، ولكن إن اعتبرتم الدنيا حلوة، سوف تجدون الدين مرّا. هذه معادلة واضحة أرجو أن تنتبهوا إليها. نحن بدأنا في أبحاثنا من مشاهدة الواقع ورأيناه مرّا. وكذلك إبليس يبدأ معنا من الدنيا ولكنه يكذب علينا ويزيّن الدنيا ويحليها في عيننا. فإذا استطاع أن يخدعك ويصور الدنيا حلوة، عند ذلك تجد الدين مرّا. بيد أنك إن وجدت الدنيا مرّة سوف تجد الدين حلوا، وشتان بين هذه الرؤيتين.

ما هو دور الغزو الثقافي؟ دوره هو تزيين الدنيا. وما هو الفيلم الذي يفسّد الإنسان؟ هو ذاك الفيلم الذي يصوّر الدنيا أحلى من واقعها، وهو ذاك الفيلم الذي ينظر إلى مشاكل الدنيا ومرارتها كمشكلة طارئة استثنائية في الحياة، فيعالجون المشكلة في القصة وتنتهي آلامهم ومشاكلهم تماما وينتهي الفيلم بعاشوا عيشة سعيدة. ثم المشاهد المسكين ينتظر عشرات السنين حتى يصل في حياته إلى «عاشوا عیشة سعيدة» ولكنه مهما يحاول لايصل إلى شيء. فلماذا نخدع الناس بهذه الأفلام؟

لم تكن نقطة عزيمتنا الإيمان، ولم نبدأ بالدين، بل قد انطلقنا من الدنيا ومن الإنسان، لا من الله سبحانه. وهذا هو الطريق الصحيح. ثم قد بدأنا بمرارة الدنيا لا بحلاوتها. ولم نأت نسوّد الدنيا ونشوّهها ليحلو الدين، كلا، بل هذا هو واقع الدنيا والإنسان يشاهد هذا الواقع إن لم يكن أعمى العين.

نعم! هناك من يحاول أن يغض الطرف عن مرارة الدنيا، فهذه مشكلتهم، ولكن الواقع هو أن الدنيا مليئة بالمرارة والمحن. (وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ)[يس/68] إن الله ينسب هذا الفعل إلى نفسه ويقول نحن نفعل ذلك. وكذلك قال: (لَقَد خَلَقْنَا الإِنْسَانَ في كَبَدٍ)[البلد/4]. هذا هو فعل الله وهذا هو البرنامج الإلهي، إذ أراد أن يروّضك ويقوي عضلاتك في هذه الدنيا.

مرور على ما سبق


مما يؤيد هذا الأسلوب هو الروايات التي تدعو لمعرفة النفس، من قبيل ما روي عن أمير المؤمنين(ع) حیث قال: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه»[غرر الحكم/ص588]. و قد كانت بعض أبحاثنا الماضية مرتبطة بمعرفة النفس. فقلنا: إن الإنسان ينطوي على رغبات مختلفة، فعندما يريد أن يختار شيئا من رغباته، لابدّ أن يذبح بعضها من أجل بعض أخر، ومن هنا يبدأ جهاد النفس.

وقلنا: إن الرغبات الأقل قيمة وثمنا ظاهرة واضحة، والرغبات القيّمة خفيّة وكامنة في عمق روح الإنسان. فلابدّ لك أن تعفّ وتغض الطرف عن رغائبك السطحية لتصل إلى رغائبك العميقة.

إن جهاد النفس جزء لا ينفك عن حياة الإنسان. فقد خلقت من أجل جهاد النفس وإلا لكنت حيوانا أو كنت ملكا. لابدّ لك أيها الإنسان أن تنتج قيمة مضافة، يعني أن تنتج الحسن لا مجرد أن تكون حَسَنا. فليس من الفنّ أن تكون حَسَنا، إذ هذا هو شأن الملائكة، بل لابدّ أن تصير حسنا. ولابدّ أن يكون هناك مانع في طريق صلاحك، والمانع هو أن تكون تكره بعض الصالحات وتحبّ بعض السيئات. إذن خُلقت حتى تصير صالحا لا تكون صالحا كالملائكة.

لقد خلقت إنسانا وأصبحت إنسانا من أجل أن تحزّ رأس نفسك ومن اجل التضحية ومن أجل محاربة نفسك ومن أجل سحق رغائبك وأهوائك. ويعينك الله في حركتك هذه، إذ قد صمّم الدنيا على أن لا تجري رياحها بما تشتهيه سفينتك. فأنت تخالف هواك من جانب والله يخالفها من جانب آخر. فإن أردت أن تستقيل عن مهمّتك وتلبّي رغبات نفسك، سوف يتكفل الله بدلا عنك بمخالفة هواك فتزداد حياتك مرارة وصعوبة؛ (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَا)[طه/124]. هذه هي خصيصة الإنسان وقد خلق في مثل هذه الأجواء ونحن لم نتحدث عن الدين بعد، بل إن خلقة الإنسان تفرض عليه هذا العناء في الحياة الدنيا. فإن حاولت قليلا وبعت فنّا تستطيع أن تثبت هذه الحقائق لنفسك عبر التجربة الميدانية أو بطريقة فلسفية أو من الناحية الفطرية.

لابدّ للآباء والأمهات أن يلقنوا أولادهم هذه الحقيقة


كان ينبغي لأمّنا أن تصارحنا منذ طفولتنا بهذه الحقائق حتى نعيها ونوقن بها. مثلا تقول: أي بنيّ! ويا حبيبي وعزيزي وحياتي! سوف تكبر وتتنازع مع بعض ويحصل لك سوء تفاهم وسوء هاضمة وسوء فهم وقد يسيء الظنّ بك أحد فسوف يحصل لك كل هذا. فإن انزعجنا من كلامها وقلنا لها: لا نريد أن تحدث لنا هذه المشاكل! تقول: لا عزيزي، فقد خلقك الله وأعطاك القدرة لتخوض بها صراعات ونزاعات مع نفسك وأهوائك ومشاكلك.

هكذا تعاملوا مع أولادكم، فإن رجع ولدك من المدرسة باكيا بسبب أن ضربه أحد الأولاد، فلا تغضب كثيرا بل ابتسم وقل له: هذه هي المشكلة الأولى التي واجهتها في المدرسة، فسوف تكبر وترى مشاكل أكبر.

لابدّ للطفل أن يواجه مشاكل في حياته، ويا حبذا لو تدربوه على تحمل المشاكل والمعاناة منذ أن يدخل في السابعة من عمره. فعلى سبيل المثال قولوا له: إن عشاءنا هذه الليلة خبز يابس! وفي مرة أخرى قولوا له: في هذه الليلة عليك أن تغسل جواريبك بنفسك، بالرغم من وجود الغسّالة. فبهذا الأسلوب يعني الشدة المطعّمة بالراحة والمحبة والحنان والعطف ينضج هذا الولد وتقوى البنت وسوف لا يضجر الأولاد من كل شيء ولأي نفص ومشكلة في حياتهم.




يتبع إن شاء الله...




توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/04/23, 05:25 PM   #45
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي


نظرة من جديد إلى قواعد حياة الإنسان

أقترح للإخوة الناشطين في هذه الجلسة أن يأخذوا منّي روايات أمير المؤمنين(ع) التي جمعتها في هذا الحاسوب، حيث تتحدث عن الدنيا ومحنها وشدائدها، ويستنسخونها ثم ينصبونها في مدخل المسجد، لتقرأوها وتخافوا جيّدا ولا تتصوروا أنّ عدد الروايات بهذا القدر التي قرأتها عليكم، بل هي أكثر من ذلك بكثير. هذه هي الدينا. فادرسوها جيدا واعرفوا في أي مكان تعيشون.

نحن بدأنا في هذه الأبحاث من الواقع لنصل إلى نقطة منقذة باسم الإيمان وباسم الله سبحانه وباسم الدين. إلى هنا كنا بصدد تعريف منهجنا وأسلوبنا في البحث. وقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أن لابدّ لنا في بادئ الأمر أن نشاهد الحقائق المُرّة في حياة الإنسان ووجود الإنسان.

إن هذه الحقائق تخاطب الإنسان وتقول له: أيها الإنسان! إنك ومن أجل أن تستمرّ في الحياة مجبور على جهاد نفسك، ولا سبيل لأي إنسان أن يصل إلى كل رغباته وأهوائه. فهو مضطرّ إلى أن يضحي ببعض أهوائه ليستمر في حياته. فكلما كان اختيارك أفضل وتضحيتك أصوب، ستحظى بمزيد من الحيوية والروحية العالية.

أرجو أن نصير هكذا ونحمل هذه الرؤية إلى آخر شهر رمضان؛ يعني عندما نصبح نفتش عما نضحي به وعندما نعدّ برنامجنا اليومي، ننظر إلى ما يجب أن نضحي به والأهواء التي لابدّ أن نتركها في ذلك اليوم. ونسأل الله أن يعيننا على ترك ما حددناه من أهواء. هكذا يجب أن ننظر إلى الحياة. فإن كانت هذه رؤيتكم وعشتم بهذا الأسلوب، سوف ينظر الله إليكم بعين الرحمة، وسوف تجدون حلاوة رحمته ولطفه.

هذا هو شأنك وحالك أيها الإنسان، فإنّ إنسانيتك مرهونة بجهاد نفسك، فإن لم تجاهد نفسك بالشكل المطلوب، سوف تجاهدها فيما لا يعود لك فيه نفع ولا أجر ولا حاصل سوى الضرر والخسران. كما أن دنياك أيضا لا تنسجم مع رغباتك وأهوائك.

اعلموا أيها الإخوة فإننا نكسب من الله في أوائل عمرنا، ثم نرجعها إلى الله في المرحلة التالية من عمرنا، فما يعطيه الله لنا في مقتبل العمر، يعود ليستوفيه منّا في الجزء الآخر. فكل ما منحك الله إياه، يسلبه منك. فإنه يذيقك لذائذ الدنيا ثم يحرمك منها حسب القواعد الكونية التي أسسها الله بنفسه. يقول لي بعض الإخوة: لماذا تتكلم بهذا الأسلوب المرّ؟ أقول لهم: لأن لا يجوز أن نكذب على بعض. إن طبيعة الإنسان هي أن تسقط أسنانه في الشيخوخة، فلم يعد يقدر على أكل الكثير من الطعام. ثم سوف يضعف جسمك وتعجز عن القيام بكثير من الأعمال. فأنت ذاهب إلى الشيخوخة شئت أم أبيت. فهل هذا الكلام كذب؟ وهل نريد أن ننظر إلى العالم كما ينظر البهائم حتى نغض الطرف عن هذه الحقائق الواضحة؟

هناك رواية عن رسول الله(ص) تقول: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَ تَشِبُ‏ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ وَ الْأَمَل»[تحف العقول/ص56]، فما يشيب ويهرم هو الجسم وحسب، أما نفسك فتبقى في شبابها، ولكن عجز الجسم عن خدمتها وتلبية رغائبها. فإنك في أيام الكبر لا تزال تشتهي وترغب ولكن لا تستطيع على نيل ما تشتهيه. فماذا تريد أن تصنع في زمن هرمك وبحبّ من تريد أن تعيش تلك الأيام؟ فهل تريد أن تعيش في تلك الأيام خائبا حزينا مغموما ثم تدفن كل مشاعرك وتبتسم رغما على حزنك وقلبك الكئيب؟! وهل تريد أن تعيش حياة بلا حب وعشق وفارغة من الهيجان والحيوية؟ مع أن نفسك سوف تبقى شابة وسوف تطمع بكل هذا أكيدا. إذن فلنشاهد الواقع فإن منغصات العيش كثيرة فأرجو أن تحصوها.

كان لنا في أيام المراهقة درس في الأخلاق، وكان الدرس يشبه ورشة عمل، فكنا نجلس في حلقة ونتحدث معا عن مسائل أخلاقية، ولعلّ نصفهم قد استشهدوا في جبهة الدفاع المقدس. كانت تنعقد جلساتنا كل مساء الخميس في مسجد صاحب الزمان في تقاطع عباسي، وأغلب الشهداء الذين استشهد بقصصهم وذكرياتهم دائما، هم شهداء تلك الجلسة.

وكانت في زاوية المسجد غرفة يسكنها شيخ كبير جدا. لم يكن هذا الرجل الكبير خادم المسجد ولكنه كان ساكنا في تلك الغرفة منذ سنين. كان عندما يخرج من غرفته ويعبر من غرفتنا، نسمع صوت حذائه الذي كان ينجرّ على الأرض من شدة عجزه وشيخوخته. فأتذكر أن قلت لأصدقائي في تلك الجلسة: فلننظر إلى مستقبلنا. وأتذكر أن قال بعض الأصدقاء في تلك الجلسة لقد سقط التلّهي بالشهوات من أعيننا، فكانوا قد نظروا نظرة إمعان وتأمل إلى مستقبلهم وتصوروا عجزهم وضعفهم عن المشي. فكان هذا الرجل الكبير مغنما لنا إذ كل ما كان يخرج من غرفته ويمرّ من غرفتنا، ننصت لصوت مشيه، ونحدث أنفسنا أن انظري وشاهدي فسوف تنتهي أيام شبابك ولذتك وهذا هو مستقبلك.

خير شبابكم من تشبه بالشيوخ

لقد روي عن النبي الأعظم(ص) حیث قال:«خَيْرُ شَبَابِكُمْ‏ مَنْ تَشَبَّهَ بِالشُّيُوخِ، وَ شَرُّ شُيُوخِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِالشَّبَاب»[نزهة الناظر وتنبيه الخاطر/ص32]‏. لا تقرأوا هذه الرواية على المدلّلين في هذه الدينا، فإنهم يستهزؤون بها ويقولون: هل تريد أن نصبح شيوخا ونعجز عن كل شيء؟! فلا يستحق هؤلاء أن يكلمهم الإنسان، إذ لا أثر للفكر والوعي والفهم في سلوكهم، فلا يعرفون أن الإنسان إذا استطاع أن ينظر إلى فترة هرمه ومشيبه في أيام شبابه، عند ذلك سوف يترك اللعب والتفاهة في أيام الشباب، ويعيش عيشة تحافظ على شبابه إلى فترة مشيبه وشيخوخته. إنهم لا يعرفون ذلك ولا يمكن أن تكلمهم بمثل هذا الكلام.

وفي المقابل «شر الكهول من تشبه بالشباب» فكان لابدّ لك أيها الشيخ الكبير أن ترى أيام عجزك ومشيبك منذ أيام شبابك وتوقن بهذه المرارة لتدع اللهو واللعب والتفاهة من أيام الشباب، ولكنك لم تدع حياة اللهو واللعب حتى بعد مضيّ عمرك وتنكّسك في الخلق.

يتبع إن شاء الله...


توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/05/16, 04:10 PM   #46
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي


هل التغافل عن مرارة الحياة هو الأسلوب الصحيح؟

كيف تحلو هذه المرارات؟ طيّب، هنا قد دخلنا في المرحلة الثانية من الموضوع. عندما ينظر الإنسان إلى المنغصات الكامنة في وجوده وإلى مرارة مصيره ودنياه، عند ذلك يكاد أن لا يطيق هذه الدنيا. طبعا لا يخلو النظر إلى مرارة الحياة من فائدة، فمثل هذا الإنسان سوف يتحمل الصعاب والمحن أسهل من غيره، ولكن سوف تفقد الحياة روحها ونورها ونشاطها وحيويتها في مثل هذه الأجواء. وهنا لابدّ أن نتحدث مع الإنسان وننقذه عن الطرق التي قد يسلكها في سبيل التخفيف من مرارة حياته.

فنقول له: لا تغفل عن هذه المرارات ولا تزعم أنك تندق إن لم تتغافل عنها. ولا تنس الموت أيها الإنسان. فلعلك تقول: إن أجعل الموت نصب عيني دائما، يصفرّ وجهي وأفقد أملي وأكن كالميت بين الأحياء، ولكنك مخطئ في حساباتك. فليكن بعلمك أيها الإنسان أن المفرّ من هذه المرارات ليس بالتغافل عنها.

إن الغفلة عن المرارات تهدم كيانك وتقضي عليك. فلابدّ أن تبني رؤيتك عن الحياة على أساس هذه المحن والمشاكل، وهذا ما يدل عليه الكتاب الحادي والثلاثون من نهج البلاغة الذي خاطب به ابنه الإمام الحسن(ع)، حيث افتتح كلامه فيه بذكر مصائب الدنيا ومراراتها.

ما هو الطريق الأفضل في التعامل مع محن الدنيا؟

ماذا يحدث إن لم تغفل عن مرارات الدنيا؟ إن روحك تصبو إلى ما هو حلو وتطلب اللذة، وتهشّ إلى التحرّر، وكذلك إنك تحظى بروح تحب العشق والغرام. فهي لا تطيق ظروف الدنيا ومعاناتها، ولكن دع يضيق صدرك من هذه الظروف التي تعيشها ومن هذه الدنيا التي حبست فيها. لتصل شيئا فشيئا إلى نقطة ومرحلة بودي أن أجسدها لكم قليلا في هذه الليلة. وسوف استعرض لكم في الليالي القادمة خط السير من نقطة الانطلاق إلى نقطة الهدف بشكل كامل.

أخي العزيز! لا تغفل عن مرارات الدنيا، إذ ليس طريق مواجهة هذه المرارات هو التغافل عنها بل الطريق هو ذكرها على الدوام. إذا أردت أن تتغلب على هذه المرارات فاسعَ لتحصل على عشق بحيث ترغب أن تعاني وتذوق مرارات الحياة في سبيل من عشقته وأحبته وتلتذ بالمعاناة التي تعيشها في سبيله. لابدّ لك أن تصل إلى هذا المستوى وليس لك بدّ آخر وإلا فتُشقي نفسَك. إنك لا تستطيع أن تفرّ من المحن، فلا تنكرها وإلا تصبح أحمقا. ولا تستطيع أن تزيل المحن من حياتك، فإذا أردت أن تتعامل مع محنك بأحسن وجه، فابحث عن عشق سام وعال في حياتك لترغب في تحمل كل هذه المعاناة في سبيل حبيبك. وشتان ما بين من يرغب في تحمل المعاناة في سبيل حبّه، وبين من اقتنع بضرورة المعاناة فقال: لا بأس بمجيئ بعض المحن والمعاناة!

متى يزدهر الإنسان؟ عندما يبلغ درجة حبّ المعاناة وتحمل الآلام في سبيل حبيبه، لا أن يصبر على المحن في سبيل الحبيب وحسب. لقد خلق الإنسان لهذه الحياة، وقد خلقكم الله وركّب روحكم وخلايا وجودكم ومشاعركم وكل الكائنات على أساس هذا النمط من الحياة. والإنسان الحقيقي هو من يرغب أن يعاني ويذوق المحن في سبيل الله. ولهذا عندما رأى إبراهيم أن لا يستطيع ذبح ابنه في سبيل ربّه، حزن وضاق صدره.

ينبغي لك في هذه المرحلة أن ترغب في تلقّي المصائب والمظالم في سبيل الله وأن تعاني من الجوع في سبيله وأن تحزن في سبيله. ولا بأس أن تسأم الجوع وتشتهي الطعام فتناجي ربك وتسأله أن يرزقك طعاما لتشبع به من جوع، ولكن بعد أن شبعت أياما متتالية، سرعان ما يضيق صدرك ويحنّ فؤادك إلى أيام الجوع. إلى هنا يصل الإنسان. أمّا كيف يصل الإنسان إلى هذه المرحلة، فهذا ما يحتاج إلى بحث طويل، فأرجو أن لا يستعجل الإخوة.

ما هو الطريق الأفضل الذي أودعه الله في فطرة الإنسان وحياته لمواجهة المشاكل والآلام؟ إن الطريق الأفضل لا هو الإنكار ولا هو الفرار، بل هو أن يرغب الإنسان في تحمل الآلام في سبيل الله.

إن استطاع الإنسان أن يعشق الله، عند ذلك يحب المعاناة في سبيل الله بمختلف أنواعها، كالصوم وقلة الأكل وقلة النوم وقلة الكلام وقلة الراحة واستماع استهزاء الآخرين وغيرها. هذا شعور خاص لا أدري كيف أشرحه وأوضحه، ولكن من لم يجد في نفسه هذا الحب وهذا الشعور فهو لم يعرف نفسه ولم يعرف ربه ولم يعرف العلاقة بينه وبين ربه ولم يعرف شيئا قط.

حوار افتراضي بين الله وبين عبده العاشق

إنه حبّ نابع من أعماق قلب الإنسان وقد لا يقدر صاحبه على تعبير ما يجري في قلبه. لقد صحت فطرة هذا الإنسان فلا تناقشه ولا تسأله عن دليل، إذ إنه قد عشق الله وقد عشق المعاناة في سبيل الله. وهل تعلمون ما سوف يكون مصير هذا الإنسان؟ سوف يحتضنه الله ويقول له: «وأنا أحبك أيضا وأرزقك المحن والبلايا كما أحبت. لقد اخترتك لنفسي، وقدّرت لك البأساء والضرّاء، وأنت تعاني من أجلي، فما تريد عبدي بعد أن أصبحت حياتك كما تحبّ؟ أنت الآن تعاني من بعض المشاكل والآلام في حياتك، وهذا ما رغبت فيه أنت وأحبته أنت فعانِ إذن وتجرع البلاء. وأنا في المقابل أقدر لك المحن والبلايا على الدوام ولم أقصّر في ذلك. وأنت تتقرّب إليّ يوما بعد يوم بصبرك الجميل على هذه المحن والمشاكل، إذن ليس لك مشكلة بعد وعش سعيدا إلى آخر عمرك». ولكن بعد كل هذا لا يزال العبد حزينا خائفا. فإن سأله الله عن السبب، أجاب وقال: إلهي لا طاقة لي بحر نارك فماذا أفعل إن أدخلتني النار؟ فلا يزال هذا العبد يبكي ويبكي خوفا من نار جهنّم التي سعّرها جبّار السماوات والأرض. وهذا الخوف والبكاء أيضا من هواياته فدعه يبكي.

أنا لا أفهم حقيقة هذا النوع من الحب والغرام، فهل تفهمونه أنتم؟! الشيء الوحيد الذي أدركه من هذا العشق أنه يختلف عن العشق الدنيوي الذي ناجم من الأنانية وحبّ الذات، بيد هذا الإنسان يحب أن يعاني ويتجرع البلاء في سبيل حبيبه. فمهما تحمل من عناء وبأساء وضراء لا يشعر بأنه قد وفّى حق حبيبه، فيبكي خوفا من نار جهنّم! فكيف تفسرون بكاء أمير المؤمنين(ع) الشديد من جهنّم؟! لقد روي عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: «الْقَلْبُ الْمُحِبُّ لِلَّهِ يُحِبُّ كَثِيراً النَّصَبَ لِلَّهِ وَ الْقَلْبُ اللَّاهِي‏ عَنِ‏ اللَّهِ‏ يُحِبُّ الرَّاحَةَ فَلَا تَظُنَّ يَا ابْنَ آدَمَ أَنَّكَ تُدْرِكُ رِفْعَةَ الْبِرِّ بِغَيْرِ مَشَقَّة»[مجموعة ورام/ج2/ص87].

يتبع إن شاء الله...



توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/05/21, 12:40 PM   #47
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي


إن الله هو صاحب القرار في تعيين نوعية المعاناة التي نعيشها من أجله

بعد أن عشق الإنسان ربّه ورغب في تحمل البلاء من أجله، لم يعطَ حق اختيار البلاء بل الله هو صاحب القرار في تعيين نوعية المعاناة التي لابدّ أن يعيشها من أجله. ولا شك في أن هذا القانون عامّ يشمل جميع الناس ولا العشاق فقط.

أيّها السادة! هل تريدون أن تتصدقوا؟ أجيبوني بنعم. إن كنتم تريدون أن تتصدقوا فاسمحوا لي أن آتي بيوتكم وأختار بنفسي البضاعة لتتصدقوا بها، فهل توافقون على ذلك؟! من المؤكّد أنّكم لا توافقون على ذلك إذ تريدون أن تتصدقوا بما تشاءون لا بما يختاره غيركم. ولكن الله سبحانه يمتحنكم ويقدر لكم المشاكل كيف ما يشاء، وهو يعرف جيدا كيف يبتليكم ويفرض عليكم المحن والمشاكل، إنه يعرف ثغرات حياتكم ويعرف نقاط ضعفكم، وأحيانا يأخذ إسماعيلكم أضحيةً.

طبعا إن الله أرحم الراحمين وهو يراعي قابليتنا وإيماننا، فلا يخف منكم أحد، إذ نحن غير مؤهلين لمثل هذه الامتحانات الصعبة، فلا تقلقوا على مستقبلكم وما سوف يفعله الله بكم. وقد سبق أن قرأت عليكم تلك الرواية التي تقول: «لَوْ لَا إِلْحَاحُ هَذِهِ الشِّيعَةِ عَلَى اللَّهِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ لَنَقَلَهُمْ مِنَ الْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا إِلَى‏ مَا هُوَ أَضْيَقُ‏ مِنْهَا»[الكافي/ج2/ص264]

إن الله قد سمح لشخص واحد أن يتجرع البلاء إلى آخره، وهو الحسين(ع)، ولم يعط هذه الفرصة لأحد آخر أبدا. لم يسمح لإبراهيم الخليل(ع) أن يتجرع البلاء بشكل مباشر ولم يسمح لشخص آخر أبدا ولكنه قد سمح للحسين(ع). فأنت الذي تعشق الحسين(ع) وبودك أن تفدي بروحك من أجل الحسين(ع) هل تعلم لماذا أخذ الحسين(ع) من قلبك هذا المأخذ؟ وهل تعرف سبب حبك الشديد هذا للحسين(ع)؟ لأن فطرتك وذاتك تتلهف للحسين(ع) إذ أن الحسين قدوة إنسانيتك وقد جسد الإنسانية بأروع صورها، وهي ليست إلا حب تجرع البلاء من أجل الله، وأنت مفطور على هذا الحبّ، فلابدّ أن تحبّ الحسين(ع).

كيف نصل إلى هذا المقام؟

هناك طريقان:

الطريق الأول هو هذا الكلام الذي تحدثنا به في جلساتنا الماضية. اعترف بمرارة الدنيا لتقدر على التجافي عنها ولئلا تصرف كل همك بإصلاحها. طبعا لا بأس أن يقوم الإنسان بإصلاح دنياه بمقتضى تكليفه، ولكن لا تصرف وجودك في هذه الدنيا البالية. دعها فإنها لا تصلح بشكل كامل. ارفع همتك عن مستوى هذه الدنيا وطهّر قلبك عن التعلق بها وصدّق بمرارتها ولا تصادق من أهلها أحدا ولا تأنس بأحد من أهلها، دعها ولا تفتش عن راحتك وقرارك فيها. هذا هو الطريق الأوّل.

أما الطريق الثاني فهو عقد القلب بالله سبحانه، فدرّب نفسك شيئا فشيئا على عشق الله. وقد جعل الله سبحانه المعصومين الأربعة عشر تسهيلا لحبّه. فإن صعب عليك حبّ الله وعشقه، فاعشق الحسين(ع) لتصل عن طريق عشقه إلى عشق الله. واللطم على الصدور في هذا المسار يمثل سلوكا عرفانيا رائعا. فهو شعار ورمز لمن أحبّ أن يتحمل البلاء في سبيل الحبيب.

إني آسف عليكم جدا إذ لم تدركوا أيام الجبهة والدفاع المقدّس. فلأنقل لكم بعض المشاهد التي عشتها هناك بصفة إنسان شاهد وحسب. كنا نعيش ساعات وأياما تحت قصف القنابل والرصاص، ومن كثرة الشضايا والقنابل والرصاص كنّا نشعر بأنا تحت المطر وكان مطرا من نور. فعندما تنتهي تلك الأيام ونشعر بالأمان ينقبض قلبنا ونشعر بأنه قد اسودّ لقلة البلاء. وقد سمعتم كثيرا أن الشباب المجاهدين عندما كانوا يرجعون إلى مدنهم كان يضيق صدرهم. إذ أن فطرة الإنسان تتلهف للبلاء والشدّة في سبيل الحبيب والمعشوق.

ما هو الأسلوب الأفضل في التعامل مع نعم الله؟

إن هذا الإنسان الذي يلتذّ في البلاء، إذا أنعم الله عليه وخفف عنه البلاء يمتلئ نورا ويصل إلى أوج اللذة وينغمر في حالة الشكر لله. أتذكر أحد المجاهدين في أيام الجبهة كان لا يستطيع أن يأكل شيئا بعد انتهاء الحملة ورجوع القوات إلى الوراء. فسألته عن السبب، فقال: «إني كنت أحصي ديوني لله تحت قصف القنابل في المعركة وكنت أشعر بالخجل والدين لله، فكيف بي الآن وأنا في حالة الأمان الذي أشعر فيه بتصاعد ديوني لله سبحانه؟ وقال: ما زال صدري ضائقا من كثرة ديوني لله فهل أكثّرها؟» كان بودّه أن يضحي من أجل الله ويتقطع قطعة قطعة في سبيل الله، لا أن يأكل ويتنعّم ويتمتّع. فقلت له: أما تسمّي باسم الله قبل الطعام؟ قال: بلى. فقلت: إذن كلْ الطعام إذ لا يتشدّد الله بهذه الدرجة، والله يحب أن يتمتع عبده بنعمه. بعد ذلك كان يجلس على مائدة الطعام ويناجي ربه قليلا ويبكي قليلا ثم يأكل جيدا. فكان يأكل إرضاء لربّه كالولد الذي يأكل ما طبخت له أمه لتفرح أمّه. إن مثل هؤلاء يستطيعون أن يأكلوا من أجل الله فقط، أما الباقي فيأكلون مثل البهائم. لا يستطيع أحد أن يأكل من أجل الله، بل الكل يأكلون تلبية لنفسهم. وإنما الإنسان الذي يتحبب إلى الله في خضمّ البلاء، هو الذي يعرف كيف يتمتع بنعم الله.

صلى الله عليك يا أبا عبد الله

إن عشّاق الله يودّون أن يتلقّوا البلاء في سبيل الله، ولكنّ الله لم يسمح لأحد أن يتجرع كأس البلاء إلى آخره إلا الحسين(ع)، فقد أعطاه الحرية الكاملة لتحمل البلاء وكانت تأتي البلايا على الحسين(ع) واحدا بعد الآخر في يوم عاشوراء. هناك قاعدة تقول: كلما ازداد الإنسان نورا ومقاما وقربا من الله، ازداد حظا من هذا النوع من البلاء. فبما أن الحسين(ع) كان يزداد نورا ومقاما كلما كان يقترب من ظهور عاشوراء وعصر عاشوراء كان يزداد بلاؤه وتشتدّ مصائبه.

لقد استشهد أصحاب الحسين(ع) جميعا وبقي وحيدا، فأخذ يودّع أهله وعياله في الخيام وينزل إلى الميدان. في هذه اللحظات إذا كان ينزل بلاء على الحسين(ع) يفترض أن يكون أصعب من جميع المصائب التي تلقّاها من الصبح لحدّ ذاك الوقت. أنتم أيها الشباب قد لا تستطيعون أن تفهموا شدّة هذا البلاء باعتباركم لم تصبحوا آباءً، ولكن الآباء ولا سيما أولئك الذين لهم بنات صغار، وخاصة إذا كانت بنتهم في التاسعة أو العاشرة من عمرها يدركون شدّة هذه المصيبة نوعا ما. بعد أن ودّع الحسين(ع) النساء جميعا وأراد أن ينطلق إلى الميدان جاءته بنته سكينة وقالت له: «ردّنا إلى حرم جدّنا» إن هذه الكلمة بوحدها تكاد أن تقطع فؤاد الأب الغيور الذي لا سبيل له إلا أن يترك بناته بين قوم سفلة مجرمين.

ألا لعنة الله على القوم الظالمين



توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/06/21, 09:48 AM   #48
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي


إليك ملخص الجلسة الثامنة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.
مرور على ما سبق/نحن بصدد كشف برنامج لحياة وعبادة أفضل


نحن بصدد كشف برنامج لحياة وعبادة أفضل. ولابدّ لهذا البرنامج أن يكون كفوء كما لابدّ أن يكون عمليّا وأن يكون مؤثرا ومفيدا في نفس الوقت، وبالإضافة إلى ذلك ينبغي أن يتصف بشمولية وأن يكون شاملا لجميع الناس، لا المؤمنين فقط دون غيرهم. فإن كان البرنامج برنامجا عمليا صحيحا لتحقيق حياة وعبادة أفضل، لابدّ أن يكون مشتركا بين الصالحين وغير الصالحين من الناس. ونحن نصبو إلى كشف برنامج جادّ وعميق وصائب ليحسّن حياتنا لا عبادتنا فقط، فإنّ تحسين الحياة مقدمة لتحسين العبادة.
ما هي مواصفات البرنامج الجيد


ما هي مواصفات البرنامج الجيد؟ من مواصفاته هي أن يكون ذا محور واحد. فإن البرنامج التي يجعل الإنسان أمام مئة محور وعمل لا يؤدي إلى نتيجة؛ من قبيل ما لو كان البرنامج عبارة عن مجموعة من الأعمال والوصايا المتناثرة في ضرورة الصبر ووجوب الصدق وحسن التواضع وكراهية البخل وقبح الحسد وحرمة الحرص وأهمية العبادة وضرورة صلة الرحم وحرمة أكل الحرام إلى غيرها من الحسنات والسيئات. فإن هذا ليس ببرنامج، بل مجموعة من الأوامر والنواهي غير المنتظمة وغير المبرمجة. بيد أن هذه الوصايا لها نظام وهيكلية لابد من كشفها وإعطائها للناس، لكي تكون حياتهم على أساس برنامج منتظم.

من مواصفاته الأخرى هي أن يكون مستوحى من القرآن والروايات، وأن يكون منسجما مع أحاديث أهل البيت(ع)، فلا يمكن أن نبدع برنامجا من جيبنا. و من جانب آخر يجب أن يكون متناسبا مع وجود الإنسان، وحقائق حياة الإنسان. فلا يمكن أن يكون البرنامج بلا علاقة مع ما تحدثنا عنه في تعريف الإنسان وهويته وماهيته.
لقد خلق الإنسان من أجل جهاد داخلي روحي، أي مجاهدة الأميال والرغائب


على رأس الخصائص التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في تعريف الإنسان هي: «أن الإنسان قد خلق بأميال ونزعات مختلفة ومتضاربة، وبمقتضى هذه النزعات المختلفة غالبا ما يقف أمام طريقين أو أكثر في مراحل حياته، ولهذا قد منح الإنسان حقّ الاختيار وأصبحت اختياراته الصائبة ذات قيمة». وأما باقي خصائص الإنسان من قبيل قدرته على تحصيل العلم فهي قد منحت له لكي تمكنه من الاختيار الصائب.

فعندما يقف الإنسان في مقام اختيار إحدى رغباته من بين مختلف الرغائب، لابدّ له من أن يضحّي ببعض هذه الرغبات في سبيل بعض أخر. ومن هنا يبدأ موضوع جهاد النفس. ولهذا ندّعي أنّ عنصر «جهاد النفس» يمثل أحد عناصر تعريف الإنسان. يعني أن الإنسان هو كائن خلق من أجل جهاد داخلي وروحي، أي مجاهدة رغائبه. وقد قامت هذه المعركة بسبب وجود نزعات وأميال مختلفة في داخل الإنسان، ولو لا هذا الاختلاف والتعارض لكان الإنسان مَلَكا أو حيوانا.
لقد أودع الله في قلب الإنسان نوعين من الرغائب: 1. الرغائب السطحية والرخيصة، ولكنها جليّة 2. الرغائب العميقة والقيّمة ولكنها خفيّة


وفي سبيل أن يتحقق جهاد الإنسان لأهوائه بشكل صحيح، قد أودع الله في قلب الإنسان نوعين من الرغائب: إحداها هي الرغائب العميقة والقيمة ولكنها خفيّة، والأخرى هي الرغائب السطحيّة والرخيصة ولكنها جليّة. إن هذين النوعين من الرغائب ليست سواء، بل إن الرغائب الجيدة والقيّمة أقوى من الرغائب الرخيصة أو التي لا قيمة لها، ولكن بسبب خفائها لابدّ للإنسان أن يعبر من رغباته السطحية والرخيصة ويضحي بها في سبيل الوصول إلى الرغائب العميقة والقيّمة.

فلو كانت الرغائب الجيّدة والعميقة ظاهرة في داخل الإنسان، لكان الناس جميعهم قد اختاروا هذا النوع من الرغائب لقوتها في قلب الإنسان، ولما حصل جهاد النفس قط. ولهذا فقد أخفى الله هذه الرغائب الشديدة في أعماق قلب الإنسان، وأظهر الرغائب الضعيفة لكي تتوفر أرضية جهاد النفس.

في السنين السبع الأولى من عمر الإنسان تتبلور الرغبات السطحيّة، وتلك المرحلة هي وقت تجربة هذه الرغائب، فقد أوصانا الإسلام أن نجعل الطفل أميرا في البيت وندعه وشأنه يفعل ما يشاء، لتتبلور رغباته السطحية، فلابدّ أن يجرّب هذه الرغبات ويذوق طعمها قدر المستطاع ليعرف الطعم الحلو ويذوق الراحة ويأنس بالمحبة والحنان. كما تتبلور في وجوده الأنانية ويظهر في السنة الثالثة من عمره الحسد أيضا. ثم بعد سنتين يحاول أن يقلّد الكبار ويلبس ملابسهم لتكون علامة على بوادر حبّ العظمة وحبّ الكِبَر وحب المقام.
يزعم البعض أن رغباتهم الرخيصة والسطحيّة أشدّ من غيرها وإن مخالفتها صعب جدا


إن هذه الرغبات التي يتعرف عليها الطفل في السنين السبع الأولى من حياته، ليست برغبات سامية بل هي رغائب سطحية يميل إليها الإنسان كما يميل إليها الحيوان وجميع الحيوانات يدركون هذه الرغبات ويتحركون على أساسها وليس لهم شأن سواها ولا يفهمون شيئا وراءها. إن هذه الرغائب السطحية تظهر نفسها كرغائب شديدة، ولكنها ليست بشديدة. فإن هذه الرغائب السطحية التي تجربها وتعيشها لا تقدر على إمتاعك كثيرا إذ أنها سطحيّة ولم تمتدّ بجذورها إلى أعماق قلبك.

يزعم البعض أن رغباتهم الرخيصة والسطحية أشدّ من غيرها في وجودهم وإن مخالفة هذه الرغائب عمل عسير جدا. بينما إن يبدأوا بجهاد هذه الرغائب، سوف يلتذون بهذا الجهاد شيئا فشيئا وسوف لا يعيرون قيمة لهذه الرغبات السيئة والسطحية. لقد خفي تحت محيط وجود الإنسان سلسلة جبال مرتفعة جدا ولكنها غير ظاهرة، فهناك محلّ استقرار رغباتك الثقيلة جدا ولا سبيل لكشفها إلا بالغوص والغور في أعماق هذا المحيط.

ما هو الطريق للوصول إلى الرغبات الأعمق؟ هل الطريق هو أن يعمد الإنسان إلى عشق الله في أول خطوة؟! كلا. الخطوة الأولى هي أن تذبح رغباتك السطحية. فحاول أحيانا أن لا تأكل الطعام المحبذ لك، بل كل خبزا مع لبن. فابدأ بمنازعة نفسك ومخالفتها في رغباتها السطحيّة. تمرّن على جهاد النفس حتى تموت سبعين مرة في اليوم من شدة الجهاد. ولا تنطق بكل ما رماه هواك إلى لسانك، فكف عن الكلام بكثير مما يحلو لك التحدّث به، حتى إن كان ظاهر الكلام جيدا أو كان بصيغة نصح الآخرين أو إرشادهم، إذ أحيانا نلبّي شهوتنا في الكلام عبر ما يسمى بالكلام اللطيف والنصائح النافعة.

يتبع إن شاء الله...



توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/06/21, 09:49 AM   #49
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي

إن أهل جهاد النفس يجدون لذة في حياتهم لا يجدها أهل الفسق والفجور


إن مخالفة النفس أمر صعب في الظاهر، إذ تريد أن تخالف رغبة ونزعة ظاهرة، ولأنّها ظاهرة تشعر بأنّها رغبة شديدة، وهذا ما يجعلك تعتبر مخالفة هذه الأهواء أمرا عسيرا. ولكن هذه المخالفة في الواقع هي من أجل الوصول إلى الرغائب الخفيّة التي هي أعمق وأمتع وألصق بالفؤاد. ولهذا عندما نبدأ في هذا الجهاد ونخطو بعض الخطوات إلى الإمام ونذوق شيئا من رغائبنا العميقة، عند ذلك ندرك أن هذه المخالفة ليست بصعبة أبدا.

إن ماهيّة العسر والألم هو أن يكون الشيء مخالفا لهوانا وإنّ ماهيّة اللذة والسرور هو أن يكون الشيء موافقا لهوانا. إذن فعندما يقوم أحد بمخالفة أهوائه السيئة ويصحّي رغباته الجيّدة ويلبّي نزعاته العميقة والقيّمة، يشعر بلذّة لم يذقها أهل الفسق والعصيان في حياتهم قط.

إن عبادة الله يمثّل نزعة عميقة وممتعة جدا في وجود الإنسان. وإنه أقوى وأمتع بكثير من الميل إلى الشهوات، ولكنه أخفى من حبّ الشهوات. فمن هذا المنطلق إن من يلبي رغبته في عبادة الله ويرضي ربّه، يتمتع بلذة لن يجدها من يقوم بإرضاء هوى نفسه أبدا. فعلى سبيل المثال، من الذي يشعر بلذّة أقوى؛ هذا الذي يسبّ ويشتم إرضاء لهواه، أم الذي يسيطر على لسانه إرضاء لربّه؟ فلا شك في أن لا قياس باللذة التي يجدها الثاني تجاه لذّة الأوّل. وأيّهما أشدّ لذة؛ من يقابل السوء بالسوء والانتقام إرضاء لهوى نفسه، أم من يعفو عن الناس إرضاء لربّه؟
كل من تزداد لذته بعلاقته بالله، يزداد بالمقابل أجرا من الله


واللطيف هو أن الذي يحظى بمزيد من اللذة وأقواها بسبب إرضاء الله في حياته، يُفترَض أن يزداد دَيْنا لله بسبب زيادة اللذة التي عاشها في حياته، ولكنّ الله يزيده أجرا ويرفع درجاته في الجنان. إنّ من لطف الله وكرمه هو أن كلما ازداد الإنسان انتفاعا من الله، يزداد نصيبه من الله في الجنة. يعني كل من عاش لذة أشد وأقوى في ظلّ علاقته مع الله في هذه الدنيا، يزداد أجرا منه سبحانه وتعالى. غيّر رؤيتك عن الله، فإن الله لم يرد منك أن تضحّي برغباتك ولذاتك في سبيله، بل أراد أن تضحي بلذاتك السطحية والقليلة في سبيل لذاتك العميقة والشديدة!

عندما تطبخ أمّ لولدها طعاما، كلّما التذّ الولد بطعام والدته وأكل من الطعام أكثر، تزداد الأمّ فرحا. ولا شكّ في أن الله الذي خلق الأمّهات، هو أرحم بعباده منهنّ جميعا.
الإنسان الذي يجاهد نفسه لم ينجز شيئا


لا ينبغي للإنسان الذي يجاهد نفسه، أن يعتبر نفسه قد أنجز شيئا خارقا وقام بعمل شاقّ، إذ أن اللذة التي يجدها في خضمّ جهاد نفسه، لن يجدها الفسقة وشرابو الخمر أبدا. فهو لم يكن يطلب اللهَ شيئا بهذا الجهاد، بل يزداد دَينا له، إذ قد لبّى رغبات قلبه العميقة وحظى بمزيد من اللّذة، وقد نال ما يميل إليه ويرغب فيه واقعا، وبعد كل هذا سيثيبه الله بالجنة لكونه قد لبّى رغباته الحقيقية! وهذا من لطف الله، فلا ينبغي أن نتوهم بأننا قد أنجزنا شيئا كبيرا.
إن الذين يجاهدون أنفسهم يلتذون في حياتهم أكثر من أهل الفسوق والفجور/ إن مخالفة النفس إرضاء للنفس في الواقع


إن أهل الفسق والفجور لا يعيشون لذة أولئك الذين يقومون بتلبية رغباتهم العميقة والفطرية والخفية ولا يشعرون بسرورهم، إذ أن مخالفة النفس هي إرضاء للنفس في الواقع، وهي عبارة عن العبور من أميال النفس السطحية لتلبية الرغائب العميقة والجيّدة في النفس.

سألني أحد الإخوة وقال: «ألا يتعقّد الإنسان نفسيّا فيما إذا جاهد نفسه ليل نهار وحرمها عن لذّاتها؟». قلت له: بالتأكيد! فإن أدمن الإنسان على مخالفة نفسه وهواه يتعقّد نفسيا ويبتلى بمرض في أعصابه وتضعف قواه وقد يحقد على الناس ويصاب بستين مرض آخر! ولكن إنّ مخالفة النفس، ليست مخالفة جميع أبعاد النفس، بل إنما هي مخالفة الجانب السطحي والرخيص منها، وفي نفس الوقت الذي تجاهد فيه هذا البعد من النفس، تلبّي رغبة رائعة وعميقة جدا في نفسك.

يقول الرسول الأكرم(ص): «النَّظَرُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ فَمَنْ تَرَكَهَا خَوْفاً مِنَ اللَّهِ أَعْطَاهُ إِيمَاناً يَجِدُ حَلَاوَتَهُ‏ فِي‏ قَلْبِهِ‏»[جامع الأخبار/ص145]. وقال (ص): «النظر إلى محاسن‏ النّساء سهم من سهام إبليس فمن تركه أذاقه الله طعم عبادة تسرّه»[مستدرك الوسائل/ج14/ص271]. فإن غضّ أحد النظر وترك اللذة ولم يجد تلك اللذة العميقة وطعم العبادة فليعلم أن لم يكن غضّه البصر في سبيل الله وإلا لوجد هذه اللذة.
في سبيل كشف رغائبنا العميقة والكامنة ولا سيما رغبتنا في عبادة الله، لابدّ لنا أن نضحي بأهوائنا ورغائبنا السطحية


في سبيل أن نكشف رغبتنا العميقة والكامنة المتمثلة بحب عبادة الله، لابد أن نجاهد رغائبنا السطحية والتافهة وأن نضحّي بها في سبيل الرغائب العميقة، أي لابدّ أن نقف أمام شهواتنا وأهوائنا. وعليه فلابد أن نخاطب ربنا في سجّادة الصلاة ونقول له: «إلهي! أنا الآن أسير بيد رغباتي السطحيّة ولا أدرك لذة عبادتك، ولكني سمعت أن هناك حقائق وراء هذه الظواهر فصدقت نبيّك، وأنا الآن أصلّي بين يديك بلا أن أشعر بلذة الصلاة...»

أساسا إن الصلاة تمثّل جهادا للنفس، إذ ليس فيها جذابيّة في بداية الأمر، وعادة ما نحاول أن نصلّي ونتمّ الصلاة تأدية للواجب وحسب، ولكن من أجل أن نرغم أنف نفسنا ونحارب أهواءنا، ينبغي أن نصلي باطمئنان وهدوء وبدون استعجال. فكلما أردت أن تستعجل في صلاتك وتكملها بسرعة، أبطئ في صلاتك وكرّر أذكارك لتلوي عنق نفسك وتقعدها في مكانها.

أتذكر في زمن كنّا نصلي خلف آية الله الشيخ الأراكي(رضوان الله عليه) حيث كان يصلّي في مسجد صغير جدا في جوار ضريح السيدة المعصومة(ع)، ولكن كانت صلاته طويلة جدّا ولا تقاس بصلاة الشيخ بهجت من حيث طولها. فكانت صلاته ترغم أنف النفس. فمن كان يريد أن يلوي عنق نفسه، كان يصلي خلفه. فإذا وجدتم إماما يصلي صلاة طويلة، اقصدوه بعض الأيام وصلّوا خلفه لتخالفوا بتلك الصلاة نفوسكم وترغموا أنفها.

يتبع إن شاء الله...


توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
قديم 2016/06/21, 09:50 AM   #50
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي

أحيانا يصبح جهاد النفس في سبيل النفس



ليكن بعلمك أخي أن بعض الناس يجاهدون أنفسهم من أجل النفس، فلا تخرّب جهادك. من قبيل من يمسك نفسه عن السبّ والشتم حفاظا على سمعته، أو من يترك حب الغضب تلبية لحبّ المقام في نفسه. فعلامة هذا الإنسان هي أنه مهما تأدب وحسّن أخلاقه وجاهد نفسه، لا يرغب في الصلاة، إذ لم يكن جهاد نفسه في سبيل الله.
إن جهاد النفس هو مراعاة النفس في الواقع، ومخالفة اللذّات هو نيل اللذات في الواقع، ولكن لذة عميقة وغزيرة



عندما يتجه الإنسان نحو الحسنات ورغباته العميقة، ويجاهد أهواءه السطحية في هذا المسار، سيذوق لذة هذا الجهاد بلا ريب، وإن الله يذيقنا هذه اللذة بسرعة. أساسا إن جهاد النفس هو مراعاة النفس في الواقع، ومخالفة اللذات هو نيل اللذات في الواقع، ولكن لذة عميقة وغزيرة لا سطحية وقليلة. ولهذا إن بعض الناس يحرصون على العبادة، فتراهم يجلسون في المسجد منتظرين وقت الصلاة، فهم يجاهدون أنفسهم ويعيشون لذة حقيقية في حياتهم. إن حقيقة حياة الإنسان هي اختيار خير الرغائب مما هي أدنى عن طريق «العقل»/ العقل قوة لاختيار خير الرغائبإذن هكذا يمكن أن نعرّف حياة الإنسان: «اختيار الرغائب الأفضل من الرغائب الأدنى»، ويتم هذا الاختيار عبر قوة في وجود الإنسان باسم العقل. لمّا خلق الله العقل أعطاه زمام الإنسان إذ به يُعبَد. «الْعَقْلُ‏ مَا عُبِدَ بِهِ‏ الرَّحْمَنُ‏ وَ اکْتُسِبَ بِهِ الْجِنَان»[هدایه الأمة/ج1/ص4].

يختلف العقل عن العلم، ولهذا عندما يسيء الإنسان في اختيار رغائبه ويختار الخيار الأدنى يقال له: أنت عديم العقل، وعندما يصيب الاختيار ويختار الخيار الأفضل يقال له: أنت إنسان عاقل.

لقد خلق الإنسان ليختار من مجموع الخيارات، ولولا ذلك لما استطاع أن ينتج قيمة مضافة. ولابدّ للاختيار أن يكون من بين نوعين من الرغائب؛ رغبة أشدّ ولكنها كامنة، ورغبة أضعف ولكنها ظاهرة. وإن الرغائب الضعيفة والظاهرة يعني هذه الأهواء والشهوات هي التي تحجز الإنسان عن كشف رغباته العميقة والكامنة. لذلك ينبغي للإنسان أنّ يدمن على محاربة أهوائه النفسانية ورغائبه السطحية والواضحة ويضحّي بها ليصل إلى رغباته العميقة والفطريّة. وإنّما يستطيع الإنسان أن ينجز هذا الإنجاز بالعقل. العقل هو الذي يحذرنا من الاغترار بالرغبات الظاهرية، وهو الذي يشجعنا على الاهتمام بالرغبات العميقة فإنها أكثر لذة. ويقول لنا: دع هذه النزعات السطحية لتكشف رغباتك العميقة.
لماذا لا يتضرع المذنبون إلى الله؟



لماذا لا يتضرع المذنبون إلى الله؟ لأنهم يخافون من الله بشدّة، ويتصورون أن الله بصدد الانتقام منهم. إنهم قد تنكروا لله وظنوا أن الله قد تنكر لهم أيضا.

ما هو انطباعكم عن الله وأنتم تتوبون إليه من ذنوبكم وتخافون منه؟ لماذا يضيق صدركم وتتوبون من ذنوبكم؟ هل تعتذرون إلى الله لأنكم لم تمتثلوا كلامه والآن تخافون أن يعاقبكم عقابا عسيرا؟ وهل أنكم تتوبون إليه مخافة سوطه؟ وهل تنظرون إلى الله كخصم قوي لا يمكن منافسته؟ في حين أن الله قد أراد أن تلتذوا أكثر في حياتكم، وأراد أن تفعّلوا رغباتكم الفطرية، ولهذا ولأنكم قد أضررتم بأنفسكم وحرمتم أنفسكم من مزيد اللذة، لم يرض منكم وغضب علیکم، فإنه لم يرض منا لشدّة حبه لنا. والآن فهو لا يريد أن يضربكم بل يريد أن ترجعوا إليه.

يقول الإمام الباقر(ع): «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ وَ زَادَهُ فِی لَیْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَوَجَدَهَا فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ ذَلِکَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ حِینَ وَجَدَهَا». [الكافي/ج2/ص435] فلابدّ أن نرجع ونعيد بناءنا المعرفي بالله وبالإنسان والحياة من جديد.

إلهنا سبحانك أن تكون محتاجا إلينا فلماذا تفرح بهذه الشدة عند توبتنا؟! إلهنا أنت الذي قال في وصفك الإمام السجاد(ع): «الحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني» فلماذا تفرح بتوبتنا إلى هذا الحد؟ إنه أراد أن نزداد لذة في الدنيا لنزداد قابلية للتنعم في يوم القيامة وعند لقاء الله. إنه أراد بهذه الأحكام أن نتعطش إلى اختيار الخيار الأفضل ولتكون الدنيا مقدمة للتمتع والالتذاذ بلقاء الله بعد الموت وفي يوم القيامة وفي جنات الخلد. فكان البرنامج الإلهي لنا هو أن ننتعش بذكر الله وجمال الله في الدنيا، ثم يدعونا إليه، لنتمتع باللذة الكاملة عند لقائه.
صلى الله عليك يا أبا عبد الله



إن جهاد النفس يتخذ منحى آخر في مراحله المتقدمة، فكلما كان يشتدّ الأمر بالحسين(ع) ويقدم الأضحية واحدا بعد الآخر كان يشرق لونه وتهدأ جوارحه وتسكن نفسه، فيقف الإنسان حائرا أمام قلب الحسين(ع) عاجزا عن فهمه ووصفه.

أنا أريد أن أخاطب الحسين(ع) وأقول له: يا أبا عبد الله! عندما ودّعت علي الأكبر، أما قدّمته أضحية لله سبحانه؟ ونحن نعلم كم أنت تحب أن تقدم ضحايا في سبيل الله. فما هذا البكاء عليه أمام الأعداء حتى أوشكت بالموت حين وضعت خدك على خده؟!

اسمحوا لي أن أجيب بكلمة واحدة. ألا تحترق أكبادكم إذا جاء أحد ومزّق أمامكم صورة النبي الأكرم(ص)؟! كان علي الأكبر أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسول الله(ص)، وإذا به رآه مقطعا بسيوف القوم...



ألا لعنة الله على القوم الظالمين



توقيع : السيد مرتضي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في رحاب بقية الله: النظام التربوي في المجتمع المهدوي 3 بسمة الفجر الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) 1 2014/09/16 03:10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |