24 ـ زيارة الإمام الحسين فريضة من الله سبحانه على الرجال والنساء ومكمّل الإيمان والدين .
عن اُمّ سعيد عن أبي عبدالله 7 قالت : قال لي : يا اُمّ سعيدة تزورين قبر الحسين ؟ قالت : قلت : نعم ، قالت : فقال لي : يا اُمّ سعيدة فانّ زيارة الحسين واجبة على الرجال والنساء.
قال أبو عبدالله 7: لو انّ أحدكم حجّ دهره ، ثمّ لم يزر الحسين بن علي 8 لكان تاركاً حقّاً من حقوق رسول الله 6، لأنّ حقّ الحسين 7 فريضة من الله، واجبة على كلّ مسلم .
عن أبي عبدالله 7 قال : من لم يأت قبر الحسين 7 حتّى يموت كان منتقص الدين منتقص الإيمان ، وإن أدخل الجنّة كان دون المؤمنين في الجنّة .
وعنه 7 قال : من لم يأت قبر الحسين 7 وهو يزعم انّه لنا شيعة حتّى يموت فليس هو لنا شيعة ، وإن كان من أهل الجنّة فهو من ضيفان أهل الجنّة .
أقول : أي يكون ضيفاً على أهل الجنّة ، لا انّه ضيف الله في الجنّة ، وكم فرق بين الضيافتين والكرامتين ؟!
عن أبي عبدالله 7 قال : سألته عمّن ترک الزيارة ، زيارة قبر الحسين 7 من غير علّة ؟ قال : هذا رجل من أهل النار.
وفي حديث آخر له طويل : أتاه رجل فقال : هل يزار والدک ؟ فقال : نعم ، فقال فما لمن يزوره ؟ قال : الجنّة إن كان يأتمّ به ـ أي يعتقد بامامته الحقّة وخلافته لرسول الله كما في حديث خلفائي اثنى عشر كلّهم من قريش ـ قال : فما لمن تركه رغبة عنه ؟ قال : الحسرة يوم الحسرة .
وعن علي بن ميمون قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : لو أنّ أحدكم حجّ ألف حجّة ، ثم لم يأت قبر الحسين بن علي 8 لكان قد ترک حقّاً من حقوق الله وسئل عن ذلک ؟ فقال : حق الحسين 7 مفروض على كلّ مسلم .
25 ـ زيارة الإمام الحسين من علائم حبّ أهل البيت ::
إنّ حبّ أهل البيت من حبّ الله ورسوله (قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ آلْمَوَدَّةَ فِي آلْقُرْبَى )[14] فالمودّة والحبّ لأهل البيت أجر الرسالة المحمّديّة ، وانّه (احبّ الله من
أحبّ حسيناً) ثمّ لكلّ شيء علامة ، ومن علائم حبّ الله وحبّ رسوله وأهل بيته أن يكثر المؤمن زيارة قبر الإمام الحسين 7.
عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر الإمام الباقر 7 قال : سمعته يقول : من أراد أن يعلم انه من أهل الجنّة فليعرض حبّنا على قلبه ، فان قبله فهو مؤمن ، ومن كان لنا محبّاً فليرغب في زيارة قبر الحسين 7، فمن كان للحسين 7 زوّاراً عرفناه بالحبّ لنا أهل البيت ، ومن كان من أهل الجنّة ولم يكن للحسين زوّاراً ـ صيغة مبالغة تدلّ على كثرة الزيارة ـ كان ناقص الإيمان .
26 ـ ثواب زيارة ملائكة السماء لزوّار الإمام الحسين 7 في الأرض :
فان الملائكة تزور الإمام الحسين 7 ويثابون على ذلک إلّا انه جعل ثوابهم ثواباً لمن زاره 7.
عن سدير قال : قال أبو عبدالله 7: يا سدير تزور قبر الحسين 7 في كلّ يوم ؟ قلت : لا، قال : ما أجفاكم ، قال : تزوره في كلّ جمعة ؟ قلت : لا، قال : تزوره في كلّ
شهر؟ قلت : لا، قال : فتزوره في كلّ سنة ؟ قلت : قد يكون ذلک ، قال : يا سدير ما أجفاكم بالحسين 7 أما علمت ان لله ألف ملک شعثاً غبراً يبكون ويرثون ـ من الرثاء والنياحة ـ لا يفترون ، زوّاراً لقبر الحسين 7 وثوابهم لمن زاره .
أقول : في هذا الحديث الشريف كغيره دلالات عديدة ، فانه من الوفاء للامام 7 لمن كان بجواره أن يزوره كلّ يوم ، ولمن بعد قليلاً فكلّ اُسبوع ، وهكذا كلّ شهر، ولا أقل أن يكون ذلک كلّ سنة مرّة لمن كانت شقته ودياره بعيداً، اذ انّه من لم يزره هكذا فانه من الجفاء ـ والجفاء بمعنى البعد عن الشيء وترک الصلة والبرّ وغلظ الطبع ، والمعنى الأوسط هو المراد في الظاهر ـ ثمّ زيارة الملائكة للامام الحسين 7 ولا يتعبون ولا يفترون في زيارته ، وان زيارتهم مع النوح والبكاء والرّثاء، ثمّ ثواب زيارتهم يكتب لمن زار الإمام الحسين في الأرض ، فما أعظم هذه المنزلة للزائر حيث يصب في حساب زيارته ثواب الملائكة .
27 ـ الفضل والخير الكثير لمن زار الإمام الحسين 7:
عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : عجباً لأقوام يزعمون أنّهم شيعة لنا يقال : ان أحدهم يمرّ به دهره لا يأتي قبر الحسين 7 جفاء منه وتهاوناً وعجزاً وكسلاً، أما والله لو يعلم ما فيه من الفضل ما تهاون ولا كسل ، قلت : جعلت فداک وما فيه من الفضل ؟ قال : فضل وخير كثير، أما أوّل ما يصيبه أن يغفر له ما مضى من ذنوبه ويقال له : استأنف العمل .
أقول : مثل هذا التعبير ورد لمن حجّ بيت الله الحرام ، فانه بعد الطواف وصلاته يأتيه ملک ويضرب على كتفه ويقول : أمّا الماضي فقد غفر الله لک فاستأنف العمل ، فالزيارة الحسينيّة والحجّ الالهي يصبّان في مصبّ واحد من حيث المبادئ والمقاصد والمقدّمات والنتائج والأجر والثواب ، فاغتنموا الفرص يا اولى الألباب .
28 ـ مسؤوليّة وجهاء الشيعة ومشايخهم ورؤسائهم في زيارة الإمام الحسين 7 أكثر من غيرهم .
عن أبان بن تغلب قال : قال لي جعفر بن محمّد 8: يا أبان متى عهدک بقبر الحسين 7؟ قلت : لا والله يا ابن رسول الله مالي به عهد منذ حين .
قال : سبحان ربي العظيم وبحمده ، وأنت من رؤساء الشيعة تترک الحسين لا تزوره ، من زار الحسين كتب الله له بكلّ خطوة حسنة ، ومحى عنه بكلّ خطوة سيّئة ، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، يا أبان بن تغلب لقد قتل الحسين صلوات الله عليه ، فهبط على قبره سبعون ألف ملک شعث غبر يبكون عليه ، وينوحون عليه إلى يوم القيامة[15] .
قال العلّامة المجلسي 1 في موسوعته الكبرى القيّمة (بحار الأنوار) (ج 98 ص10):
(ثمّ اعلم انّ ظاهر أكثر أخبار هذا الباب وكثير من أخبار الأبواب الآتية وجوب زيارته صلوات الله عليه ، بل كونها من أعظم الفرائض وآكدها، ولا يبعد بوجوبها في العمر مرّة مع القدرة ـ ويكون مثل الحجّ لمن استطاع إليه سبيلاً ـ وإليه كان يميل الوالد العلّامة نوّر الله ضريحه ، وسيأتي التفصيل في حدّها للقريب والبعيد، ولا يبعد القول به أيضاً، والله يعلم . انتهى كلامه رفع الله مقامه .
29 ـ الأمن من الفزع الأكبر وبشارة الملائكة بالفوز:
عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ـ الإمام الباقر ـ 7 ما تقول فيمن زار أباک على خوف ؟ قال : يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر، وتلقّاه الملائكة بالبشارة ، ويقال له : لا تخف ولا تحزن ، هذا يومک الذي فيه فوزک .
عن ابن بكير عن أبي عبدالله ـ الإمام الصادق ـ 7 قال : قلت له : إنّي انزل الارَّجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيک ، فاذا خرجت فقلبي مشفق وَجل ، حتّى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح فقال : يا ابن بكير أما تحبّ أن يراک الله فينا خائفاً، أما تعلم انّه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه ، وكان محدّثه الحسين 7 تحت العرش ـ أي الإمام يحدّثه تحت عرش الله فما أعظم هذه المنزلة فإن المحدّث الإمام الحسين 7 ريحانة رسول الله 6، والمكان تحت العرش ، فأي حديث يكون هذا؟! هل هو أسرار اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى ؟! ـ وآمنه الله من أفزاع القيامة ، يفزع الناس ولا يفزع ، فان فزع وقرته الملائكة وسكّنت قلبه بالبشارة .