من خُطبَةٍ لامير المؤمنين عَليه السَّلام في صفته شيعته
قاله لمولاه نوف الشامي
شيعتي – يا نوف – الذُّبل الشفاه ، الخُمْص البطون ، رهبان في الليل ، أُسدٌ في النهار ، إذا جَنّهم الليل اتَّزَرُوا الأوساط ،و ارتدوا على الأطراف وصفّوا الأقدام ، و افترشوا الجباه ، و إذا تجلى النهار ، فحلماء علماء ، أبرار أتقياء، اتخذوا الأرض بساطاً ، و الماء طيباً ، و القرآن شعاراً ، إن شُهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، لا يهِرّوُن هرير الكلاب ، ولا يطمعون طمع الغراب ، إن رأوا مؤمناً أكرموه ، وإن رأوا فاسقاً هجروه ، شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، وحوائجهم خفيفة ، و أنفسهم عفيفة ، اختلفت منهم الأبدان ، ولم تختلف القلوب ، هؤلاء و الله – يا نَوْف – شيعتي.
ومن خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام
الحمد لله أولِ محمود و آخر معبود ، و اقرب موجود ، الكائن قبلَ الكون بلا كِيان ، و الموجود في كل مكان بغير عيان ، و القريب من كل نجوى بغير تدان ، علَنتْ عندَه الغُيوب وضلَّت في عظمته القلوب ، فلا الأبصارُ تدركُ عظمته ، ولا القلوب على احتجابه تنكر معرفته ، تمثل في القلوب بغير مثال تَحُدُّه الأوهام ، أو تدركه الأحلام ،لا يضره بالمعصية المتكبرون ، ولا ينفعه بالطاعة المتعبدون ، ولم يخلُ من فضلِهِ المقيمون على معصيته ، ولم يُجازِ اصغر نِعَمِه المجتهدون في طاعته ، الدائم الذي لا يزول ، و العدلُ الذي لا يجور ، خالق الخلق ومفنيه ، ومعيده ومبديه ، ومعافيه ومبتليه ، عالم ما أكنّته السرائر ، و أخفته الضمائر ، الدائم في سلطانه بغير أمد ، و الباقي في ملكه عد انقضاء الأبد . احمده حمداً أستزيده في نعمته ، و استجير من نقمته، و أتقرب إليه بالتصديق لنبيّه ، المصطفى لوحيه ، المتخَّير لرسالته ، المختص بشفاعته ، القائم بحقه : محمد "ص" وعلى أصحابه وعلى النبيين و المرسلين ، وسلم تسليماً كثيراً .
المصدر:مستدرك نهج البلاغة-الشيخ هادي كاشف الغطاء.
lk oE'fQmS ghldv hglclkdk uQgdi hgs~Qghl td wtji aduji