ذكر أبو مخنف في كتاب الجمل :
أن عليا عليه السلام : خطب لما سار الزبير و طلحة من مكة ، و معهما عائشة ، يريدون البصرة .
فقال عليه السلام :
أيها الناس : إن عائشة سارت إلى البصرة ، و معها طلحة و الزبير .
و كل منهما : يرى الأمر له دون صاحبه .
أما طلحة : فابن عمها .
و أما الزبير : فختنها ( زوج أختها ) .
و الله : لو ظفروا بما أرادوا ، و لن ينالوا ذلك أبدا ، ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع منهما شديد .
و الله : إن راكبة الجمل الأحمر .
ما تقطع عقبة : و لا تحل عقدة ، إلا في معصية الله و سخطه .
حتى تورد : نفسها ، و من معها موارد الهلكة .
...
و إنها التي : تنبحها كلاب الحوأب.
و إنهما : ليعلمان ، أنهما مخطئان .
و رب عالم :
قتله جهله .
و معه علمه لا ينفعه .
و حسبنا الله : و نعم الوكيل .
فقد قامت الفتنة فيها : الفئة الباغية .
أين المحتسبون : أين المؤمنون .
ما لي : و لقريش ، أما و الله لقد قتلتهم كافرين ، و لأقتلنهم مفتونين .
و ما لنا : إلى عائشة من ذنب .
إلا أنا ك أدخلناها في حيزنا .
و الله : لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته .
فقل لقريش : فلتضج ضجيجها ، ثم نزل .
شرح نهج البلاغة ج1ص230ح8 .
والإمام علي عليه السلام : له خطب كثيرة في نصحهم ، وحاول بكل صورة من الموعظة الحسنة والكلم الطيب ، أن يرجعهم للحق ، ويعرفهم أنهم عالمين بما يؤول أمره من عذاب الله ممن يخالف إمام زمانه ، وإنه يموت ميتة جاهلية من ليس له بيعة لإمام زمانه ، وإن من نقضها ولم يلتزم بعهده فإن مصيره إلى النار ، لكنهم أصروا على طغيانهم وسببوا فتنة قتلوا فيها آلاف المسلمين وإن دمائهم برقابهم .
فهذا معنى أنه : الجاهل وإن كان عنده علم كثير ، ولكنه جاهل بأمر الله ورضاه ، فلا تنفعه الموعظة ولا يرتدع بالنصيحة ، وحسبهم وحسب أتباعهم وأنصارهم إلى يوم القيامة الله سبحانه وتعالى ، وهو نعم الوكيل عن المظلومين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولأهمية الموضوع : نذكر يا أخوتي بعض معاني الجهل فيما يأتي ، لنتحقق معناه ونعرف حقيقته لنبتعد عنه وعن أصحابه إن شاء الله .
وأسأل الله لي ولكم : أن يرزقنا علما نافعا وقلبا خاشعا وإيمانا صادقا ، حتى نبحث عن الهدى الحق ونعلم به ، ولا نجهل صراطه المستقيم عند نبي الرحمة وآله الكرام فنقصر في تعلمه والعمل به ، وأن يرزقنا خير الدنيا والآخرة ونعيمهما ، فإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
+++
يا أخوتي الطيبين : ما عرفنا من الآيات القرآنية الكثيرة ، والأحاديث الشريفة ، السابقة كلها ، تراها بعين اليقين أنها مبينة ومصدقة وشارحة لحديث الإمام علي عليه السلام ، بأن :
اَلجاهِلُ : لا يَرْتَدِعُ .
وَ بِالمَواعِظِ : لا يَنْتَفِعُ .
فإنه كل الأنبياء والمرسلين : جاءوا قومهم بهدى الله ، وتعليم معارف عظمته وعبوديته ، وما فيه صلاحهم وخيرهم ، وما فيه البركة والرحمة لهم ، فما أطاعهم إلا القليل ، فهذا نوح عاش ألف إلا خمسين سنة ، ولكن ما آمن من قومه إلا ثمانين نفر أو أكثر بقليل ، بل حتى أبنه لم يؤمن به وكذا زوجته ، وهكذا أتلوا مواعظ وإرشاد وإنذار وتبشير عاد وثمود وشعيب وصالح وإبراهيم ولوط عليهم السلام ، كلهم جاء قومهم العذاب لأنه لما عجز الأنبياء عن نصحهم ولم تنفع مواعظهم معهم ن ولم يرتدعوا عن جهلهم وصفاتهم الرذيلة وأعمالهم الجائرة وطغيانهم ، وقد قامة الحجة عليهم ، أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر
`;v Hf, lokt td ;jhf hg[lg : hgplg