Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > الحوار العقائدي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016/06/10, 02:49 AM   #41
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

ملاحظة : كل ما قدمناه حتى الآن، وما سوف يأتي، هو عبارة عن تطبيق عملي للمعارف اللغوية المنثورة في كتب علوم اللغة العربية.
........................................

لمن زحلوقة زلو
لها العينان تنهلو
ينادي الآخر الألو
ألا حلو ألا حلو.
........................................

وتستمر الحكاية .........



التعديل الأخير تم بواسطة أبو زينب اليمني ; 2016/06/10 الساعة 06:16 PM
رد مع اقتباس
قديم 2016/06/10, 10:12 PM   #42
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

☆ معـــاني الإيمـان

إنّ المتأمِّل إلى آيِ الكتاب الحكيم ، ومعاجم اللّغة لَيعجَز عن الإحاطة الشاملة بكلّ معاني الإيمان ، وسوف نقتصر في هذا المقام على بعض تلك المعاني.

* المعنى في أصل اللّغة ،
الإيمان في اللّغة : التصديق نفْسُه.

* المعنى في الشرع ،
للإيمان في الشرع معانٍ شريفة لا تُحصى كثرةً ، نذكر منها :

التصديق ، والأمن ، والعلم ، والطّاعة.

1 - الإيمان بمعنى التصديق :

يُستعمل وصفاً على سبيل المدح لِمَن عرَفَ الحقّ بقلبه، وأذعنَت له نفسه قولاً وعملاً ، وضدّه الشكّ والمؤمن المجسِّد لهذا المفهوم يوصف بـِ "الصِّدِّيق "؛

قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ﴾.

وعليـه، فإنّ المشهود له بالإيمان الحقّ في آية الولاية، يعتبر صِدِّيقا.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وهذا المؤمن الّذين........." الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين ........" الآية .

المؤمن وذو الإيمان : أي الصِّدِّيق .

2- الإيمان بمعنى الأمن :

وهو السكينة والأمان ، وطمأنينة القلب والنّفس .

قال تعالى : ﴿ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
وقال تعالى : ﴿ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ﴾.

فالمؤمن والآمن بمعنى واحد ؛ الإيمان أمان، والأمان إيمان.
والمؤمن والآمن : مَن اطمأنّ وصدّق ، ووثقَ بالشيء.

ويُقال : أمِنَه على كذا ، جعله أميناً ، ووثق به، واطمأنّ إليه فيه.
(معجم اللسان - ابن منظور).

ويُقال : رجلٌ أمينٌ وأمان ، يؤمَن به.
(المفردات - الراغب الاصفهاني).

ويُقال : رجلٌ يَمان ، على وزن فَعال ، مفتوح الفاء ؛ وهو مصدر للفعل
" أمِنَ " أصله " أمان " ، أُبدِلَت همزته ياء ، فأصبح " يَمان " :
أي أمين ، ومأمون .

ويُقال : رجلٌ يِمان ، على وزن فِعال ، مكسور الفاء ؛ وهو مصدر للفعل
"ءامَنَ " على وزن " فاعَلَ " أصله " إيمان " على وزن " فيعال " ، خُفِّف بحذف يائه، وأُهمِلَ في الاستعمال ، فصار " إِمان " ، ثمّ أبدِلَت همزته ياء، فأصبح " يِمان " على وزن فِعال : أي أمين ومؤتمَن.

الفعل " ءامَن " أُشرِبَ معنى الفعل " أمِن " لِمناسبة بين الفعلين، حتى صار الفعلان بمنزلة واحدة من حيث المعنى ، وهذا واضح من آي القرآن الكريم.
والإيمان والأمان عبارة عن مصادر، وهي بمعنى واحد ، وفي الحديث
الشريف : { لا إيمانَ لِمَن لا أمانَ له ، ولا دِينَ لِمَن لا عهدَ له } .

فلك عزيزي القارئ أن تقول : يَمان أو يِمان ، كلاهما صحيحٌ، لأنّ المعنى
واحد لم يتغيّر ، وكلّ ما في المسألة أنّ الهمزة في " أمان " أبدِلت بالياء،
فصار يَمان ، على وزن فَعال ، مفتوح الفاء.
وأنّ " إِمان " أصله " إيمان " خُفّفَ بحذف يائه ، ثمّ أُبدِلَت همزته ياء،
فصار يِمان ، على وزن فِعال ، مكسور الفاء.

وحروف الإبدال اثنا عشر حرفاً ، مجموعة في قولهم : ( طال يوم أنجدته ).

( وليس الإبدال أنّ العرب تتعمّد تعويض حرف من حرف ، وإنّما هي لغات مختلفة لمعانٍ متّفِقة ، تتقارب اللّفظتان في لغتينِ لمعنى واحد حتى لا يختلِفان إلّا في حرفٍ واحد ).
(المزهر في علوم اللغة - للسيوطي - الجزء الأول).


أمن : في أسماء الله تعالى : " المؤمن " ، هو الّذي يصدق عبادَه وعدَه ، فهو من الإيمان : التصديق ، أو يؤمنهم من عذابه ، فهو من الأمان ، والأمن ضد الخوف.
(النهاية في غريب الحديث والأثر - ابن الأثير ).

رجلٌ أمنٌ وأمانٌ وإيمانٌ ويمانٌ ، عبارة عن مصادر يُرادُ بها الوصف، وجميعها بمعنى واحد : أمين ومؤتمَن ومأمون. وهي بمنزلة قولهم : رجلٌ عدلٌ.

قال الشاعر :
وكان الّذي سمّـاه باسمِ نبيّـــــــه
سليمانَ إنّ اللهَ ذا العرش جاعِلُه

على النّاس أَمْناً واجتماعَ جماعة
وغيثَ حَيَاً ينبت للنّاس وابـلُــــه.
(الفرزدق - ديوانه).

على النّاس أمناً هو بمعنى : أميناً ومؤتمَناً ، أي إماماً.

من أراد أن يعرف أسرار علم النّحو وعلوم البلاغة فعليه بشِعر الفرزدق، الشاعر الــدّويهيــة ، .... ولِسانُها البَذّاخ في كلّ منطقِ.

طيَّب الله أفئــدتَكم بالفوائــــــد أحبّائي القُــــرّاء .
..........................................

وبناءً على ذلك ، يكون الموصوف بالإيمان في آية الولاية ، أميناً وأماناً،
يجب أن يؤمَن به.
" إنّما وليّكم الله ورسوله وهذا المؤمن الّذين .......... " الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين .......... " الآية .
المؤمن وذو الإيمان : الأمين ، المؤتمَن ، المأمون.
و " أمين " : صفة مشبَّهة على وزن فعيل بمعنى مفعول ، وهي مشتقَّة من الإيمان والأمان.
واللّفظ في القرآن الكريم ، جاء وصفاً للملائكة، والبشر الجديرين بالعهد والأمانة.
قال تعالى في وصف جبريل ع : ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾.
وقال تعالى في وصف موسى ع : ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾.
وجاء وصفاً ليوسف ع : ﴿ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾.
وجاء وصفاً لنوح ع : ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.

" الأمين " الوارد في الآيات المباركات ، هو بمعنى : الثقة المأمون،المؤتمَن على أداء الأمانة وتبليغ الرسالة.
فاللّفظ ، في الشريعة ، مستعمَلٌ لوصف من يتولّى أمراً جليلاً وهو لِذلك أهلٌ.
وعليــــه ، نعلم أنّ الأمين، والمؤتمن : هو الإمام.

" إنّما وليّكم الله ورسوله والأمين الّذين يقيمون ............" الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسوله والإمام الّذين يقيمون ............ " الآية.

و " الأمين " بمعنى مفعول ، يستوي فيه المفرد والجمع، والمذكَّر والمؤنّث، الجمع : أمناء ويمانون ، المفرد : أمين ويمان.
والأمناء أو اليمانون : أولياء الله ، وهم الرّسُل والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين.
جاء في الأثر عن صفة المهدي ، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطّاهرين ، :
{ قرشيٌّ يمانٌ ، ليس من ذي ولا ذو }.
(النهاية في غريب الحديث والأثر - ابن الأثير ).

قرشيّ : منسوب إلى قريش ، وليس إلى اليمن .
كيف يكون منسوباً إلى اليمن وقد نسبه إلى قريش ! أقرشيٌّ ويمانيٌّ في آن ؟

كيف يكون منسوباً إلى اليمن وقد قال : ليس من ذي ولا ذو ؛ ومعلوم أنّ
ذي و ذو ، ألقاب لملوك اليمن ، وهم ملوك حمير.

ثمّ إنّ لفظ " يمان " خالٍ من الياء الدّالة على النّسبة ، ولو كان منسوباً إلى اليمن لقال : يمانيّ ، لأنّ ذلك من لوازم اللّسان العربي ، فلا نسبة بدون الياء الدّالة على معنى النّسب ، وهي الياء المشدّدَة المكسور ما قبلها ، ولا تُخفَّف إلّا عند الضرورة ؛ ولا يصح حذف ياء النّسبة لأنّ المعنى يتغيّر ، ووضع تنوين الكسر في آخر اللفظ هكذا
" قرشيٌّ يمانٍ " غَلَط ، لأنّ اللّفظ صحيح الآخر، مرفوع بضمّة ظاهرة ، وهو مصدرٌ أريد به الوصفُ ، فمن أين جاءوا بتنوين الكسر؟

قال الشــاعـــر :
سمَوْنا لِنجرانَ اليمانيِّ وأهلِــه
ونجرانُ أرضٌ لم تُدَيَّثْ مقاوِلُه.
(الفرزدق - ديوانه).

تأمّل كيف أنّ الشاعر جاء بالياء الدّالة على النّسبة إلى بلاد اليمن ، وشتّان
ما بين يمانيٌّ ويمان. المعنى مختلف تماماً.

النّسبة إلى بلاد اليمن يمانِيّ ويمَنِيّ ، وقد تُخفّف ياء النسبة.
تُخفف فقط ، ولا تُحذَف.

فائــــــدة :
الضمير في قول الفرزدق : ( أهله ومقاوله ) يعود على نجرانَ : بلدة يمنيّة، واقعة حالياً ، تحت سلطات الاحتلال السعودي البغيض.
وجاز التعبير عن المؤنّث بضمير المذكَّر ، لأنّ " نجران " مؤنّث تأنيثاً مجازياً؛ وهو نظير قول الشاعر :
فلا مُزنة أودقَت ودقها
ولا أرض أبقلَ إبقالها .

المَقاوِل : الملوك ، المفرد : مَقوَل ، وقَيْل.
قال الشاعر :
ومرَّ أبو سفيـان عنّي مُعرِضاً
كأنّك قَـيْــلٌ في كبار المَجادِل.
(أبو طالب بن عبد المطلب عليه السلام - ديوانه).

إذاً ، " يمان " في حديث صفة المهدي ، مصدرٌ موصوفٌ به ، وهو بمعنى : أمين ومؤتمَن ، والأمين أو المؤتمن هو الإمام. ويجوز أن يُقرَأَ : يَمان،على وزن فَعال ، مفتوح الفاء ، أو يِمان ، على وزن فِعال ، مكسور الفاء.
فمعنى الحديث : المهدي قرشيٌّ أمينٌ، أي إمام : المهدي إمامٌ قرشيٌّ.
وقد ورد في الأثر : { إنّ الأئمّة من قريش }.

وأخالك الآن عزيزي القارئ ، تتمكَّن من معرفة معنى قوله صلى الله عليه وآله : { الإيمان يمانٌ والحكمة يمانيَة } .

يمان : بدون ياء النّسبة ، والياء في " يمانيَة " للدّلالة على المبالغة في الوصف، وليست للدّلالة على النّسبة إلى بلاد اليمن.

هذا الحديث الشريف يتضمّن فائدتينِ : شرعية ، ولُغوية.

* الفائـــدة الشرعـيّـة :

الحديث يتضمّن معاني الإيمان في الشرع .
( ونحن بصدد بيان وتوضيح بعض تلك المعاني).

الإيمانُ يمانٌ : يمان بمعنى أمين ، مؤتمن ، وهو الإمام . فيكون المعنى : الإيمانُ إمامٌ .
وقد عَلِمنا من آية الولاية أنّ " الإيمان " إسمُ عَلَمٍ لِبشر.

العربُ تقول : رجلٌ أمنٌ ويمانٌ وأمانٌ، ويقصدون بذلك : الرجل الأمين، الميمون، المؤتمن : أي الشريف ، سيّد القوم ورائدهم ، وهو المَلِك أو الحاكم.

قال الشاعر :
تطاولَ اللّيلُ علينا دَمّونُ
دمّون إنّا معشرٌ يمانون
وإنّنا لأهلِنا محِبّون.
(امرؤ القيس - ديوانه).

يمانون ، يعني : ميامين ، أشراف ، ملوك، وامرؤ القيس من معشر ملوك.

ولو أراد النّسبة إلى بلاد اليمن لقال : يمانيّون أو يمانيون ( بالتخفيف ).
ثمّ إنّ امرأ القيس من بلاد اليمن ، ومخاطبته لِدمّون بأنّه من اليمن ليس له أي معنى أو فائدة ، فدمّون تعرف أنّه من اليمن !.
الشاعر، هاهنا ، في موضع الألم والتحسُّر ، يشكوا إلى دمّون ـ حيٌّ سكنيٌّ يَمَنِي آنذاك ـ الحال الّتي يعاني منها ، وهذا البيت قِيلَ عندما وصَلَ إلى الشاعر نبأ مقتل أبيه.

وقال الشاعر :
ومَجــدي يـدلّ بني خِـنـدِفٍ
على أنّ كلّ كـريم يمــــان.
(المتنبي - ديوانه).

كلّ كريم يمان : أي ميمون ، مبارَك ، ماجِد ، شريف.

وقال جريرُ، من قصيدةٍ طويلة :
وإنّي وإن كانت إلى الشّام نيَّتي
يمانيُّ الهوى أهلَ المجازةِ آلَـفُ
(جرير - ديوانه).

يقول جرير : على الرغم أنّ وجهتي إلى الشّام ، ولكن لا يعني هذا أنّني أطلب الشام لِذاتها أو أنّني أحبّ الذهاب إليها. فلماذا يا جرير تذهب إلى الشام إذاً؟
قال : إنّما أقصدها لأنّي يمانيُّ الهوى : أي مَلَكِيّ الهوى : أحبّ الملوكَ الّذين يجزلون لي العطاء وآلفهم ، قلبي معلَّقٌ بهم ، وفي الشام ملوك بني أُميّة ؛ أقصد الشام من أجلهم ، لأنّهم يعطونني الدّراهم والدّنانير.

من أجلِ العطاء أَحَبّ جريرُ كلَّ يمانٍ وصار يمانيَّ الهوى ؛
الشاعر جرير لم يكن مِن عُشاق أهل اليمن ومحبيهم ، وديوانه مليء بهجائهم.
الياء في " يمانيّ " ليست للدّلالة على معنى النِّسبة إلى بلاد اليَمَن ، وإنّما جيء بها للمبالغة في معنى الصفة ؛ فالشاعر يريد أن يخبرنا بأنّه يحبّ الملوك جِدّاًجِدّاً؛ وقصيدةُ جريرَ هذه ، تعتبر وَثَنيّةً من الوثنيات العملاقة الّتي قيلَتْ في مدح طواغيت بني أميّة.

وقال عبدُ يغوثَ الحارثي :

وتَضحَكُ منّي شيخةٌ عبشَمِيَّةٌ
كأن لم ترَ قبلي أسيراً يمانِيَا.

معنى البيت : هذه المرأة تضحك على حالي كوني أسيراً، وكأنّها لم تجد قبلي أميراً وسيّداً قد وقع في الأسر . هذا هو المعنى المقصود.

المرأة لم تضحك لِكون الأسير من اليَمَن ، فليس في هذا ما يدعو إلى الضحك والعَجَب ؛ إنّما ضحكَتْ لكون الأسير سيّدَ القومِ ورئيسهم .

وذلك أنّ عبد يغوث هذا وقعَ في الأسر ، وعندما جيءَ بالأسير إلى حي بني عبد شمس قالت المرأة : مَن أنت ؟ فقال : أنا سيّد القوم ؛ فضحكت المرأة وقالت : قبّحَكَ الله من سيّد قومٍ حين أسروك ، فأنشدَ السيّدُ الأسيرُ هذا البيت الشعري.
وأصل اللّفظِ " يمان " ، والياء للمبالغة في الوصف.

وقال داهـيـةُ الشعراء :

أتاني من الأنباء بعد الّذي مضَى
لِشَيبانَ من عاديّ مَجْدٍ مقدَّمِ

مِن ابنَيْ نَزار واليمانـين بعدهــم
أيادي سبـأ ، والعقلُ للمتفهِّمِ
(الفرزدق - ديوانه).

ابنَي نزار : ربيعة ومضر ، قبائل حجازيّة ، وليست يمنيّة ؛ واليمانين بعدهم : أي والملوك بعدهم ؛ أمّا قوله : أيادي سبأ ، فهو مَثَلٌ يُضرَب لِمن كان حالهم التفرُّق والشتات بعد نعيمٍ ومُلك ورخاء ؛ وليس مقصودُ الشاعرِ من ذلك النّسبةَ إلى بلاد اليمن . كيف يكون المراد هو النّسبة إلى اليَمَن وقد قال ابنَيْ نزار ؟ وقال : بعدهم ؟
ومعلوم تأريخيّاً أنّ مملكة سبأ اليمنيّـة أقدَم زمناً من حكاية ابنَي نزار، قبيلة ربيعة ومضر، وهم المعروفون بالعدنانيين.

ومن أجل التنبيه والإشارة إلى أنّ الشاعر لم يقصد النّسبة إلى بلاد اليمن،
قال : " والعقل للمتفهِّم ".

الّذين قصَدَهم الشاعر بقوله :
" واليمانين بعدهم " هم بنو شيبان ، وهؤلاء ينتمون إلى قبيلة بكر، وهي بَطنٌ من بطون ربيعة ، وقد كانوا ملوكاً وأشرافاً ، وفيهم يقول الشاعرُ :

وما رحَلَتْ شيبانُ إلّا رأيتَها
إماماً وإلّا سائر الناس تابع.

..................

قولـه صلى الله عليه وآله وسلم : { والحِكمـــة يمـانِيَــــة }.

الحكمة : لفظٌ جامعٌ لكلّ المحاسن والفضائل ، ولها معانٍ عدّة.
( ومرجعها إلى العدل والعلم والحِلم).
(معجم العين - الفراهيدي).

الحكمة يمانيـَة ، معناه : الحكمة إمامة.
الإيمان إمام والحكمة إمامة.

الحكمة في الشرع هي الإمامة أو الخِلافة.

قال تعالى : ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ﴾.
وقال صلى الله عليه وآله : { الصّمتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعله }
(المفردات - الراغب الاصفهاني ).
الصمت حكم، أي حِكْمة.

وهذا الحديث صحيح تماماً من النّاحية اللّغوية ؛ حكمَ ، يحكُم ، حُكْماً وحِكْمةً فهو حاكِم وحكيم ، فالحِكمة حُكم ، والحكيم حاكِم ؛ والحُكم هو الإمامة.

الحكمة : الإمامة ، وهي الملك العظيم ، الرئاسة العامة في الدّين والدّنيا جميعاً.

قال أحد الشعراء يمدح المأمون العبّاسي :

يا خيرَ من ذملَتْ يمانِيَــةٌ بـه
بعدَ الرسولِ لآيسٍ أو طامعِ.

وقال الشاعرُ :
يا حبّذا جبلُ الرّيانِ من جبلٍ
وحبّذا ساكنُ الرّيان من كانا
وحبّذا نفحــاتٌ من يمانِيَـــةٍ
تأتيك من قِبَلِ الرّيان أحيانا.

جبل الريان يقع في الشام ، في إحدى محافظات الجمهورية العربية السورية.

نحن نجد في هذه النّصوص أنّ " يمان ، ويمانيَة " ألفاظ لا علاقةَ لها ببلاد اليمن ، معناها مختلف تماماً عمّا يتوهمه كثيرٌ من النّاس.

لفظ ( يمان ) من الألفاظ المتشابهة ، ولا بدّ من الإتيان بالياء الدّالة على معنى النّسب دون غيره عند إرادة النّسبة إلى بلاد اليمن.
وياء النّسبة في الحقيقة ، ياء مُشدَّدة ، أي أنّها عبارة ياءينِ اثنينِ ، وليس ياءً واحداً ، وحرف النّسبة بحكم المنفصل ، أي أنّه حرفٌ زائد على حروف اللّفظ الأصلية، وإنّما يُجاء بها للدّلالة على نسبةِ شيءٍ إلى آخر، أو للدّلالة على المبالغة في الوصف.

وياء النّسبة تُخفّف ولا تُحذَف ، لأنّ حذفَها يؤدّي إلى تغيّر المعنى ، فلا يصح أن يكون تنوين الكسر عوضاً عن حذف ياء النسبة ، لأنّ ياء النسبة زائدة وليست حرفاً أصليّاً ؛ فهي حرف معنَى وليس حرف مبنَى.

تنوين الكسر ( الكسرتينِ ) يؤتى به للدّلالة على الياء المحذوفة ـ في حالتَيْ الرفع والجر ـ إذا كانت الياء من أصل اللّفظ.
نقول : عليٌّ عليه السلام والٍ عادلٌ.

تنوين الكسرِ في ( والٍ ) عوضاً عن الياء المحذوفة الأصلية ، أصل اللّفظ ( والي ) اسم منقوص.

هذا الكلام لا ينطبق على ياء النّسبة ، لأنّها تعتبر زائدة وليست أصلية.

لا يصح أنّ نقول : " الإيمان يمانٍ " ونريد بذلك النسبة إلى بلاد اليمن؛
هذا الكلام غلط ؛ نقول : الإيمان يمانِيٌّ ؛ هذا هو الصحيح.

يجوز حذف ياء النّسبة في حالة واحدة : إذا كان الإسم المنسوب مسبوقاً بـِ ( أخو ، أو ذو ، أو ابن ).

يُقال : أخو العراق ، أي العراقيّ ؛ أو أخو عراقٍ ، أي عراقيّ.
ويُقال : ذوي الشأم ، أي الشاميّون ؛ أو ذو شامٍ ، أي شاميّ أو شآميّ،منسوب إلى بلاد الشام.
ويُقال : أخو يَمَنٍ ، أي يمانِيّ أو يَمَنِي، وذوو يَمَنٍ ، أي يمنيين أو يمانيّين، منسوب إلى بلاد اليمن.

قالوا : أَبْلِغ أميرَ المؤمنين أخا العراق إذا أتيته.
وقالوا : ذوو الشأمِ من أهلِ الحفير وراسمِ.
وقالوا : سألْنا ذوي يَمَنٍ عن معنَى قولهم : قَيْلٌ ؟ فقالوا : مَلِكٌ.

قولـه صلى الله عليه وآله : { الإيمان يمانٌ } .
يمانٌ : خبر مرفوع بالضمّة الظاهرة على آخره، لأنّه صحيح الآخر ، وهو مصدرٌ أُرِيدَ به الوصفُ ، وليس المقصود من هذا الحديث النّسبة إلى بلاد اليمن.

التفريق بين الياء الدّالة على معنى النسبة وبين غيرها من الياءات يتم عن طريق السياق والقرائن المتصلة باللفظ ومقام الخطاب و....... إلخ .
والعقل للمتفهِّمِ كما قال الـدّويهيــة.

ومُجمَل القول ، إنّ هذا الحديث الشريف ـ الإيمانُ يمانٌ والحكمة يمانِيَة ـ يعتبر جامعاً شاملاً لكلّ معاني الإيمان ، الشرعية واللّغوية.

* الفائــــدة اللّغـويّـــة : فائــدة في علم الصرف :

" يمان " مصدرٌ ، و " يمانيَة " اسم بمعنى المصدر، والياء في يمانية لإشباع معنى الصفة ، وهي زائدة ؛ ويجوز أن يكون " يمانية " مصدراً صناعياً.
" الإيمان واليمان " بمعنى واحد ، وهي مصادر للفعل " ءامَنَ " على وزن " فاعَلَ " ، مُعتلّ الفاء ، فاؤه همزة.
إيمان : على وزن فيعال ، ويِمان : على وزن فِعال ، مكسور الفاء، وهو مُخفّف من فيعال.
فالرسول الحكيم صلى الله عليه وآله يريد أن يقول لك : إنّ الإيمان واليِمان ، من النّاحية اللّغوية شيءٌ واحد ؛ الفيعال فِعال ، والفِعال فيعال.

قال المحقِّقون ، النّحاةُ والصرفيون : ( إنّ "الفيعال" هو القياس لِمصدر " فاعَلَ " فهو أصل "الفِعال" ، خُفّفَ بحذف يائه ، وأُهمِلَ في الاستعمال، وإنّما كان قياس مصدر فاعَلَ هو الفِعال ، لأنّ المصدر الرباعي الأحرف،يُبنَى على ماضيه ، وزيادة ألِفَاً قبل آخره ، فالأصل في الفيعال، " فاعال "، مبنيَّاً على فاعَلَ ، كُسِرَتْ فاؤه فانقلبت الألِف بعدها ياءً مراعاةً للكسرةِ قَبلَها.
وقد شذّ مجيء " المُفاعَلَة " مصدراً لـِ "فاعَلَ " ، لأنّ القياس إنّما هو الفِعال، ولِهذا يجعلها المحققون من العلماء اسماً بمعنى المصدر ، لا مصدرا ، لأنّ المصدر إنّما هو الفِعال ، المخفف من الفيعال.
إذا كان الفعلُ من وزن " فاعَلَ " وفاؤه " ياء " يمتنع مجيء مصدره على فِعال ، مثل ، ياسَرَ ويامَنَ ، ليس فيه إلّا المُياسَرة والمُيامَنة ).
(جامع الدروس العربية - الشيخ الغلاييني - الجزء الأول ).

إذاً ،
" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذو الإيمان الّذين ............" الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذاتُ الإيمان الّذين .........." الآية.

الإيمان ،هاهنا، عَلَمٌ لِبَشَر ؛ إسمٌ ولقبٌ وكنية ، خاص بالموصوف
ولا ينصرف إلى غيره.
قال عز وجل :
﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.
.........................................

" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذو الإيمان الّذين ............" الآية.

الإيمان ،هاهنا، مصدرٌ موصوفٌ به ، يستوي فيه المفرد والجمع،
وهو بمعنى : أمين ومؤتمَن ، الجمع : أمناء ويمانون.

مطاع ثم أمين.


أَحَقٌ هو ؟
قولوا : إي وربّي إنّه لَحقٌّ . مُطاعٌ ثـمّ أمين ، وما صاحبكم بمجنون.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو زينب اليمني ; 2016/06/10 الساعة 11:05 PM
رد مع اقتباس
قديم 2016/06/10, 10:27 PM   #43
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

مكانة أهل اليَمَن عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

روى ثقةُ الإسلام الكُلَـيني ـ من حديثٍ طويل ـ أنّ الرسول صلى الله عليه وآله قال : { أفضلُ الرجالِ أهلُ اليمن ، الإيمان يمانِيّ والحكمة ي مانِيّة ، ولولا
الهجرة لكنتُ امرءاً من أهل اليمن }.
(روضة الكافي الشريف).

معنى الحديث الشريف : ( إنّ أفضل الرجال هم أهل اليمن ، أفضل
الإيمان إيمان أهل اليمن ، وأفضل الحكمة حكمة أهل اليمن ، ولو لا
الهجرة لكان سيّدُ المرسَلين صلى الله عليه وآله رجلاً من أهل اليَمَن ).

بَخٍ بَخٍ لكم يا أهل اليمن ، فلا تهِنوا ولا تحزنوا، أنتم سنام المَجدِ وجبهة الأنصار.
فكفَى بِنا فضلاً على مَن غيرُنا
حُــبُّ النّبيِّ محمّــدٍ إيّانـا.

روى البخاري في صحيحه أنّ الرسول ص أشار بيدِه نحو اليمن وقال :
{ الإيمان هاهنا ـ مرّتينِ ـ ألا وإنّ القسوة وغِلظَ القلوب في الفدادين ـ حيثُ يطلع قرنا الشيطان ـ ربيعة ومضر }.

وقال ص : { يطلع عليكم رَجُلٌ مِن ذي يَمَنٍ على وجهه مسحةٌ مِن ذي مَلَكٍ}.
(النهاية في غريب الحديث والأثر - ابن الأثير ).

وقال رسول الله ص : { سيخرج من صُلبِ عليّ عليه السلام فتىً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى اليَمَنِي فإنّه يُقبِلُ مِن قِبَلِ المشرق وهو صاحب راية المهدي }.
(المهدي الموعود المنتظر - للعسكري).

وقال أمير المؤمنين ع : {... واعلموا أنّكم إنِ اتّبعتم طالعَ المشرق سلكَ
بكم مناهجَ الرسول ، وتداويتم من العمى والصمم والبكم ، وكُفيتم مؤونة الطّلب والتعسّف ، ونبذتم الثّقل الفادح عن الأعناق ، ولا يُبعّد اللهُ إلّا من أبَى وظلمَ واعتسفَ ، وأخذَ ما ليس له ، وسيعلم الّذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }.
(من خطبة للأمير - روضة الكافي).
..........................................

وتستمر الحكاية .........

3 - الإيمان بمعنى العِـــلم : .......


رد مع اقتباس
قديم 2016/06/10, 10:39 PM   #44
الرافضيه صبر السنين


معلومات إضافية
رقم العضوية : 3796
تاريخ التسجيل: 2015/05/07
المشاركات: 7,552
الرافضيه صبر السنين غير متواجد حالياً
المستوى : الرافضيه صبر السنين is on a distinguished road




عرض البوم صور الرافضيه صبر السنين
افتراضي

اللهم صل على محمد وال محمد



توقيع : الرافضيه صبر السنين
رد مع اقتباس
قديم 2016/06/10, 10:46 PM   #45
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا.

.........................

بارك الله فيك يا أختي الفاضلة، وجزاك عن آل محمد ص خيرا، فأنت شمعة المنتدى، وستظلين كذلك، شمعة لا تنطفئ في وجه أي عاصفة.


رد مع اقتباس
قديم 2016/06/11, 12:52 AM   #46
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

3 - الإيمان بمعنى العِـــلم :

وهو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع .

قال تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.

في هذه الآية المباركة دروس جليلة ومعانٍ شريفة ، والّذي يهمّنا هو موضع الشاهد الّذي جئنا بالآية من أجله ؛
قوله : أرني كيف تحيي الموتى ، أي علِّمني ، أرني وعلِّمني بمعنى واحد.

قوله : أو لم تؤمن ، أي أو لم تعلم ؟
قوله : بلى ، أي أنا عالم يا رب، ولكن زدني عِلما ، زدني إيماناً.

وإبراهيم عليه السلام في هذا المقام يسأل اللهَ العلمَ التطبيقيَّ العمليَّ ، وليس مجرّد المعرفة النّظرية الوجدانية.

فلمّا علّمَ اللهُ إبراهيمَ كيفيةَ إحياء الموتى ، وآتاه من لدنه علماً صار إبراهيم عليه السلام من أولي العلم ؛ إنّ إبراهيم لَذو علمٍ لِما علّمَه ربُّه.

ومن كان كذلك فهو عليمٌ ، وليس مجرّد عالمٍ عادي ؛
كلّ عليم عالِمٌ وليس كلّ عالِمٍ عليماً.
قال تعالى : ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾.

فالعلمُ معنىً من معاني الإيمان ، وهو معرفة حقيقة الشيء على وجه الإتقان واليقين والكمال ، نظرياً وعملياً.

هناك اشتراك معنوي بين العلم والإيمان.

قال تعالى : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّـهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

العطف الموجود بين العلم والإيمان أفاد التشريك في المعنى.

العِــلم : اعتقادٌ جازمٌ مطابق للواقع، والإيمــان اعتقاد جازم مطابق للواقع. والعِلم أصل الإيمان.

وهذا المفهوم معنىً من معاني الحِكمة أيضاً ، الحكمة : العِلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه ، نظريّاً وعمليّاً.

لهذا جاءت الآية الكريمة مُذَيَّلة بقوله تعالى :
" واعلم أنّ الله عزيزٌ حكيمٌ ".

وعليــه ، فإنّ الموصوف في آية الولاية ، من أولي العلم ، فهو إمامٌ عليم.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وأولوا الإيمان الّذين يقيمون .........." الآية .
أولوا الإيمان : أي أولوا العلم .

معاني الإيمان يا أخوتي ، لا تنتهي عند حدّ ، وقد عرفنا أنّ " الإيمان " في آية الولاية عبارة عن كناية أفادت مجموعة معانٍ ، وهذه هي بلاغة الكناية.

أولوا العلم، وصفٌ مخصوصٌ بحدّ ذاته ، لفظاً ومعنى ، ولا يصح إطلاق الوصف على كلّ مَن لديه أثارة من عِلم ، أو عنده مجموعة من المعارف الدّينية أو الدّنياوية.

أولوا العلم في الشريعة : هم الربّانيّون ، هم الّذين آتاهم اللهُ العلم الشامل، والمعرفة الكاملة بحقائق الأشياء ، قد أكملَ اللهُ عقولَهم ، وطهّر قلوبهم من كلّ شكّ وريب ، وأيّدَهم بالعصمة الكاملة قولاً وعملاً واصطفاهم أعلاماً لِدِينه.

هم الّذين شهدوا لله بالوحدانية شهادةَ إيمانٍ وإيقان ، وإخلاصٍ وإذعان ، قد قرنَ اللهُ شهادتَهم بشهادته إعلاءً لِذكرهم ، وتعظيماً لِمقامهم ، وجاء معهم الملائكةُ مقترنين.

قال عزوجل : ﴿ شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.

فمَن هذا الّذي يبلغ منزلة أولي العلم أو يروم مقامهم ؟
هيهات هيهات ، وقد خاب مَن ادّعَى.
.......................................

4 - الإيمان بمعنى الطاعة :

الإيمان والطاعة وجهان لعملةٍ واحدة ، الإيمان عقيدة وعمل ، الطاعة كذلك، الطاعة هي الدّين ، والإيمان كذلك.

الإيمان : أن يُطاع الوليّ الشرعي فلا يُعصى.

ولا إيمانَ إلّا بأداء فرض الطاعة لِمن أمر الشرعُ بطاعته ، لأنّ الطاعة والإيمان أمران مقرونان إذا رُفعَ أحدهما رفع الآخر.

قال تعالى : ﴿ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾.

وقد أوضحنا مسألة الإيمان والطاعة عند حديثنا حول آية الإطاعة.

" إنّمـا وليّــكم الله ورسولــه وأهل الإيمــان الّذين .........." الآية.

أي أهل الطاعة : الجديرين والأحقّاء بها.

فالموصوف في آية الولاية ، أهلٌ لِأن يُطاع فلا يُعصى ، وقد أوجب الشرعُ طاعته وجوباً مطلقاً ، طاعته كطاعة الله ورسوله.

والطاعة هي الدِّين ، والدّين هو الأمن ، فمَن فارَقَ الأمنَ فقد فارقَ الدِّينَ، والأمن هو الأمان ، والأمان هو الإيمان ، والإيمان هو العلم ، والعلم هو الحكمة، والحكمة هي الإمامة ، والإمامة هي الولاية ، والولاية هي السلطان، والسلطان هو الوليّ ، والوليّ هو المولى ، والمولى هو الأَوْلى ، والأوْلى هو المُطاع ، والمُطاع هو المستحقّ للطاعة حقّاً ، شرعاً وعقلاً.

قال تعالى : ﴿ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.

وقال تعالى : ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ﴾.
وقال صلى الله عليه وآله : { الإيمانُ يمانٌ والحكمة يمانيَة } .

صدَقَ الله عزّ وجلّ وبلّغَ رسولُــه الأمين صلى الله عليه وآله وسلم.
.........................................

تلكم أحبّتي بعض معاني الإيمان في الشرع.

وقد كان للاسم الموصول كما رأينا ، بالغ الأثر في بيان كمال الموصوف، والعناية به ورفعة شأنه ، والتشويق إلى معرفته ، والحث على التمسك به.

ودلّت الموصولية أيضاً على أنّ ولاية الأمر متواصلة ومستمرة بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله عن هذه الدّنيا.

ولمّا كانت معاني الإيمان متجسِّدة حقّاً في الموصوف ، وأصبَحَت مَلَـكَةً فيه صار " الإيمــان " عَلَـمَاً له ، إسمــاً وكُنيــةً ولَـقَبَـــاً.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين يقيمون .............." الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذات الإيمان الّذين يقيمون ..........." الآية.

ذو الإيمان ، وذات الإيمان : أي الإيمان ذاته ، صاحب هذا الإسم " الإيمان ".

هل عرفتَ أخي القارئ ، كيف أنّ الاسم الموصول ، في آية الولاية ، دلّ على إغراق في مذاهب البلاغة ومنازع الفصاحة ؟

وما دمنا قد عَلِمنا ذلك ، فاعلموا أنّ وليّــكم هو ذو الإيمان، صاحب هذا الاسم " الإيمــان " احفظوه جيّداً فإنّ له شأناً عظيماً.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين ......... " الآية.

ذو : عبـــارة عن صِلة ، أي زائــدة ، و " ذو " : عبـارة عن لفظ كنــائي،الجمع "ذوين" - يستوي فيه المفرد والجمع - كناية عن العَــلاء ، الشرف والرفعة والسيادة.

قال تعالى : ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ ﴾.

وقال نَجمُ الشعراء :

ولا أعني بقولي أسفليـكم
ولكنّي أريد به الذّويـنــا.
(الكميت الأسدي - ديوانه).


" إنّما وليّكم الله ورسوله والإيمــانُ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكـــاة وهـم راكـعــون ".

فيا تُرى من هو الإيمان، المؤتي الزكاة حال الركوع ؟ والّذي هو وليُّنا بعد الرسول ص بلا فصل ؟

هل له إسم خاص يُشتَهرُ به حتى نتمكّنَ من معرفته ؟.

ومن هنا نواصل رحلةَ العُمْرِ ، ووجهتنا هذه المرّة هو المقصد الثاني من آية الولاية ؛
إسم وليّ الأمر الأوّل خِلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

المقصــد الثـاني :

إسم وليّ الأمر الأوّل خلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي رحاب الولاية، تستمر الحكاية .....


رد مع اقتباس
قديم 2016/06/11, 01:23 AM   #47
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

ملاحظة :

إذا كان للأخوة الأعضاء أي استفسار أو إشكال بخصوص تأويل آية الولاية فعليهم أن يحتفظوا بذلك حتى ننتهي من الحكاية، وبعد ذلك سنفتح باب النقاش وطرح الأسئلة بمشيئة الله تعالى.


رد مع اقتباس
قديم 2016/06/11, 01:46 AM   #48
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

على فقهاء أهل السنة أن يستعدوا للنقاش العلمي، لأن آية الولاية وآية الإطاعة قد أبطلت مذهبهم المزيف، مذهبهم ساقط شرعا ؛ وليس أمامهم سوى خيارين لا ثالث لهما :
إما الدفاع عن مذهبهم وإثبات مشروعيته بالدليل العلمي الشرعي الواضح ؛
وإما الإلتحاق بسفن النجاة، أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة عليهم الصلاة والسلام.


رد مع اقتباس
قديم 2016/06/11, 08:42 PM   #49
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

المقصــد الثـاني

إسم وليّ الأمر الأوّل خلافةً عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

في هذا المقام أخي الكريم ، لا طريقَ إلى معرفة الوليّ إلّا من جهة الشرع ، القرآن الكريم والسنّة المطهّرة ؛ وقد عرفنا الوليّ بصفتـه ونعتـه في آية الولايـــة، بقي أن نعرف الوليّ بإسمه الخاص الّذي يُشتَهر به.

والشرع كفيل بتقديم بطاقة تعريفية تُميِّز الوليّ الّذي وجبت طاعته في آية الولاية وآية الإطاعة ، تعريفاً بإسمه وصفته ، لأنّ اختيار خليفة الرسول ص والتعريف به من اختصاصات الشرع.

والسبيل الّذي سوف يقودنا إلى معرفة الوليّ بإسمه هو :

* العهد الكنائي والعهد الذِّهني سيقودنا إلى معرفة اسم الوليّ عن طريق العهد الذِّكري الصريح.

* العهد الحضوري سيقودنا إلى معرفة اسم الوليّ عن طريق سبب نزول آية الولايـــة.

وبناءً على تلك الدّلالة المعنوية للعهدية ، نتوصل إلى معرفة أطراف الولايـــة المخصوصين بالطّــاعة ، كلٌّ بإسمه وصفته.
الله ، ورسولـه ، والإيمـان.

* معرفة الله عزّ وجلّ :

القرآن الكريم يقدِّم بطاقة تعريفيّة لربّ العالمين جل جلاله

﴿ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ ﴿٢٢﴾ هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾.

إذاً ، اسم الله ، هو الله : اسم عَـلَـم للذّات الإلهية ، والأسماء الأخرى عبارة عن صفات وصفَ اللهُ تعالى بها نفسَه.

الله : لفظ الجلالة ، اسم خاص للذّات الواجبة الوجود ، الّذي يُسمَّى به الإلـه الواحد الحقّ ، لا يشاركه أحدٌ من خلقه في هذه التسمية ، والدّال دلالة جامعة على معاني الأسماء الحُسنى ؛
قال تعالى : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾.

* من هو " رسولــه " المخصوص بالذِّكر في آية الولاية ؟!

هذا التساؤل مشروع لأنّ لله رسُلاً كثيرا وليس رسولاً واحداً ، فالمطلوب معرفة رسول الله المقصود تحديداً ، إسمه الّذي يُشتهر به حتى يتميّز عن غيره من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين. القرآن يذكر الجواب ؛

قال تعالى : ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ ﴾.

وقال تعالى : ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾.

إذاً ، اسم ( رسوله ) المخصوص بالطاعة في آية الولاية ، هو
محمد صلى الله عليه وآله، والموصوف بخاتم النّبيين.

هو طه ، هو أحمد ، هو ياسين ، هو رسول الله محمد ، سيّد الأوّلين والآخرين ، وخاتم الأنبياء والمرسَلين ، الرحمة المهداة للعالمين صلى الله عليه وآله وسلم.

" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد والّذين ءامنوا الّذين ............... " الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَهذا المؤمن الّذين ............... " الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذو الإيمان الّذين ................" الآية .
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذَاتُ الإيمان الّذين ............. " الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإمامُ الّذين .................... " الآية .

* من هو المؤتي الزكاة حال الركوع ؟ المُكنّى بـ " الإيمان " في آية الولاية ؟
من هو الإمام ، الخليفة الشرعي الأوّل للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟
القرآن يذكر الجواب ، والسنّة المطهّرة وأخبار السِّيَر وكُتبُ التأريخ
تذكر الجواب.

الجواب المذكور في القرآن الكريم ؛

قال تعالى :
﴿ وَإِنَّـــــــــــــهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾.

القرآن الكريم ذَكَرَ الاسمَ صريحاً ، والجواب مُحَقّقاً مؤكَّداً، ومُعظَّماً.
تاللهِ إنّك لَأنت يوسف !.

( عليٌّ ) هاهنا اسمُ عَلَمٍ لِبشر ، و ( حكيم ) صفة للمُسمَّى ، وهي صفة مشبَّهة صيغت من اسم الفاعل ( حاكِم )، والحاكم هو الإمام.

تالله إنّه لَعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، بإسمه وصفته ، هو نفْسُه لا أحدَ غيره.

توسَّمْتُه لمّا رأيتُ مَهابــةً فيه،
وقلتُ : المرءُ مِن آلِ هاشِمِ .

( الإيمان ) : هو الصِّدِّيقُ الأكبرُ أبو الحسن صلوات الله عليهم،
المؤتي الزكاة حال الركوع ، الموصوف في آية الولاية.

هو الفاروقُ بين الهُدَى والضلال
وصِــدِّيقُ أُمَّتنــا الأكبـــرُ.

( وإنّ الإيمان في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيمٌ ).
( إنّ الإمام في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيمٌ ).

أَلَمْ أقُل لكم إنّ الزخرف وبحر النّور موجود في آية الولاية.

لم يـَبــقَ مِن سُنـــَّـــةِ الفـــــــــاروقِ نَـعرِفُــــه
إلا الذُّنــَيـْـــبِي و إلّا الـدُّرّةُ الخَـــــــــــــلِـقُ !.

........................................

العـلاقة بين آيـة آل حاميم وآيـة الولاية :
.........................................
وتستمر الحكاية.....................


رد مع اقتباس
قديم 2016/06/11, 11:34 PM   #50
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

العـلاقة بين آيـة الولايـة وآيـة آل حـاميم :

إنّه : إنّ للتوكيد . الهاء : حرف كناية.

" الّذين ءامنوا " عهد كنائي ، و ( الإيمان ) كنية الموصوف في
آية الولاية ، والموصوف بَشَرٌ .

في : حرف جر يفيد الظرفية .
أمّ الكتاب : آية الولاية ، لأنّها آية مُحْكَمة.
لدينا : جُملة اعتراضية ، وهو ظرف زماني ومكاني.
لَعلِيٌّ حكيم : اللّام للتوكيد ، و ( عليٌّ حكيمٌ ) عهد ذِكْري صريح ، تعريف بالعَلَميّة ، وهو بدل من العهد الذهني المعلوم لدى المخاطَب من آية الولاية، أي بدل من الجملة الحالية ، قوله تعالى :
( الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) .

" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد والّذين ءامنوا عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَهذا المؤمن عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذو الإيمان عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإيمانُ عليٌّ الحكيم "
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإمامُ عليٌّ الحكيم " .
وأمّ الكتاب ، آية الولاية ، نَزَلَت في شأن أمير المؤمنين ).

قال نجـمُ الشعراء :

وجَدنـــا لـكـــم في آل حاميـــم آيــــةً
تـأوَّلَـها مِنّـا نـقِـيٌّ و مُعَــرَّبُ.

يقول الكميت : إن آية آل حاميم قد عرف معناها النقي، أي العربي القح الخالص، العربي الموطن واللسان؛ والمعرب، أي من تعلم اللسان العربي ولم يكن عربيا في الأصل.
................................

طربتُ وما شوقاً إلى البِيضِ أطربُ
ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

ولــم يلهِني دارٌ ولا رســمُ مـنــزل
ولـــم يتطرّبني بنـانٌ مُخضَّـب

ولكن إلى أهلِ الفضائــل والعُــلَى
وخيرِ بني حوّاء والخيرُ يُطلَـبُ

بني هاشــمٍ رهــــط النّبــيّ فإنّنـي
بهم ولهم أرضَى مِراراً وأغضب

خفضتُ لهـم منّي الجناح مـــودّةً
على كَنَفٍ عطفـاهُ أهـلٌ ومَرحَـب

وما ليَ إلّا آلَ أحمـــــدَ شيــــعــةٌ
وما ليَ إلّا مَـذهبَ الحـقّ مَــذهَـب

بـأيّ كتــابٍ أم بأيّـــــةِ سُنَّــــــةٍ
يُــرَى حُبُّــهم عــاراً عَلَيَّ ويُحسَب .
..........................................

وقـفــة نقِـيّــة مع آيــة آل حاميم

قال عزوجل :
{ وإنّـــه في أمّ الكتاب لدينــا لعليٌّ حكــيم }.

١ - الآية الشريفة عبارة عن جُملة خَبَريّة .
٢ - الآية مقترِنة بالعديد من شواهد التأكيد : القَسَم ، و ( إنّ )، واللّام المزحلَـقة ، والجملة الإسمية.
وهذا الضرب من الجُمَل الخبرية لا يؤتى به إلّا لِلجمِ المصابين بداء
العناد ، والإنكار للحقائق.
وتأكيد الآية بتلك المؤكِّدات يقيم الحُجّة على العالَمين ، فلم يعد هناك سبيل لإنكار ما جاء به النّصّ القرآني الشريف.

٣ - حشد كل تلك المؤكِّدات دلّ على أنّ الخطاب القرآني يتضمّنَ أمراً عظيماً وخبراً جليلاً، فيجب أن يأخذَه المخاطَب في الحسبان ويعرفَ ما جاء فيه.

٤ - أهمّ ما جاء في الخطاب القرآني هو قوله تعالى : " لَعليٌّ حكيمٌ " .

٥ - الهاء في قوله تعالى : " إنّـه " عبارة عن ضمير غيبة مُبهَم ، ليس مسبوقاً بما يدلّ عليه صراحةً.

وليس صحيحاً أن يكون ضمير الغيبة عائداً على القرآن الكريم ، كون المعنى يتعارض مع مقتضى الحال ، ومقام الخطاب ، فالآية مؤكَّدة أشدّ التوكيد، وهذا النّوع من الجُمَل الخبرية يسمّى ( الخبر الإنكاري ) ، وهذا دليلٌ واضحٌ على أنّ الآية تتضمّنُ خبراً يمكن أن يدفعَه المخاطَبُ وينكرَ صحّتَه.
فليس صحيحاً من النّاحية العلمية ، البلاغية واللّغوية ، والعقلية ، أن يكون معنى الآية : " وإنّ القرآن في أمّ الكتاب لدينا لَعليٌّ حكيم ".

إن كان المقصود به القرآن الكريم الّذي بين أيدينا ، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة النّاس ، فهذا المعنى غير وارد.

ثمّ إنّ " الكتاب " في قوله تعالى : " أمّ الكتاب " المقصود به القرآن الكريم، فيكون المعنى حينئذٍ : وإنّ القرآن في أمّ القرآن لدينا لَعليٌّ حكيم .

هذا المعنى الهَشّ لا يستلزمُ توكيداً ، وهو ساقط بلا شك ، والقرآن العظيم أجلُّ وأسمى من تلك الأقوال الهزيلة ، المبثوثة في كُتبِ التفسير .

إنّ معشر المفسّرين ، عندما يتعاطون مع مثل هذه الآيات ، يهرفون بما لا يعرفون ، ويأتون بكلّ عجيب ، وقد قيل : مَن تحدَّثَ بغير فنِّه أتى بالعجائب.
استجمعوا قواهم ، وأطلقوا العنان لأفكارهم ، وبعد جهد جهيد فسّروا "أمّ الكتاب" باللّوح المحفوظ ، وجعلوا المسألة غيبيّة ، لا مَن شاف ولا مَن دري !.
ذلك مبلغهم من العلم ؛ تمخّضَ الجبلُ فولّدَ فأراً.

إنّ الأمّة الإسلامية ، في الحقيقة ، ابتُلِيَت بكارثة كبرى ، أبطالها هم مشائخ التفسير؛ فالكثير من النّاس يأخذون أقوالهم على أنّها مسَلَّمات على الرغم أنّ معظم كتب التفسير المتواجدة في أيدي النّاس حُبلَى بالتناقضات ، والاجتهادات الفاسدة ، ويكفي شاهداً على بطلانها ، أنّها تفتقر إلى أبسط الأدلّة العلمية والعقلية والشرعية والتأريخية ؛ والمقام لا يتّسع لاستعراض الخزعبلات الموجودة في تراثنا الفكري المقدَّس.

إنّ الكلام حول المفسّرين ومفاسدهم له سبحٌ طويل ، ليس هاهنا محلّه.

أمّ الكتاب : أمّ الشيء : أصله الّذي يُرجَع إليه ، ويُعتمَد عليه ، وكلّ شيءٍ انضمّت إليه أشياء فهو أمٌّ لها.

الكتاب : كتاب الله ، اللّوح المحفوظ من التغيير والتبديل والتحريف، وهو القرآن الكريم ، القرآن المجيد،هذا هو الاسم الّذي سمّاه الله به.

القرآن الكريم : الكتاب السماوي ، واللّوح المحفوظ ، الموجود بين أيدينا، المُنزَل على سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله ، هو خاتمة الشرائع السماوية ، فيه علم الأوّلين والآخرين ، وهو الأصل الأزلي الّذي تتولَّد منه المعارف والعلوم، يبدأ بسورة الفاتحة ، وينتهي بسورة النّاس، يتألّف من 6236 آية + البسملات 112 آية = 6348 آية.

أمّ الكتاب : كلّ آية مُحكَمَة في القرآن الكريم.

قال تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾.

الكتاب الّذي أنزله اللهُ على محمد رسول الله هو القرآن الكريم ، الموجود بين أيدينا ، وأمّ الكتاب هُنَّ الآيات المحكمات في القرآن الكريم.
معنى الآية في غاية الوضوح والجلاء ، يفهمه الفاضل والجاهل ، فلماذا يجعل المفسرون " أم الكتاب " مسألةً غيبيّة ! وقد قال : ( آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب ).

ما بال أولئك القوم لا يكادون يفقهون حديثاً ؟
أم على قلوبٍ أقفالها.

إنّ آية الولاية محكمة ، فاستحقّت بذلك أن تكون أمّ الكتاب ؛ وقد تضمّنت أصلاً عظيماً من أصول الدّين الإسلامي الحنيف ، وهو الولاية، ولاية أمر المسلمين خِلافةً عن رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم .

الولاية أمّ الشرائع ، ونظام الأمّة وعزّ المسلمين ، بها يُقام الحقّ والعدل ومناهج الشريعة ، فلا دينَ بدون ولاية ؛ ومَن لم يؤمن بالولاية فقد جحدَ بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله ، فأنّى يُتاه بكم وأين تذهبون .

وبناءً على ذلك أخي المسلم الكريم ، تعلم أنّه لا يصح المعنى بجعل ضمير الغيبة في " إنّــــه " عائداً على القرآن الكريم؛ فدع عنك ترّهات الغافلين.

٦ - ولا يصح كذلك ، أن يكون ضمير الغيبة عائداً على " الله " ، لأنّ لفظ الجلالة لم يُسبَق له ذِكرٌ حتى يمكن قبول أنّ الضمير في آية آل حاميم عائد على الله، كما أنّ السياق خالٍ تماماً من أي قرينة أو شاهد يمكن أن يدلّ على صحّة عود ضمير الغيبة في الآية على " الله " جلّ شأنه.

٧ - العليّ الحكيم ، صفاتٌ لله عزّ وجلّ ، ثابتة في القرآن الكريم ، ولا تجدُ أحداً من المسلمين ينكر هذه المسألة حتى يستلزم المقام أن تكون آية الزخرف معزَّزة بشواهد القَسَم والتوكيد.

قال تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾.

نجد في آية الشورى أنّ " عليٌّ حكيمٌ " جاء وصفاً لله تعالى ، والّذي دلّ على هذا المعنى هو أنّ ضمير الغيبة في " إنّه " سبقَ ما يدلّ عليه صراحةً ، وهو لفظ الجلالة المذكور في مطلع الآية ؛ فالمعنى في آية الشورى :
" إنّ الله عليٌّ حكيم ".
المعنى المقصود في آية الزخرف يختلف تماماً عن المعنى في آية الشورى.

٨ - آية الزخرف تضمّنَت ـ بالإضافةِ إلى ضميرِ الغيبةِ ـ ضميرَ المتكلِّم ، في قوله تعالى : " لدينا " ، والخطاب القرآني صادر عن الله تعالى ؛ واجتماع ضمير الغيبة وضمير المتكلِّم في الآية يمنع مِن أن يكون " لَعليٌّ حكيمٌ " اسماً أو وصفاً لله تعالى ، أو أنّ الله يخبر عن نفسه في الآية.

فليس صحيحاً أن يكون المعنى : " وإنّ الله في أمّ الكتاب عند الله لَعليٌّ حكيم ".

أَلا ترى أخي القارئ ، أنّ هذا المعنى في غاية السقوط ، فأنّى يكون ذلك والآية معجِزة من معاجز البلاغة والبيان ، ولها شأنٌ عظيم على الصعيدَينِ، العقائدي والمعرفي ؛
آية آل حاميم تدعو المسلمين إلى ثــورة عقائديّـــة.

٩ - " لدينا " في آية آل حاميم ، عبارة عن جملة اعتراضية لا محلّ لها من الإعراب ، جيءَ بها من أجل توضيح المعنى وتقريره في أذهان المخاطَبين، والمعنى في الآية صحيح تماماً بدون لفظ " لدينا " هكذا :
" وإنّه في أمّ الكتاب لَعليٌّ حكيمٌ ".
ألا ترى أنّ المعنى صحيح بدون لفظ " لدينا " ؟

غير أنّ الإشكال الّذي يمكن وقوعه ، في حال عدم الإتيان بلفظ "لدينا" ، هو أنّ أصحاب القلوب المريضة ، وخبراء الإجماع ، سيقولون إنّ الآية فيها إخبارٌ عن الله تعالى ، والعليّ الحكيم من أسماء الله ، ويدّعون حينئذٍ ، أنّ معنى الآية : " إنّ الله في أمّ الكتاب لَعليٌّ حكيم " ، وسوف يصدرون فتاوى التكفير ضد شيعة آل محمد ، ويحاولون بكلّ ما أوتوا من جهد تغيير المعنى المقصود في النّصّ القرآني المبين ، والانحراف به عن الوجهة الصحيحة الّتي أرادها الشرع القويم ؛ ولكنّ الله سلَّــم ؛ أبى الله إلّا أن يتمّ نــوره ولو كره الكــافـــرون.

إنّ اجتماع ضمير الغيبة وضمير المتكلِّم في آية الزخرف ، والآية صادرة من عند الله تعالى ، واقتران الآية بشواهد التوكيد ، كلّ ذلك ، دلّ دلالةً قطعيّة على أنّ الآية الشريفة أخبرت عن ذات بشرية لا ذات إلهية ؛ أخبرت عن عبدٍ من عباد الله بإسمه وصفته ، وهو المُكنّى بالإيمان ، المؤتي الزكاة حال الركوع، المعهود في آية الولاية ، أبو السبطينِ عليٌّ عليه السلام.

وهو عند الله عليٌّ حكيمٌ ، ويجب أن يكون كذلك عندنا.
يجب أن نُنزِل عليّاً عليه السلام بأحسنَ منازل القرآن ، فهو لِذلك أهلٌ.

لدينا : يفيد الظرفية ، وهو بمعنى عندنا ، والمقصود به المعنى المجازي لأنّ اللهَ عزّ وجلّ لا تحدّه الأماكن والأزمان.

لدينا في الآية ، نظير قوله تعالى :
﴿ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ﴾.
وقـولـــه تعالى :
﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ ﴾.

إنّ عليّاً عليه السلام عند الله هو الإمام ، وليس أصحاب السقيفة، الّذين بدّلوا نعمة الله كفراً وأحلّوا قومهم دار البوار.

وإنّي لأُغضي عن أمورٍ كثيــرةٍ
سترقَى بها يوماً إليك السّلالِمُ
فما أنتَ والأمرُ الّذي لستَ أهلَـه
ولكن وليّ الحقّ والأمرِ هاشِمُ.

١٠ - الهاء في قوله تعالى : " إنّــه " عبارة عن ضمير منقطع عمّا يستحق أن يعود إليه، ومجعول لغيره ، لكونه مُبهما، ليس في سياق النّصّ ما يدلّ عليه صراحةً، مُسمّاه مجهولٌ مستورٌ ، فضمير الغيبة في هذه الحالة ، حرف كِـنـايــــة.

الكنـايـة : ( ما استتر معناه ، لا تُعرَف إلّا بقرينة زائدة ، ولهذا سمّوا التاء في قولهم : أنت ، والهاء في قولهم : إنّه ، حرف كناية ، وكذا قولهم : هو ، مأخوذ من قولهم : كَنّوت الشيء وكنَّيْته ، أي سترته ).
(معجم التعريفات - علي الجرجاني ).

الإبهام الموجود في آيــة آل حاميم يقودنا إلى المعرفــة !
معرفة المسمّى بـ " الإيمان " في آيـــة الولايــــــة.

فقد علِمنا أنّ " الّذين ءامنوا " لفظ موضوع للكناية عن معهود مخصوص، وهو المؤتي الزكاة حال الركوع ، المكنّى بالإيمان ، لكنّنا نجهل اسمه الخاص؛ وقد جيءَ بضمير الغيبة في آية آل حاميم حرف كناية من أجل تنبيه الألِبّاء إلى أنّ قوله تعالى : " لَعليٌّ حكيمٌ " هو الاسم الخاص للبشر المعهود عهداً كنائياً وذهنياً في قوله تعالى : " الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
وأمّ الكتاب آيــــة الولاية ، لأنّها آية محكمة.

" الإيمــان " : اسمٌ من أسماء عليّ الحكيم صلوات الله عليه.

قال بحــرُ الحكمة عليه السلام :
{ أَبْهِموا ما أَبهمَه اللهُ }.
(خمسة آلاف حكمة للإمام علي - الحكمة رقم : 42 ).

١١ - قوله تعالى : " لَعليٌّ حكيمٌ " عبارة عن اسم عين ، تمّ فيه تمييز الموصوف في آية الولاية، بإسمه الّذي يُشتهَر به ، وصفته الّتي اختارها اللهُ له.
عليٌّ الحكيم ، صلوات الله عليه ، وروحي له الفداء.
صلَّى الإلهُ على روحٍ تضمَّنــَه
قبرٌ فأصبحَ فيه العدلُ مدفـونــا
قد حالَفَ الحقَّ لا يبغي به ثمناً
فصار بالحقِّ والإيمان مقرونـا.

إذاً ،( لَعليٌّ حكيم ) عبارة عن تعريف بالعَلَمية ، وهو عهد ذِكْري صريح، ويتأكّد هذا المعنى الشريف بالآية رقم 5 من سورة الزخرف :

قوله تعالى : ﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ ﴾.

الاستفهام في الآية إنكاري ، وهذا بصراحة ، يوجِّه ضربةً موجِعة للجاحدين والمكذِّبين، الّذين يزعمون أنّ اسم خليفة الرسول ص غير مذكور في القرآن، أو أنّ الله ورسوله تركوا مسألة الإمامة لشياطين السقيفة.

ومعنى الآية ببساطة ، أفنترك التعريفَ بالخليفة الشرعي للرسول وذِكرَ اسمه في القرآن ؟
لا ، لا بدّ من الذِّكر لِتقوم الحُجّة عليكم.
ألا وإنّ الحجّة قد قامت ، وظهرَت لِذي عينينِ ، وما الله بظلّامٍ للعبيد.

يقول العلّامة عبد القاهر الجرجاني بخصوص حرف التوكيد " إنّ " :
( وإنّما يُحتاج إلى "إنّ" إذا كان للمخاطَب ظنٌّ في الخِلاف ، وعقد قلبٍ على نفي ما تُثبِتُ ، أو إثبات ما تنفي ، ولذلك تراها تزداد حُسْناً إذا كان الخبر بأمرٍ يبعُدُ مثلُه في الظّنّ ، وبشيءٍ قد جرت عادةُ النّاسِ بخِلافِه ).
(دلائل الإعجاز - عبدالقاهرالجرجاني ).

وبناءً على إفادة العلّامة الجرجاني ، رحمه الله وجزاه عن اللّسان العربيّ خيرا، نجد أنّه قد حَسُنَ موقع "إنّ" في آية آل حاميم ، لأنّ الآية أخبرَت بأمرٍ لا يعتقده، بل ينفيه الكثيرون ، وهو ذِكر اسم الأمير عليه الصلاة والسلام ؛
فمعلوم أنّ أكثر النّاس ينفون وينكرون أنّ اسم الإمام عليّ مذكور في القرآن الكريم، وقد جرت عادة النّاس على ذلك الزّعم الموهوم.
فآية آل حاميم، تذكر اسمَ الأمير صريحاً ومؤكَّداً ، وبهذا الذِّكر العظيم ، تنهار الاعتقادات الفاسدة ، والظنون الرديّة.

إسم أمير المؤمنين عليه السّلام مذكورٌ في محكم الآيات، لا شكّ في ذلك ولا ارتياب.

( وإنّــه في أُمِّ الكتـاب لدينـا لَعليٌّ حكيمٌ ).

ظهرَ النّجمُ ذو الذَّنَب ولاحَ القمرُ المنير !.

فأطيعوا الإيمـانَ عَلِيّـاً يا عباد الله ولا تكونوا قوماً مسرفين.
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون.
وسيعلم الّذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

١٢ - يتم إبدال حرف الكناية في آية آل حاميم من العهد الكنائي في آية الولاية؛ فيكون المعنى في آية آل حاميم هكذا :
" وإنّ الّذين ءامنوا ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لعليٌّ حكيمٌ " .
" وإنّ هذا المؤمن ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيمٌ " .
" وإنّ ذا الإيمان ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيم " .
" وإنّ ذات الإيمان ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيم " .
" وإنّ الإمام ـ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ـ في آية الولاية ـ عندنا ـ لَعليٌّ حكيم ".
...........................................

إنما ذا لذا

اللهُ أعـطَى ذا عليـّـاً كُـلَّـه
وعطاءُ ربّي لم يكن محظورا.
(السيد الحميري قدس سره - ديوانه).

١٣ - يتم إبدال العهد الذكري الصريح في آية آل حاميم من العهد الذّهني في آية الولاية ؛ فيكون المعنى في آية الولاية هكذا :
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد والّذين ءمنوا عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَهذا المؤمنُ عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد و لَذو الإيمان عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَذاتُ الإيمان عليٌّ الحكيم ".
" إنّما وليّكم الله ورسول الله محمد ولَلإمامُ عليٌّ الحكيم ".
فأينما تولوا وجوهكم فثمّ كعبةُ القاصدين، مولى المتقين أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

وجدنــا لكم في آل حاميم آيــةً
تأوّلَـهـا مِنّا نـقيٌّ ومُعَـــرَّبُ.
.........................................

الألف واللّام الدّاخلة على حكيم ، تفيد ما يلي :

☆ لمح الصفة : صفة الموصوف في آية الولاية ؛ وصفته مؤمنٌ حقّاً، والحكمة ، والعلم ، والأمانة ، والصدق ، والعدل ، والحلم ، و.......الخ،معنىً من معاني الإيمان الحق .
فعليٌّ عليه السلام إمامٌ عليمٌ ، حكيمٌ ، أمينٌ ،صِدِّيقٌ ، حليمٌ ، مُطهَّرٌ من كلّ عيبٍ وشين ، إنّه ربّانيُّ أمّة محمدٍ صلى الله عليه وآله .

هــذا عــلـيّ خيــــرُ وليّ ، عليه الصلاة والسلام.

☆ لمح الأصل : أصل المعنى : حكيم ، مشتَقّ من الحُكْم .
حكمَ ، يحكُمُ ، حكماً وحِكمةً فهو حاكِم وحكيم. الجمع : حاكمون ، وحكماء.

قال تعالى : ﴿ أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾.

وقال الشاعر :
فنحنُ ولاةُ النّاس في كلّ موطنٍ
متى ما نقُلْ في النّاسِ قولاً نُصَدّقِ
تُوفَّــقُ في أحـكامنــا حكماؤنــا
إذا غيرهم في مثلـها لَــمْ يوفَّــــقِ.
(حسان بن ثابت - ديوانه ).

وقال الشاعر :
بأحلامِهم يُنهَى الجَهولُ فينتهي
وهـم حكمــاءُ النّاسِ للمُتعمَّــدِ.
(الفرزدق - ديوانه ).

وقال صلى الله عليه وآله : { الصّمتُ حُكمٌ وقليلٌ فاعلُه } . أي حِكمة.

الحكمة حُكمٌ ، والحُكم إمامة ، والحكيم إمام.
والأَلِف واللّام لم تدخل على ( عَليّ ) لأنّه اسم عَلَم.

" إنّما وليّـكم الله ورسول الله محمّد و لَـذو الإيمان عليٌّ الحكيم ".

لَـذو : اللّام للتأكيد والتحقيق، و ذو : كناية عن العَلاء والرفعة ، أي رفيعٌ = عليٌّ.
لا سيفَ إلّا ذو الفقار ولا فتى
إلّا عَليٌّ رِفـعـةٌ وعَـــلاءُ.

الإيمان : مصدرٌ موصوفٌ به، وهو بمعنى أمين ومؤتمَن وهو الإمام = الحكيم.
ذو الإيمان = عليٌّ الحكيم = عليٌّ الإمام = الإمام عليّ .

( إنما وليكم الله ورسول الله محمد والذين ءامنوا الإمام عليّ ).

هذا هو المعنى في آيـــــــة الولايـــــــــــة.
قرآنـاً عربيـّـــــاً لعـلّـــــكم تعـقـلــــــــــون.


قال عزوجل : ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ﴾.
وعليٌّ الحكيم من آلِ إبراهيم صلوات الله عليهم.
........................................

١٤ - آيـة آل حاميم أفادت أيضاً أنّ " الكتاب " إسمٌ من أسماء الحكيم عليّ عليه السلام.
كيــف ذلك ؟

فسوف يجيبكم عنه حُسـامٌ
يصوغُ المحكماتِ كما يشاءُ.
........................................

تستمر الحكاية..........

وعالي شموخك يا يمن.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو زينب اليمني ; 2016/06/12 الساعة 12:24 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فواصل السلام عليكم ...فى امان الله،،(متجدد) طريقي زينبي الصــور العامة 6 2013/04/25 11:46 AM
خمس ايات في سورة النور عن اهل البيت عليهم السلام..! حنين الورد الحوار العقائدي 6 2013/03/14 09:36 PM
( زواج النور من النور ) اثبات المخالفين اهل الرحمه الحوار العقائدي 1 2012/11/12 02:26 AM
مناسبة زواج النور من النور ابوشهد خيمة شيعة الحسين العالميه 5 2012/11/08 02:05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |