Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > المواضيع الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018/01/28, 06:56 PM   #1
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي المتقون والدنيا

المتقون والدنيا
أَرَادَتْهُمُ الْدُّنْيَا وَلَمْ يُرِيدُوهَا، وَأَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أُنْفُسَهُمْ مِنْهَا.
قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيَما لاَ يَزُولُ، وَزَهَادَتُهُ فِيَما لاَ يَبْقَى
صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً، تِجَارَةٌ مَرْبِحَةٌ، يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُم.


ذم الدنيا لا الحياة

ومن مباحث نهج البلاغة التحذير عن الاغترار بالدنيا وعبادة المادة وقد اعتنى الإمام أمير المؤمنين ومن قبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده سائر الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين بهذا الأمر كثيراً، فتكلموا الكثير في التحذير عن الاغترار بالدنيا وفي فنائها وزوالها وزلاتها وعثراتها وأخطار الاعتناء بجمع المال والثروة، والتوفر على النعم، والمتع المادية والانهماك بها.

وقد يخلط البعض بين ذم الدنيا والحياة وكأنهما شيء واحد، وهذا ليس

85

بصحيح على ضوء المنطق الإسلامي، إذ إنه يبتني على أساس التوحيد الخالص، والنفي لأي شريك لله في الخلقة والتكوين، فلا يمكن أن ينظر إلى العالم نظرة سيئة مقيتة، وإن فكرة (الفلك الظالم) و(ظلم الدهر) فكرة غير إسلامية فلا يمكن أن يكون ذم الدنيا في منطق الإسلام متوجهاً إلى الحياة.

إذن فماذا يعني ذم الدنيا في القرآن الكريم ونهج البلاغة؟ فليس المقصود من ذم الدنيا، ذم الحياة، ولا ذم العلاقات الطبيعية والفطرية بل أن المقصود من ذلك، هو ذم العلاقة القلبية الموجبة لأسر الإنسان بيد الدنيا ومن في يده شيء منها. وهذا ما يمكن أن نسميه عبادة الدنيا، وهو الذي يكافحه الإسلام مكافحة شديدة، والإسلام في هذا يريد أن يردّ الإنسان إلى حالته الطبيعية في ضمن ناموس الحياة، فإن الإفراط في علاقة الإنسان بالدنيا خروج عن حالته الطبيعية.


الوسيلة والغاية

المقصود من ذم الدنيا ألا تستبدل (الوسيلة بالغاية) و(الطريق بالهدف) و(وسيلة النجاة بسلاسل الأسر والعبودية) وهذا هو الذي ينبغي أن لا يكون، ولهذا نرى الإمام عليه السلام يقول: ويكرر: (الدنيا دار مجاز لا دار قرار، فخذوا من ممركم لمقركم)
والذي يحاربه الإمام والإسلام في تعاليمه وإرشاداته حرباً لا هو ادة فيها هو أن يجعل المرء هذه الحياة هدفاً وغاية لا طريقاً ووسيلة.


علاقة الإنسان بالدنيا

إن علاقة الإنسان بالدنيا كما يصفها الإمام عليه السلام كعلاقة الزارع بزرعه: "الدنيا مزرعة الآخرة"1 أو علاقة المسابق بميدان السباق: "ألا وإن اليوم المضمار وغداً السباق، والسبقة الجنة والغاية النار"2 أو علاقة العابد بالمسجد: "الدنيا.. مسجد أحباء الله"3
ويمكننا أن نلخص القول من كلمات ردّ بها الإمام عليه السلام

86

على من سمعه يذم الدنيا (غداة الندامة) وهو يحسبها متجرمة عليه:
"أيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها المخدوع بأباطيلها ثم تذمها! أتغتر بالدنيا ثم تذمها؟ أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك؟! متى استهو تك أم متى غرتك! أبمصارع آبائك من البلى أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى؟! كم عللت بكفيك وكم مرضت بيديك؟ أتبغي لهم الشفاء وتستو صف لهم الأطباء، لم ينفع أحدهم إشفاقك ولم تسعف فيه بطلبتك، ولم تدفع عنهم بقوتك. قد مثلت لك به الدنيا نفسك وبمصرعه مصرعك.
إن الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزوّد منها، ودار موعظة لمن اتعظ بها.... فذمها رجال غداة الندامة، وحمدها آخرون يوم القيامة، ذكرتهم الدنيا فتذكروا، وحدثتهم فصدقوا، ووعظتهم فاتعظوا"4.
إذن، فالإسلام لا يرى العالم عبثاً، ولا وجود الإنسان فيه خطأً، ولا عواطفه الفطرية غلطاً.. وإذن: فماذا يعني ذم الدنيا في نهج البلاغة؟


أصناف الناس في التعاطي مع الدنيا

ما تقدم هو ما ينبغي أن تكون عليه علاقة الناس بالدنيا، ولكن واقع الحال يدل على تفاوت الناس في النظر إلى الدنيا والتعاطي معها.

1- من يجعل الدنيا أمام عينيه، والآخرة خلف ظهره.

وهؤلاء ذكرهم القرآن الكريم في قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾5.
وهذه الآية أيضاً إنما تنتقد أن يرضى الإنسان بالحياة الدنيا ويطمئن إليها ويغفل عن آيات الله ولا يرجو لقاء الله سبحانه.
وكذا قوله تعالى ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا *


87

ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾6.

2- من يجعل الدنيا أكبر همّه، والآخرة - مع ذلك - نصب عينيه!

هي حالة العداوة والمنافرة، وهي الحالة التي يكون فيها مثلهما كمثل الضرّتين، أو المشرقين والمغربين والماشي بين هذين.
وما دام قد جعله همه الأساسي هو الدنيا، فهو بمقدار ذلك يبتعد عن الآخرة، فعن أمير المؤمنين: "إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان، وسبيلان مختلفان، فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعاداها. وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما، كلما قرب من واحد بعد من الآخر، وهما بعد ضرتان"7.
ومن الواضح أن الإسلام لا يمنع من الجمع بين العمل للآخرة وللدنيا بمعنى الاستفادة منها، وإنما الممنوع منه في الإسلام هو الجمع بينهما بمعنى الهدف والغاية.

3- من يجعل الدنيا وسيلة، والآخرة غاية

وفي نهج البلاغة إشارة واضحة إلى هذا، حيث يقول عليه السلام:
"الناس في الدنيا عاملان:
عامل في الدنيا للدنيا، قد شغلته دنياه عن آخرته، يخشى على من يخلف الفقر ويأمنه على نفسه، فيفني عمره في منفعة غيره.
وعامل عمل في الدنيا لما بعدها، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل، فأحرز الحظين معاً، وملك الدارين جميعاً، فأصبح وجيهاً عند الله لا يسأل الله حاجة فيمنعه"8.


قصة توضح الموقف الصواب

دخل أمير المؤمنين عليه السلام على العلاء بن زياد الحارثي في البصرة - وهو من أصحابه – يعوده، فلما رأى سعة داره قال عليه السلام: "ما كنت تصنع بسعة هذا الدار في الدنيا، وأنت إليها في الآخرة أحوج ؟ وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة، تقري فيها الضيف،

88

وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة".
فقال له العلاء: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال عليه السلام: وما له؟: قال: لبس العبادة وتخلى عن الدنيا قال علي عليه السلام علي به فلما جاء قال عليه السلام: "يا عدي نفسه : لقد استهام بك الخبيث أما رحمت اهلك وولدك، أترى اللّه قد احل لك الطيبات، وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك".
قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك، وجشوبة مأكلك قال: ويحك إني لست كأنت إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيّغ بالفقير فقره9.


ما هو حال المتقين؟

هم من الذين أدركوا حقيقة الدنيا ونظروا إليها نظرة واقعية، فعلموا أنها لا تبقى فزهدوا بها، وان الآخرة لا تزول فصرفوا قلبهم ووجدانهم نحوها، كما قال الإمام :
"قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيَما لاَ يَزُولُ، وَزَهَادَتُهُ فِيَما لاَ يَبْقَى".

وهذا هو شأن الإنسان العاقل الذي لا يفرط في الباقي من اجل الفاني كما قال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً﴾10.
فلو أراد أن يكون واقعياً في نظرته إلى الحياة - والإنسان إنما ينال السعادة بالواقعية لا بالأوهام والخيالات - فلابدّ له من أن يجعل هذه الحقيقة نصب عينيه، ثم لا يغفل عنها أبداً.


أحرار لا عبيد

ما من أحد إلاويحتاج إلى شي‏ء من متاع الدنيا،و يسعى إليه جاهداً، وتحصيل

89

ذلك أمر مشروع، ولكن حاجته قد تكون في يد ظالم أو متكبر لا ينالها صاحبها إلا بتنازل عن بعض قيمه أو كرامته، أو يقف دونها غير ذلك من الحواجز التي‏لا يتخطاها الإنسان إلا بالدخول فيما لا يليق، أو طمعاً في ما لا ضرورة فيه فيقدم من لا حرج له في ذلك، وهذا شأن العبيد لا الأحرار "الطمع رق مؤبد"11، وأما الأحرار فهم المتقون الذين يصبرون عن حاجتهم،ويضحون‏بها في سبيل دينهموكرامتهم، وكان في مقدورهم أن يبلغوا من الدنيا ما يريدون لو تنازلوا عن‏دينهموكرامتهم،و لكنهم أبوا إلا مرضاة الله فكانوا الأحرار"أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها". حاولت الدنيا أن تمتلكهموتستعبدهم بالمالوالجاه، لكنّهم نظروا إليها بعين البصيرةوعرفوها حقّ المعرفةوعاشوا أحرارا لا سلطان عليهم إلا لله وحده.

90

خلاصة الدرس
ليس المقصود من ذم الدنيا، ذم الحياة، ولا ذم العلاقات الطبيعية والفطرية بل أن المقصود من ذلك، هو ذم العلاقة القلبية الموجبة لأسر الإنسان بيد الدنيا ومن في يده شيء منها. وهذا ما يمكن أن نسميه عبادة الدنيا، وهو الذي يكافحه الإسلام مكافحة شديدة،

المقصود من ذم الدنيا ألا تستبدل (الوسيلة بالغاية) و(الطريق بالهدف) و(وسيلة النجاة بسلاسل الأسر والعبودية) وهذا هو الذي ينبغي أن لا يكون.

إن علاقة الإنسان بالدنيا كما يصفها الإمام عليه السلام كعلاقة الزارع بزرعه: "الدنيا مزرعة الآخرة" أو علاقة التاجر بالمتجر: "إن الدنيا متجر أولياء الله" أو علاقة المسابق بميدان السباق: "ألا وإن اليوم المضمار وغداً السباق، والسبقة الجنة والغاية النار".
تفاوت الناس في النظر إلى الدنيا والتعاطي معها.

1- من يجعل الدنيا أمام عينيه، والآخرة خلف ظهره.

2- من يجعل الدنيا أكبر همّه، والآخرة - مع ذلك - نصب عينيه!

3- من يجعل الدنيا وسيلة، والآخرة غاية.

ما من أحد إلاويحتاج إلى شي‏ء من متاع الدنيا،و يسعى إليه جاهدا.، وتحصيل ذلك أمر مشروع، ولكن حاجته قد تكون في يد ظالم أو متكبر لا ينالها صاحبها إلا بتنازل عن بعض قيمه أو كرامته،أو يقف دونها غير ذلك من الحواجز التي‏لا يتخطاها الإنسان إلا بالدخول فيما لا يليق، أو طمعاً في ما لا ضرورة فيه فيقدم من لا حرج له في ذلك، وهذا شأن العبيد لا الأحرار (الطمع رق مؤبد)، وأما الأحرار فهم المتقون الذين يصبرون عن حاجتهم،ويضحون‏بها في سبيل دينهموكرامتهم، وكان في مقدورهم أن يبلغوا من الدنيا ما يريدون لو تنازلوا عن‏دينهموكرامتهم،و لكنهم أبوا إلا مرضاة الله فكانوا الأحرار.
أسئلة حول الدرس
1- بيّن أهمية الدنيا على ضوء أحاديث أمير المؤمنين عليه السلام.
2- ماذا يعني ذم الدنيا في القرآن ونهج البلاغة؟
3- بين أصناف الناس في التعاطي مع الدنيا.
4- ما هو حال المتقين، وكيف وصفهم أمير المؤمنين؟
5- ما هو الفارق بين الأحرار والعبيد، بين ذلك من خلال وصف المتقين؟
للحفظ
عن الإمام علي عليه السلام :
"أَرَادَتْهُمُ الْدُّنْيَا وَلَمْ يُرِيدُوهَا، وَأَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أُنْفُسَهُمْ مِنْهَا.
قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيَما لاَ يَزُولُ، وَزَهَادَتُهُ فِيَما لاَ يَبْقَى
صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً، تِجَارَةٌ مَرْبِحَةٌ، يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُم".
أشعار الحكمة
إلهي لا تعذبني فإني
*************** مقر بالذي قد كان مني
وما لي حيلة إلا رجائي
************** بعفوك إن عفوت وحسن ظني
فكم من زلة لي في الخطايا
************** عضضت أناملي وقرعت سني
يظن الناس بي خيرا وإني
************** لشر الخلق إن لم تعف عني
وبين يدي محتبس طويل
************** كأني قد دعيت له كأني
أجن بزهو ة الدنيا جنونا
************* ويفني العمر منها بالتمني
للمطالعة
رُويَ أن آية الله السيد هاشم القزويني (الموسوي المتوفى سنة 1909 م)،الذي كان من أكابر علماء الدين في كربلاء المقدسة، يدير الحوزة العلمية ويعطي الإهتمام الأكبر للأخلاق الإسلامية السامية في تربية الطلبة وطريقة التدريس ومعالجة القضايا الإجتماعية.

فمما يُنقل عنه رحمه الله أنه كان يصلي الجماعة في صحن سيدنا أبي الفضل العباس بن علي عليه السلام ويؤم الناس في أوقات الصلاة وقد أُخبِرَ ذات يوم أن هناك - جهاز كرامافون- قد جُلِبَ إلى مدينة كربلاء ووُضِعَ في مقهى من المقاهي في منطقة الميدان، وتُبَثُّ منه الأغاني والموسيقى المحرمة ويجتمع الناس هناك للإستماع إليها، ويمتليءُ المكان في الميدان للتفرج على الجهاز –الذي كان بالنسبة للناس شيئاً جديداً وغريباً في ذلك الوقت- والإستماع للغناء، فتأثر السيد القزويني تأثراً شديداً ولكنه فكر بطريقة أخلاقية سامية لمعالجة تلك المشكلة فما كان منه إلا أن أمر بنقل سجادات الصلاة الطويلة - التي كانت تُفرش في الصحن الشريف على شكل صفوف للمصلين- إلى منطقة الميدان وتُفرشُ هناك، وأُعلِنَ في يومه أن الصلاة قد انتقلت من الصحن الشريف إلى الميدان وأسرع الناس يتسائلون عن الخبر؟

وكانت العادة يومئذ أن يستعد الناس للصلاة ويحضروا إلى الصحن الشريف قبل وقتها، فلما وجدوا أن السجادات غير موجودة، وهناك من يُعلِنُ أن الصلاة تُقَامُ هذا اليوم في الميدان، بادروا جميعاً إلى الحضور في المكان المذكور، ولما آن وقت الصلاة وبدأ المؤذن بالأذان حضر السيد القزويني الجليل في هيبة ووقار وتقدم للصلاة والناس يأتمون به بخشوع وما إن أتمَّ الصلاة حتى صعد المنبر الذي كان قد أُعِدَّ مُسبقاً وبدأ بما يناسب من ذكر الله سبحانه وتجليله وتهليله وتكبيره والثناء عليه وتذكير الناس بعظمة البارئ تعالى وشدة سطوته إذا غضب.

ثم ذكر نبي الإسلام العظيم محمد صلى الله عليه وآله وما قدم من التضحيات في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى ونشر الفضيلة في العالم وأنه صلى الله عليه وآله قدم أُسرَتَهُ وأهل بيته عليهم السلام قرابين في هذا السبيل حتى تقوم دولة الإسلام وتُرسي دعائمه في الأرض، وكان من أعظم قرابينه التي قدمها بعد حياته الطاهرة الكريمة هو الحسين بن علي عليهما السلام والذي نتشرف نحن بشرف مجاورة قبره الطاهر هنا في كربلاء في هذه الأرض المقدسة التي ذكر الله سبحانه لأنبيائه
الكرام مأساة كربلاء قبل وقوعها بآلاف السنين.

واستمر السيد هاشم القزويني رحمه الله في خطبته المؤثرة قائلاً: وأنكم لتعلمون بأن أنبياء الله الكرام قد بكوا لمصاب الحسين عليه السلام واحداً تلو الآخر حتى جاء دور نبينا العظيم محمد صلى الله عليه وآله حيث أنه تسلم حفنةً من تراب كربلاء بواسطة جبرائيل عليه السلام وشمها وبكى بكاءً شديداً وأوصى إلى زوجته، ام سلمة، أن تحتفظ به في قارورة وترك لها علامة وهي تغير لون التراب إلى لون الدم عندما يُقتَلُ الحسين عليه السلام وهكذا كان وقد نقل التاريخ هذه الرواية بصدق ودقة. ـ

وهنا إلتفت السيد القزويني طيب الله ثراه إلى المصلين وقال لهم: إن كل بقعة من هذه الأرض التي نقف عليها كانت مسرحاً للمعركة الدامية التي جرت يوم عاشوراء وإننا لو تطلعنا إلى هذه الارض وفحصناها لوجدنا تحتها وفي كل شبر قطرات من دم الحسين الشهيد أو إخوته أو أبنائه أو أصحابه الذين قُـتِلُوْا معه.

ويستمر السيد القزويني قائلاً: أيها السادة لا تظنوا أن دماء الحسين وأصحابه وأهل بيته قد أُريقت في منطقة الحرم الشريف فحسب، إنها أُريقَتْ على جميع أرض كربلاء طولاً وعرضاً، فهل يجدر بنا بدل البكاء والنحيب أُسوةً برسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته - والتضرع إلى الله سبحانه بالدعاء والتقرب اليه، أن ترتفع أصوات الغناء والموسيقي وأنغام الشياطين من فوق هذا التراب المقدس وبأيدي المدعين حبهم وولاءهم؟

وهنا أجهش الناس بالبكاء والنحيب لمدة طويلة ثم بدأ السيد القزويني صلاة النوافل والإستعداد للصلاة الثانية والناس في بكاء ونحيب شديدين فما كان من صاحب المقهي إلا أن تقدم إلى السيد بالإعتذار عما بدر منه والإستغفار من الله سبحانه وتم إخراج ذلك الجهاز من كربلاء المقدسة.
*
هوامش
1- المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج67 ص225.
2- نهج البلاغة، ج1 خ28.
3- نهج البلاغة، ج4 خ131.
4- نهج البلاغة، ج4 خ131.
5- يونس، :8.
6- النجم:29-30.
7- نهج البلاغة، ج4 حكمة103.
8- نهج البلاغة، ج4 حكمة269.
9- نهج البلاغة، خ209.
10- الكهف:45.
11- نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 180.


hgljr,k ,hg]kdh



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المتقون, والدنيا

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المتقون وعالم الغيب الشيخ عباس محمد المواضيع الإسلامية 0 2018/01/28 06:56 PM
الحلم... والدنيا.... والانسان... والزمن..!!!!! طبع الشمع المواضيع العامة 7 2013/09/15 03:48 PM
المتقون والنفس بنت الصدر المواضيع الإسلامية 1 2013/08/12 09:56 AM
المتقون والدنيا شجون الزهراء المواضيع الإسلامية 3 2013/07/08 10:16 PM
الوقت مايصفى والدنيا دوم أتـدور اهات الانتظار المواضيع العامة 9 2012/07/17 11:03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |