Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > منتديات اهل البيت عليهم السلام > عاشوراء الحسين علية السلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015/11/05, 12:01 PM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي عاشوراء و المهمّة الإصلاحيّة .. سلسلة الوعي الثوري

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


شهر الثورة و الضرورة الملحّة لإيضاح مفهوم إصلاح الأمّة المتلازم مع إسقاط الطغاة ؛ لا بدّ من تهيئة الأجواء لفهم صحيح لواقعة عاشوراء العظيمة، و لنتجه لتشخيص الطرف الذي يطالب بالإصلاح الحقيقي الذي يريده أئمة أهل البيت (ع) في واقع ثورتنا المباركة.


سلسلة الوعي الثوري
(1)


المهمّة الإصلاحيّة للقادة الإلهيّين



يرى الإمام الخميني قدس سره أنّ هناك وظيفتين أساسيّتين هما نشر عقيدة التوحيد والعدل وقيام الناس بالقسط. وهذا يقتضي إزالة الموانع والمعوّقات المادّيّة والمعنويّة، وبمعنى آخر القيام بعمليّة إصلاح البشريّة وعن ذلك يقول الإمام قدس سره: "إنّ جميع الأنبياء عليهم السلام منذ بداية البشر والبشريّة، ومنذ مجيء آدم عليه السلام وحتّى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم إنّما استهدفوا إصلاح المجتمع وجعلوا الفرد فداءً للمجتمع، إنّنا لا نملك شخصاً أسمى من الأنبياء عليهم السلام أو من هو أسمى من الأئمة عليهم السلام، فهؤلاء ضحّوا بأنفسهم في سبيل المجتمع، ويقول الباري جلّ وعلا أنّه بعث الأنبياء عليهم السلام وأعطاهم البيّنات والآيات والميزان (ليقوم الناس بالقسط) فالغاية قيام الناس بالقسط. وأن تتحقّق العدالة الاجتماعيّة بين الناس ويزول الظلم ويحلّ الاهتمام بالضعفاء والقيام بالقسط"1.



الحرب والجهاد في حركة الإصلاح


يعتمد الأنبياء عليهم السلام طريقين لتحقيق أهدافهم، الأوّل: العلم، والثاني: الشدّة. يقول تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس ﴾2 يقول الإمام الخميني قدس سره: "الأنبياء العظام السابقون عليهم السلام والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الّذي يحملون فيه الكتب السماويّة في يد من أجل هداية الناس، كانوا يحملون السلاح في اليد الأخرى، فإبراهيم عليه السلام كان يحمل الصحف في يد، والفأس في يد أخرى للقضاء على الأصنام، وكان كليم الله موسى عليه السلام يحمل التوراة في يد والعصا في يد أخرى، تلك العصا الّتي أذلّت الفراعنة، وتحوّلت إلى أفعى وابتلعت الخائنين، وكان النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يحمل القرآن في يد والسيف في الأخرى، فالسيف للقضاء على الخائنين والقرآن للهداية..."3.

ويقول أيضاً: "إنّ نهضة الأنبياء عليهم السلام كانت دوماً هكذا، وهو أن يبرز شخص من بين المؤمنين من الطبقة المستضعَفة ويُنتَخب للدعوة، وأحد أعماله جمع الناس المستضعَفين، ودعوتهم ليقفوا مقابل المستكبرين، ويُهيّأهم لذلك العمل"4.

فمن مهامّ الأنبياء عليهم السلام بناء الأجيال المجاهدة والمقاومة للاستكبار. وذلك لأنّ من صلب مهامّ الأنبياء عليهم السلام تدمير ودكّ عروش ومعاقل الظالمين من جهة ومن جهة أخرى تحطيم وتدمير معاقل الوثنيّة، والعبوديّة لغير الله وعن ذلك يقول قدس سره: "لقد جاءت النبوّة وبُعث النبيّ من أجل تحطيم معاقل الظالمين الّذين يظلمون الناس، وإنّ معاقل الظلم هذه قد قامت أسسها على كدح هؤلاء الضعفاء وعلى دمائهم واستثماراتهم، حتّى أصبحت قصوراً عالية، كان مجيء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتحطيم هذه المعاقل وقلع جذور الظلم هذه. ومن جانب آخر فلأنّ الهدف أيضاً بسط التوحيد فقد قام صلى الله عليه وآله وسلم بهدم مراكز عبادة غير الخالق جلّ وعلا ومراكز عبدة النار وأطفأ نيرانهم"5.


الإصلاح ورفض الظلم عند الأئمة عليهم السلام



ينظر الإمام قدس سره إلى أنّ موقع الإمام المعصوم هو حراسة القوانين والأحكام الّتي أراد الله ورسوله تطبيقها بلا أخطاء6. وهذا يفترض صيانة الشرع عن التحريف، والعمل على إصلاح الأمّة وتطبيق أحكام الله فيها، لأنّ التشويه والتحريف قد يكون بالتطبيق، ولقد سبق أن مرّت عبارة للإمام في ما مرّ من الفقرات حول هدف الدِّين الّذي هو إقامة العدل في المجتمع، وتقدّم أيضاً إشارته قدس سره إلى أنّ المجتمع مقدّم على الفرد ولذلك قال: "إن جميع الأنبياء عليهم السلام وحتى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم إنّما استهدفوا إصلاح المجتمع وجعلوا الفرد فداءً للمجتمع، إنّنا لا نملك شخصاً أسمى من الأنبياء عليهم السلام أو من هو أسمى من الأئمّة عليهم السلام فهؤلاء ضحّوا بأنفسهم في سبيل المجتمع"7.

ولعلها إشارة منه قدس سره إلى مقولة الإمام الحسين عليه السلام: "إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر".

ويقول قدس سره عن الأئمّة جميعاً: "إنّنا نفخر لأنّ الأئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم سُجنوا ونُفوا من أجل تعالي الدِّين الإسلاميّ ومن أجل تطبيق القرآن الكريم الّذي يعتبر أنّ تشكيل حكومة العدل أحد أبعاده، واستشهدوا في النهاية في طريق الإطاحة بالحكومات الجائرة وطواغيت زمانهم"8.

ومن كان إمامه كعليّ والحسين عليه السلام فلا بُدّ أن يتبعهما في رفض الظلم ومقاومته، فإنّ الإمام الخميني قدس سره يقول: "إنّ واحدة من خصائص التشيُّع الذاتيّة منذ البداية وحتّى اليوم هي المقاومة والانتفاض بوجه الدكتاتوريّة والظلم، حيث يُشاهد ذلك على طول تاريخ الشيعة..."9.

-------------------------------
1- منهجية الثورة الإسلامية، ص 51ـ 52.
2- سورة الحديد، الآية: 25.
3- منهجية الثورة الإسلامية، ص 56ـ 57.
4- م. ن، ص 57.
5- منهجية الثورة الإسلامية، ص 11.
6- م. ن، ص 52.
7- منهجية الثورة الإسلامية، ص 52.
8- م. ن، ص 470.
9- م. ن، ص 127.






uha,vhx , hglil~m hgYwghpd~m >> sgsgm hg,ud hge,vd



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
قديم 2015/11/05, 12:04 PM   #2
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

سلسلة الوعي الثوري (2)



فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين

السياسة السلطوية والسياسة المبدئية : في واقع العمل السياسي سياستان
​

السياسة السلطوية : وهي السياسة التي تهدف للبقاء في السلطة أو الوصول إليها، فإذا كان الشخص أو الحزب أو القبيلة أو غيرهم في السلطة، يكون الهدف هو البقاء فيها، وإذا كان الشخص أو الحزب أو القبيلة أو غيرهم في المعارضة، يكون الهدف هو الوصول إلى السلطة، فالهدف هو السلطة، وخدمة الناس والأخلاق والعلاقات وغيرها هي وسائل للبقاء في السلطة أو الوصول إليها . وهذا يكون لمن هو في السلطة ولمن هو في المعارضة بدون فرق، ما دام المبدأ والهدف واحدا، وهو السلطة : البقاء فيها أو الوصول إليها، وكان عبد الله بن الزبير في صفوف المعارضة ليزيد بن معاوية، وكان هدفه الوصول إلى السلطة .

السياسة الرسالية المبدئية : وهي السياسة التي تهدف بصدق إلى تحقيق مرضاة الله سبحانه وتعالى وخدمة العباد، وتكون السلطة وسيلة أو أداة لذلك وليست الهدف. قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : " والله لهي ( النعل ) أحب إلي من إمرتكم، إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا " ( النهج : الخطبة : 33 ) ويكون أتباع السياسة الرسالية لمن هو في السلطة، مثل : الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) والإمام الخميني ( قدس سره الشريف ) ولمن هو في المعارضة، مثل : الإمام الحسين ( عليه السلام ) والسيد حسن نصر الله ( أيده الله تعالى ) وغيرهما .

ويجب في مقام التقييم التمييز بين الإدعاء والممارسة: فقد يدعي من هو في السلطة أو من هو في المعارضة بأنه يتبع السياسة الرسالية المبدئية وليست السياسة السلطوية، فيدعي بأن هدفه هو مرضاة الله سبحانه وتعالى وخدمة العباد والسلطة بالنسبة إليه مجرد وسيلة وليست الهدف، ولكن الأمر في حقيقته ليس كذلك، وهنا ..
يجب على المؤمنين الحذر من مكائد الشيطان فلا ينخدعوا بها .
والنظر في مقام التقييم إلى الممارسة وعدم الاكتفاء بالأقوال والإدعاءات .
وليعلم الجميع بأنه : ليس من السياسة الرسالية المبدئية تقديم المهم على الأهم، والتنازل عن المبادئ والثوابت الدينية والوطنية في سبيل الحصول على مكاسب دنيوية بسيطة وأتباع سياسة التبرير .

وتعتبر السياسة السلطوية في الحقيقة والواقع : سياسة مدمرة وخطيرة جدا على حياة الإنسان، فهي سياسة أنانية تتجاوز كل القيم الإنسانية وتهدمها، ولا توقفها إلا المقاومة والموانع المادية التي تقف في وجهها .

بينما السياسة الرسالية المبدئية سياسة إنسانية تلتزم بالقيم والثوابت والمصالح الحيوية للناس وتقدم العام على الخاص وتقدم مرضاة الله عز وجل على كل شيء وتقيم مواقفها كلها على هذا الأساس .

يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : " أيها الناس !! إن الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنة أوقى منه، وما يغدر من علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة . ما لهم ! قاتلهم الله ! قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين " ( النهج : الخطبة : 41 ) .

أيها الأحبة الأعزاء : أنظروا إلى القوم في معسكر يزيد الذي يتبع السياسة السلطوية ماذا فعلوا وهم من المسلمين ؟!
قتلوا سبط الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين ( عليه السلام ) في الشهر الحرام وهو عطشان .
• وداسوا جسده الطاهر بحوافر الخيل، وحزوا رأسه الشريف ورفعوه على رأس الرمح وداروا به من بلد إلى بلد .
• وحرقوا الخيام التي تأوي إليها النساء وهم حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسلبوهم وسبوهم ونقلوهم على ظهور الجمال بغير وقاء من كربلاء إلى الشام، وجعلوا الناس يتفرجون عليهم، وأسكنوهم في الشام في دار خربة، الخ !!


وانظروا في المقابل إلى القوم في معسكر الإمام الحسين ( عليه السلام ) الذي يتبع السياسة الرسالية المبدئية ماذا فعلوا ؟!
لم يسعوا إلى السيطرة على مصدر الماء ( نهر الفرات القريب من ساحة المعركة ) وقد سبقوا إليه ليمنعوا أعداءهم منه .
• واجتهدوا في الوعظ والنصيحة للطرف المقابل قبل القتال وألقوا عليهم الحجة وحذروهم من مغبة ارتكاب الجريمة .
• وبكى الإمام الحسين ( عليه السلام ) من أجل قتلته لأنهم يدخلون النار بسبب قتلهم له، الخ !!

وهذه الحالة القيمية للمعسكرين : تتكرر دائما لدى الذين يتبعون السياسة الرسالية المبدئية والذين يتبعون السياسة السلطوية في كل زمان ومكان ولكن بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة !!


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.

التعديل الأخير تم بواسطة شجون الزهراء ; 2015/11/05 الساعة 12:06 PM
رد مع اقتباس
قديم 2015/11/05, 12:07 PM   #3
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

سلسلة الوعي الثوري (3)


الشيح عيسى أحمد قاسم


يوم الحسين (عليه السلام) يوم الإسلام

كلُّ أيام الحسين عليه السلام أيامٌ للإسلام. إمامُ عاش حياته لقضية التوحيد، واستُشهِد من أجلها، وبقيَ في القلوب لتحيى القلوبُ بها، وظلّ يملأ ساحات الحياة لتنشدَّ ساحات الحياة إليها.
يومه الشهير يومُ كربلاء ما كان إلاَّ لله، وما وُجِد إلاّ للإسلام، وهو من أيّامه الكبرى، وكلمته كلمته، ورايته رايته، ونصرُه نصره، وهزيمته هزيمته (نعم، نصر الحسين عليه السلام نصر الإسلام، وهزيمة الحسين عليه السلام هزيمة الإسلام).
ومن كان مع الحسين عليه السلام في أيّ يومٍ فهو مع الإسلام، ومن كان عليه في أيّ يومٍ كان على الإسلام؛ ذلك لأنَّ الحسين عليه السلام لا يفترق عن الإسلام، والإسلامَ لا يفترق عن الحسين عليه السلام.
يوم كربلاء لشهادة لا إله إلا الله(وحده لا شريك له)، ولتملأ هذه الشهادة بهُداها كل ساحات الحياة، ولتقود حركة الإنسان، وتقضيَ على الطاغوتية في الأرض، وتُذِلَّ المستكبرين. ولتستبدل عن الجهل علماً، وعن الظلم عدلاً، وعن الهوى حُكماً للدين والعقل والحكمة.
ولتمنع أن يستعبد إنسانٌ إنساناً، وأن يدخل إنسانٌ في عبادة إنسان، ويرضى بألوهية الطاغوت.
يوم كربلاء لشهادة أنَّ محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأن لا بديل للنّاس عن نهج الحياة الذي جاء به عن ربِّه، وعن دينه الذي ارتضاه له وللناس أجمعين، ولا قيادةَ لهم إلاَّ من خطِّ قيادته، ولا يأتمنُ أمرَهم إلا من اقتداه، واهتدى بهداه، واستنَّ بسنته، وأتقن فقه شريعته، ولم يكن له توجهٌ إلا لله.
يوم كربلاء يوم الحسين عليه السلام لتنتهيَ قيادات السوء من وجود الأمة، وفي كلّ العالم، ويختفيَ جميع الأقزام من موقع القيادة، ولا يُهانَ الإنسان وتُسحق كرامته، ويُستلبَ وعيُه، ويُضلَّلَ عن هدفه.
حتى لا تتحوَّل الحياةُ الكريمة المسئولة للإنسان إلى مأساة وملهاة(ومن دون قيادة الحسين، وقيادة من سنخ قيادة الإمام الحسين عليه السلام تتحوّل الحياة إلى مأساة وملهاة، أُناس في مأساة وأناس في ملهاة)، بعيداً عن بناء الذّات، والسّير على طريق الغاية الرّفيعة التي ارتضاها الله سبحانه لعباده، وأهّلهم لبلوغها، ومَنَحَ لهم نور هداها، وفتح واعيتهم عليها، ودلّهم على طريق السلوك إليها.
يوم كربلاء يوم الحسين عليه السلام لحرمان الطّامعين من أهل الهوى والقامات الإنسانية القصيرة، والمستويات المعنوية الحقيرة من التحكُّم في مصير هذه الأمّة، وأيِّ أمّة، والعبث بثروات الأرض وكنوزها، وبعثرتها كما يشاء الهوى، ويشاء الظلم، ويشاء السَّفَه، وتُحبُّ الشهوات. وحتى لا يُظلم الإنسان، ويُذلَّ وتُسلبَ إرادتُه، ويُخوّف، ويقلق وتُقيّد يداه بما أنتجته من أسباب قوّة سيطر عليها الظالم، ومال تصبّب من أجله عرقه(الناس الأبرياء إنما يسجنون، وإنما يقتلون بإمكاناتٍ من كسبهم)، وأعطى قوّتَه وشبابه، وَسَرَقَتْه أيدي الظالمين.

يوم كربلاء يوم الحسين عليه السلام من أجل ألا يكسر طغيانُ الظلم، وشدةُ البطش الذي تمارسه القِوى الحاكمة الظالمة إرادةَ الشعوب والأمم، وتنهار نفسيّتها فتقعَ في الذُّلّ الدائم، والهوان المقيم، وتُصاغ كما يشاء لها هوى الظالمين.

يوم كربلاء يوم الحسين عليه السلام من أجل ألا يبقى الفهم الزُّور، والتطبيق المكذوب لعنوان أولي الأمر في قوله تعالى:{... أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ...}(59/ النساء) على يزيد وأمثاله حاكماً لعقليّة الأمّة، ومُهيمِناً عليها، فيكون مؤثِّراً على إرادتها في مقاومة ظلم الظالم، وانحراف المنحرف، واستكبار المستكبر من حُكّام أمَّةٍ أراد لها الله عزَّ وجلَّ أن تكون الأمة الوسط التي لا تميل عن خطِّ الحقّ والعدل والهدى، ولا تُفرِّط في شيء من ذلك، وأن تكون الأمّةَ الشاهدة على سائر الأُمم، والمنار لكل العالم.
فابقوا ذاكرين دائماً للحسين عليه السلام، ويوم كربلاء، لتكونوا ذاكرين لله سبحانه باستمرار، منشدّين إلى إيمان الحسين عليه السلام وتقواه، ووعيه، وجهاده وثوريته، ودروس كربلاء المربّية وأهدافها العظيمة، وهي أهداف الإسلام التي تحكم بها الضرورة.

تنبيه لابد منه:

العمود الفقري لإحياء عاشوراء المنبر الرسالي الناجح وحضوره، والموكب العزائي الواعي الملتزم.
وهما عمدة الإحياء، وعليهما التعويل في الأكثر.
وهناك أساليب إحياء مكمِّلة. ولا قيمةَ لأيّ مظهر من مظاهر الإحياء لا يُراعي أحكام الشريعة الإسلامية المقدّسة


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
قديم 2015/11/05, 12:09 PM   #4
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

سلسلة الوعي الثوري (4)





فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين


سياسة الرفض والمقاومة

هناك من يسيء للإمام الحسين ولسائر الأئمة الأطهار ( عليهم جميعا السلام ) بالقول الباطل : أن ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) هي حالة شاذة في سيرة الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) الذين تعايشوا مع الظلم والظالمين ولم يثوروا كما ثار . وهذا القول يدل على الجهل المركب بالدين وحقيقة الإمامة وحجية أقوال الأئمة ( عليهم السلام ) وأفعالهم، ولم يأتي في أقوال الأئمة ( عليهم السلام ) وأفعالهم ما يدل على هذا القول الباطل، ولا يمكن أن يأتي، بل كل أقوالهم وأفعالهم تقوم على التعظيم الخاص لمواقف الإمام الحسين وشهادته ( عليه السلام ) ولم تحظى سيرة ومواقف أحد من الأئمة ( عليهم السلام ) بالاهتمام لدى الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأنبياء قبله والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) بعده، كما حظيت به شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأن جميع الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) الذين قتلوا صبرا بالسم، لم يقتلوا كما تقتل الخراف مستسلمين، بل قتلوا على طريق الرفض للظلم والمقامة والمقارعة للظالمين !! وهذا من البديهيات التي علمناها من سيرتهم ( عليهم السلام ) ويدل عليه الفهم الفطري للدين وشؤون الحياة .

أيها الأحبة الأعزاء : إن البقاء في الحياة وفق الرؤية الإسلامية والعقلائية ليست الغاية، فالحياة من أجل الحياة والأكل والشرب والمتعة الحسية هو سبيل الحيوان لا الإنسان، وإنما الغاية عند الإنسان العاقل الطبيعي ـ وبحسب الفهم الواقعي الفطري للدين وشؤون الحياة ـ هي الحياة في عز والعيش في كرمة، فإذا خير الإنسان العاقل الطبيعي بين العيش في ذل وبين الموت في عز، فإنه يختار لا محالة الموت في عز على الحياة في ذل ومهانة .
يقول الإمام الحسين ( عليه السلام ) : " موت في عز خير من حياة في ذل " (البحار . ج44. ص192) . ويقول ( عليه السلام ) : " ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة ! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت وحجور طهرت، وأنوف حمية ونفوس أبية لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام " ( أعيان الشيعة . ج1 . ص603 ) .
• فقوله ( عليه السلام ) : " يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون " يدل على موقف الدين .
• وقوله ( عليه السلام ) : " وجدود طابت وحجور طهرت، وأنوف حمية ونفوس أبية لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام " يدل على موقف العقل والإنسان الطبيعي .
فالحالة الطبيعية للإنسان العاقل إذا فرض عليه الظلم والذل والمهانة أن يرفض ويقاوم، وإذا تطلب التغيير الشهادة أقدم عليها راضيا .
قال الله تعالى : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ } ( المنافقون : 8 ) .
وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " إن الله فوّض إلى المؤمن أمره كله، ولم يفوض إليه أن يكون ذليلا " ( البحار . ج100 . ص93 ) .

والخلاصة : أن سياسة الرفض والمقاومة للباطل والظلم ثابتة وأكيدة لدى جميع الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) وكافة العقلاء، والفرق هو في طريقة التعبير عن الرفض والمقاومة بالنظر إلى الظروف الموضوعية ومقتضى المصلحة الأكيدة فيها ..
• فقد تكون المقاومة سياسية .
• وقد تكون أمنية احتجاجية .
• وقد تكون قتالية .
وفي ختام هذه الإضاءة أحذر المؤمنين الأعزاء من أربعة أمور هي من أصناف الخطيئة ..
الترويج إلى ثقافة التثبيط باسم الدين .
الإيهام بعدم شرعية المقاومة للظالمين، وإعطاء الحجة الدينية أو السياسية لقمع المقاومين .
كشف ظهور المقاومين عمليا وتسهيل السبيل لضربهم والنيل منهم .
الإعانة عليهم بقول أو فعل، صراحة أو ضمنا، وللعلم : فإن مجرد السكوت في بعض الحالات هو إعانة حقيقة يجب على المؤمنين الحذر منها .


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
قديم 2015/11/05, 12:10 PM   #5
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

سلسلة الوعي الثوري (5)



الأستاذ عبدالهادي الخواجة

الحسين الحقيقي و الحسين المزيف

إن السبب في هذا الوضع المتناقض والملتبس الذي نعيشه، والانفصام بين المعتقدات النظرية وبين أوضاعنا ومواقفنا في الحياة اليومية، هو أن هناك تشويش للرؤية لأن هناك صورتان للحسين:
· الصورة الاصلية، وهي صورة الحسين الحقيقي، والموجودة في كتب كبار المؤرخين التاريخيين وكبار الكتاب والشعراء المعاصرين من مختلف الطوائف والملل، وموجودة قصائد كبار الشعراء والخطباء، وهي والتي تعكس بوضوح كلام الحسين ومواقفة وبطولاته وتضحياته، وتوثق مجريات الاحداث التي لا تقبل التأويلات المتخاذلة
· وصورة اخرى مزيفة يريد أن يكرسها الحكام، لكي لا يكون الحسين شوكة في خواصرهم أو صرخة تضج مضاجعهم، وهي صورة تتجاوب معها طبيعة نفوسنا الضعيفة الخائفة، ومصالحنا الدنيوية، والحسين نفسه يقول: "الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على السنتهم، يحيطونه ما درت معايشهم، فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون".

فالحسين الحقيقي حي يرزق بيننا يستنهضنا بكلماته وبمواقفه، والحسين الحقيقي يأتي إلى زماننا، وهو عابر للزمان والحدود الجغرافية، فكل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء.
اما الحسين المزيف فيأخذنا إلى التاريخ البعيد قبل 1400 عام ويجمدنا هناك، فلا نستطيع أن نربطه بواقعنا ومواقفنا. فالحسين المزيف مات وكل ما يمكننا أن نفعله له أن نقيم الفواتح والبكائيات عليه، فيما نعيش الذل والهوان وانتقاص الحقوق.

الحسين الحقيقي لا يفرق بين الدين بما هو عبادات فردية ومظاهر تعبدية وشعائر دينية، وبين السياسة بما هي مناهضة للحاكم الظالم والدعوة للحق والعدالة الاجتماعية.
أما الحسين المزيف فهو من لا يمكن إحياء ذكراه إلا بفصل الدين عن السياسة والحقوق، وفصل التاريخ عن الزمن الحاضر. وفصل القضية عن الجغرافيا، فنتكلم عن الظلم والانتهاكات وعن البطولات والتضحيات ولكن في التاريخ وليس الواقع المعاصر، ونتكلم عن العراق واميركا، ولكن لا نتحدث عن البحرين وحكام البحرين وشعب اليحرين !!

الحسين الحقيقي يقول هيهات منا الذلة.
والحسين المزيف يدعو للتعايش مع الظلم والقبول بالذلة.

الحسين الحقيقي يدعو للاستعداد للتضحية دفاعا عن الحق والكرامة.
والحسين المزيف يدعو للأمان على النفس والعيال والوظيفة، وتحاشي استفزاز الظالم وتعريض النفس لغضب.

الحسين الحقيقي هو الذي ردد قول الرسول (ص) "من رأي سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله أو تاركا لعهد الله ومخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقا على الله ان يدخله مدخله" فجعل واجب المبادرة والتحرك أصيلا، وبالتالي فمن لا يقم بذلك عليه تقديم المبررات الشرعية او العملية
اما اتباع الحسين المزيف فانهم يبررون الصمت والسكوت ويضعون شروطا تعجيزية لاي تحرك للمطالبة بالحقوق والدفاع عن المظلومين، بحجة عدم توفر الظروف او الوقت المناسب أو بحجة حقن دماء المسلمين

الحسين الحقيقي يجعلنا مدافعين عن حقوق الناس، نضحي براحتنا ونعرض أنفسنا للمخاطر وبطش السلطة.
والحسين المزيف عبارة عن وسيلة للتكسب والشهرة وتقوية العلاقات مع السلطة الظالمة باسم الحسين ومآتم الحسن ومواكب الحسين.

الحسين الحقيقي يعلمنا تحمل المسؤولية حتى وإن أدى ذلك بنا للتعرض للملاحقة والتهديد والسجن والتعذيب، بل حتى القتل وقطع الرؤوس كما حل بالحسين وبافراد اسرته وصحبه.
اما الحسين المزيف فهو سلم وطريق للوجاهة الاجتماعية والحصول على المناصب، والمصالح المالية والعلاقات مع المسؤولين والوزراء. وفي طريق الحسين الى الكوفه اخبره اربعة نفر قدموا من الكوفة عن احوال اهلها فقالوا : "اما اشراف الناس فقد اعظمت رشوتهم، وملئت غرائرهم، يستمال ودهم، ويستخلص به نصيحتهم، فهم الب واحد عليك. واما سائر الناس بعد، فان افئدتهم تهوى اليك، وسيوفهم غدا مشهورة عليك"

الحسين الحقيقي يوجه جهدنا وبأسنا نحو اتجاه واحد وهو الاصلاح وذلك بمحاربة الظلم والاستئثار بالسلطة،
اما الحسين المزيف فهو يجعل بأسنا بيننا، فنختلف على المآتم ومواكب العزاء، ويفاخر بعضنا بعضا على عدد المريديد والمعزين، ويتحدى بعضنا بعضا حول طريقة احياء الشعائر، اما الظالم فهو في مأمن منا، بل نحج الى قصوره ومكاتب وزرائه لنحصل على مباركته، ورضا اجهزته الأمنية، ونستلم اكياس الرز والذبائح من يزيد لنوزعها على محبي الحسين.

الحسين الحقيقي يدعو الناس للنهوض وتحمل المسؤولية ويوجه الخطابات لشخصيات مكة والمدينة، ويرسل ابن عمه إلى الكوفة لاستنهاض الناس ، ويعرج على مكة ويخطب في عامة الحجاج، ثم يتقدم الصفوف نحو ارض المعركة هو وأفراد أسرته بما فيهم الشباب والنساء.
أما الحسين المزيف فإنه يدعو الناس إلى البقاء في البيوت، والصبر على الظلم والمذلة، تحاشيا لغضب الظالم الذي ربما يؤدي لإراقة الدماء، ويقول للناس هناك من سيتكلم نيابة عنكم، وهناك من سيتوسط للحصول على مصالحكم، وعليكم بالاستكانة والانتظار.

الحسين الحقيقي قائد يخطط سياسيا واستراتيجيا، ويختار طريقة إعلان العصيان السياسي في المدينة، ويختار كيف يوصل رسالته إلى معسكر الحاكم الظالم، وإلى الناس وإلى الأمم وإلى التاريخ رغم قلة العدد والعدة عبر صرخة هل "من ناصر ينصرنا"، وهو مبادر شجاع، واثق من نفسه وقضيته.
أما الحسين المزيف، فهو يتحرك بناء على ردة فعل لما تقوم به السلطة، فقد وجد نفسه في مأزق مبايعة يزيد، واضطر للخروج من المدينة ومغادرة مكة وفرض عليه القتال، وهو حائر في أمره، يستعطف الأعداء من أجل شربة ماء له ولعياله، وإن خروجه ليس عصيانا او ثورة وانما هو امر مقدر من السماء، لا احد يدرك اسبابه.

الحسين الحقيقي أعلن الثورة والعصيان المدني فأنهى حكم الظالم وملكه ودولة قبيلته ولو بعد حين، وأصبح حجةً ونموذجاً للمستضعفين على مر الزمان للنهوض ضد الظلم.
والحسين المزيف قصة استثنائية، وحالة تاريخية شاذه لن تتكرر.

فأي حسين نريد؟
وأي حسين نتولى؟
وما هي مسؤوليتنا تجاه تكريس الصورة الحقيقية والمنهج الحقيقي للحسين، ودحض منهج الحسين المزيف؟


ان ذلك ممكن فقط اذا قررنا نحن عامة الناس ان نتخذ مواقف واضحة وشجاعة، فنقارن المآتم والخطباء والوجهاء بسيرة الحسين وكلماته ومواقفه. فنلتف حول من يمثلون الإمام الحسين الحقيقي، ونبتعد عن كل ما يكرس الحسين المزيف بمناهجه الخانعة الجامدة البعيدة عن تحمل المسؤولية والدفاع عن الحق


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
قديم 2015/11/05, 12:11 PM   #6
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

سلسلة الوعي الثوري (6)




سماحة آية الله الآراكي يريد أن يقدّم فضيلة الأستاذ لإمامة الجماعة


ثورة الامام الحسين هي ثورة التغيير

قال الإمام الحسين عليه السلام: "من رأى منكم سلطانا جائرا فلم يغيّر عليه بقول أو فعل أدخله الله مدخله، وأنا أحق من غيّر".

كيف يتم التغيير؟

الخطة الحسينية قائمة على هاذين العنصرين:
1 ـ تثبيت المعرفة
2 ـ ترسيخ الارادة الحية

فبعد رسول الله أصيب المجتمع بنكسة معرفية، وبعد أمير المؤمنين فقد هذا المجتمع إرادته ففقد العنصرين اللذين أوجدهما رسول الله في المجتمع، والذين جعلا منه خير أمة: {كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}.
فأصبحوا بعد المعرفة يدعون إلى المعروف وينهون عن المنكر، اختيارهم للمعروف اختيار جماعي وتركهم للمنكر اختيار جماعي. الحالة الجماعية أو الشخصية الاجتماعية تميزت بهاتين الميزتين.
بعد رحيل رسول الله (ص) كانت النكسة معرفية حيث استهدفت الأمة في معرفتها ومعايير تلك المعرفة و أُريد للأمة أن يُسلب منها الميزان و إزاحة أمير المؤمنين (ع) عن القيادة وكان نتيجة سلب الأمة ميزانها. وجود الإمام علي عليه السلام في موقع القيادة كان تعبيرا عن معرفة الأمة و إزاحته سلب الأمة ميزانها.
بعد مقتل عثمان انحصر الأمر في علي عليه السلام وأصبحت الأمة أمام واقع ينحصر الحق فيه في علي عليه السلام، الأمة كانت تملك إرادة الحق فتوجّهت إلى أمير المؤمنين وبعد استشهاده حدثت محاولة لسلب الأمة العنصر الثاني.

الإمام الحسين بثورته خلق في المجتمع طاقة ضمنت للأمة كلا العنصرين. بعد الحسين (ع) بدأ الناس يرجعون الى آل محمد في اخذهم مفاهيم دينهم. والجهد الذي بذله الأئمة بعد الحسين (ع) كان جهدا هائلا. وبشكل عام هذه التركة الثقافية هو إرث الأئمة، وما ترونه في صحيح البخاري وغيره هو في واقع الأمر من جهد الأئمة، فما ترويه عائشة مثلا إنما أخذته عن علي (ع)، أبو هريرة كذلك أخذ حديثه عن علي (ع) أو ابن عباس ولذلك بدأ يروي بعد مدة. الروايات المشتركة التي يذكرها أهل السنة جاءت نتيجة ذلك الجهد الذي بذله الأئمة (ع).
المهم أن الأئمة بثوا علمهم، وبقيت مجموعة من الأحاديث المحرّفة، ولكن الجزء الكلي من الأحاديث تم الاحتفاظ به. وكل ذلك جاء بعد الثورة الحسينية.

الثورات التي حدثت بعد الحسين تعبّر عن حياة الأمة في إرادتها.
فمن يريد ان يحيي ذكرى الحسين عليه السلام عليه أن يفهم رسالته ورسالة عاشوراء، وإن ذلك له عنصران:
1 ـ فهم الحق
2 ـ امتلاك ارادة التغيير

كانت لدى الأمة مشكلة في معرفتها ومشكلة في إرادتها.
العاطفة ضرورية ولكن العاطفة العمياء لا تهدي إلى شيء. أنت تحب الحسين (ع)، ولكن من هو الحسين (ع) وما هي رسالته. يجب أن نعرف الحسين وأن تكون مجالسنا الحسينية تعرّف رسالته.
القرآن الكريم يؤكّد أن الشخصيات الرسالية تساوي الرسالة التي بعثوا بها. فعندما تقول الآية عن ابن نوح {انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح} فنحن نقيم الناس على أساس العمل. شخصية نوح ليس بإسمه ونسبه، بل شخصيته تساوي رسالته التي بعث بها، فمحمد (ص) كله ذكر وهو يساوي خط الله والطريقة الإلهية.{يس والقران الكريم، إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم}
فحينما نقول ينبغي أن نفهم الحسين (ع) ونعرفه فعلينا أن نعرف طريقه. فمهمتنا معرفية أولا، فإذا فهمنا هذا الذي نحبّه فإن الحب لا ينفصل عن الاتباع {ان كنتم تحبون الله فاتبعوني} فاذا عرفنا الحسين (ع) فسوف يكون حبنا له مرتبطا بطريقه.

فكيف للإنسان الذي يحب الحسين (ع) أن يحب الطواغيت؟ ما الفرق بين يزيد والطواغيت؟ لماذا نعادي صدام ونصادق غيره، لم نكن نعادي صدام بسبب إسمه أو نسبه. لو كان عادلا لما عاديناه. كنا نعادي هذه السيرة وهذا الاتجاه. فكيف نكره صدام ونحب بوش مثلا.

الحسين خط وطريقة وقيم.
العنصر الثاني يتمثل بالإرادة. في الكوفة كانت المشكلة مشكلة إرادة وليس مشكلة معرفة. عندما قتل شمر الحسين قال:
املأ ركابي فضة او ذهبا
فقد قتلت السيد المهذبا
قتلت خير الناس أما وأبا

إنها مشكلة إرادة وتفسخ، فهو يعرف الخير والحق ولكنه لا يريد هذا الخير. مشكلة المواد المخدرة أنها تقتل إرادة الانسان. الانسان يتحول إلى موجود غير مفيد، المشكلة في المجتمع الكوفي كانت مشكلة إرادة وليست مشكلة معرفة.

المشكلة الثانية تعالج بالعاطفة القائمة على المعرفة.
الحسين (ع) بعمليته الاستشهادية الكبرى أراد ان يحرك عنصر العاطفة، ولذلك الجانب العاطفي مهم جدا.
النعي بالصوت الجميل له دور، ولكن بشرط أن لا يتحول إلى هدف وغاية، ولكن يقترن بالمعرفة والطريق الصحيح. لو استطعنا أن نضمن في شعائرنا الحسينية هذين العنصرين: المعرفة الجيدة التي لا تنفصل عن التثقيف المعرفي الجيد، والاقتران بهيجان عاطفي معرفي، تكون الدمعة هادفة ورسالية، وليست دمعة عاطفية عادية. إنها دمعة تبكي على الخير كله. الحسين عندما قتل قتلت به رسالة الانبياء. كان الحسين العصارة التي جسدت التاريخ كله. نبكي لأن التقوى أصبحت مظلومة والفضيلة تنتهك.
ما زلنا نرى الحسين ينادي هل من ناصر ينصرني. إننا بعبرتنا نعلن أننا ننصر الفضيلة أينما كانت.


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
قديم 2015/11/05, 12:13 PM   #7
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

سلسلة الوعي الثوري (7)



فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين

عناصر السلطة
إن السـلطة التي تتولى زمام القيـادة في الدولة ، تحتاج إلى عنصرين أساسيين تتألف منهما .. وهما :

العنصر الأول ـ القوة : التي من خلالها تستطيع السلطة فرض إرادتها وتحقيق أهدافها في الدولة ، وبدونها تفقد السلطة مصداقيتها وواقعها كسلطة على الأرض ، بغض النظر عن شرعية الأساليب المتبعة للحصول عليها ، فقد تتبع الأطراف المتصارعة على السلطة أساليب مشروعة .. مثل : الإقناع ، وقد تتبع أساليب غير مشروعة .. مثل : الإغراء والتخويف والإرهاب .

العنصر الثاني ـ الشرعية : والتي من خلالها يسوغ للسلطة إعمال إرادتها واستخدام قوتها لفرض النظام في الدولة ، وبدونها تتحول السلطة إلى ظاهرة استبداد وظلم يجب على أبناء الشعب مواجهتها بهدف القضاء على الاستبداد والظلم أو إزالة السلطة المستبدة وتبديلها بسلطة أخرى تتمتع بالشرعية .. لأن القبول بالسلطة المستبدة : من شأنه أن يقضي على الإرادة الحرة الواعية للشعب ، ويقضي على كرامته الإنسانية واستقلاله .

ومصدر القوة هو : الإرادة الاجتماعية الغالبة في الدولة ، فمن يمتلك هذه الإرادة يستطيع أن يمتلك السلطة وأن يحافظ على ديمومتها ، ومن يفقدها لا يستطيع الوصول إلى السلطة أو المحافظة على ديمومتها .

وعليه : فالسبيل إلى السلطة والمحافظة على ديمومتها هو الحصول على الإرادة الغالبة في المجتمع .. وذلك عن طريق : الهيمنة على مجموعة من الإرادات الفردية وتوجيهها توجيها يجعل منها إرادات متراكمة منسجمة تبلغ المستوى الذي تكون به الإرادة الغالبة ، ليكون من خلالها الوصول إلى السلطة ( بغض النظر عن شرعية أو عدم شرعية الأساليب المتبعة للحصول عليها ، وشرعية أو عدم شرعية الموازين التي تقوم عليها من جهة كونها متطابقة مع موازين الحق والعدل والفضيلة أو مخالفة لها ) .

والمطلوب في الأصل : صدور السلطة عن الإرادة الشعبية الحرة الواعية ، والتعبير الصادق عنها ، والتبادل السلمي للسلطة في ظل الشرعية ورضا أبناء الشعب .

أما مصدر الشرعية : فهو الله ( تبارك وتعالى ) ( وحده ) في الدين الإسلامي الحنيف ، والشعب في المذاهب الوضعية الأكثر شهرة ومقبولية .

وبالرجوع إلى قول الإمام الحسين ( عليه السلام ) : " ولكن نصبح وتصبحون ، وننظر وتنظرون ، أينا أحق بالخلافة والبيعة" نجد أنه ( عليه السلام ) يطرح خلافة ( يزيد بن معاوية ) للمحاكمة الشرعية والسياسية أمام الناس ، ويدعي عدم شرعيتها الدينية ، وعدم رضا الناس بها ، ويقدم نفسه ( عليه السلام ) كبديل شرعي ، ويدعي بأن الخيار لو ترك للناس ، فإنها لن تختار ولن تبايع غيره . فخلافة ( يزيد بن معاوية ) خلافة غير صحيحة بالمقاييس الشرعية والعقلائية ، وأنها مفروضة على الناس بالقوة على خلاف إرادتهم ومصلحتهم .. مما يعطي الشرعية للخروج عليها ومقاومتها بالسلم والقوة .


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
قديم 2015/11/05, 12:14 PM   #8
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

سلسلة الوعي الثوري (8)

الشيخ عيسى أحمد قاسم
طريق الإصلاح الحسيني هو إسقاط يزيد
​

الإصلاح مستويات، واليوم يأخذ مصطلح الإصلاح في بعض التعبيرات صورة تقابل التغيير الشامل، أما في
مراد تعبير الحسين عليه السلام في الإصلاح يعني الإصلاح الشامل الذي يبدأ من أعماق النفس، يبدأ من حيث الترتب الرتبي، من حيث ما هو أصل وما هو فرع، ما هو أساس وما هو بناء فوقي، الإصلاح يبدأ من أعماق النفس، من إصلاح أعماق الذات الإنسانية، إصلاح فكر، إصلاح مشاعر، إصلاح توجه نفسي، إصلاح عقيدة، إصلاح سلوك، ثم يأتي ومن بعد ذلك يأتي كنتيجة طبيعية صلاح الأوضاع.

لماذا يدخل الإمام الحسين عليه السلام في مواجة ساخنة وفي حرب مع الحكم الأموي، بينما الإصلاح إنما يبدأ من أعماق النفس وليس بتصفية وجود سياسي معين؟ من ناحية عملية: إصلاح الوضع الخارجي يكون مقدمة للإصلاح الإنسان، الوضع السياسي الفاسد، الوضع السياسي الظالم، الوضع السياسي الجاهلي يقف عائقاً دون أن يصلح الإنسان، يمنع من إحداث عملية إصلاح يباشرها إصلاح نفسي، إصلاح عقلي، تقدم فكري، تصحيح فكري، تصحيح نفسي يمنع هذه العملية، يحاربها، يقطع عليها السبل، أكثر من ذلك أنه لا يتيح للإنسان نفسه أن يصلح نفسه، إنه يلاحق فكر الإنسان، يلاحق مشاعره ليفسدها، لا يُترك لأن يستقيم؛ لأن أستقامة أي إنسان يوضع الوضع الفاسد الخارجي. لا يمكن لمثل يزيد أن يحكم أمة يقظة، أن يحكم أمة تعتز بذاتها، أن يحكم أمة تعرف الله، أن يحكم أمة تعرف نبيها، تشعر بإنسانيتها، لذلك و لكي يستقر حكم يزيد لابد أن تحطم أبعاد الذات الإنسانية المعنوية تحطيما، لابد أن ينحرف الفكر، لابد أن يسقط مستوى الشعور، لابد أن تخس الإرادة، لابد أن تهبط الغاية، لابد أن تسقط كل المُثُل، فآل الأمر إلى تكذيب الله تبارك وتعالى، وإلى نفي عصمة الرسل صلواته وسلامه عليهم أجمعين إلا في حدود التبليغ، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه و آله غير معصوم في ممارساته في الحكم فلماذا نطالب يزيد بأن يكون عادلا معصوما؟! فهنا يجد يزيدُ كل العذر في ظلمه لأن الله غير عادل، يجوز على الله عز وجل أن يقهر الزاني على زناه ثم يعذبه، وإذا كان هذا فعل الله فلماذا نستنكر الظلم من يزيد، جاءت الفلسفلة لتبرر للحكم الظالم. كل العلم، وكل الإنسانيات، وكل الأوضاع لابد أن تتحول إلى أدوات تبرير، وأدوات مباركة للخط المنحرف الذي تختطه السياسة الظالمة.
فلهذا كانت المواجهة. الإمام الحسين لا يمكن له أن يصلح الناس، ممنوع عليه أن يصلح عقلية المجتمع المسلم، نفسية المجتمع المسلم ، أن يوقظ، أن يعطي نهضة لإرادة الإنسان المسلم، كل ذلك يمنع عليه؛ لأن هذا فيه إسقاط الحكم الأموي، فكان لا بد من هذه المقدمة العملية، ألا تجد هناك ” وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ” 2/ الجمعة، في كتاب الله ، ومرة يأتي العلم قبل التزكية، من ناحية الالتفات إلى الناحية المنطقية، أعلم بالحقيقة وأتزكى على ضوء الحقيقة، أتطهر، أنمو، أتربى على ضوء الحقائق المعلومة. لكن من ناحية إصلاح المجتمع الذي تحكمه الأوضاع الفاسدة والفراعنة لا بد أن تأتي التزكية قبل العلم-لا يتاح العلم- إذا أمكن في أجواء معينة، وكما يجري الآن في كثير من البلدان تتربى فئة خاصة تنتزع فكريا، تنتزع نفسيا، تنتزع إراديا، تنتزع هادفيته من المجتمع الجاهلي انتزاعا، تربى تربية هادئة خاصة لتكون نواة التغيير، وما كان يمكن أن تربى هذه الفئة تحت ضوء الشمس.
كان إسقاط الحكم الأموي هدفا قريبا، والهدف البعيد هو ليس إسقاط الحكم الأموي وإلا كانت عملية استبدال، وعملية استبدال حكم سياسي بحكم ساسي مثيل هذه مأساة، خسائر كبيرة جداً، وتضحيات ضخمة ثم عودة إلى نفس المستنقع. ولذلك على الشعوب التي تحاول إسقاط أنظمتها، كما في ليبيا وتونس وغيرهم التي أسقطت الأنظمة، إذا جاء نظام بديل مماثل، وعلى نفس المجرى، ونفس الأخلاق، ونفس التوجه، ونفس الهدف، ماذا فعل الشعب بنفسه؟ يخرج من مأساة لمأساة.
فالهدف النهائي عند الإمام عليه السلام ليس إسقاط الحكم الأموي -واضح جدا- ولكنه هدفا ويبقى هدفا لابد منه وهو هدف قريب لإحداث إصلاح شامل. فإسقاط الحكم الأموي أداة للإصلاح وإصلاح كبير، فتولي الإمام عليه السلام للحكم معناه تولي القرآن، قيادة رسول الله صلى الله عليه وآله، معناه عودة بالأمة إلى أصالتها، والارتفاع بمستواها إلى حد كبير، دفعة جديدة إسلامية لعقلية الأمة، وروحية الأمة، وإرادة الأمة، ونفسية الأمة تصنعها مثالاً جذاباً في العالم كله، تصنعها أمة رائدة بحق، هذا لم يترتب على شهادته صلواته وسلامه عليه.
ففي تصوري أن الإمام عليه السلام على مستوى الهدف القريب كان له هدفان: إسقاط الحكم الأموي كهدف أول أصل، والشهادة كهدف بديل. الشهادة تستتبع إصلاحاً، إصلاح الحكم الأموي، وتولي الأمامة الحقة -لها مستوى من الإصلاح-، وتولي الإمامة الحقة لقيادة الأمة أسرع إصلاحاً، أوسع إصلاحاً، عودة إلى أحضان القران بسرعة جداً، وترميم كل الأوضاوع، ثم الاندفاع بمستوى الأمة إلى الأمام على خط الله تبارك وتعالى، إثراء الأمة في كل أبعاد وجودها لتثرى بها كل الدنيا. هذا كان المترتب أن لو حكم أبن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
كانت القوة الجاهلية أكبر من أن تسقطها حركة الإمام الحسين عسكريا لخذلان الأمة، فيأتي دور الشهادة الذي يعطي يقظة للأمة، ويمهد لحركات وثورات، والأهم من ذلك يعطي وعياً للأمة يبقى راسخا على طول المدى بأن لا تستلم نخبة منها مؤمنة للظلم. كان متوقعاً أن تتم عملية تزوير، والآن يوجد عملية تزوير، طاعة أولي الأمر بنحو مطلق -تزوير واضح- ولو كان فاسقاً وغير ذلك، وهو تزوير في الفهم وغير حقيقي لأطروحة الإسلام، لما هو الواقع الإسلامي.


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أ أخذ النبي صومه لعاشوراء من اليهود والنصارى ؟ وهل هو بالتوقيت الشمسي أم القمري مشكو أسد الله الغالب الحوار العقائدي 4 2015/11/02 06:39 PM
موسم عاشوراء.. العابر للمذاهب والأديان شجون الزهراء عاشوراء الحسين علية السلام 3 2015/10/09 03:36 PM
افتراضي مالا يعجبني في عاشوراء الرافضيه صبر السنين عاشوراء الحسين علية السلام 2 2015/10/07 09:41 PM
100 درة في عاشوراء - حلقة 2 الشيخ عباس محمد عاشوراء الحسين علية السلام 3 2015/04/17 10:05 PM
۩ يوم عاشوراء في العالم ۩‎ عاشق نور الزهراء الصوتيات والمرئيات والرواديد 1 2014/11/05 06:20 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |