الموضوع: حقیقة النفوس
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020/09/30, 06:59 AM   #3
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

(حقيقة النفوس في القرآن الكريم):

أجل كنت أستمع إلى خطيب، فاستوقفتني آية قد قرأها من على منبره، وهي قوله تعالى:

ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَï´¾
(المائدة: 105).

فقلت: سبحان الله لماذا عليّ بنفسي؟! لأني آمنت بالله سبحانه وباليوم الآخر، كما آمنت برسول الخاتم محمد| وبأوصياءه الأئمة المعصومين الهداة المهديين أمير المؤمنين علي× وأولاده الأحد عشر^، فالخطاب لاشك متوجه إليّ،ويخصّني وأتشرف بذلك، وكأنما أسمع في قلبي ومن أعماق وجودي أن الله يخاطبني بذلك، فإنّه أوحى بذلك لنبيّه، وأخبر نبيه بذلك، فما أوحي إليه كأنما أُوحي إليّ. إلّا أنه بواسطة من لا ينطق عن الهوى أنّ هو إلّا وحي يوحى، فخطابه المقدس إذن يشملني،والحمد لله كما هو أهله ومستحقه،بعدما أحاط به علمه، وأحصاه كتابه، على ما شرّفني بخطابه ثم سبحانه قد خلقني فأحسن خلقتي، وصوّرني فأحسن صورتي، فخلق بدني وروحي وقلبي وفطرتي ونفسي وعقلي، وأنه أعرف من نفسي بنفسي،إذ هو أقرب إليّ من حبل وريد، كما يحول بيني وبين قلبي، فلماذا هذا الخطاب وبهذه اللغة الشديدة (عليكم أنفسكم)

الآية الكريمة تشير إلى بعض النقاط الهامّة:

أولاً: الخطاب للمجتمع الإيماني الذي يعّم الرجال والنساء، فإنّ من أدب القرآن ولغته: إذا كان الآية الكريمة معنونة بقوله تعالى (يا أيها الناس) فهذه تعني أنّ الخطاب للمجتمع الإنساني بصورة عامة سواء أكانوا من الكفار أو المؤمنين، من الرجال أو النساء، ولكن إذا عنونت بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا) يعني أنّ الخطاب خاص بالمؤمنين من الرجال والنساء، وهذا ما يعبّر بالمجتمع الإيماني.

وثانياً: صنّفت الآية النّاس إلى صنفين: صنف المهتدين وصنف الضالين والمضلين والمغضوب عليهم، والأول من كان في الصراط المستقيم،مع الذين أنعم الله عليهم من النّبيين والصّديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً في الدنيا والدين.

والثاني: من كان ضالاً ومضلاً وكان من حزب الشياطين،من الكافرين والمنافقين، وساء أولئك رفيقاً في هذه الدنغŒا الدنغŒّة ويوم الدين.

وثالثاً: إذا كنتم من المهتدين فلا يضرّكم من ضلّ عن الدين،وعن الصراط المبين، وكان من الغافلين الناسين للّه سبحانه فأنساهم أنفسهم، فإذا كنتم من الذاكرين والمتذكرين،فلا يضرّكم من كان من الغافلين والناسين.

ورابعاً: إنّما لا يضرّكم من ضلّ فإنّه مشروط بأن تكونوا من المهتدين، وهذا يدل على أني أفكر بنفسي أولاً بصلاحها وهدايتها (قوا أنفسكم) ثم أفكر بصلاح وهداية الآخرين، كما قال أمير المؤمنين علي× لأهل الكوفة في مضمون الحديث الشريف: (لا أريد صلاحكم بفساد نفسي).

وخامساً: كما لنا مبدء وبداية فلنا خاتمة ونهاية، وإذا كان مبدئنا الله سبحانه وتعالى: (إنّا لله) فإنّه لاشك سيكون معادنا (وإنا إليه راجعون) فيا (أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) وإنّ (إلى ربك المنتهى) وغيرها من الآيات الكريمة، فكلّ واحد منّا يذوق الموت ولو كان في بروج مشيدة (إنك ميت وإنهم ميتون) وفي هذه الرحلة الأبدية يلقي الله بإحسناته وجناته، إذا كان من المهتدين، أو بسخطه ونيرانه إذا كان من الضالين، وإنّ القبر أما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران،وهكذا في كل منازل الآخرة ولقائه سبحانه إمّا بياأرحم الراحمين أو بياأشد المعاقبين، كما يتجلّى لقاءه في جمال وكمال أنبياءه والأئمة الهداة المهديين^ كما ورد (من زار الحسين× زار الله في عرشه) كما هو ثابت في محله وعند أهله.

وسادساً: إنّ الله ليختبرو العباد جميعاً،سواء من كان مهتدياً أو ضالاً بما فعلوا من خير او شر، فكلّ يرى ما عمل محضراً، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، وإنّ الله لشديد الحساب، ولا يفوته شيء وإن جلّ ودقّ، فينبئكم بما كنتم تعملون، كما جعل عليكم شهداء من أنفسكم من جلودكم وجوارحكم،وكان الله من وراء ذلك رقيباً، كما جعل الأرض والسماء والملائكة شُهّداً، كما جعل الأنبياء والأوصياء شهداء على النّاس، فلله الحجة البالغة، ولا يمكن الفرار من حكومته.

فمن قوله جلّ جلاله (عليكم أنفسكم) في الآية الكريمة وإلى يوم القيامة والإخبار بما فعل الإنسان في دنياه (إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون) ما المقصود من ذلك؟!

ثم خطر في ذهني آيات أُخرى تتعلق بالنفس، وإذا به دفعني ذلك كلّه إلى أن أرجع إلى المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وإذا به أرى عشرات الآيات تتحدث عن النفس ومتعلقاتها، فبرق في قلبي ومضة نور وبارقة العلم بأن أصنّف هذه الآيات وأعنونها بعناوين وإذا به أرى نوراً وهدى وفتح أبواب جديدة من العلم والمعرفة، ومن زيادة هدى ونقص ضلال في رحاب القرآن الكريم، فأحببت أن يشاركني في هذه المعرفة إخوتي وأحبّتي من المؤمنين والمؤمنات، فإنّه من وصية نبينا الأعظم| وعترته الطاهرين^ أنّه (أحبب لأخيك ما تحبّ لنفسك).

فهذه آيات النفوس في ضوء القرآن الكريم مفهرسة بعناوين إستنبطها واستخرجتها من الآيات لتسهغŒل، وربّما لم أكن موفقاً بالمستوى المطلوب، فاعتذر من القراء الكرام، فالعناوين مني كمفاتيح وبمنزلة بضاعة مزجاة، ترّد إلى صاحبها لمن لا يرغب فيها، وأمّا الآيات فإنّها النور ومن النور، وإلى النور،من كان من أهل النور.


فطوبى للصالحين والعارفين المقربيّن أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون.



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس