Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > منتديات اهل البيت عليهم السلام > عاشوراء الحسين علية السلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015/09/06, 11:04 AM   #1
صالح مهدي

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3793
تاريخ التسجيل: 2015/05/06
المشاركات: 60
صالح مهدي غير متواجد حالياً
المستوى : صالح مهدي is on a distinguished road




عرض البوم صور صالح مهدي
افتراضي مقتل الامام الحسين مكتوبا

مقتل الامام الحسين (ع)
وهو من أكثر المقاتل تفصيلا وايضاحا
من حيث السند وروعة الكتابة
للمؤلف الشاعر السيد جبار الموسوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
القســـــــــــــــــــــــــــــمُ الأول

ويبدأ من هلاكِ معاويــــــــــــة

ومصرعِ مسلم ابــنِ عقيلٍ (ع)

إلـــــــــــــــى

مصرعِ الحسين (ع) وأصحابِـه

وأهلِ بيتهِ الطيبينَ الطاهريـــــن


هلاكُ معاوية

بَعْدَ هَلاكِ مُعاوِيَةَ ابنِ أبي سُفيان آلت الخِلافةُ إلى يزيد
بوصيةٍ من أبيهِ الذي خَرَقَ مُعاهَدَتَه مَعَ الإمامِ الحَسَنِ
والتي اشترط فيها على نَفْسِهِ أنَّهُ إذا مات فإنَّ الخلافةَ
ستكونُ لبني هاشم وإذا بِهِ يوصي بالخلافةِ الى يزيد
عندها كتبَ يزيدُ كتاباً إلى والي المدينةِ الوليدَ ابنِ عتبة
بأن يأخذَ البيعةَ لهُ من الحسينِ ابنِ علي وعبدِ اللهِ ابنِ
عمر وعبدِ الرحمنَ ابنِ أبي بكر وعبدِ الله ابنِ الزبير
ولما قرأ الوليدُ كتابَ يزيد أرسل إلى مروانَ ابنِ الحكم
فقال لهُ أَشِرْ عليَّ برأيك
فقال مروانُ ابنُ الحكم إبعث إليهِمُ الساعةَ وخذ منهُمُ البيعة
فإن امتنعوا فاضْربْ أعناقهم وابدأ بالحسينِ ابنِ عليٍّ أولاً
فبعث الوليدُ إلى الحسينِ(ع) رسولاً يُخبرُهُ بالحضور عنده
فَجَمَعَ الحسينُ جماعةً من أهلِ بيتِهِ ومَواليهِ وكان فيهم
أخوهُ العباسُ(ع) وأمَرَهُم بحملِ السِّلاحِ وقال لهم
إنَّ الوليدَ استدعاني وأنا أظنُّ أنَّ معاويةَ قد هلكَ
وأنَّهُ دعاني لأخذِ البيعة مني إلى يزيد فإذا دَخَلْتُ عليهِ
فاجلسوا عند الباب فإنْ سمعتم صوتي قد علا
فادخلوا علينا الباب
فدخل الحسينُ على الوليد فوجد عندهُ مروانَ ابنَ الحكم
فأخبرهُ بموتِ معاويةَ
فقال الحسينُ(ع) إنّا لله وإنّا إليه راجعون
ثم قال الوليدُ إنَّ يزيداً كتب إليَّ لأخذِ البيعةِ منك اليهِ
فقال الحسينُ (ع ) لا واللهِ لا يكونُ ذلك أبداً
فنحنُ أهلُ بيتِ النُّبُوَّة ومَعْدِنُ الرسالة
ويزيد رجلٌ شاربٌ للخمر
وقاتلُ النفسِ المحترمة ومعلنٌ بالفسق
ومثلي لا يُبايعُ مثلَه
ودار بينهما كلامٌ طويلٌ وجدالٌ كثيرٌ
ثم قال الحسينُ(ع) إني لا أضنّك ترضى
بالبيعة مني سِراً
فاْذَنْ لي أنْ أنصرفْ الآن لأرى ما يكونُ مني
فأَذِنَ لهُ الوليدُ بالإنصراف
فقال مروانُ لَئِنْ فارقَكَ الساعةَ ولم يُبايعْ
فلن تقدرَ منهُ على مثلِها أبداً
فاحْبِسْهُ حتى يُبايِعَ أو تضربَ عُنُقَهُ
فَوَثَبَ الحسينُ وقال ويحكَ يبنَ الزرقاء
أنت تقتُلُني أم هو كَذَبْتَ ولَؤُمْت
فارتفعت الأصواتُ ودخل بنو هاشم والعباسُ
يسلُّ سيفَهُ وأخرجوا الإمامَ الحسينَ إلى منزلِه

خروجُ الحسينِ الى مكة

ثم إنّ الحسينَ (ع) عزمَ على الخروجِ الى مكةَ
فأتى قَبْرَ جدِّهِ رسولِ الله (ص )
وبقي عِنْدَهُ حتى الصباح
فنامَ قليلاً فرأى جَدَّهُ رسولَ الله (ص)
فَضَمَّ الحسينَ إلى صَدْرِهِ
وقال : حبيبي يا حسين كأني أراكَ قريباً
مُرَمَّلاً بِدَمِك مَذْبوحاً بأرضِ كربلاء
مظلوماً عطشاناً فانتبهَ الحسينُ من نومِهِ
قلقاً مَشوقاً إلى جدِّهِ وأبيه وأُمِّهِ وأخيهِ
فأقبل إليه أخوهُ محمدُ ابنُ الحنفيةِ
فقال يا أخي إذهبْ الى الشِّعابِ والجِّبال
حتى تأمَنَ المَكْرَ والغَدْر
وإلّا فاذهبْ إلى مكةَ فلعلَّها تَطيبُ إليك
وإلا فاذهبْ إلى اليمن
ولا تذهبْ إلى العراق لأنهم قومٌ
غدروا أباك وقتلوا أخاك فَجزّاهُ الحسينُ خيراً
ثم قام مُتَوَجِّهاً إلى مكةَ مع بنيهِ وإخوتِهِ
وبني أخيهِ وأهلِ بيتهِ
وأخذ يقرأ الآيةَ الكريمةَ
(( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قال رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظّالِمِين ))
فلما وافى مَكَّةَ ونَظَرَ إلى جِبالِها مِنْ بعيدٍ قَرَأَ الآية الكريمةَ
(( ولَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قال عَسَى رَبِّي أنْ يَهْدِيَني سَوَاءَ السَّبيل ))
فَدَخَلَ مَكَّةَ وأقامَ فيها


إرسالُ مسلم ابن عقيل إلى الكوفة

ولما عَلِمَ أهلُ الكُوفةِ بِحالِ الحُسَيْنِ وإقامِتَهِ في مَكَّةَ
إجْتَمَعُوا في دارِ سُلَيْمانَ ابنِ صَرْدِ الخُزاعي
واتَّفَقَ أَهْلُ الكوفةِ على مُكاتَبَتِهِ ومُبايَعَتِهِ
فَتَوالَتْ عليهِ الكُتُبُ مِنْ أعْيانِ الكوفةِ
مِنْ أمْثالِ شَبَثَ ابْنِ رِبْعي وحَجّارَ ابْنِ اُبْجُر
وَزَيْدَ ابْنِ الحارِث وقيسَ أبْنِ الأَشْعَث
وقالوا أقْبِلْ إلَيْنا فقدْ أيْنَعَت الثّمارُ
واخْضَرَّ الجَنابُ وإنّما تُقْدِمُ على جُنْدٍ لك مُجَنّدَةٌ
فلمّا وَصَلَت الكُتُبُ إلى الإمامِ الحُسَيْنِ (ع)
قامَ وَصَلّى رَكْعَتَيْن ثمَّ دَعَا بمُسْلِمَ ابْنِ عقيل
وأمَرَهُ بالذّهابِ إلى الكُوفةِ وأخْذِ البيعةِ لهُ
ودعا لهُ بدليلينِ يَدُلّانِهِ الطريقَ وأمَرَهُ بتقوى اللهِ
واللطْفَ بالناس فإنْ رَآهُمْ مُجْتَمِعِين عليهِ
عجَّلَ اليهِ بكِتابٍ
ثمَّ بَعَث رَسُولاً إلى البَصْرَةِ
يُقالُ لهُ سُلَيْمان ابْن زُريّن فسار سليمانُ إلى البصرةِ
وسار مُسلمٌ ومن معه إلى الكوفةِ وفي اثناءِ الطريقِ
أصابَهُمُ العطشُ فمات الدليلانُ
وكتب مُسلمُ ابنُ عقيلٍ إلى الحسينِ قائلا
يا أبا عبد الله لقد مات الدليلان وقد تطيَّرْتُ من وجهي

فكتب اليهِ الحسينُ (ع) قائلاً ما منا من يتطيَّر بوجهِهِ
فَسِرْ جاهداً حتى تَصِلَ الكوفة
فسار مُسلمٌ من فورِهِ حتى وصل إلى بئرِ ماءٍ لِطَيّ
فَشَرِبَ وارتوى ثم واصل مسيرَهُ حتى وصلَ العراقَ
فنزل في دارِ المختار ابنِ أبي عبيدةَ الثقفي
وتوافدت اليهِ الشيعةُ وأظهروا له الترحيبَ والطاعةَ
فقرأ عليهم كتابَ الحسينِ (ع) وهم يبكون وينتحبون
فأخذوا يدخلون عليهِ عشرةً بعد عشرةٍ
وعشرين بعد عشرين حتى بلغوا ثمانيةَ عشرَ ألفاً
وقيل خمسةً وعشرينَ ألفا
فكتب مُسلمٌ إلى الحسينِ مع كبارِ من بايَعَهُ
وتوالت إليهِ الكُتُبُ فلما سَمِعَ بذلك النعمانُ ابنُ بشير
وكان والياً للكوفةِ صَعِدَ المِنْبَرَ وقال أيها الناسُ
إني واللهِ لا أقاتلُ من لا يُقاتلُني فلا تُثيروا الفتنةَ
بهذه البيعةِ فخرج من عندهِ مسلمُ ابنُ ربيعةَ الحضرمي
وكتبَ إلى يزيدَ بِقُدومِ مسلمَ ابنِ عقيلٍ
وأخْذهِ البيعةَ للحسينِ(ع) قائلاً إنْ كان لكَ في الكوفةِ حاجةٌ
فأنفِذْ اليها رجلاً قوياً فإنَّ النعمانَ ضعيفٌ ويتضاعف
فلما وصل الكتابُ إلى يزيد دعا مستشارَهُ سرجون
فأشار عليه أن يبعثَ إليهم عبيدَ الله ابنَ زياد
فأنه لا يعرفُ رأفةً ولا رحمةً فكتب يزيد
إلى عبيدِ الله ابنِ زياد قائلاً
إني قد ولّيتُك الكوفةَ مع البصرةِ
وإنَّ مسلماً قد نَزَلَ بالكوفةِ لأخْذ البيعةِ إلى الحسين
فإذا وصلك كتابي هذا فارحل من فورِك إلى الكوفة
واطلب مسلمَ ابنَ عقيل فاقتلهُ وابعثْ لي برأسِهِ والسلام
فلمّا وصل اليه الكتابُ وهمَّ ابنُ زيادٍ أن يَخْرُجَ منَ الكوفة
فإذا بأصحابِهِ قد قبضوا على رسولِ الحسينِ الى البصرةِ
سليمانَ ابنِ زُرَيِّن فأمر به فضُرِبَت عُنُقُه
ثم خرج عبيدُ اللهِ ابنُ زيادٍ إلى الكوفةِ حتى دَخَلَها
وكان الناسُ يتوقعون قدومَ الحسينِ(ع)
وقد اعتمَّ ابنُ زيادٍ بعمامةٍ سوداء كعمامةِ الحسينِ
واضعاً لثاماً على وجههِ وبيدِهِ عصاً من خَيْزُران
فكان كلَّما مرَّ على جماعةٍ سلَّموا عليه بقولِهِم
السلامُ عليك يبنَ رسولِ الله فكان لا يَردُّ عليهم
إلّا برفعِ العصا حتى وصلَ إلى قصرِ الإمارةِ
فأشرفَ عليه النعمانُ ابنُ بشير من أعلى القصر
وكان يظنُّ أنَّهُ الحسينُ(ع) فخاطَبَهُ قائلاً
يبنَ رسولِ الله إرجعْ من حيث أتيتْ
فإني لا أقاتلُ من لا يقاتلني
فقال لهُ ابنُ زياد إفتحْ لا أمَّ لك
فقال النعمانُ :- إنَّهُ ابنُ مرجانةَ وربِّ الكعبةِ
وبات ليلَتَهُ في قصرِ الإمارة فلمّا أصبح
صَعِدَ المنبرَ وقام في الناسِ خطيباً
وأظهرَ الغِلْظَةَ والشدَّةَ عليهم بِكلِّ أشكالِ التَّهديدِ والوعيد

(خروجُ مسلم من دار المختار)

ولمّا بلغ مسلمَ ابنَ عقيل خطبةُ ابنِ زيادٍ
خاف أن يُؤخَذَ غيلةً فَخَرَجَ من دارِ المختارِ ليلاً
ونَزَلَ في دارِ هانئَ ابنِ عُروة المرادي
فوجد عندَهُ ابنَ عمِّهِ شريكَ ابنَ عبدِ الله الأعور
فقال شريك يا مسلم إنَّ لي مع ابنِ زيادٍ صداقةً قديمةً
وقد بَلَغَهُ مرضي وأرسل اليَّ أنهُ سيعودُني الليلة
فإذا جاء فادخُلِ المخدعَ والعلامةُ بيني وبينك
إذا رفعتُ عمامتي من على رأسي فاخرُج اليه واقتلُه
فقال مسلمُ ابنُ عقيل أفعلُ إنْ شاء اللهُ
فلما وصل ابنُ زيادٍ لعيادتِهِ وجلس عند رأسِهِ
أخذ شريكٌ يرفَعُ عمامتَهُ ويَضَعُها على الأرض
ثم يَضَعُها على رأسِه ففعل ذلك مِراراً
ولم يخرُجْ مسلم فجعل يُنْشِدْ

ما تنظرونَ بسلمى لا تُحيّوهــا
حيّو سُليمى وحيّو من يُحييها
هل شربةٌ عذبةٌ اُسقى على ظمإ
ولو تَلِفَتْ وكانت مُنيتي فيها

ثم صاح بصوتٍ ضعيفٍ يُسمِعُه مُسْلِماً
إسقنيها ولو كان فيها حتفي
فالتفت ابنُ زيادٍ إلى هانئَ ابنِ عُروة
فقال لهُ إنَّ ابنَ عمِّك يخلط في علّته
فقال هانئ نعم إنَّهُ يهجُر
فخرج ابنُ زيادٍ من بيتِهِ وانصرف
فقال شريكٌ لمسلمَ ابنِ عقيلٍ ما منعك من قتلِهِ
فقال مسلمٌ منعتني خصلتان الأولى حديثُ رسولِ اللهِ
(ص) ( إنَّ الإيمانَ قيدُ الفتك فلا يفتِكُ مؤمن )
والثانية إنَّ امرأةَ هانئ قد توسَّلت إليَّ
وأقسمت عليَّ أنْ لا أفعلَ هذا في بيتها
فقال هانئ قَتَلَتْنا واللهِ وَقَتَلَتْ نَفْسَها
وبقي شريكٌ بعد ذلك ثلاثةَ أيّامٍ ومات
وبينما ابنُ زيادٍ في قصرِ الإمارة
إذ أقبل إليه مالكُ ابنُ يربوعَ التميمي
وقد قَبَضَ على رجلٍ كان يحملُ رسالةً
إلى الحسينِ عليه السلام
فقال له ابنُ زياد ما اسمك
فقال أنا عبدُ اللهِ ابنُ يَقْطرْ
فقال ابنُ زياد مِمَّنْ الكتاب فلم يخبرهُ بشيء
فأمر بقتلِهِ فقُتِلَ رضوانُ الله عليه

(اعتقال هانئ ابن عروة المرادي)

ولما غاب خَبَرُ مسلمَ ابنِ عقيلٍ عن ابنِ زياد
دعا مولاً لهُ يسمى معقل وكان داهيةً ذهماءَ فأعطاهُ
ثلاثةَ آلاف درهم وقال لهُ خذ هذه الدراهم
واسأل عن مسلمَ ابنِ عقيلٍ وأظهر له الإخلاص
فذهب حتى وصل إلى مسلمَ ابنِ عوسجة
وأخبرهُ أنَّ مَعَهُ أموالاً يريدُ إعطائَها
إلى مسلمَ ابنِ عقيل
فقال ابنُ عوسجة أُعْزُب عن هذا يا أخا العرب
فما لنا ولأهلِ البيت
فقال له مَعْقِل إنْ كنتَ لا تثقُ بي فَخُذْ عليَّ العُهودَ
والمواثيق ولم يزلْ بِهِ حتى أدخَلَهُ على ابنِ عقيل
فأخبَرَهُ بأمرِه فوثقَ بِهِ مسلمُ ابنُ عقيل وأخَذَ عليهِ البيعةَ
فلما عَلِمَ أخبارَهم دخل على ابنِ زياد
وأخبرهُ بجميعِ ما كان من خبرِ مسلمٍ وهاني
ولما صحَّ ذلك عند ابنِ زياد دعا محمدَ ابنَ الأشعث
وأسماءَ ابنَ خارجة وعَمْرَ ابنَ الحجاج
وقال لهم إنطلقوا وأتوني بهانئَ ابنِ عروة وضمَّ اليهم
رجالاً فوجدوهُ جالساً على بابِ دارِه
فقالوا لهُ إنَّ الأميرَ يدعوك إليه
فنهض هاني ابنُ عروة وذهب معهم
حتى أتَوْ الى قصرِ الإمارة ودخلوا على ابنِ زياد
فسلَّم عليه هاني فلم يردَّ السلام
والتفت ابنُ زيادٍ الى شريحَ القاضي
وكان جالساً عنده فقال

أريدُ حياتَهُ فيريـــــدُ قتلي
عذيري من خليلٍ من مُرادِ

فقال هاني وما ذاك أيها الأمير
فقال له ابنُ زيادٍ:- لقد جئتَ بمسلمَ ابنِ عقيل
وجمعتَ لهُ الرجالَ والسلاحَ في الدار حولك
وظننت أنَّ ذلك يخفى علينا فقال هاني لمْ أفعلْ
فقال ابنُ زياد بلا لقد فعلت
وإنَّ الذي قد جاءني بالخبر أصدقُ منك عندي
ثم قال يا معقل أُخرُج إليه وكذّبْهُ
فخرج معقلٌ فقال مرحبا بك يا هاني أعرفتني
فقال له هاني عرفتُك كاذباً فاجراً
ثم قال هاني أيها الأمير إني لم أدْعُهُ إلى بيتي
حتى جاءني وسألني الدخول فكَرِهتُ أنْ اردَّهُ
فَدَخَلَ في ذمامي وجواري
فاْذنْ لي حتى أرجعَ الى الدار
فأخْرُجُ من ذمامِهِ وجوارِه
ليذهبَ الى ما شاء من الأرض
فقال ابنُ زياد لا تُفارِقني حتى تأتيني به
فقال له هاني لا والله لا أفعل
ولو كانت رجلي على طفلٍ من أطفالِ بني هاشم
لا أرفعُها حتى تُقطَع فضرَبَهُ ابنُ زيادٍ
بقضيبٍ من حديد على وجهِه
فسالت الدماءُ على وجهِهِ ولحيتِه
ثم أمر برمْيِهِ في الطامورة
فسمعتْ مِذْحَجُ بذلك وهم قومُ هانئَ ابنِ عروة
فساروا الى ابنِ زياد وأحاطوا بالقصر
فأمر ابنُ زيادٍ شريحَ القاضي
بأنْ يُخبرَهُم بتكذيبِ الخبر
وإنَّ هانئا هو ضيفٌ عند الأمير
فخرج إليهم شريحُ القاضي
وحاول إخبارَهُم بما جرى
لكنَّ عيونَ ابنِ زياد كانت تراقبُهُ
فخاف منهم وأخبر قومَهُ
بأنهُ حيٌّ يُرزق وأنه ضيفٌ على الأمير
فصدَّقوهُ ورجعوا إلى دورِهم

مسلمُ ابنُ عقيل وحيداً

ولما بَلَغَ مسلمَ ابنَ عقيل خبرُ هانيَ ابنِ عروة
جمع عُدَّتَهُ ومواليه فكانوا أربعةَ آلافِ مُقاتل
فأحاطوا بقصرِالإمارة وهم ينادون
بشعارِ المسلمين يومَ بدر ( يا منصورُ أمِت )
فلم يستطع ابنُ زيادٍ المقاومة
فغلّقَ أبوابَ القصر خائفاً متحيراً
واستخدم المكرَ والخديعة
فأنفذ من ينادي بينهم أنْ خلِّصوا أنفسَكم واهرُبوا
قبل أن يصلَ اليكم جيشُ الشام الجرّار
الذي بات قريبا من الكوفة فصدّق الكوفيون ذلك
وأخذوا يتفرقون فلم يبقَ من الأربعة آلاف
إلا ثلاثمئةِ مقاتل فكَثرت الإشاعةُ
وتفرقَ من بقي مع مسلم
فأخذت النساءُ تجرُّ أزواجَها
والرجالُ يمنعون أبناءَهم وإخوانَهم
حتى لم يبقَ مع مسلم إلا ثلاثين شخصا
فانسحب مسلمٌ من الميدان وصلّى في المسجد
بمن بقي معه ولما فرغ من صلاتِه
لم يجد إلا ثلاثةً منهم فأخذ يخترقُ الشوارع
ويمشي في أزقّة الكوفة التي لا يَعرِفُ مسالِكَها
وقد تفرَّق من بقي منهم عنه فإذا به وحيداً حائراً غريباً
ثم إنَّ ابنَ زيادٍ أمر بإحضارِ مسلمَ ابنِ عقيل
حياً أو ميتا فأخذوا يبحثون عنه في كلِّ جانبٍ من الكوفة
وكان مسلمُ ابنُ عقيل قد وقف على بابِ دارٍ
عاليةِ البنيان فجلس ليستريح فخرجت إمرأةٌ من الدار
يقالُ لها طوعة فقالت يا هذا ما جُلوسُك على باب داري
فقال لها مسلم أمَةَ الله إني عطشان
فهل لي بقليلٍ من الماء
فجاءَتْهُ بالماء فشربَ الماء ولم يرحل
فقالت له طوعة إنصرف إلى أهلِكَ أيها الرجل
فسكت مسلم فأعادت عليه الكلام
فقال لها أمَةَ الله إني ليس لي أهلٌ في هذا المصر
فقالت له ومن تكونُ يارجل
فقال أنا مسلمُ ابنُ عقيل
فبُهتت المرأةُ وقالت له سيدي ماعرفتُك
وأنا أعتذرُ إليك فقال لها مسلم
فهل أستطيعُ أنْ أبيتَ عندكُمُ الليلة
فقالت تفضل يا سيدي فأدخَلَت مسلماً
إلى غرفةٍ غيرِ مسكونة لأنها كانت خائفةً
عليه من ولدِها فكان تلك الليلةُ قائماً وراكعاً وساجداً

وبعد أنْ فَرِغ من صلاتِهِ دخلتْ عليهِ المرأةُ
فَسَمِعَتْهُ يقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون
فقالت له طوعة لم استرجعتَ ياسيدي
فقال لقد غَفَوْتُ قليلاً فرأيتُ عمي أميرَ المؤمنين
وهو يقولُ الوحا الوحا العجل العجل
ولا أظنُّ إلّا إنَّها آخر حياتي
فلما سمعتْ بذلك طوعة إستعبرت وبكت
ثم أخذت اليهِ الطعامَ والشراب
فلما رآها ولدُها وهي تُكْثِرُ الدخولَ والخروجَ
إلى المخدع أنكر عليها ذلك
فأخذتْ عليه العهودَ والمواثيق ففعل
فأخبَرَتْهُ أنَّ مسلماً في الدار
فلما طلع الفجرُ ذهب اللعينُ إلى القصر
منادياً النصيحةُ النصيحة
فقالوا وما ذاك
فقال إنَّ أُمي صارت تخفي مسلماً في دارنا
فسمع ابنُ زياد فطوَّقَ الغلامَ بطوقٍ من ذهب

مصرعُ مسلمَ ابنِ عقيل

ثم دعا ابنَ الأشعث في خمسِمِئةِ فارسٍ
حتى وصل إلى تلك الدار
فلما سمع مسلمٌ وقعَ حوافرِ الخيل
وأصواتَ الرِّجال بادر مسرعاً إلى فرسِهِ
فأسرَجَهُ وألجَمَهُ واعتمَّ بعمامتِهِ وتقلّدَ سيفَهُ
فخرج اليهم وقاتلهم قتالاً شديداً وكان يضربُ فيهم
يميناً وشمالاً وينقضُّ عليهم كالأسدِ الضّاري
حتى قَتَلَ منهم مئةً وثمانينَ فارساً
فأرسل ابنُ الأشعث إلى ابنِ زيادٍ قائلاً
أدركني بالخيلِ والرّجالِ
فقال لهُ ابنُ زياد ثَكَلَتْكَ أمُّك وعدموك قومُك
رجلٌ واحِدٌ يقتلُ منكم هذه المقتلة العظيمة
فكيف إذا أرسلتُكُم إلى من هو أشدُّ منهُ مِراساً
يعني الحسينَ ابنَ علي
فقال لهُ ابنُ الأشعث يبنَ زياد أتظنُّ أنك أرسلتني
إلى بقّال من بقاقيلِ الكوفة أو
جُرمُقانٍ من جرامقةِ الحيرة إنه أسدٌ ضرغامٌ
وفي كفَّهِ حسامٌ يقطرُ منهُ الموتُ الزؤامُ
إنه سيفٌ من سيوفِ آلِ محمد
فقام ابنُ زيادٍ وأرسل إليه خمسَمِئَةِ فارسٍ
واشتدّ القتالُ بينهم واختلفَ مسلمُ ابنُ عقيلٍ
وبكر ابن حمرانٍ بضربتين فضرب مسلمٌ بكراً
على رأسِهِ وأخرى على عاتقِهِ
وضَرَبَهُ بكرٌ على فمِهِ فَقَطَّعَ شَفَتَهُ العُليا
وأسرع السَّيْفُ إلى السفلى ثم أشرفوا عليه
من فوقِ البيوت يرمونَهُ بالحجارةِ والنارِ
فشدَّ عليهم وقاتلهم قتالاً عظيماً فأرسل ابنُ زيادٍ
إلى ابنِ الأشعث قائلاً أعطِهِ الأمان
فإنك لا تقدرُ عليه إلّا بالخديعةِ والأيْمانِ المؤكّدة
فقال ابنُ الأشعث لك الأمانُ يا مسلم فاذهب معنا
فقال مسلم أيُّ أمانٍ وأنتم ترمونني بالحجارة
كما تُرمى الكفّار وكأنني لستُ من أهلِ بيتِ النُبوةِ
الأبرارِ الأطهار ثم أنشد يقول

أقسمتُ لا اُقْتَلُ إلّا حُــــــرّا
وإنْ رأيتُ المَوْتَ شيئاً نُكرا
كلُّ امرءٍ يوماً مُلاقٍ حشرا
رُدَّ شُعاعَ الشمسِ فاستقرّا
أضربُكم ولا أخافُ ضُــــرّا
أخافُ أن اُخْدَعَ أو اُغــــرّا

فقال لهُ ابنُ الأشعث لا تَقتُل نفسك وأنت في ذمّتي
فقال مسلم لا والله لا يكونُ ذلك أبداً
وحمل على ابنِ الأشعث فولّى منهُ هارباً
ثم حملوا عليه من كل جانبٍ ومكان
وقد اشتدَّ به العطش حتى سقط إلى الأرض
وأخذوهُ أسيرا إلى ابنِ زيادٍ فطلب في هذه الحالِ ماءً
فأتَوْهُ بالماء وأراد أن يشرب فسقطت ثناياهُ في القدح
وامتلأ القدحُ دماً فتركهُ وقال لو كان من الرزقِ المقسوم
لشَرِبْتُه ثم أدخلوهُ على ابنِ زياد فلم يُسلِّم عليه
فقالوا لولا سلَّمتَ على الأمير
فقال مسلم ماعلمتُ لي أميرا غير الحسين
فقال ابنُ زياد سَلّمْتَ أم لم تُسَلّم فإنك مقتولٌ مقتولٌ
فقال مسلمٌ إنْ قتلتني فلقد قتلَ من هو شرٌ منك
من هو خيراً مني فغضب ابنُ زيادٍ فشتَمَهُ
وشَتَمَ علياً وعقيلاً والحسينَ فقال لهُ مسلم
أنت وأبوك أحقُّ بالشتم فاقض ما أنت قاضٍ
فأمَرَ ابنُ زيادٍ بكرَ ابنَ حمران أنْ يَصْعَدَ بِهِ
إلى أعلى القصر ويضربَ عُنقَه
وأمَرَ أنْ يُخرُجوا هانيَ ابنَ عروة فيقتلوهُ
فأخرجوا هاني وقَطَعُوا رأسَهُ
ورَمَوْا برأسِهِ وجَسَدِهِ خارجَ القصر
وصعد بكرُ ابنُ حمران بمسلمَ ابنِ عقيل إلى أعلى القصر
فقال لهُ مسلم أمهلني حتى أصلّي ركعتين
فقال لهُ بكرُ ابنُ حمران لك ذلك ولما فرغ مسلمٌ من صلاتِهِ
نادى السلامُ عليك يا أبا عبد الله السلامُ عليك يبنَ رسولِ الله
ثم ضَرَبَهُ اللعينُ بالسيفِ على رأسِه

ورَمَوْ بِهِ من أعلى القصر

أي وا مسلماه
وا سيداه وامظلوماه
المگدر گضه اوشاعت اخباره
رموه الگوم من گصرالإماره
هاني انچتل عگبه اوبگت داره
مظلمه اولا بعد واحد يصلهه

أحبابي شلون اشوفنهم وردهم
اعزاز وبالگلب شابچ وردهم
ابعالي الصوت اناديهم وردهم
يلحگوني ويجون بساع ليـــــه

لطمية بحق مسلم ابن عقيل (ع)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ها يمسلم طوعه صاحت بيهه
والمراجل من علي تراويهه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طوعه گلهه ما يهمني هالعدد
طوعه سيفي بيْهه ابداً ما له حد
هالجمع يالحره لحصدهم حصد
وبن الاشعث فنه يلحگ ليهـــه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسين ابن عمي واخوي امن الزغر
عنه ابْدا ما أحيـــــــــــــــد ولا أفر
چلمته الميزان بيهــــــــــــــه يستقر
يا سمانه ابسمته ايضويهــــــــــــه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيد الكونين عمي ابو الحســـــن
وانا منه اتعلمت فن اعلـــــــه فن
اليوم أساگي الكوفه كاسات الوهن
وانا مسلم للحرب راعيهــــــــــــه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
طوعه ميهمني جمعهم لو فزع
أگطع لسان اليضدنه والبدع
يبقه صوت حسين هوه المرتفع
واليحب حسين فايز بيهــــه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توسط الجيمه و يفر بسيفه
بيهه يلعب ما يريد بكيفـــــــه
والجمع حيران ضل بخيفه
هذا مسلم لو علي الطب ليهه
ــــــــــــــــــــــــــ
طلبت العون وبعد رادت عدد
وهي تدري بهالجمع رايح فند
ومسلم ينادي يحيدر المــــــدد
انت ابو الحسنين وتلاويهـــــه
ـــــــــــــــــــــــــ
خاضهه بطول وعرض ميدانهه
زيّد اهموم العده وأحزانهـــــــه
تشوف هالفرسان بين اركانهه
روس طارت بالحرب ويديهه

خروج الحسين الى العراق

ولما سمع الامامُ الحسين أنَّ يزيدا
قد أنْفَذَ أعوانَهُ إلى مكة
وأوصاهُم بالفتكِ بِهِ أينما وجدوه
عَزَمَ على الخروجِ من مكة حتى لا تُستباحَ
حُرمَةُ الكعبةِ الشريفة فخرجَ قبل إتمامِ حجِّهِ
واقتصر على العمرة وبينما كان يفكرُ بالرحيل
اذ هوّمتْ عيناهُ بالنوم فرآى جدَّه رسولَ الله
وهو يقول الوحا الوحا العجل العجل بادر إلينا
فنحنُ مشتاقون إليك واجعل طريقَك إلى العراق
فلقد شاء اللهُ أن يراكَ قتيلاً فانتبه الحسينُ
قلقاً مَشُوقاً إلى جدِّه ثم جمع أهلَه وعيالَه وحدّثم بذلك
وأمرهُم بالرحيلِ إلى العراق
فسار الإمامُ الحسينُ مع إخوتِهِ وبنيهِ
وبني إخوتِه وأهلِ بيتِه إلى العراق
فسمع يزيد برحيلِهِ من مكةَ الى العراق
فكتب الى عبيدِ الله ابنِ زياد قائلا
إنَّ الحسينَ قد توجَّهَ الى العراق فاذا وصلك الرجل
فلا تتركْهُ يرجع الى المدينة واخرُجْ عليهِ بجيشِكَ
واقتلهُ وأهلَ بيته وابعث لي برؤوسهم جميعا
فَجَمَعَ ابنُ زيادٍ عدَّتَهُ وجيشَهُ لذلك
وسار الإمامُ الحسينُ فلما وَصَلَ الى الحاجزِ من بطنِ الرُّمّة
أرْسَلَ قيسَ ابنَ مسهَّرِ الصيداوي الى الكوفة
ليسأل عن خبرِ مسلمَ ابنِ عقيل وعن خبرِ الناسِ فيها

مقتلُ قيسَ ابنَ مسهّرَ الصيداوي

وكان الحصينُ ابنُ نمير قد نَزَلَ بالقادسية
في أربعةِ آلافِ مُقاتل وعندما مرَّ قيسُ ابنُ مسهَّرٍ فيها
اعتقلهُ الحصينُ فمزَّق قيسٌ الرسالة قطعةً قطعة فأخَذَهُ
الحصينُ الى ابنِ زيادٍ فقال له ابنُ زياد
إمّا أنْ تخبرَني بأمرِ الرسالةِ أو أنْ تصعدَ المنبرَ فتلعنَ الحسينَ
فقال قيس أما الرسالةُ فلا أقولُ عنها أبدا وأما اللعنُ فأفعل
فاْذن لي أصعد المنبر فأَذن له فصعد المنبر
فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبيَّ فصلّى عليه والِه
ثم قال أيّها الناس هذا الحسينُ قد جاءكم فأجيبوه
ثم شتم يزيداً وعبيدَ اللهِ ابنَ زياد فأمر ابنُ زياد
أن يرموه من أعلى القصر فرُمي ومات رضوانُ الله عليه
وسار الحسينُ فكان لايمرُّ بقومٍ إلا ودعاهُم الى نُصْرَتِه
فلما وَصَلَ الى الصِّفاح لقي الشاعرَ الفرزدق
فسألَهُ عن خبرِ الناسِ خلفَه فقال لهُ الفرزدق
إنَّ قلوبَ الناس معك وسيوفُهم مع بني أمية
فقال له الحسينُ صَدَقتْ . واللهُ يفعلُ ما يشاء


الحسينُ يدعوا زهيرَ ابنَ القين

ولما وصل الحسينُ الى الخُزيميّة قام بها يوماً وليلة
ثم سار الإمامُ الحسينُ حتى نزل في زرود
وكان قد نزل بها زهيرُ ابنُ القين فأرسل اليه الحسينُ (ع)
فتوقف زهيرٌ عن الإجابة فقالت له زوجتُه دلهم
أفلا تذهبُ الى ابنِ بنتِ رسولِ الله فحثَّتهُ على الذهاب
فمشى اليه زهير وما أسرعَ أن عاد فرحاً مسروراً
بعدما سمع كلامَ أبي عبدالله فقال لقومِهِ
إني ذاهبٌ لنصرةِ الحسينِ (ع) فمن أراد أن يذهبَ معي
فإني راحلٌ معه فالتحقَ زهيرٌ بالركب الحسيني
وبينما الحسينُ سائرٌ الى الكوفة إذ
وصل اليه خبرُ قتلِ مسلم ابنِ عقيل وهاني ابنِ عروة
فقام خطيباً في الناس قائلاً لقد قُتِلَ مسلمٌ وهاني
وقد خذلتنا شيعتُنا فإن كان منكم
من يصبرُ على ضربِ السيفِ وطعنِ الرمح
وإلّا ينصرفْ من موضِعِهِ هذا فسكتوا
وأخذوا يتفرقون عنه يميناً وشمالاً
حتى لم يبقَ معه إلا أهلُ بيته ومواليه
وهُمْ نَيِّفٌ وسبعونَ رجلاً فالتفتَ الحسينُ الى بني عقيل
وقال لهم عظَّم اللهُ اُجورَنا واُجورَكم بقتلِ مسلم
فماذا تَرَوْنَ بعد هذا ترجِعون أم تُكمِلون المسير
فقال بنو عقيل والله لانرجِعُ
حتى نُصيبَ ثأرنا أو نذوقَ ما ذاق صاحبُنا
فقال الحسينُ عليه السلام لا خيرَ في العيشِ بعد هؤلاء
ولما وصل الحسينُ الى الشقوق
رأى رجلاً مقبلاً من الكوفة فسألَهُ عن أهلِها
فأخبرهُ بأنهم مجتمعون عليه
فقال الحسينُ عليه السلام .
إنَّ الأمرَ للهِ يفعلُ ما يشاء
ثم أنشد يقول

وإن تكن الدنيا تعدُّ نفيســـــــــــــــةً

فانَّ ثوابَ اللــــــهِ أعلى وأنبـــــــــلُ

وإن تكنِ الأموالُ للتركِ جمعُهـــــــــا

فمــــا بالُ متروكٍ به المرءُ يبخـــلُ

وإن تكن الأرزاقُ قسمــــــــاً مقدراً

فقلةُ حرصِ المرءِ في الكسبِ أجملُ

وإن تكن الأبدانُ للمـــــــوتِ اُنشأتْ

فقتلُ امرءٍ بالسيفِ في اللهِ أفضـــــلُ

ثم قام الحسينُ سائراً حتى وصل الى بطنِ العقبة
وفيها قال لأصحابِهِ ما أراني إلّا مقتولا
فقد رأيتُ في المنامِ كلاباً تنهشُ لحمي
وأشدُّها عليَّ كلبٌ أبقع فأشار اليه
عمرو ابنُ لوذان من بني عكرمة
بالرجوعِ الى المدينة فقال الحسينُ (ع) .
إنَّ اللهَ لا يُغْلَبُ على أمرِه

الامامُ الحسينُ يلاقي الحرَّ الرياحي

ثم سارالإمامُ (ع) ولما بلغ الثّعلبية
ونزل بها أقْبَلَ إليه رجلٌ نصرانيٌ وأمَّهُ
فأسلما على يديه وذلك الرجلُ
هو وهبُ ابنُ عبدِ اللهِ ابنِ حُبابَ الكلبي
وبينما الحسينُ بالثعلبية إذ نظر الى سوادٍ مرتفعٍ
فقال لأصحابِهِ ما هذا السواد فقالوا خيلٌ مقبلةٌ
وإذا بألفِ فارسٍ يقدُمُهم الحرُّ ابنُ يزيدَ الرِّياحي
وكانوا كلّهم عطاشى
فقال الحسينُ لأصحابِه خلّو عن الماء حتى يشربوا
فشرِبوا بأجمعِهم حتى ارتووا من الماء
فقال الحسينُ عليه السلام يا حُر أنت لنا أم علينا
فقال الحر إني عليكم يا أبا عبد الله
فقال الحسينُ (ع) لاحول ولا قوة الا بالله
ثم قال الحسينُ فما تريدُ يا حُر
فقال الحرُّ اُريدُ أن أمنعَك من الرجوعِ الى المدينة
أو أحْمِلَك الى ابنِ زياد وأنْ لا اُفارقَك
فقال الحسينُ للحر ثكلتك اُمُّك وعدموك قومُك
فقال الحرُّ لولا أنَّ اُمَّك فاطمة
لما سكتُّ عن التعرضِ لها بالثكل
ثم قال الحر إذا كان ولابد فَخُذْ طريقاً
لا يُدخِلك الى الكوفة ولا يردَّك الى المدينة
وإني أشهد يا أبا عبد الله أنك إذا قاتلتهم فإنهم سيقتلونك
فقال الحسينُ (ع) أفبالموت تُخوفني وأنشد يقول

سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى

إذا ما نوى حقاً وجاهدَ مسلمـــــا

وواسى الرجالَ الصالحين بنفســـــِـهِ

وفارقَ مذموماً وخالفَ مُجرمـــا

اُقدِّمُ نفسي لا اُريدُ بقاءَها

لتَلقى خميساً في النزالِ عرمرما


فانْ عِشتُ لَمْ اُذمَمْ وإنْ مِتُّ لمْ اُلَمْ

كفى بك ذلاّ أنْ تعيشَ وتُرغمـــا

ولما حظر وقتُ الصلاةِ
قال الحسينُ عليه السلام للحُر
أنصلي كلٌّ منا بأصحابِهِ أم نصلّي معا
فقال الحرُّ بل صلِّ أنت بنا يا أبا عبد الله
فصلّى الحسينُ بالفريقين
ثم سار الحسينُ والحرُّ يُسايرُهُ
حتى وصل الى قصرِ بني مقاتل
فوجد الحسينُ رجلاً اسمَهُ عبيدَ اللهِ ابنَ الحُر الجُعفي
فدعاهُ الى نصرتِهِ
فقال ابنُ الحُر خذ سيفي ودرعي ورمحي وفرسي واعفني
فقال الحسينُ(ع) إذا بَخِلت علينا بنفسِك
فلا حاجة لنا بمالك فتركهُ الحسينُ وانْصَرَفْ
وبينما الحسينُ سائر إذ التحقَ به أربعةُ نفر
وكان فيهم نافعُ ابنُ هلالٍ البجلي
وأخَذَ الأصحابُ يتوافدون اليه ويسيرون بين يديه
ومضى الحسينُ سائراً فهوَّمتْ عيناهُ بالنوم
فانتَبَهَ وهو يقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون
فقال لهُ عليُّ الأكبر لم استرجعتَ يا أبَه
فقال الحسينُ (ع) لقد سمعتُ هاتفاً يقول
القومُ يسيرون والمنايا تسيرُ بهم
فقال عليُّ الأكبر أوَلسنا على الحق يا أبَه
فقال الحسينُ (ع) بلا واللهِ يا بُنَي
قال أذن نموتُ ولا نُبالي

الحسينُ في كربلاء

ثم سارو حتى وصلوا أرضاً بها وقَفَتْ فرسُ الحسينُ (ع)
فنزل عنها حتى ركبَ سبعةَ أفراسٍ وهنَّ على هذه الحاله
فقال مااسمُ هذه الأرض قالوا الغاضريّات
فقال هل لها إسمٌ آخر قالوا نينوى
قال فهل لها إسمٌ آخر قالوا تُسمّى الفُرات فهل لها إسمٌ آخر
قالوا تسمّى أرضُ الطّف فهل لها إسمٌ آخر قالوا تسمّى كربلاء
عندها تنفَّسَ الصُّعداء ودمعتْ عيناهُ وقال أرضُ كربٍ وبلاء
ثم قال واللهِ هاهُنا تُقتلُ رجالُنا هاهُنا تُسبى نساؤنا
هاهُنا تُسْفَكُ دماؤنا ثم نزلوا ونَصَبُوا خيامَهُم فيها
وأخَذَ الحسينُ يُصلِحُ سيفَه وأنشَدَ يقول

يا دهرُ اُفٍّ لك منْ خليلِ
كم لك بالإشراقِ والأصيـلِ
منْ طالبِ حقٍ قتيـــــــلِ
والدهرُ لا يقنعُ بالبديـــــــلِ
وكلُّ حيٍّ سالكٌ سبيـــــلٍ
ما أقربَ الوعدَ من الرحيلِ
وإنَّما الأمْرُ الى الجليــلِ
سبحانَ ربّي ما لهُ من مثيلِ


فلما سمعتْ ذلك زينب وثَبَتْ تَجُرُّ أذيالَها حتى انتهتْ اليه
وقالت واثكلاه ليتَ الموتُ أعدمني الحياة
اليوم ماتت اُمي فاطمة وأبي علي وأخيَ الحسن
يا خليفةَ الماضين وثمالةَ الباقين
فقال الحسينُ(ع) اُخيَّ زينب تعزّي بعزاءِ الله
واعلمي أنَّ أهلَ الأرضِ يموتون وأهلَ السماء لا يبقون
وكلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهَه ولنا برسولِ الله اُسوةٌ حسنة
فقالت زينب إنَّ هذا أقرحُ لقلبي وأشدُّ على نفسي
فبكت النسوةُ وصاحت اُمُّ كلثوم وا محمداه واعلياه
وا اُماماه واحسيناه
فقال الحسينُ يا اُختاهُ ويا اُمَّ كُلثوم ويا فاطمةَ ويارباب
إذا قُتِلتُ فلا تَشْقُقْنَ عليَّ جيباً ولا تخمشنَ وجهاً
ولا تُقلنَ هجرا فإنّا لله وإنّا إليه راجعون
ثم أمَرَ أصحابَهُ بأن يقربوا البيوت فقربوها
وأخذوا يحرُسونَها من كيدِ الأعداء


الحسين يوم عاشوراء

ولما أصْبَحَ الحُسينُ (ع) يوم عاشوراء
وصلّى بأصحابِهِ صلاةَ الصُّبح قام خطيباً فيهم
فحَمِد اللهَ وأثنى عليه
ثم قال إنَّ الله سبحانه وتعالى قد أذِنَ في قتلِکُم و قتلي
في هذا اليوم فعليکُم بالصَّبرِ والقتال
وکانوا سبعةً وسبعين ما بين فارسٍ وراجل
فجَعَلَ زهيرَبنَ القين في الميمنة
وحبيبَ ابنَ مظاهر في الميسرة
وأعطى رايتَهُ الى أخيهِ العباس
وثَبَتَ عليه السلام هو وأهلُ بيتِهِ في القلب
وأقْبَلَ عُمَرُ ابنُ سعد نحو الحسينِ (ع) في سبعينَ ألفاً
فَجَعَلَ على الميمنةِ عمروابنَ الحجاج الزبيدي
وعلى الميسرةِ شِمرَ ابنَ ذي الجوشن
وعلى الخيلِ عزرةَ بنَ قيس
وعلى الرجّالةِ شَبَثَ بنَ ربعي وأعطى الرايةَ إلى ذويدٍ مولاه
وأقبلوا يجولون حول البُيوت فيرون النارَ تضطرمُ في الخندق
فنادى شمرٌ بأعلى صوتِه
ياحُسينُ تعجَّلتَ بالنّار قبل يومِ القيامة
فقال الحسينُ مَنْ هذا کأنَّهُ شمرٌ
قيل نعم: فقال يابنَ راعيةِ المعزى أنت أولى بها منّي صِلِّيا
ورامَ مسلمُ ابنُ عوسجة أن يرميهُ بسهمٍ
ولكنَّ الحسينَ (ع ) مَنَعَهُ وقال أکرهُ أنْ أبدأهم بقتال
ولما نظر الحُسينُ (ع) إلى جمعهم کأنَّهُ السَّيْل
رفع يديهِ بالدعاءِ وقال :اللهم أنت ثقتي في کلِّ کرب ..
ورجائي في کلِّ شدة وأنت لي في کلِّ أمرٍنزل به ثقةٌ وعّدة
کم من همٍّ يضعُفُ فيهِ الفؤاد وتقلُ الحيلة
ويخذلُ فيه الصديق ويشمتُ فيه العدو أنزلتُهُ بك وشکوتُهُ إليك
رغبةً مني إليك عمَّن سواك فکشفتَهُ وفَرَّجْتَه
فأنت وليُّ کلِّ نعمة ومنتهى کلِّ رغبة

الخطبةُ الاولى للحسينِ عليه السلام

ثم دعا براحلتِهِ فرکبها
فنادى بصوتٍ عالٍ يسمَعُهُ جلُّهُم أيها النّاس إسمعوا قولي
ولا تعجَلوا حتى أعظکم بما هو حقٌ لکم عليّ
وحتى أعتذرَإليکم من مقدمي عليکم
فان قبلتم عذري وصدَّقتم قولي
وأعطيتموني النَّصفَ من أنفسِکُم
کنتم بذلك أسعد ولم يکن لکم عليَّ سبيل
و إن لم تقبلوا منيَ العُذر ولم تُعطوا النَّصفَ من أنفسِکُم
فأجْمِعوا أمرَکم وشرکاءَکم ثم لا يکن أمرُکم عليکم غُمّة
ثم اقضوا إليَّ ولا تُنظِرون إنَّ ولييَّ اللهُ الذي نزَّل الکتابَ
وهو يتولّى الصالحين
فلما سَمِعْنَ النساءُ هذا منهُ صحنَ وبکينَ
وارتفعتْ أصواتُهُنّ فأرسل إليهنَّ
أخاهُ العباس وابنَهُ علياً الأکبر
وقال لهما سكّتاهُن فلعمري ليكثُرُ بكاؤهُن
ولما سَكتْنَ حَمِدَ اللهَ وأثنى عليه وصلّى على محمدٍ وآلِهِ
وعلى الملائِکة وقال في ذلك مالا يُحصى ذکرُه
ولم يُسْمَعْ مُتَکَلِّمٌ قَبْلَهُ ولا بعدَه أبلغُ منهُ في منطقِه
ثم قال الحمدُ للهِ الذي خلق الدنيا فجَعَلَها دارَ فناءٍ وزوالٍ
مُتَصَرِّفةً بأهلِها حالاً بعدَ حالٍ فالمغرورُ من غرّتهُ
والشقيُّ من فتنتهُ فلا تغرّنّکُم هذه الدنيا
فإنَّها تقطعُ رجاءَ من رکنَ إليها وتُخيِّبُ طَمَعَ من طمع فيها
وإنّي أراکُم قد اجتمعتم على أمرٍ قد أسخطتم اللهَ فيه عليکم
وأعرضَ بوجهِهِ الکريمِ عنکم وأحلَّ بکم نقمتَه
وجَنَّبَکُم رحمتَه فنعمَ الربُّ ربُّنا وبئسَ العبيدُ أنتم
أقررتم بالطاعةِ وآمنتم بالرسولِ محمَّد (صلّى الله عليه وآله وسلم)
ثمَّ إنَّکم ذهبتم إلى ذريتِهِ وعترتِه تريدون قتلهم
لقد أستحوذ عليکم الشيطانُ فأنساکم ذکرَ الله العظيم
فَتَبّاً لکم ولما تُريدون إنّا لله وإنّا إليهِ راجعون
هؤلاءِ قومٌ کفروا بعد إيمانِهِم فبعداً للقومِ الظالمين
أيها النّاسُ انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسِکم وعاتبوها
وانظروا هل يَحِلُّ لکم قتلي وانتهاكُ حُرمتي
ألستُ ابنَ بنتِ نبيِّکم وابنَ وصيِّه وابنَ عمِّهِ وأوّلَ المؤمنين بالله
والمصدّق لرسولِهِ بما جاء من عندِ ربِّه .
أو ليس حمزةُ سيدُ الشهداءِ عمَّ أبي؟ أوليس جعفرُ الطيارُ عمِّي
أوَلَمْ يبلغْکُمْ قولُ رسولِ اللهِ لي ولأخيَ الحسن
هذان سيدا شبابِ أهلِ الجنَّة
فان صدّقتُموني بما أقولُ وهو الحق واللهِ ما تعمّدتُ الکذبَ
منذُ علمتُ أنَّ اللهَ يمقُتُ عليه أهلَهُ ويضرُّ به من اختلقَهُ
وإنْ کذّبتُموني فإنَّ فيکم من إنْ سألتموهُ عن ذلك أخْبَرَکم
سلُوا جابِرَ ابنَ عبدِ الله الأنصاري وأبا سعيدٍ الخدري
وسهلَ ابنَ سعدِ الساعدي وزيدَ ابنَ أرقم وأنسَ ابنَ مالك
يُخبروکم أنَّهم سمعوا هذه المقالةَ من رسولِ اللهِ لي ولأخي
أمَا في هذا حاجزٌ لکم عن سفكِ دمي
فقال الشمرُ أنَّـه يعبُدُ اللهَ على حرف إنْ کان يدري ما تقول
فقال له حبيبُ ابنُ مظاهر واللهِ إنّي أراك تعبُدُ اللهَ على سبعينَ حرفاً
وأنا أشهدُ أنَّك صادقٌ ما تدري ما يقول قد طَبَعَ اللهُ على قلبِك
ثم قال الحسينُ (ع) فأن کنتم في شكٍّ من هذا القول
أفتشکّون أنّي ابنُ بنتِ نبيکم فوالله ما بينَ المشرقِ والمغربِ
ابنُ بنتِ نبيٍّ غيري فيکم ولا في غيرِکم
ويحَکم أتطلُبوني بقتيل منکم قَتَلْتُهُ أو مالٍ لکم استهلکتُه
أو بقصاصِ جِراحةٍ فأخَذُوا لا يکلّمونَهُ
فنادى يا شبثَ ابنَ ربعي ويا حجارَ ابنَ اُبجُر ويا قيسَ ابنَ الأشعث
ويا زيدَ ابنَ الحارث ألم تکتبوا إليَّ أنْ أَقدِمْ
قد أينعت الثِّمارُ واخضرَّ الجنابُ وإنما تُقْدِمُ على جُندٍ لك مجنَّدةٍ
فقالوا لم نفعل
فقال سبحان الله بلى واللهِ لقد فعلتم
ثم قال أيها النّاس إذا کرهتموني
فدعوني أنصرف عنکم الى مأمنٍ من الأرض
فقال له قيسُ ابنُ الأشعث أولا تنزلُ على حکمِ بني عمّك
فإنهم لن يُروك إلّا ما تُحب ولن يصل إليك منهم مکروه
فقال له الحسينُ (ع) أنت أخو أخيك أتريدُ أنْ يطلُبَك بنو هاشم
أکثرَ من دمِ مسلمِ ابنِ عقيل
لا واللهِ لا أُعطيكم بيدي إعطاءَ الذليل ولا أفِرُّ فرارَ العبيد
عبادَ الله إنّي عُذتُ بربي وربِّکم أنْ ترجُمون
أعوذ بربي وربِّکم من کلِّ مُتکبِّرٍ لا يؤمنُ بيومِ الحساب
ثم أناخَ راحلَتَه وأمَرَ عقبةَ بنَ سمعان فعقلَها

لم أنسَ إذ قامَ فيهم خاطبـــــاً

فإذا هُمُ لايملکونَ خطابـــــــــا

يدعو ألستُ أنا ابنَ بنتِ نبيِّکم

وملاذُكم إنْ صرفُ دهرٍ لابــــاً

هل جئتُ في دينِ النَّبيِ ببدعـــةٍ

أم كُنْتُ في أحكامِهِ مُرتابــــــاً

فَغَدَوا حيارى لايَرَوْنَ لِوَعْظـِــهِ

إلّا الأسِنَّةَ والسِّهامَ جوابــــــــــاً

وأقبلَ القومُ يزحُفونَ نحوه
وكان فيهم عبدُ اللهِ ابنُ حوزةَ التميمي
فصاح هل فيكم حسينٌ
وفي الثالثةِ قال أصحابُ الحسين: هذا الحسينُ فما تريد
قال ياحسين أبشر بالنّار
فقال الحسينُ (ع) كَذَبْت بل أقْدِمُ على ربٍّ غفورٍ كريمٍ
مُطاعٍ شفيعٍ فمن أنت فقال : انا ابنُ حوزة
فرفع الحسينُ يديه إلى السماءِ وقال أللهم حُزهُ الى النّار
فغضبَ ابنُ حوزة وأَقحَمَ الفرسَ إليه
وكان بينهما نهرٌ فَعَلِقَت قَدَمُهُ بالرّكاب
وجالت به الفرسُ كثيراً فسقط عنها
وانقطعتْ قدمُهُ وساقُهُ وفَخِذُهُ وبقي جانبُهُ الأخرُ
معلَّقاً بالرّكاب وأخذت الفرسُ تضربُ به
كلَّ حجرٍ وشجرٍ حتى هلك
قال مسروقُ ابنُ وائلٍ الحضرمي
كنتُ في أوَّلِ الخيلِ التي تقدَّمَتْ لحربِ الحسينِ(ع)
لعلِّي أنْ أُصيبَ رأسَهُ فاحظى بِهِ عند ابنِ زياد
فلما رأيتُ ما صُنِعَ بابنِ حوزة
عَرَفْتُ أنَّ لأهلِ هذا البيتِ حُرمةً ومنزلةً عند الله
وتركتُ الناسَ وقلتُ لا أُقاتِلُهُم فأكونُ في النّار

خطبةُ زهيرِ ابنِ القين

وخرج إليهم زهيرُ ابنُ القين على فرسٍ ذنوبٍ
شاكٍ في السلاح فقال يا أهلَ الكوفةِ
نذارِ لكم من عذابِ الله نذارِ لكم
إنَّ حقاً على المسلمِ نصيحةُ أخيه المسلم
ونحن حتى الآن وإياكم أخوةٌ على دينٍ واحد
مالم يقع بيننا وبينكم السيفُ
فإذا وقع السيفُ إنقطعت العصمة
وكنا أُمَّةً و أنتم أمَّةً عبادَ الله
إنَّ الله ابتلانا وإياكم بذريَّةِ نبيِّهِ محمدٍ
لينظرَ ما نحنُ وأنتم عاملون إنـّا ندعوكم
إلى نصرِهم وخذلانِ الطاغيةِ
يزيد وعبيدَ الله ابنِ زياد فإنَّكم لاتُدرِكون منهما
إلّاسوءُ عمرِ سلطانِهِما لَيَسْمَلان أعيُنَكم
ويَقطعان أيديَكم وأرجلَكم ويُمَثِّلان بكم
ويرفعانِكم على جذوعِ النخل ويقتلانِ أماثلَكم وقرّائَكم
من أمثال حجر بنِ عدي وأصحابِه
وهانيَ ابنِ عروة واشباهِه فسبّوهُ
واثْنَوا على عبيدِ الله ابنِ زياد ودعوا له وقالوا :
لانبرحُ حتى نقتلَ صاحِبَك ومن معَه
أو نبعثَ بِهِ وبأصحابِهِ إلى عبيدِ الله ابنِ زياد سلما
فقال زهيرُ ابنُ القين:
عبادَ الله إنَّ وُلْدَ فاطمة أحقُّ بالودِّ والنصرِ
من ابنِ سمية فان لم تنصُروهم فأعيذُكم باللهِ
أنْ تقتُلوهم فَخَلُّوا بين هذا الرجل وبين يزيد
فلعمري إنَّهُ لَيَرْضى من طاعتِكم بدونِ قتلِ الحسين
فرماهُ الشمرُ بسهمٍ وقال اُسكت أَسكتَ اللهُ نأمتك
أبرمتنا بكثرةِ كلامِك
فقال زهير يابنَ البوّالِ على عَقِبَيْهِ
ما إياك أُخاطب إنما أنت بهيمةٌ
واللهِ ما أظنُّك تُحْكِمُ من كتابِ الله آيتين
فأبشرْ بالخزيِ يومَ القيامةِ والعذابِ الأليم
فقال الشمرُ إني قاتلَك وصاحبَك عن ساعةٍ
فقال زهير أفبالموتِ تخوِّفُني؟ فواللهِ للموتُ معه
أحبُّ إليَّ من الخُلدِ معكم ثم أقبلَ على القومِ
رافعاً صوتَهُ وقال عبادَ الله لايغرَّنَّكم عن دينِكم
هذا الجِلفُ الجافي وأشباهُهُ فوالله لاتَنالُ شفاعَةُ محمدٍ
قوماً هرقوا دماءَ ذريَّتهِ وأهلِ بيته وقتلوا من نَصَرَهُم
وذبَّ عن حريمِهِم فناداهُ رجلٌ من أصحابِه
إنَّ أبا عبداللهِ يقولُ لك أَقْبِلْ فلقد نَصَحْتَ هؤلاءِ
وأَبْلَغْتَ لو نفع النصحُ والأبلاغُ

خطبةُ بريرِ ابنِ خضير

واستأذن بريرُ بنُ خضيرٍ من الحسينِ(ع)
في أنْ يُكلِّمَ القوم فأَذنَ لهُ
وكان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن
ومن شيوخِ القُرّاء في جامعِ الكوفةِ
ولهُ في الهمدانيين شرفٌ وقدرٌ وجلالةٌ
فوقف قريبا منهم ونادى يا معشرَ الناس
إنَّ اللهَ بعثَ محمّداً بشيراً ونذيراً وداعياً إلى اللهِ
وسراجاً منيراً وهذا ماءُ الفراتِ
تقعُ فيه خنازيرُ السَّوادِ وكلابُهُ
وقد حيلَ بينهُ وبين ابنِ بنتِ رسولِ الله
أَفَجَزاءُ محمَّدٍ هذا
فقالوا يا برير قد أكثرتَ الكلامَ فاكفُف عنا
فواللهِ لَيَعطشِ الحسينُ كما عطش من كان قبله
قال يا قوم إنَّ ثِقَلَ محمدٍ قد أصبح بين أظهركم
وهؤلاء ذريَّتُهُ وعترتُهُ وبناتُهُ وحُرَمُهُ فهاتوا ماعندكم
وما الذي تريدون أنْ تصنعوه بهم
فقالوا نريدُ أنْ نُمَكِّنَ منكم الأميرَ عبيدَ اللهِ ابنَ زياد
فيرى فيهم رأيه
قال أفلا تقبلون منهم أنْ يرجعوا إلى المكان الذي جاؤا منه
ويلكم يا أهلَ الكوفةِ أنسيتُم كُتُبَكم وعُهودَكم
التي أعطيتموها وأشهدْتُم اللهَ عليها وعليكم ؟
ويلكم أدَعَوْتُم أهلَ بيتِ نبيِّكم وزعمتم
أنكم تَقتُلون أَنفُسكم دونهم حتى إذا أَتَوْكم
أسلمتموهم إلى ابنِ زياد وحلَّأتُموهم عن ماء الفراتِ
بئسما خَلَفْتُم نبيَّكم في ذريَّتِه مالكم لا سقاكمُ اللهُ يومَ القيامة
فبئس القومُ أنتم
فقال له نفرٌ منهم يا هذا ماندري ما تقول
فقال الحمدُ لله الذي زادني فيكم بصيرةً
اللهم إني أبراُ إليك من فعالِ هؤلاءِ القوم
اللهم أَلقي بأسهم بينهم حتى يَلقَوَك وأنت عليهم غضبانٌ
فجعل القومُ يرمونه بالسِّهام فتقهقر إلى وراءه


خطبةُ الحسين الثانية

ثم إنَّ الحسينَ(ع) ركب فرسَه وأخذ مصحفا
ونشرهُ على رأسه ووقف بأزاءِ القومِ
وقال ياقومِ إنَّ بيني وبينكم كتابَ الله
وسُنّةَ جدّي رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم
ثم استشهدهم على نفسِه المقّدسةِ
وما عليه من سيفِ جدِّهِ وجذعهِ وعمامتهِ
فأجابوهُ بالتصديقِ فسألهم عمّا أقدمهم على قتلِه
قالوا طاعةً للاميرِ عبيدِ اللهِ ابنِ زياد
فقال عليه السلام: تّباً لكم أيتها الجماعةُ وترحا
أحين اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَالِهِينَ ، فأصرخناكم موجفين
سللتم علينا سيوفاً لنا في أيمانكم
وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عَدوِّنا وعَدوِّكم
فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم
بغيرِ عدلٍ أفْشَوهُ فيكم ولا أمَلَ أصبحَ لكم فيهم
فهلاّ لكمُ الويلاتُ تركتمونا والسيفُ مشيم
والجأشُ طامن والرأيُ لما يُستصحف
فأسرعتم إليها كطيرةِ الدَّبا وتداعيتم عليها
كتاهفُتِ الفَراش ثم نقضتموها
فسحقاً لكم يا عبيدَ ألأمَّة وشذّاذَ الأحزاب
ونبذةَ الكتابَ ومُحَرِّفي الكَلِم وعصبةَ ألإثم
ونفثةَ الشيطان ومُطفئي السنن
ويحكم أهؤلاء تعضُدون وعنا تتخاذلون
بلى والله غدرٌفيكم قديمٌ وُشِجَتْ إليه أُصُولُكُمْ
وتآزرت عليه فروعُكم فكنتم أخبثَ ثمرٍ شجٍ للناظرِ
وأكلَةٍ لِلغاصِب ألا وإنَّ الدعيَّ ابنَ الدعيَّ
يعني ابنَ زيادٍ قد ركزَ بين اثنتين بين السّلةِ والذلةِ
وهيهات منّا الذلة يأبى اللهُ لنا ذلك
ورسولُه والمؤمنون وحجورٌ طابت وطَهُرت
وأنوفٌ حميةٌ ونفوسٌ أبيةٌ
مِنْ أنْ نؤثرَ طاعةَ اللّئامِ على مصارعِ الكرام
ألا وأني زاحفٌ بهذه الاُسرة
على قلّةِ العَدد وخُذلان الناصر
ثم تمثل بأبيات فروة

فإن نُهزم فهزّامون قدمـــــــــــاً

وإن نَغلب فغيرُ مُغلبينـــــــــــــا

وما أنْ طبُّنـــــــــــــا جُبنٌ ولكنْ

منايانا ودولــــــــةُ آخرينـــــــــا

إذا ما الموتُ رفَّع عــــنْ اُناسٍ

بكلكلـــــــــــــةٍ أناخَ بآخرينــــــا

فأفنى ذلكم ســَـــرَوات قومـــــي

كما أفنى القرونَالأولينــــــــــــــا

لإن خَلِدَ الملوكُ أذنْ لَخَلِدنا

ولو بقيَ الملوكُ إذنْ لبقينـــــا

فقل للشامتين بنا أفيقـــــــــــــــوا

سيلقى الشامتـــــــــون كما لقينا

أما واللهِ لا تلبثونَ بعدها ساعةً
إلا كريثِما يُركبُ الفرسُ فتدورُ بكم
دَوْرَالرَّحى وتقلقَ بكم قلقَ
المِحور عهدٌ عَهِدَهُ إليَّ أبي عن جدِّي
إني توكَّلتُ على اللهِ ربي وربِّكم
ما من دابةٍ الاّهو آخذٌ بناصيتها
إنَّ ربي على صراطٍ مستقيم
ثم رفع يديه قائلاً اللهم احبس عنهم قَطَرَ السماءِ
وابعثْ عليهم سنينَ كسنيِّ يوُسُف
وسـلِّط عليهم غلامَ ثقيفٍ يسقيهم كأساً مصبّرةً
فانّهم كذّبونا وخذلونا وأنت ربُّنا
عليك توكّلنا وإليك المصير
ثم قال الحسينُ (ع) أيْ عُمَر
تزعُمُ أنّك تقتُلني ويُولّيك الدَّعيُّ ابنُ الدعيّ
بلادَ الريِّ وجُرجان واللهِ لا تهناُ بذلك أبدا
عهدٌ معهودٌ فاصنع ما أنت صانع
فإنك لا تفرحُ بعدي بدنياً ولا آخرة
وكأني برأسك على قصبةٍ
يتراماهُ الصبيةُ بالكوفة
ويتخذونهُ غرضاَ بينهم
فصرف بوجهه عنهُ مغضباً

توبةُ الحرِّ ابنِ يزيدَ الرياحي
ولّما سَمِعَ الحُرُّ بنُ يزيدَ الرّياحي
كلامَ أبي عبد الله الحسينِ (ع) وأستغاثَتَه
أقبل على عُمَرَ بنِ سعدٍ وقال له :
أمُقاتلٌ أنت هذا الرجل
قال: إي واللهِ قتالا ًأيسَرُهُ أنْ تسقُطَ فيه الرؤوسُ
وتطيحَ الأيدي
قال فما لكم فيما عَرَضَهُ عليكم من الخِصال
قال لو كان الأمرُ بيدي لقبِلت
ولكنَّ أميرَك ابنَ زيادٍ يأبى ذلك
فتركَهُ ووقف مع الناس وكان إلى جنبهِ قرّةُ ابنُ قيسٍ
فقال لقرّة : هل سقيتَ فرسك فقال لا
قال فهل تريدُ أنْ تسقِيَه
فظنَّ قُرّةُ من ذلك أنهُ يريدُ الأعتزالَ
ويكرهُ أنْ يشاهدَهُ أحدٌ فتركهُ
فأخذ الحُرُّ يدنوا من الحسينَ بنِ عليٍّ قليلاً قليلاً
فقال لهُ( المهاجرُ بنُ أوس) أتريدُ أنْ تحمل؟
فسكت وأخذتهُ الرعدةُ فارتابَ المهاجرُ من هذا الحال
وقال له لو قيل لي من أشجعُ أهلِ الكوفة
لما عدوتُك فما هذا الذي أراهُ منك
فقال الحُر إني أخيِّرُ نفسي بين الجنّةِ والنّار
فوالله لا أختارُ على الجنَّةِ شيئاً ولو أُحرقت
ثم ضَربَ جوادَه نحو الحسينِ ابنِ عليٍّ
مُنكساً برأسهِ حياءً من آل الرسول بما أتى أليهم
وجعجع بهم في هذا المكان على غيرِ ماءٍ ولا كلأ
رافعاً صوتَه: اللهم إليك أُنيب فتُب عليّ
فقد أرعبتُ قلوبَ أوليائك وأولادَ نبيِّك
يا أبا عبد الله إنّي تائبٌ فهل ترى لي من توبةٍ
فقال الحسينُ: نعم يتوبُ الله عليك
فسرَّهُ قولُ أبي عبد الله ووضح له قولُ الهاتف
لمّا خرج من الكوفة فحدَّثَ الحسينَ بحديثهِ قائلا
لما خرجتُ من الكوفة نوديتُ أبشر يا حُرُّ بالجنة
فقلتُ ويلٌ للحُر يُبَّشرُ بالجنة
وهو يسيرُ إلى حربِ بنِ رسولِ الله
صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له الحسينُ(ع):
لقد أصبتَ خيراً وأجراً

خطبةُ الحرِّ الرياحي

ثم أستأذن الحسينَ(ع) في أن يُكلِّمَ القومَ
فأَذن له الحسين (ع)
فنادى بأعلى صوتِه يا أهلَ الكوفة لأمِّكم الهبل
أَدَعَوْتم هذا العبدَ الصالح
وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسَكم دونه
حتى إذا جاءكم أخذتم بكظمه
وأحطتم به من كلِّ جانبٍ
فمنعتموهُ التّوجهَ الى بلادِ اللهِ العريضةِ
حتى يأمنَ وأهلُ بيته وأصبح كالأسير في أيديكم
لا يملكُ لنفسه نفعاً ولا ضراً
وحلأتموهُ عن ماء الفرات الجاري
الذي يشربُهُ اليهودُ والنصارى والمجوسُ
وتتمرغُ فيه خنازيرُ السَّوادِ وكلابُه
وهاهم قد صرعهم العطش
بئسما خَلَفْتُم محمداً في ذريتِه
لا سقاكمُ اللهُ يوم الظمأ
فحملت عليه رجالةٌ ترميه بالنبل
فتقهقر حتى وقف أمامَ الحسينِ(ع)

مصارعُ أصحابِ الحسين (ع )

وصاح الشمرُ بأعلى صوتِهِ أين بنو أُختِنا
أين العباسُ وإخوتُه فأعرضوا عنهُ
فقال الحسينُ(ع) أجيبوهُ ولو كان فاسقاً
قالوا ما شأنُك وما تريد
قال يا بني أُختي أنتم آمنون
فلا تقتلوا أنفسكم مع الحسين
والزموا طاعةَ الأميرِ يزيدَ ابنِ معاوية
فقال له العّباسُ (ع) لعنك اللهُ ولعن أمانك
أتأمَنُنا وابنُ رسولِ الله لا أمانَ له
وتأمُرنا أن ندخلَ في طاعةِ اللعناء وأولادِ اللعناء
وتقدّم عمرُ بنُ سعدٍ نحو عسكرِ الحسينِ(ع)
ورمى بسهمٍ وقال إشهدوا لي عند الأميرِ ابنِ زياد
أني أوّلُ من رمى ثم رمى الناسُ
فلم يبق أحدٌ من أصحابِ الحسينِ(ع)
إلا وأصابوهُ بسهامِهم
فقال عليه السلامُ لأصحابِه قوموا رَحِمَكُم اللهُ
إلى الموتِ الذي لابد منهُ
فإن هذه السهامُ رُسلُ القوم إليكم
فحمل أصحابُ الأمامِ الحسينِ(ع) حملةً واحدةً
يحملون على الميمنةِ ويُعيدونها على الميسرةِ
وقد استبسلوا في القتال واقتتلوا ساعةً
فما انجلت الغبرةُ إلا بخمسين صريعاً
من أصحابِ الحسينِ ابنِ علي
ولما نظر الإمامُ الحسينُ (ع)
إلى كثرةِ القتلى من أصحابِه
أخذ الرجلان والثلاثةُ والأربعةُ
يستأذنون الحسينَ(ع) في الذبِّ عنهُ
والدفعِ عن حُرمِه وكلٌ يحمي الآخر من كيدِ عدوِّه
فخرج الجابريان وقاتلا في مكانٍ واحدٍ حتى قتلا
وخرج الغفاريان فقالا للحسين(ع):
السلام عليك يا أبا عبد الله إنّا جئنا لنُقتلَ بين يديك
فاستدناهما منه فدنوا وهما يبكيان
قال ما يبكيكما يَبْنَي أخي
فوالله إني لأرجوا أنْ تكونا بعد ساعةٍ قريرا العين
قالا جَعَلَنا اللهُ فداك ما على أنفُسِنا نبكي
ولكن نبكي عليك نراك قد أُحيط بك
ولا نقدرُ أن ننفعك فجزّاهما الحسينُ خيرا
فقاتلا قريباً منهُ حتى قتلا
وخرج عمرو بنُ خالدٍ الصيداوي
وسعدٌ مولاه وجابرُ بنُ الحارث
ومَجْمَعُ بنُ عبدِ الله العائدي
وشدّوا جميعاً على أهلِ الكوفة
فلما أوغلوا فيهم عطف عليهم الناسُ
وقَطَعُوهم عن أصحابِهم فندب إليهمُ الحسينُ
أخاهُ العبّاسَ فأستنقذهم بسيفِه وقد جُرِحوا بأجمَعِهم
وفي أثناءِ الطريق أقترب منهم العدو
فشدّوا بأسيافِهِم مع مابهم من الجراح
وقاتلوا في مكانٍ واحدٍ حتى قتلوا
ولمّا نظرالحسينُ الى كثرةِ من قُتِل من أصحابِه
قبض على شيبتِهِ المقّدسة وقال أما والله لا أُجيبُهم
إلى شيءٍ مما يريدون حتى ألقى اللهَ وأنا مخضّبٌ بدمي
ثم صاح : أما من مُغيثٍ يُغيثنا !
أما من ذابٍ يذبُّ عن حُرَمِ رسولِ الله
فبكت النساءُ وكَثُرَ صُراخُهُنّ

وسمع الأنصاريانُ سعدبنُ الحارث
وأخوهُ أبو الحتوف إستنصارَ الحسينِ(ع) واستغاثَتَه
وكانا مع ابنِ سعدٍ فمالا بسيفيهِما
على أعداءِ الحسينِ (ع) فقاتلا قتالاً شديداً حتى قُتِلا
وأخذ أصحابُ الحسينِ(ع) بعد أنْ قلَّ عَدَدُهُم
يبرزُ الرجلَ بعد الرجل فأكثروا القتلَ في أهلِ الكوفة
فصاح عمرو بنُ الحجاج بأصحابِه: أتدرون من تقاتلون ؟
أنتم تقاتلون فرسانَ المِصر وأهلَ البصائر
وقوماً مستميتين لا يَبْرُزُ اليهم أحدٌ منكم إلّا قتلوهُ
على قِلَّتِهِم فصاح فيهم
لو لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم
فقال عمرُابنُ سعدٍ صَدَقْتَ الرأيَ ما رأيت
ثم حمل عمرو ابنُ الحجاج على ميمنةِ الحسينِ
فثبتوا له وجَثَوا على الرُكَب وأشرعوا الرِّماحَ
فلم تقدر الخيلُ أنْ تَقْدِم فلما ذَهَبَتْ الخيلُ لترجع
رشقهم أصحابُ الحسينِ بالنبلِ
فصرعوا رجالاً وجرحوا آخرين
ثم حمل عمرو بنُ الحجاج من نحوِ الفراتِ
فاقتتلوا ساعةً وفيها قاتل مسلمُ ابنُ عوسجة
فشدَّ عليه مسلمُ ابنُ عبدِ الله وعبدُ الله البجلي
وثارت لشدةِ الجلادِ غبرةٌ شديدةٌ وما انجلت الغبرةُ
إلّا ومسلمُ ابنُ عوسجةٍ صريعاً وبه رمق
فمشى اليه الحسينُ(ع) ومعه حبيبُ بنُ مظاهرٍ
فقال له الحسينُ(ع) رَحِمك اللهُ يا مسلم ،
ثم تلا قولَه تعالى
( منهم من قضى نَحبَه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)
ودنا منهُ حبيبٌ وقال: عزَّ عليَّ مصرعُك يا مسلم أبشر بالجنة
فقال مسلمُ ابنُ عوسجةٍ بصوتٍ ضعيفٍ
بشّرك اللهُ بكلِّ خيرٍ يا أخي يا حبيب
ثم قال حبيب: لو لم أعلم أنّي في الأثر
لأحببتُ أنْ توصيني بجميع ما أهمَّك
فقال مسلمٌ: أوصيك بهذا
وأشار الى الحسينِ بنِ عليٍ قاتل دونه حتى تموت

وصلت يبن ظاهر منيتي
أنا ماوصيك بعيالي وبيتي
ولا تحفظ أولادي وثنيتي
إن چان نيتـــــك مثل نيتي
أريدنّك اتجاهــــد سويتي
بالحسين وعياله وصيتي

فقال حبيبٌ لأقرنّك عينا ثم قضى نحبه
وحمل الشمرُ في جماعةٍ من أصحابه
على ميسرةِ الحسينِ فثبتوا لهم حتى كشفوهم
وفيها قاتل عبد اللهُ ابنُ عميرٍ الكلبي
فقتل منهم رجالا كثيرةً وشدَّ عليه هانئُ الحضرمي
فقطع يدَهُ اليمنى وقطع بكرُ ابنُ حي ساقَهُ
وأخذوهُ أسيراً حتى قتلوه ثم قطعوا رأسَه
ورمَوْا به الى زوجَتِه فسعت إليه
تمسحُ الدّمَ والترابَ عنهُ فقال الشمرُ لغلامِه رُستم
إذهب واقتُلها عنده فضربها بالعمودِ على رأسِها فماتت
وهي أوَّلُ امراةٍ قُتِلت من أصحابِ الحسينِ يوم عاشوراء
ثم برز من بعدِه وهبُ ابنُ حُبابٍ الكلبي وكان نصرانيا
فأَسْلَمَ وأمَّهُ على يدي الحسين (ع) فبرزوهو يقول

إن تنكروني فأنا ابن الكلبي
ستروني وترون ضــــــربي
وصولتي وجولتي في الحرب

ولم يزل يقاتل حتى قَتَلَ جماعةً منهم
ورجع الى أُمِّهِ قائلا يا أُماه أرضيتِ عني
فقالت لا يا ولدي حتى أراك مقتولا بين يدي أبي عبد الله
فتعلَّقَت به زوجتُه فلم يعبأ بكلامِها
ورجع إلى الميدانِ يقاتل فقتل جماعةً كثيرةً
وبينما هو يقاتل إذ أقبلت زوجتُه بعمود وهي تقول
قاتل يا وهبُ قاتل دون الطيبين فقال الآن كنتِ تنهينني
والآن تقاتلين معي قالت يا وهب لا تلمني
أنَّ واعيةَ الحسينِ كَسَرَت قلبي قال مالذي سمعتي منه
قالت رأيتُهُ ببابِ الخيمةِ ينادي (واقلّة ناصراه)
فبكى وقال إرجعي إلى الخيمة فأبت أن ترجع
فقال وهب سيدي أبا عبد الله رُدَّها إلى الخيمة
فناداها الحسينُ(ع) جُزيتم عن أهلِ بيتِ نبيِّكم خيرا
إرجعي إلى الخيمة فإنَّهُ ليس على النساءِ قتال
وكان أبو الشعثاءِ الكندي رامياً
فجثا على ركبتيه بين يدي الحسينِ ورمى بمئةِ سهمٍ
و الحسينُ يقول :اللهم سدّد رَمْيَتَه واجعل ثوابَهُ الجنة
ثم حمل على القومِ فقتلَ تسعةَ عشرَ رجلا ً
فتكاثروا عليه حتى قتلوه
والتفت أبو ثُمامةَ الصائدي إلى الشمس
فرآها وقد زالت فقال للحسينِ(ع) : نفسي لك الفداءُ
إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ،
لا واللهِ لا تُقتلُ حتى اقُتلَ دونك و أُحبُّ أن القى الله
وقد صلّيتُ هذه الصلاة التي دنا وقتها
فرفع الحسينُ رأسَهَ الى السماء وقال
ذكرت الصلاةَ جعلك اللهُ من المصلّين الذّاكرين
فقال الحسينُ: نعم هذا أولُ وقتِها
سلوهم أن يكفّوا عنّا حتى نصلّي فقال الحصينُ : أنها لا تُقبل
فقال حبيبُ بنُ مظاهر: زعمت أنها لا تُقبلُ منْ آلِ الرسول
وتُقبلُ منك يا حمار فحمل عليه الحصينُ
فضربَ حبيبٌ وجهَ فرسِ الحصينِ بالسيفِ
فشبَّت به ووقع عنها واستنقذهُ أصحابُه فحملوهُ
وقاتلهم حبيبٌ قتالاً شديداً فقتل على كِبَرِ سنّهِ اثنين وستين رجلاً
وحملَ عليه بُديلُ ابنُ صُريم فضربهُ بسيفِهِ
وطعنَهُ آخرُ من تميمَ برمحِه فوقع إلى الأرض
فذهب ليقوم وإذا بالحصينِ يضربُهُ بالسيفِ على رأسِه
فسقط لوجهه ونزل أليه التميمي واحتز رأسَهُ
فهزَّ مقتلُهُ الحسين فقال عند اللهِ أحتسبُ نفسي
وحماةَ أصحابي واسترجعَ الحسينُ كثيراً
وخرج من بعده الحرُّ ابنُ يزيدَ الرياحي
فبرز وهو يرتجزُ ويقول

إني أنا الحــــــر ومأوى الضيف
أضربُ في أعناقكم بالســــــيفِ
عن خيرِ من حلَّ بأرضِ الخيف
أضربُكم ولا أرى مــــــن حيفِ

فقتل منهم جماعةً كثيرةً على كِبَرِ سِنّهِ
وحمل عليهِم بسيفِهِ والقومُ يفرون أمامَه
وأخذوا يرمونهُ بالسهامِ فأصابتهُ السهامُ
وأصابت الفرس فشبت به الفرسُ وسقط عنها
ثم حمل عليهم راجلاً وقَتَلَ منهم جماعةً كثيرةً
فتكاثروا عليه حتى سقط الى الأرض صريعا
فجاءه الإمامُ الحسينُ وأخذ يمسحُ الدّمَ والتُرابَ عنه
ويقول أنت الحرُّ كما سمّتك أمُّك
ورثاه رجلٌ من أصحابِ الحسينِ
وقيل :علياً الأكبر قائلاً

لـنعم الحرُّ حرُّ بني ريـــاحِ
صبورٌ عند مشتبكِ الرماحِ
ونعم الحرُّ إذ فادى حسيناً
وجاد بنفسه عنــد الصبـاحِ

وقام الحسينُ إلى الصلاة
فصلّى بمن بَقِيَ من أصحابِهِ صلاةَ الخوف
وتقدَّمَ أمامَهُ زهيرُ بنُ القين وسعيدُ بنُ عبدِ الله الحنفي
في نصفٍ من أصحابِه ولما أُثخِنَ سعيدٌ بالجراح
سقط إلى الأرض وهو يقول: أللهم العنهم لعنَ عادٍ وثمود
وأبلغ نبيَّك مني السلام والتفت إلى الحسينِ قائلا:
أَوَفَيْتُ يبن رسول الله
قال : نعم أنت أمامي في الجنة
ثم قال أبْلِغْ رسولَ اللهِ مني السلام وقل له
أني تركتُ حسيناً في الأثر
ولما فَرِغَ الحسينُ من الصلاة قال لأصحابِهِ يا كرام
هذه الجنةُ قد فُتِّحَتْ أبوابُها واتَّصلت أنهارُها وأينعت ثمارُها
وهذا رسولُ الله والشهداءُ الذين قُتلوا في سبيل الله
يتوقعون قُدومكم ويتباشرون بكم
فحاموا عن دينِ الله ودينِ نبيِّهِ وذبّوا عن حُرَمِ الرسول
فقالوا: نفوسُنا لنفسِك الفداء ودماؤنا لدمِك الوقاء
فقاموا واقتتلوا أشدَّ القتال وكان كلُّ من أراد الخروج
ودَّعَ الحسينَ بقوله السلامُ عليك يبنَ رسولِ الله
فَيُجيبُهُ الحسينُ وعليك السلامُ ونحن خلفك ثم يقرأ
(منهم من قضى نحبَهُ ومنهم من ينتظرْ وما بدلوا تبديلا)
وخرج أبو ثمامةَ الصائدي فقاتل قتال الأبطال
فتكاثروا عليه وقتلوه
وخرج سلمانُ بنُ مُضاربِ البجلي
فقاتل قتالاً شديداً حتى قتلوه

وخرج من بعده زهيرُ بنُ القين

فأخذ يرتجزُ ويقول:

إني زهيـــــر إني ابنُ القيــــــــــنِ
أضربكم بالسيفِ أحمي عن حُسينِ

فقاتلهم قتالاً شديداً وأكثرَ القَتْلَ فيهم حتى قَتَلَ منهم
مئةً وعشرين فارساً ثم عطفوا عليه
ولا زالوا به حتى قتلوه
وجاء عمروا بنُ قرظةَ الأنصاري
ووقف أمامَ الحسينِ يقيهِ من العدو
ويتلقّى السهامَ بصدره وجبهته فلم يصل إلى الحسينِ سوءٌ
ولما كَثُرت فيه الجراح التفت إلى أبي عبد الله
وقال: أَوَفَيْتُ يبن رسولِ الله ؟
قال: نعم أنت أمامي في الجنة
ورمى نافعُ ابنُ هلالِ الجملي بنبالٍ مسمومةٍ
كَتَبَ اسمَهُ عليها وهو يقول

أرمي بها مُعْلَمَةً أفواقُهــــــا
مسمومةً تجري بها أخفاقُها

فقتل اثني عَشَرَ رجلاً سوى من جُرِح ولما فُنيتْ نبالُهُ
جَرَّدَ سيفَهُ يضربُ فيهم فأحاطوا به يرمونَهُ بالحجارةِ والنِّصال
حتى كسروا عَضُديه وأخذوهُ أسيراً ثم قدَّمَهُ الشمرُ وقتله
ولمّا صُرِعَ واضحُ التُركي
مولى الحرثِ المذحجي إستغاث بالحسين(ع)
فأتاه أبو عبدالله واعتنقَهُ ووضع خدَّه على خدَّه
فقال: من مثلي وابنُ رسولِ الله واضعٌ خدَّهُ على خدّي
ثم فاضت روحُهُ الطيبة
ونادى يزيدُ بنُ معقل : يا بُرير كيف ترى صُنْعَ اللهِ بك؟
فقال: صَنَعَ اللهُ بيَ خيراً وصنع بك شراً
فقال يزيدٌ: كَذَبْتَ وقبل اليوم ما كنتَ كَذّابا
فدعاهُ بريرٌ إلى المباهلة فرفعا يديهما إلى الله سبحانَهُ
يدعُوانِهِ أنْ يلعنَ الكاذبَ ويُقتُلَه ثم تضاربا
فضربَهُ بُريرٌ على رأسِهِ ضربةً قدَّت المِغفَر والدِّماغ
فخرَّ كأنَّما هوى من شاهقٍ وسيفُ بُريرٍ ثابتٌ في رأسِه
وبينما هو يريدُ أن يُخْرِجَه
إذ حمل عليه رضا ابنُ مُنقذ العبدي
واعتنق بُريراً واعتركا فصرعَهُ بُريرٌ وجلس على صدرِه
فاستغاث رضا بأصحابِه ،
فذهب كعبُ ابنُ جابر الأزدي ليحملَ على برير
فصاح به عفيفُ بنُ زهيرِ بنِ أبي الأخنس:
هذا بُريرُ بنُ خضير القارئُ الذي كان يُقرؤنا القرآن
فلم يلتفت إليه وطعن بُريراً في ظهرِه فبرك بريرٌ على رضا
وعضَّ وجهَه وقطع طرفَ أنفِه
وألقاهُ كعبٌ برمحِه عنه وضربَهُ بسيفِه
فقُتلَ رضوان الله عليه
ونادى حنظلةُ بنُ سعد الشبامي : يا قومِ إني أخافُ
عليكم مثلَ يومِ الأحزابِ مثلَ دأبِ قومِ نوحٍ
وعادٍ وثمودَ والذين من بعدهم وما اللهُ يريدُ ظلماً للعباد
يا قومِ إني أخافُ عليكم يوم التّنادِ يوم تولون مدبرين
ما لكم من الله من عاصم ومن يُضللِ اللهُ فما له من هادٍ
يا قومِ لا تقتُلوا حسيناً فيُسحِتْكُمُ اللهُ بعذابٍ
وقد خاب من افترى
فجزّاهُ الحسينُ خيراً
فقال حنظلةُ أفلا نروحُ الى ربنا
فقال الحسينُ بلا رُح أنت أمامي في الجنة
وتقدم يُقاتل حتى قُتلَ رضوانُ الله عليه
وأقبل عابسُ بنُ شبيبَ الشاكري
على شوذب مولى شاكر
فقال يا شوذب ما في نفسِك أنْ تصنع ؟
قال: اُقاتلُ معك حتى اُقتل فجزّاهُ خيراً
وقال له: تقدَّمْ بين يدي أبي عبد الله
فخرج شوذب فسلّم على الحسين واستأذنه
وقاتل قتال الأبطال حتى قتلوه
ثم برز إليهم عابسُ ابنُ شبيب
فشدَّ عليهم وهم ينكشفون أمامَهُ
فنادى: ألا رجل فأحجموا عنه لأنهم عرفوهُ أشجعَ الناس
فصاح عمرُ ابنُ سعد: أرضخوهُ بالحجارةِ فرُمي بها
فلما رأى ذلك ألقى درعَهَ ومغفرته وشدَّ على الناس
وإنه لَيَطْرُد أكثر من مئتين
ثم تعطّفوا عليه من كلِّ جانبٍ حتى قتلوه
ووقف جون مولى أبي ذرٍّ الغفاري
أمامَ الحسين يستأذِنُهُ
فقال عليه السلام: يا جون إنما تبعتنا طلباً للعافية
فأنت في إذنٍ مني فوقع على قدميه يُقبِّلْهُما ويقول:
أنا في الرخاءِ ألحسُ قِصاعكم وفي الشدَّةِ أخذُلُكم
سيدي إنَّ ريحي لنتن وحسبي لئيم ولوني لأسود
فتنفس عليَّ في الجنة ليطيبَ ريحي
ويشرُف حسبي ونسبي
ويَبْيَضَّ لوني لا والله لا أُفارقُكم
حتى يختلطَ هذا الدَّمُ الأسودُ مع دمائِكُم أهلَ البيت
فأذن له الحسينُ
فتقدَّمَ يضربُ فيهم
وقَتَلَ منهم خمسةً وعشرين رجلاً حتى قتلوه
فوقف عليه الحسينُ وقال: اللهم بيِّض
وجهَه وطيِّب ريحَه
واحشُرْهُ مع محمدٍ وآل محمد (ص)
فكان كلُّ من يمرُّ بالمعركة
يشمُّ منه رائحةً أزكى من المسك
وكان أنسُ بنُ الحارثَ بنِ نبيه الكاهلي
شيخاً كبيراً صحابياً
رأى النبيَّ وسَمِعَ حديثَهُ وشَهِدَ معهُ بدراً وحنيناً ،
فاستأذن الحسينَ وبرز شادّاً وسَطَهُ بالعمامةِ
رافعاً حاجبيه بالعصابةِ ،
ولما نظر اليه الحسينُ بهذه الهيئةِ بكى وقال:
شكراً لله لك يا شيخ
فَقَتَلَ على كِبَرِ سنِّهِ ثمانيةَ عَشَرَ رجلاً
وعطفوا عليه وقتلوه
وجاء عمرو بنُ جنادةَ الأنصاري
وهو إبنُ إحدى عشرةَ سنة
فخرج يستأذنُ منَ الحسين بنِ علي
فلما نظر إليه الحسينُ
قال لأصحابِه : هذا غلامٌ قُتل أبوهُ في الحملةِ الأُولى
ولعلَّ أُمَّهُ تكرهُ خروجَهُ الى المعركة فقال سيدي
إنَّ أُمي هي التي ألبستني لامَةَ حربي فجزّاهُ الأمامُ خيراً
ثم أَذِنَ لهُ بالقتال فبرز وهو يقول

أميري حسينٌ ونعمَ الأمير
سرورُ فؤادِ البشيرِ النذيـر
علي ٌوفاطمةٌ والــــــــــداه
فهل تعلمون لهُ من نظيــر
لهُ طلعةٌ مثلَ شمسِ الضُحى
لـــــهُ غرّةٌ مثلَ بدرٍمنيـــــر

فقاتل قتالَ الأبطال فأحاط الأعداءُ به من كلِّ جانبٍ
وأردَوْهُ الى الأرض صريعا واحتزوا رأسَهُ
ورموا به نحو الخيام فسعت الى رأسِهِ أمُّهُ
فمسحت الدَّمَ والتراب عنهُ
وأخذتهُ وضربت به رجلاً قريباً منها فمات
وعادت إلى المخيَّم
فأخذت عموداً وقيل سيفاً وأنشأت تقول:

أنا عجوزٌ في النِّسا ضعيفة
خاويـــــــةٌ باليةٌ نحيفـــــة
أضربكم بضربةٍ عنيفــــــه
دون بني فاطمةَ الشريفـــة

فردَّها الحسينُ (ع) بعد أن أصابت بالعمودِ رجلين
وقاتل الحجاجُ بنُ مسروق الجُّعفي حتى خُضِّبَ بالدِّماء
فرجع إلى الحسين يقول

اليوم ألقى جدَّك النَّبيا
ثم أباك ذا الندى عليا

فقال الحسينُ :وأنا القاهما على أثرك
فرجع يُقاتل حتى قُتِل
وبرز سويدُ ابنُ عمرو ابنِ أبي المطاع
وقاتلهم قتالَ الأبطال ولمّا أُثخنَ بالجراح سقط لوجهه
وظنَّوا أنه قُتِل فلما قُتِلَ الحسينُ
وسمعهم يقولون: قُتِل الحسينُ قُتِل الحسينُ
أخرجَ سِكِّينةً كانت معه فقاتلهم بها وتعطَّفوا عليه حتى قتلوه
وكان آخرَ من قُتِلَ من أصحابِ الحسينِ عليه السلام
فقال الحسينُ واللهِ ما علمتُ أصحاباً خيراً من أصحابي



گضو حگ العليهم دون الخيام

ولا خلو خوات حسين تنظام

اومن طاحو تفايض منهم الهــام

هوو چن مهوه النجم من خر

هذا الرمح بفّاده تثنــــــــــــــه

وهذا البيه للنشاب رنــــــــــــــــــه

وهذا الخيل صدره رضرضنّـــــــــه

وهذا وذاك بالهندي اموذر

وانصار وانصار

بعد ما بگو عندي اصحاب وانصار

وفرح گلبي اندثر هاليوم وانصار

حبيب الچنت ازامط بيه وانصـــــــــار

الف يا حيف مرمي اعله الوطيه

قومٌ إذا نودوا لدفعِ مُلمَّـــــــــــــةٍ

والخيلُ بين مدعَّسٍ ومُكردَسِ

لَبِسُوا القلوبَ على الدُّروعِ وأقبلوا

يتهافتونَ على ذهابِ الأنفُس



مصارعُ اهلِ البيتِ الكرامِ
(مصرع علي الأكبر)

ولما لم يبقَ مع الحسينِ إلّا أهلَ بيته
عزموا على ملاقاةِ الحتوف
ببأسٍ شديدٍ وحفاظٍ مرٍ ونفوسٍ أبيةٍ
وأقبل بعضُهم يودّعُ بعضاً
وأوّلُ منْ تقدَّمَ هو شبيهُ رسولِ الله علي ٌ الأكبر
وكان شبيهاً برسولِ الله
خَلْقاً وخُلُقاً ومنطقاً فأحاطت به النسوةُ
من كلِّ جانبٍ ومكان

دارن بيه والمدمع جره وسال
زينب والرباب وكل الطفال
اجت امه وتصيح شلون هالفال
يريت الموت من گبلك لفاني

واستأذن أباه فبرز على فرسٍ للحسينِ يسمى لاحقاً
وهو يقول :

أنـــــــــــا عليُّ بنُ الحسينِ بنِ علي
نحنُ وبيتُ اللهِ أولى بالنبي
أضربُكم بالسيفِ أحمي عن أبي
ضربَ غلامٍ هاشميٍ علوي
تاللهِ لا يحكُمُ فينا ابنُ الدعيّ

ولم يتمالك الحسينُ دون أنْ رَفَعَ شيبتَهُ المقدّسةَ
نحو السماء وأرخى عينيهِ بالدِّموع
وقال: أللهم اشهد على هؤلاء القومِ
فقد برز إليهم غلامٌ
أشبهُ الناس برسولِكِ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم
وكنا إذا اشتقنا إلى رؤيةِ نبيِّك نظرنا إليه
أللهم امنعهم بركات الأرض
وفرّقهم تفريقاً واجعلهم طرائقَ قدداً
ولا تُرضِ الوُلاةَ عنهم أبداً
فإنَّهم دعونا لينصرونا ثم عَدَوا علينا يقاتلوننا
وصاح ببنِ سعد قطع اللهُ رحِمَك كما قطعت رحمي
ولم تحفظ قرابتي من رسولِ الله
ثم تلا قولَهُ تعالى
( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى‏ آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ )
وكان عليٌّ الأكبر
يضربُ فيهم بسيفِهِ تارةً على الميمنةِ
وتارةً على الميسرة ولم يزل يقاتل
حتى قَتَلَ سبعين رجلاً
وقد اشتدَّ به العطش فرجع إلى أبيه يستريح
ويذكرُ ما أجهدهُ من العطش
فبكى الحسينُ وقال واغوثاه
ما أسرعَ الملتقى بجدِّك محمداً
فيسقيك بكأسِهِ الأوفى
شربةً لا تظماُ بعدها أبداً

ناده يبويه شربة اُمية لچبدي
اتگوى وارد للگــــوم وحدي
يبوية انفطر چبدي وحگ جدي
الشمس والعطش والميدان والحر
يگله منين اجيب المـــــــــاي يبني
مهو حچيك بهض حيلي وشعبني
وفت گلبي وحمس چبدي ومردني
يبويه استخلف الله العمر واصبر
يگله والدمع يسفح من العين
يبعدي وبعد كل الناس يحسين
تگلي اصبر وگلبي صار نصين
اشلون اصبر يبويه والصبر مــــــر

ثم عاد للميدانِ ثانياً وأخذ يضربُ فيهم
فقَتَلَ منهم رجالاً كثيرا حتى أكمل المئتين
وقد أعياهُ التعبُ والعطشُ
فاتاه سهمٌ وقع في حلقِه
وطعنهُ مُرَّةُ بنُ مُنْقِذِ العبدي
بالرمحِ في ظهرِه
وضربَهُ بالسيفِ على رأسِه ففلقَ هامَتَه
وتابعهُ الناسُ بأسيافِهِمْ حتى قطَّعوهُ إرباً إرباً
فجاء إليه الحسينُ(ع) ورمى بنفسِه عليه
وهو يقول قَتَلَ اللهُ قوماً قتلوك
ما أجرأهم على الله
وعلى انتهاكِ حُرمَةِ الرسول

والله تعنالــه وعله ابنيه تخوصر
وصاح بصوت منه الصخر ينطر .
على الدنيه العفـــــــه بعدك يلكبر

وأمَرَ فتيانَهُ أنْ يحملوهُ إلى الخيمةِ
فجاؤا به إلى الفسطاطِ الذي كانوا يقاتلونَ دونَه
فاستقبلَتْهُ النساءُ بصدورٍ داميةٍ
وعولةٍ تَصُكُّ سمعَ الملكوت
وأمامَهُنَّ كبيرةُ البيتِ الهاشمي
(زينبُ العقيلة) صارخةً نادبةً
فألقتْ بنفسها عليه وهي تقول واولداه وا علياه

هوت فوگه وتحب خده وتشمه
وغدت تصبغ شعرهه بفيض دمه

ونچن ونچن

زينب نادت النسوان ونجن
بسكته ولا تعلّن حيل ونچن
تعالن خل نسوي ستار ونچن
ننوح ونلطم وننحب سويه


لطمية بحق علي الاكبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
شلون يالاكبر علي رجوانه
شلون گلي تعوفنه وتنسانه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
شلون عني تروح يبني يا شهم
منهو غيرك يا علي ايباري الحرم
يبني من فرگاك صيواني انهدم
بسمك الهج كل وكت يحمانه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شلون عالتربان نايم يـــالولي
يـــــا نسيم البيك همي ينجلي
گوم اخذني اوياك يبني يا علي
شنهي من عگبك بعد دنيانه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنين وانا انتظرتصبح شباب
وحملي من يوگع تشيله اوما أهاب
تالي يوليدي تنام اعله التراب
والگلب يبني تشــــب نيرانــــه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكري تايه گلبي ذايب يالاصيل
روحي راحت يبني ناحت بالعويل
عيوني تجري يا علي ومن دم تسيل
خلافك البهجه اصبحت ذبلانه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا شبيه المصطفى بدين وجمال
وانت بالاخلاق مضروب المثال
بكل وگت شخصك يلكبر لايزال
بالگلب محفوره كل اركانــــــه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبني رسمك مني ابدا ما يغيب
مثله طيبك ما شفت يوليدي طيب
انت بلسم للجروح الما تطيب
انت يبني للگلب قرانــــــــــه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصرعُ القاسمَ ابنِ الحسن عليه السلام

وخرج من بعدِهِ عبدُ اللهِ بنُ مسلمِ بنِ عقيلِ
بنِ أبي طالب وهو يقول :

اليومَ القى مسلماً وهو أبي
وعصبةً بادوا على دينِ النبي

فقتل جماعةً منهم بثلاثِ حملات
ورماهُ يزيدُ بنُ الرَّقّاد الجُهَني بسهمٍ
فاتقاهُ بِيَدِهِ فسمرها إلى جبهتِه
فما استطاع أنْ يُزيلَها عن جبهتِه
فقال : اللهم إنهم استقلّونا واستذلّونا
فاقتلهم كما قتلونا
وبينا هو على هذا إذ حمل عليه رجلٌ برمحِهِ
فطعنَهُ في قلبِهِ فمات
ولما قُتِلَ عبدُ اللهِ بنُ مسلم
حمل آلُ أبي طالبٍ حملةً واحدةً
فصاح بِهِمُ الحسينُ عليه السلام :
صبراً على الموتِ يا بني عمومتي
فواللهِ لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبدا
فوقع فيهم عونُ بنُ عبدِ الله بنِ جعفر الطيار
وأُمُّهُ العقيلةُ زينب وأخوهُ محمد وأُمُّهُ الخوصاء
وعبدُ الرحمن بنُ عقيلِ بنِ أبي طالب
وأخوهُ جعفرُ ابنُ عقيل
ومحمدُ بنُ مسلمِ بنِ عقيل
وأصابت الحسنَ المثنى ثمانيةَ عشرَ جرحاً
وقُطِعَتْ يَدُهُ اليُمنى ولم يُستشهدْ
وخرج أبوبكرِ بنُ أمير المؤمنين
عليه السلام وقاتلهم حتى قتلوه
ثم خرج عبدُ الله بنُ عقيل
فما زال يضربُ فيهم حتى اُثخِنَ بالجراحِ
وسَقَطَ إلى الأرض
فجاء إليه عثمانُ بنُ خالدِ التميمي فقتله
وخرج أبو بكرِ بنُ الإمامِ الحسن عليه السلام
وهو عبدُ الله الأكبر
وأُمُّهُ أُمُّ وَلَد يقالُ لها رملة فقاتل حتى قُتِل
وخرج من بعده أخوهُ لأُمِّهِ وأبيهِ القاسمُ
وهو غلامٌ لم يبلُغ الحُلُم
فلما نظر إليه الحسينُ عليه السلام إعتنقَهُ وبكى
فبرز إليهم وهو يرتجزُ ويقول

إنْ تُنْكروني فأنا نجلُ الحسن
سبطُ النَّبيِّ المصطفى والمؤتمن
هذا حسينٌ كالأسيرِ المُرتَهَن
بين أُناسٍ لاسُقو صوب المُزن

فتقدَّم وبيدِهِ السيفُ
ووجهُهُ كشقَّةِ قَمَرٍ وعليهِ قميصٌ وإزارٌ
وفي رِجليهِ نَعلان
فمشى يضربُ فيهم فَقَتَلَ منهم جماعةً كثيرةً
حتى انقطع شِسْعُ نعلِهِ اليُسرى فوقف ليشدَّهُ
وهو لا يزنُ الحربَ إلّا بمثلِه غيرُ مُكتَرِثٍ بالجمع
ولا مبالٍ بالاُلوف وبينا هو على هذا
إذ شدَّ عليه عمرو بنُ سعدِ بنِ نفيلٍ الأزدي
وضربَهُ بالسيفِ على رأسه ففلقَ هامَتَه
فصاح الغلامُ ياعماه أدركني
فأتاه الحسينُ(ع)
وضرب قاتِلَه فاتقاها بالساعد
فأطنها من المِرفَق
فصاحَ صيحةً عظيمةً سَمِعها العسكرُ
فحملت خيلُ ابنُ سعدٍ لتستنقذه
فاستقبلتهُ بصدورها ووطأتهُ بأرجُلِها فمات
وانجلت الغبرةُ
وإذا بالحسينِ قائمٌ على رأسِ الغلامِ
وهو يفحصُ برجليه ويقول
بعداً لقومٍ قتلوك
خصمُهم يوم القيامةِ جدُّك وأبوك

بچه وناده يجاسم شبيدي
يريت السيف گبلك حز وريدي
هان الكم تخلوني وحيدي
اوعله اخيمّي يعمي الخيل تفتر
ثم حمله ورِجلاهُ تَخُطّانِ الأرض

ووضعَهُ في الخيمةِ مع القتلى فجاءت اُمُّهُ رمله
باكيةً نادبة

ولا مال ولا مال
ردتك ما ردت دنيه ولا مـــــــــال
اتحضرني لو وگع حملي ولا مال
يجاسم خابت ضنوني ولا مــــال
لعند الضيج يبني اگطعت بيـــــه

وسلهم وسلهم
عليك الليل ما نامه وسلهم
فگدتك والصبر گوطر وسلهم
احلولك من تمر يمي وسلهم
بس يبچون ما ردّو عليــــه



لطمية بحق القاسم ابن الامام الحسن (ع)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
انا جاسم روحي فدوه لعودهه
فدوه روحي لعمي وبكل زودهه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شنهي عمري شنهي روحي والحياة
لو اضل وحسين ما بين الممات
صاح هيهات وبعد لا للطغـــــاة
ما اساوم لو اجتني احشودهه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيفي يلهب منهو يگرب يعتنيه
واليريد الموت منكم خل يجيه
خل يشوف شلون حظه يدللي بيه
ما يرد سالم وحگ معبودهه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دين ما عدهم ولا عدهم اصول
لا عقيده لعدهم وما مش عقول
احمد امن حسين وهو امن الرسول
واللي ينكر اخبث امن يهودهه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شنهي ذنب حسين ودمومه التسيل
شنهي ذنب اطفال رضَّع والعليل
هــــــاي اميه والجرم كلش ثجيل
للجحيم بلا حساب ورودهه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
حسين ايه حسين حجه اعله العباد
حسين شمس الما تغيب امن الفؤاد
ذوله اوتاد الارض ذولــه العماد
عتره طيبه ما تخون اعهودهـه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

غاص بيهم ما ثبت منهم لعين
شلون عمي ابينكم يالغادرين
واعله عمي اشمالكم متحزمين
يا بني سفيان حفظو احدودهه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصرعُ العباس عليه السلام

ولما رأى العباسُ عليه السلامُ كثرةَ القتلى في أهلِهِ
قال لأخوتِهِ من أمِّهِ وأبيه وهم
عبدُ الله وعثمانَ وجعفر:
تقدّموا يا بني أُمي حتى أراكم نصحتم لله ولرسولِه
والتفت إلى عبدِ الله وكان أكبرُ من عثمانَ وجعفر
وقال: تقدَّم يا أخي حتى أراكَ قتيلاً وأحْتَسِبَك
فقاتلوا بين يدي أبي الفضل حتى قُتِلوا بأجمعهم
ولم يستطع العباسُ صبراً
بعد قتلِ إخوتِه وأولادِ عمِّهِ وأخيهِ
وكان آخرَ من بقي مع الحسين فاستأذنَهُ للقتال
فقال الحسينُ يا أخي أنت صاحبُ لوائي
وإذا قُتِلْتَ يصيرُ جمعُنا إلى الشتات
فقال العباسُ(ع) سيدي لقد ضاق صدري
وأريدُ أنْ آخذ ثأري من هؤلاءِ المنافقين
فقال الحسينُ إذا كان ولابد
فاطلب لهؤلاء الأطفالِ قليلاً من الماء
فذهب العباسُ إلى القومِ
ووعظهم وحذّرهم غضبَ الجبّار
فلم ينفع فيهم النُّصح
ورجع إلى الحسينِ يخُبِرُهُ
فَسَمِعَ الأطفالَ ينادون
العطشَ العطش فرِكبَ جوادَهُ
وأخذ الِقربةَ وقصد الفرات
فأحاط به أربعةُ آلافِ فارسٍ
ورمَوهُ بالنبالِ فلم يعبأ بجمعهم
ولا راعتهُ كثرتُهم
فكشفهم عن المشرعة
ودخل الماءَ واغترفَ منه غُرفةً
فتذكَّرَ عطشَ الحسينِ(ع)
فرمى الماءَ من يدِه قائلاً

يانفسُ من بعدِ الحسينِ هوني
وبعدَهُ لاكُنتِ أنْ تكـــــــــــوني
هذا الحسينُ واردُ المنـــــــونِ
وتشربين باردَ المَعيــــــــن
تاللهِ ماهذا فعالُ ديني

خاض الماي بس هيّس ابّرده
ترس چفه ويروّي عطش چبده
تذكّر لن اخوه حسين وحــــــده
ذب الماي من چفه وتحســـــــــر

شلون اشرب وخوي حسين عطشان
سكنه والحرم واطفال رضعــــــــــان
وظن گلب العليل التهب نيــــــــــــران
ياريت المــــــــــــاي بعده لا حله ومر

هذا المـــــــــــاي يجري بطون حيّات
وضوگه گبل چبد حسين هيهــــــــات
وظن طفله يويلي امن العطش مـــات
واظن موتي گرب والعمــــــــــر گصّر

ثم ملأ القربةَ وتوجَّهَ نحو المخيم
فأخُذ عليه الطريق فجعل يضربُ فيهم وهو يقول

لا أرهبُ الموتَ إذا ماالموتُ رقى
حتى اُوارى في المصاليتِ لُقى
إني أنا العباسُ أغدو بالسِّــــقا
ولا أهابُ الشَّـــــــــر يومَ الملتقى
نفسي لنفسِ المصطفى الطُهرِ وقاء

فضجَّ الأعداءُ من كثرةِ ما رأو من العباس
فلم يَدْنُ منهُ أحدٌ إلا وفقد رأسَه أو رجلَه أو يدَه
واسودَّت وجوهُ القوم قلقاً وخوفاً منه
لئلا يوصِل الماءَ إلى الحسين
وعندها لن تبقى منهم باقية
فأخذوا يبحثون عن الفرص
ويكيدون له المكائد
فكمن له زيدُ بنُ الرَّقّاد من وراء نخلةٍ
وعاونَهُ حكيمُ بنُ الطفيل
فضربهُ بالسيفِ على يمينِهِ فقطعها
فأخذ السيفَ بشمالِه قائلا

والله إنْ قطعتُـــــــــــمُ يميني
إنّي أُحامي أبداً عن ديني
وعن إمامٍ صادقٍ اليقينِ
نجلِ النَّبيِّ الطاهرِ الأمينِ

فلم يعبأ بيمينِهِ وأخذ السيفَ بشماله
وهو يقاتلهم وهم يفرّون أمامَه
حتى كمِن لهُ حكيمُ بنُ الطفيل
من وراءِ نخلةٍ أيضا
فضربهُ بالسيفِ على شمالِه فقطعها
فضمَّ اللواءَ إلى صدرِهِ
وضربَ فرسَهُ نحو المخيَّم
وكان همّهُ ايصال الماءِ إلى العيالِ
فتكاثروا عليه وأتته السهامُ كرشِّ المطرِ
فسهمٌ أصابَ صدرَهُ
وسهمٌ أصابَ عينَهُ
وسهمٌ أصابَ القربةَ فأريقَ ماؤها
عندها وقف أبو الفضل متحيراً
لا يَدين فيقاتل بهما
ولا ماء فيوصله إلى المخيم

وضربَهُ رجلٌ بالعمودِ على رأســه
امأيس وگف عاف العمر من ساسه
رايد حياته ولا غدر نوماســــــــــه
طرّو بعامود الضغاين راســــــــــه
طاح وندب سيّد شبابِ الجنـــــــــه

صاح ياخويــــــــه تره عنَّك رحت
گطعو چفوفي وعله الغبره طحت
بالجره اعليه أضنّــــــــــك معلمت

فنادى عليك منّي السلامُ أخي أبا عبد الله
فلمّا سمع الحسينُ(ع) توجَّه نحو أخيه مسرعاً

تعنّه امن الخيم للعلگمي حسين
صاح بصوت يعضيدي اوگعت وين
بعد ماشوف دربي يا ضوه العين
يخويه الكون كله بعيني اظلم

فأتاهُ الحسينُ ورآهُ مقطوعَ اليمينِ واليسارِ
فصاح آلان إنكسر ظهري
وقلّت حيلتي وشَمُتَ بي عدّوي

يعباس السهم گلي شلون اطلعه
متعادل وسطهه وصعب شلعه
خويه لنصب مناحه اعليك وانعه

ثم حَمَلَ على القوم وهو ويقول:
أين تَفِرّون وقد فتتم عَضُدي
ثم رجع إلى أبي الفضل فأحسَّ به العباسُ(ع)
فقال يا هذا بالله عليك إلاّ ما أمهلتني فواقَ ناقةٍ
قال ما تصنع بها قال حتى يأتيني ابنُ والدي
أودِّعُهُ ويودِّعُني وأشمُّهُ ويشمُّني
فقال الحسينُ أخي أنا أخوك
فجلس عندَه وقد أُغمي عليه
وبينما إمامُنا جالسٌ عند أبي الفضل
وإذا بأبي الفضل انتبه
فقال سيدي ما تريدُ أنْ تصنع
قال أريدُ حملَكَ إلى المخيّم

يخويه حسين خلّيني بمچاني
يگلّه ليش يازهـــــرة زماني
يگلّه واعدت سكنــــه تراني
ابماي ومستحي منهه ومگدر

يگلّه ما درت لنّك رميـــّـــــه
وهي برجواك تسگيهه اميـّه
يخويه منين اجت ليك المنيّة
وتگضي بالشمس والعطش والحر

ثم فاضت روحُ أبي الفضلِ الطاهرةُ
في حجرِ أبي عبد الله الحسينِ
فرجع الحسينُ إلى المخيّم منكسراً حزيناً
يُكفكِفُ دموعَهُ بِكُمِّه
وقد تدافعت الرجالُ على مخيَّمِهِ
فصاح: أما من مُجيرٍ يجيرُنا؟
أما من مُغيثٍ يُغيثُنا ؟ أما من طالبِ حقٍ ينصُرُنا
أما من خائفٍ من النّارِ فيذبّ عنا
فأتتهُ سُكينةٌ وسألتهُ عن عمِّها
فاخبرها بقتلِه وسمعتهُ زينبٌ
فصاحت: وا أخاه واعباساه
وا ضيعتنا بعدك وبكت النسوةُ
وبكى الحسينُ معهن
وقال: وا ضيعتنا بعدك.....ولاني ولاني

يعباس الدهـــر عگبك ولاني
سطرني وغيّر احوالي ولوني
صرت لاني لأهلي يبن امي ولاني
على التربان ويّاكم رميــــَّـــــــــه


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
خويه يا عباس شو عفتوني
خويه حرگو الخيم لحگوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبو فاضل انت راعي الگنطره
شلون يعضيدي تنام اعله الثرى
انا اختكم راح اروح اميسره
صوب ديوان الرجس مشوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انا اختكم خويه ويه العايله
شلون ترضه امشي عنها كربله
بالحرم واطفال وحدي بهالفله
يالله خويه امن اليسر خلصوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترضه يابو الغيره زينب تنولي
وانت يا خويه چفيلي ومحملي
ضاگت الدنيه عليه ابلا هلي
بالدمع ياخويه تجري اعيوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليش اناديكم يخويه او ماتجون
والعساكر بالخيم ويفرهدون
يسرونه او سلبونه اويشتمون
وانا اختكم خويه لتخلوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نار شبت تحرگ ابهاي الخيم
بيهه اطفال وعليل وهم حرم
وان خدري خلاف عينك انهدم
هم رعب هم خوف ويزجروني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
وسفه يا خويه الچفوف امگطعه
وسفه نومك خويه عند المشرعه
انا اصيح بصوت ريتك تسمعه
انـــــــــا زينب خويه لتعوفوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
انت ليث الموزمه وانت الأصيل
انت زودي وانت حماي الدخيل
تعدل الميله يخويه من تميل
وسفه يا خويه تخيب اضنوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

الحسينُ وحيدا

ولما قُتل العباسُ(ع) التفت الحسينُ(ع )
فلم يَرَ أحداً ينصُرُه
ونظر إلى أهلِهِ وصحبِهِ مُجزّرين كالأضاحي
وهو إذ ذاك يسمعُ عويلَ الأيامى وصراخَ الأطفال

صاح بصوت يا آل اُميّــه
ليش الگوم حشّمتو عليّه

فجعل ينادي
يازهير
ياحبيب
يا نافع
يا مسلمَ ابنَ عوسجة
يا فلانُ ويا فلان
مالي أناديكم فلا تسمعون وأخاطِبُكم فلا تُجيبون
أنتم نيامٌ أرجوكم تنتبهون
أم حال بيني وبينكم ريبُ المنون
فأخذتِ الأجسادُ ترتعدُ في مكانها
فبكى الحسينُ(ع) وقال لها قَرّي واهدئي
فقرتْ وهدأتْ
ثم صاح بأعلى صوتِه:
هل من ذابٍّ يذبُّ عن حُرَمِ رسولِ الله ؟
هل من مُوَحِّدٍ يخافُ اللهَ فينا ؟
هل من مُغيثٍ يرجوا اللهَ في إغاثَتِنا ؟
فارتفعت أصواتُ النساءِ بالبكاء
ونهض السجّادُ(ع ) يتوكأُ على عصاه
ويجُرُّ سيفَه لأنَّهُ مريضٌ
لا يستطيعُ النهوض فصاح
الحسينُ بأمِّ كُلثوم إحبسيه لئلا تخلو الأرض
من نسلِ آلِ مُحَمَّدٍ فأرجعتهُ إلى فراشِه

نادت يخويـــــــه ومالك امعين
وگومك على الغبـــره مطاعين
انا منين اجيب المرتضى منين
عن كربلة يابه غبت ويــــــــن
خذو ثارهم واحد بسبعيــــــــن
فزعو فرد فزعه علـــه حسين

مصرعُ عبدِ اللهِ الرضيع

ثمَّ إنَّهُ عليه السلامُ أمَرَ عيالَهُ بالسكوتِ وودَّعَهُم
ودعا بولدِهِ الرضيعِ يودِّعُهُ
فأتتهُ زينبٌ بابنِهِ عبدِ الله وأمُّهُ الرباب
فأجلسَهُ في حجرهِ يقبِّلُهُ
ويقولُ بعداً لهؤلاء القومِ
إذا كان جدُّكَ المصطفى خصمُهُم
ثم أتى بِهِ نحو القومِ يَطْلُبُ لهُ الماءَ
فرماهُ حرملةُ ابنُ كاهلٍ
بسهمٍ فذَبَحَهُ من الوريد إلى الوريد
فتلقى الحسينُ الدَّمَ بِكَفِّهِ ورمى به نحو السماء
فلم تَسْقُطْ من ذلك الدَّم قطرةٌ إلى الأرض

تلگه حسين دمّ الطفل بيده
سال وترس چفه من وريده
شحال اليچتل بحضنه وليده
ذبه للسمه وللگاع ما خر

فقال هوَّنَ عليَّ ما نَزَلَ بي أنَّهُ بِعَيْنِ اللهِ تعالى
أللهم لا يكونُ أهون عليك من فصيلِ ناقةِ صالحٍ
إلهي إنْ كُنْتَ حبست عنّا النَّصْر
فاجعله لما هو خيرٌ منهُ
وانتقم لنا من الظالمين
واجعل ما حلَّ بنا في العاجل
ذخيرةً لنا في الآجل
ثم جاء بِهِ إلى أُختِهِ العقيلةِ زينب
وما ورجع بِهِ إلى أُمِّهِ
لأنَّ الأمَّ لا تستطيعُ أن ترى ولَدَها مقتولاً أمامَها
فخرجت إليه العقيلةُ زينب
فلما نظرت إلى الطفلِ وإذا بِهِ
مذبوحاً من الوريدِ الى الوريد
والسَّهمُ نابتٌ في نحرهِ
ودمُهُ مسفوحٌ على صدرِه نادت

يخويه الطفل عني دغطيـــــــــه
انه مالي گلب يحسين اصد ليـــه
أشوفه ذبيح وماد رجليـــــــــــــــه
خويه خفت العطش لن يلحگ عليه
هذا الخفت منه طحت بيـــــــــــــــــه

فدفنه الحسينُ مرملاً بدمِهِ وقيل وضعه مع القتلى



الحسين (ع) يصل الفرات

ثم حمل على القوم وهم ينكشفون أمامَه
فصاح عمرُ ابنُ سعد هذا ابن الأنزع البطين
هذا ابن قتّال العرب
احملوا عليه من كل جانب
فأتتهُ أربعةُ آلاف نبلة
وحال الرجال بينه وبين رحله
فصاح فيهم يا شيعة آل أبي سفيان
إن لم يكن لكم دين
وكنتم لا تخافون المعاد
فكونوا أحراراً في دنياكم
فقال الشمر ما تقول يبن فاطمة
فقال أنا أقاتلكم وتقاتلونني
والنساء ليس علهن جُناح فقال الشمرُ لك ذلك
وقصدهُ القومُ واشتدَّ القتال وقد اشتدّ به العطش
فحمل من نحوِ الفرات على عمرو ابنِ الحجّاج
وكان في أربعة آلاف فكشفهم عن الماء
وأقحم الفرس
فقال لهُ الحسينُ عليه السلام
انت عطشانٌ وأنا عطشان
فلا أشربُ حتى تشرب فرفع الفرس رأسهُ
كأنًّهُ فهم الكلام
ولمّا مدّ الحسينُ يده ُ ليشرب الماء
ناداه رجلٌ قائلا
يا حسين أتلتذ بالماء وقد هُتكت حًرًمُك
فرمى الماء ولم يشرب وقصد الخيمة

رد وعياله امن العطش يومــن
او صاح ابصوت للتوديع گومن
مثل سرب الگطا گامن يحومــن
تطيح اعليه وحدتهن وتعثـــــــر
إجت زينب يُوَصّيهــــــه بالعيال
يوصّيهـــه ابعليله وكل الاطفال

ثم إن الحسينَ (ع) أعدَّ نفسهُ لملاقاةِ الحتوف
وكان عليه جبَّةُ خَزٍّ دكناء وعمامةٌ مُوَرَّدةٌ
أرخى لها ذؤابتين
والتَحَفَ ببُردةِ رسولِ الله
ولَبِسَ دِرْعَهُ وتقلَّدَ سيفَهُ
وطلب ثوباً لا يَرغبُ فيهِ أحدٌ يضعُهُ تحت ثيابِهِ
لئلاّ يُجَرَّدَ منهُ فإنَّهُ مقتولٌ مسلوبٌ
فأَتَوْهُ بتبّانٍ فلمْ يَرغَبْ فيهِ لأنَّهُ من لِباسِ الذِّلَّةِ
وأَخَذَ ثَوْبًاً خَلِقاً فخرَّقَهُ وجَعَلَهُ تحت ثيابِه
ودعا بسراويل فَفَزَرَها ولَبِسَها لئلاّ يُسْلَبَها

مبارزةُ الحسينِ عليه السلام

وتقدَّمَ الحسينُ (ع ) نحو القومِ
مُصلتاً سيفَه آيساً من
الحياة ودعا الناسَ إلى البراز
فلم يَزَلْ يَقْتُل كلَّ من بَرَزَ إليهِ
حتى قَتَلَ جمعاً كثيراً
ثم حَمَلَ على الميمنةِ وهو يقول:

الموتُ أولى من ركوبِ العارِ
والعارُ أولى من دخولِ النارِ

وحَمَلَ على الميسرةِ وهو يقول:
أنا الحسينُ بنُ علي
آليتُ أنْ لا أنـــــثني
أحمي عيالاتِ أبي
أمضي على دينِ النبي

فحَمَلَ عليهم بمهجتِهِ الشريفةِ
يضربُ فيهم يميناً وشمالاً
فقتل منهم مقتلةً عظيمةً ثم رفع صوته قائلاً
ويلكم على ما تقاتلونني على حقٍّ تركتهُ
أم على سنَّةٍ غيّرتُها
أم على شريعة بدّلتها
فقالوا بل نقاتلك بغضا لأبيك
وما فعلهُ بأشياخنا يوم بدرٍ وحنين
فلمّا سمع كلامهم بكى
ثم حمل على القوم بمهجته الشريفة حملةً منكرةً
وقتل منهم الفاً وخمسمِئة فارس
ثم رَجِعَ إلى مركَزِهِ وأنشأ يقول

خيرةُ اللهِ من الخلقِ أبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
خيرةُ اللـــــــهِ من الخَلْقِ أبي
بعـــد جدِّي فأنا ابنُ الخَيْرَتَيْن
كَفَرَ القومُ وقُدْمـــــــــاً رَغِبُوا
عن ثوابِ اللهِ ربِّ الثَّقَلَيــــــن
حَنَقَــــاً منهم وقالوا إنّنــــــــا
نُتْبِعُ الأوَّلَ قُدْماً بالحُسيـــــــن
يا لَقَومي من أُناسٍ قَدْ بَغَـــــوْ
جَمَعُوا الجَمْعَ لأهلِ الحَرَمَيــن
لا لِشيءٍ كان منّي سابقـــــــاً
غَيْرَ فخري بضياءِ الفرقديـــن
بِعَلِيِّ الطُهْرِ من بعـــــــدِ النَّبي
والنَّبيِّ الهاشميِّ الوالديـــــــن
والدي شمسٌ وأمّي قَمَــــــــرٌ
فأنا الكوكبُ وابنُ القمريــــــن
فِضَّةٌ قَدْ صُفِّيَتْ مـــــــــن ذَهَبٍ
فأنا الفضَّةُ وابنُ الذَّهبيـــــــــن
ذهبٌ مــــــــــن ذهبٍ في ذهبٍ
ولُجينٌ في لُجينٍ في لُجيــــــــن
من لـــــهُ جدُّ كجدِّي في الورى
أو كشيخي فأنا ابنُ العَلَمَيـــــن
أُمِّيَ الزهراءُ حقـــــــــــــاً وأبي
وارثُ العلمِ ومولى الثَّقَلَيــــــــن
جدِّيَ المُرسَلُ مِصبــــاحُ الدُّجى
وأبي المُوفى لـــــــــهُ بالبيعتَين
خَصَّــــــــــــــهُ اللهُ بفضلٍ وتُقى
فأنا الزاهـــرُ وابنُ الزّاهِرَيــــن
أيَّدَ اللهُ بطهــــــــــــــــــــرٍ طاهرٍ
صاحبَ الأمرِ ببـــــدرٍ وحُنَيْــــن
ذاك واللـــــــــهِ عليّ المرتضى
سادَ بالفضلِ جميعَ الحَرَمَيْــــن
عَبَدَ اللهَ غُلامــــــاً يافعـــــــــــاً
وقُريشٌ يَعبُدون الوَثَنَيْـــــــــــن
يعبُدون اللّات والعزّى معـــــــاً
وعليٌّ قائمٌ في القِبْلَتَيْـــــــــــــن
معْ رسولِ اللهِ سَبْعـــــــــاً كاملاً
ما على الأرضِ مُصَلٍّ غَيْرَ ذَيْن
أظهَرَ الإسلامَ رغماً للعِــــــــدا
معْ قريشٍ لا ولا طرفَةَ عَيْـــــن
قَتَلَ الأبطالَ لمــّـــــــــــــا بَرزوا
يومَ بدرٍ ثمَّ أُحْدٍ وحُنيــــــــــــــن
تَرَكَ الأصنامَ مُسْتَدْحِضَــــــــــــةً
وَرَقى بالحمدِ فوقَ المِنْبَرَيْـــــن
فَلَهُ الحمـــــــــــــدُ علينا واجبٌ
ما جرى بالفلكِ إحدى النَّيِّرَيْــن
وأبادَ الشِّرْكَ في حَمْلاتــِـــــــــهِ
بِرِجالٍ أُترفوا في العسكريـــْـــن
وأنا ابنُ العيـــــــنِ والأذنِ التي
أذعَنَ الخَلْقُ لها في الخافقيـــن
نحنُ أصحابُ العبــــا خَمْسَتُنـــا
قد مَلَكْنا شرقَها والمغربيــــــــن
ثم جبريلٌ لنـــــــــــــا سادسُــــنا
ولنا البيتُ لنا والمشعريــــــــــن
وكذا المجـــــــــــــــــدُ بنا مُفْتَخَرٌ
شامخاً نعلو به في الحَسبيـــــن
فَجَزاهُ اللهُ عنّا صالحــــــــــــــــاً
خالقُ الخلقِ وربُّ الحرميــــــن
عُرْوَةُ الدِّيــــــنِ عليُّ المُرتضى
صاحبُ الحوضِ مُعزُّ المُؤمنيـن
يُفْرَقُ الصَفّانُ من هيبتــــِـــــــهِ
وكذا أفعالُهُ في الخافِقَيْـــــــــــن
والذي صدَّقَ بالخاتمِ منـــــــــه
حين ساوى ظهرَهُ في الرّكعتين
والذي أردى جيوشـــــــاً أقبلوا
يَطلُبون الثأر في يومِ حُنيــــــن
شيعةُ المُختار طيبوا أنْفُســــــاً
فَغَداً تُسْقَون من حوضِ اللجين
فعليهِ اللــــــــــــــــهُ صلّى ربُّنا
وحباهُ تُحْفـَــــــــــــةً بالحَسَنَيْن


مصرعُ الإمام الحسين (ع)

ثم إنه ودع عياله ثانيا وأمرهم بالصبر
وقال إستعدوا للبلاء
واعلموا أن الله حاميكم وحافظكم
وسيجعل عاقبة أمركم خيرا .
ثم التفت الى ابنته سكينه
فوقف عليها مُصَبِّرا ومسليا
وهي تودعه باكية نادبة

يبويــــــــــه گول لا تخفي عليــــه
هذي روحتك لو بعد جيـــــــــــــــه
يبويه ان جان رايح هاي هيـــــــــه
اخذني اوياك عنك مگدر اصبـــــــــر

فقال عمرُ ابنُ سعد ويحكم اهجموا عليه
ما دام منشغلا بنفسِهِ وحرمه
فوالله إن فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم
فحملوا عليه يرمونه بالسهام
فشكَّ سهمٌ منها اُزُرَ النساء
فَدُهِشْنَ وأُرعبن فحمل الحسينُ
عليهم كالليث الغضبان
فلا يلحق أحداً إلا بَعَجَهُ بسيفه
فقتله ورجع الى مركزه
يكثر من قول
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ....
وطلب في هذه الحال ماءا
فقال الشمر لا تذوقَه حتى تردَ النار
فقال الحسينُ (ع) أأنا أرد النار؟
وإنما أرد على جدّي رسولِ الله
وأسكنُ معه في داره
في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر
وأشكوا إليه ما فعلتم بي
فغضبوا بأجمعهم
وكأنّ اللهَ لم يجعل في قلوبهم من الرحمة شيئا
ورماه أبو الحتوف بسهمٍ وقع في جبهته
فنزعه وسالت الدماء من جبهته فصاح بصوت عالٍ :
يا اُمةَ السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته .
ولما ضعف عن القتال وقف يستريح
فرماه رجلٌ بحجرٍ على جبهته فسال الدم على وجهه
فرفع ثوبه ليمسح الدم عن عينيه
فرماه آخر بسهمٍ محدد له ثلاث شعب
فوقع على قلبه الشريف
فقال بسم الله وبالله وعلى ملة رسولِ الله
إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلاً
ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري .
ثم أخرج السهم من قفاه وانبعث الدم كالميزاب
فوضع يده تحت الجرح
فلما امتلأت رمى به نحو السماء
وقال هوَّن عليَّ ما نزل بي أنه بعين الله تعالى
فلم يسقط من ذلك الدم قطرةٌ إلى الأرض
ثم وضعها ثانياً ولطَّخ بها رأسه ولحيته
وقال هكذا أكون حتى ألقى الله وجدي رسولَ الله
وأنا مخضبٌ بدمي وأقول ياجد قتلني فلانٌ وفلان
وأعياهُ نزفُ الدَّم فجلس على الأرض ينوءُ برقبتِهِ
فانتهى إليه في هذا الحالِ مالكُ بنُ النَّسر فَشَتَمَهُ
ثم ضَرَبَهُ بالسيفِ على رأسه
وكان عليه بُرنُس فامتلأ البُرنُس دماً
فقال الحسينُ(ع) لا أكلْتَ بيمينِك
ولا شَرِبْت وحشرك اللهُ مع الظالمين
ثم ألقى البُرنُس واعْتَمَّ على القُلُنْسُوَة
قال هانئُ بنُ ثابتِ الحضرمي:
إني لواقفٌ عاشرُ عشرةٍ لمّا صُرِعَ الحسينُ(ع)
إذ نَظَرْتُ إلى غلامٍ من آلِ الحسينِ
عليه إزارٌ وقميصٌ
وفي أُذُنَيْه دُرَّتان وبيده عمودٌ من تلك الأبنيةِ
وهو مذعورٌ يتلفتُ يميناً وشمالا
فأقبلَ رجلٌ يركُض حتى إذا دنا منهُ
مالَ عن فرسِهِ وعَلاهُ بالسيفِ فقتله
وذلك الغلامُ
هو محمدُ بنُ أبي سعيدِ بنِ عقيلِ بنِ أبي طالب
وكانت أُمُّهُ تنظرُ إليهِ وهي مدهوشة
ثم إنَّهم لبثوا هُنيئةً وعادوا إلى الحسينِ(ع)
وأحاطوا به وهو جالسٌ على الأرض
لا يستطيعُ النُهوض فنظر
عبدُ اللهِ بنُ الحسن السبط
وله إحدى عشرةَ سنة نظر إلى عمِّه
وقد أحدقَ به القومُ فأقبل يشتدُّ نحو عمِّه
وأرادت زينبُ حبسَه
فأفلت منها وجاء إلى عمِّه
وأهوى بحرُ بنُ كعبٍ
بالسيفِ ليضربَ الحسينَ(ع)
فصاح الغلامُ يا ابنَ الخبيثةِ
أتضرِبُ عمِّيَ الحسين؟
فغضب اللعينُ من كلامِهِ
فضربَ الغلامَ بسيفِهِ
فاتَّقى الضربَةَ بيده فأطنَّها إلى الجلد
فإذا هي مُعَلَّقةٌ
فصاحَ الغُلامُ يا عمّاه لقد قطعوا يدي
ونظر إلى أمِّهِ في بابِ الخيمة
فنادى يا أماهُ لقد قطعوا يميني
فضمَّهُ الحسينُ إليه فقال
يابنَ أخي إصبرْ على مانَزَلَ بك
واحْتَسِبْ في ذلك الخير
فإنَّ الله تعالى يُلحقُك بآبائِكَ الصالحين
ورفَعَ يَدَهُ قائلاً
اللهم إن متعتهم إلى حينٍ فَفَرِّقْهُم تفريقاً
واجعلهُم طرائِقَ قِدَداً ولا تُرِضِ الولاةَ عنهم أبداً
فإنَّهم دَعَوْنا لينْصُرُونا ثم عَدَوا علينا يقاتِلُونَنا
ورمى الغُلامَ حرملةُ بنُ كاهلٍ بسهمٍ
فذبَحَهُ وهو في حجرِ عمِّه الحسين
وبقي الحسينُ مطروحاً على الأرض ملياً
ولو شاؤوا أن يقتلوهُ لفعلوا
إلّا إنَّ كلَّ قبيلةٍ تتَّكِلُ على غيرِها
وتكرَهُ الإقدامَ عليه فصاح الشمرُ ما وقوفُكم
وما تنتظرونَ بالرجل
وقد أثخنتهُ السَّهامُ والرِّماحُ
إحملوا عليه فضَرَبَهُ زرعةُ بنُ شريكٍ
على كتِفِهِ الأيسر
ورماهُ الحُصينُ في حَلْقِه
وضَرَبَهُ آخرٌ على عاتِقِه
وطَعَنَهُ سنانُ بنُ أنسٍ في تُرقوتِه
ثمَّ في بواني صدرِه
ثمَّ رماهُ بسهمٍ في نحره
وطعنهُ صالحُ بنُ وهبٍ في جنبِه
والإمامُ الحسينُ يجودُ بنفسِه
ويقول صبراً على قضاءك يا رب
مالي ربٌ سواك ولا معبودٌ غيرُك
يا غياث من لا غياث له
ويا دائما لا نفاد له يا محيي الموتى
اُحكم بيني وبينهم
وأنت خير الحاكمين
وأقبل فرسُ الحسينِ يدورُ حوله
ويُلَطِّخُ ناصيتَهُ بِدَمِه
فصاح ابنُ سعدٍ دونكُمُ الفرس
فإنَّهُ من جيادِ خيلِ رسولِ الله
فأحاطتْ بِهِ الخيلُ فجعل يرمحُ بِرِجْلَيهِ
حتى قَتَلَ واحداً وأربعينَ رجلاً وعشرةَ أفراس
فقال ابنُ سعد دعوهُ لننظرَ ما يصنع
فلما أمِنَ الجوادُ الطَّلَبَ
أقبلَ نحو الحسينِ يمرِّغُ ناصيتهُ بدمِهِ
ويشُمُّهُ ويَصْهَلُ صهيلاً عالياً
قال أبو جعفرِ الباقر(ع) كان يقول

الظليمةُ الظليمة ، من أُمَّةِ قَتَلَتْ ابنَ بِنْتِ نبيها

وتوجَّهَ نحو المُخيَّمِ بذلك الصهيل
وكأني بالعقيلة نادت

يمهر حسيــــن گلي عن ولـييِّ
بعد فيَّ يخايب بيـــــــــش افييِّ
اشچم صواب گلي بگلب اخييِّ
ومن ياجرح دمه ايفور أكثر

فلما نظرت النِّساءُ إلى الجَوادِ مخزياً
والسَّرْجَ عليه مَلْوِيّا
خَرَجْنَ من الخدورِ على الخدودِ لاطمات
وبالعويلِ داعيات وبعد العزِّ مذللات
وإلى مصرعِ الحسينِ مُبادِرات

فواحدةٌ تحنو عليه تضمـُّــــــــــــــــهُ
وأخرى عليـــــــــــــــهِ بالرِّداءِ تُظلِّلُ
وأخرى بفيضِ النَّحْرِ تَصْبَغُ شَعْرَهــا
وأخرى تُفدِّيــــــــــــــهِ وأخرى ُتُقَبِّل
وأخرى على خوفٍ تلوذُ بجنبِــــــــهِ
وأخرى لِما قد نالهـــــــــا ليس تَعْقِلُ

ونادت أُمُّ كُلثوم وامحمداهُ
واأبتاهُ واعلياهُ واجعفراهُ
واحمزتاه هذا حسينٌ بالعراءِ صريعاً بكربلا
ونادت زينبٌ: وا أخاهُ وا سيداه وا أهلَ بيتاه
ليتَ السَّماءَ أُطْبِقَتْ على الأرض
وليتَ الجبالَ تدكدكت على السَّهْل
والإمامُ يجودُ بنفسِه
فأراد أن ينهض فلم يستطع النهوض
فنادى واجداه وامحمداه وا أبتاه وا علياه
أاُقْتَلُ مظلوما وجدي المصطفى
وأذبحُ عطشانا وأبي عليُّ المرتضى
واُتركُ مهتوكا واُمي الزهراء
ثم اُغشي عليه والقوم في حيرةٍ
لا يدرون أهو حيٌ أم ميّت
فصاح ابنُ سعدٍ بالناس
ويحكم إنزلوا إليهِ وأريحوه
فنزل شبث ابن ربعي ليضربه بالسيف
فلما نظر اليه رمى السيف من يده ومضى
ونزل اليه سنان ابن أنس
فلما نظر الى الحسين
إرتعد وسقط السيفُ من يده
فولى هارباً وقال إني رأيت عينيه
كأنهما عينا رسولِ الله
فبدر إليه الشِّمر فرفسهُ برجلِه
وجَلَسَ على صدرِه
وقَبَضَ على شيبتِهِ المُقدَّسة
وضربهُ بالسيفِ اثنتا عشرة ضربة
واحتزَّ رأسهُ المقدَّس
أي وا إمـــــامــــــاه
واحسينــــــــــــــــاه
وا سيـــــــــــــــــداه


يا عمادي يا حسين
نور عيني ياحسين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف أمسيت صريعا بينهم
بين قوم غادرين كلهــــــــم
سلبوك قطعوك ويلهم
خصمهم يوم غد ذاك الامين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما رعو جدك ذاك المصطفى
أنكروا الدين وعادو للجفا
ذبحوا نحرا كريما من قفا
أي ذنب قد جنى يا مجرمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي عذر ذا لكم يوم الجزاء
وحسين ذاك مسلوب الرداء
هذي ارض الله تبكي والسماء
وكذا ميكال والروح الامين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذاك جرم فتتت منه الجبال
هد ركن الدين حقا والكمال
حقد سفيان دفين لا يزال
قتلوا السبط منار العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غارت الخيل تهز الجسدا
داست القلب معا والكبدا
كبر الله العزيز الصمدا
والعن الشمر وكل الغادرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أضرموا النار لحقد في الخيم
ضجت الاطفال خوفا والحرم
والعليل ذاك لاع بالالم
ينظر الايتام يعلوها الانين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فوق تل زينب تلك تصيح
يبن امي ضاق في عيني الفسيح
انت حي هل تراك أم ذبيح
أسفا تغدو وكل الصالحين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انت خدري انت عيني والفؤاد
انت روحي انت عمري والوداد
كيف ترضى يا عمادي أن نقاد
ليزيد الكفر نمشي ثاكلين


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتل الامام الحسين
للسيد عبد الرزاق المقــــرّم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتل الامام الحسين
لأبي المؤيــــــد الخوارزمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتل الامام الحسين
للشيخ محمود الماجــــــــدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتل الامام الحسين
للشيخ فاضل عباس الحايوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتل الامام الحسين
للشيخ عبد الزهراء الكعبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتل الامام الحسين
لأبي مخنــــــــــــــــــــــــف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الارشاد
للشيخ المفيــــــــــــــد (قدس)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب لواعج الاشجان
للسيد محسن الامين العاملي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الانوار البهية
للشيخ عبـــــــــــــاس القمي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهوف في قتل الطفوف
للسيد ابن طـــــــــــــاووس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


lrjg hghlhl hgpsdk l;j,fh




التعديل الأخير تم بواسطة صالح مهدي ; 2015/09/07 الساعة 08:43 PM
رد مع اقتباس
قديم 2015/09/06, 11:24 AM   #2
الرافضيه صبر السنين


معلومات إضافية
رقم العضوية : 3796
تاريخ التسجيل: 2015/05/07
المشاركات: 7,552
الرافضيه صبر السنين غير متواجد حالياً
المستوى : الرافضيه صبر السنين is on a distinguished road




عرض البوم صور الرافضيه صبر السنين
افتراضي

بارك الله فيكم ع الطرح المؤثر والمبارك
يرزقكم الله زيارة الامام في الدنيا وشفاعته في الاخرة


توقيع : الرافضيه صبر السنين
رد مع اقتباس
قديم 2015/09/07, 08:55 PM   #3
صالح مهدي

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3793
تاريخ التسجيل: 2015/05/06
المشاركات: 60
صالح مهدي غير متواجد حالياً
المستوى : صالح مهدي is on a distinguished road




عرض البوم صور صالح مهدي
افتراضي

جعلنا الله وإياكم من زوار ومحبي وشيعة الإمام الحسين عليه السلام


رد مع اقتباس
قديم 2015/09/07, 11:14 PM   #4
الرافضيه صبر السنين


معلومات إضافية
رقم العضوية : 3796
تاريخ التسجيل: 2015/05/07
المشاركات: 7,552
الرافضيه صبر السنين غير متواجد حالياً
المستوى : الرافضيه صبر السنين is on a distinguished road




عرض البوم صور الرافضيه صبر السنين
افتراضي



توقيع : الرافضيه صبر السنين
رد مع اقتباس
قديم 2015/09/08, 01:23 AM   #5
الملكه

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3130
تاريخ التسجيل: 2014/06/04
الدولة: البصره
المشاركات: 15,437
الملكه غير متواجد حالياً
المستوى : الملكه is on a distinguished road




عرض البوم صور الملكه
افتراضي

بارك الله بكم


توقيع : الملكه
http://up.harajgulf.com/do.php?img=1047340

[SIGPIC][/SIGPIC]احيانا نبتسم ليس جنونا ولكن لان اطياف من نحبهم مرت بنا
رد مع اقتباس
قديم 2022/07/30, 11:27 PM   #6
وهج الإيمان


معلومات إضافية
رقم العضوية : 5332
تاريخ التسجيل: 2018/03/19
المشاركات: 1,415
وهج الإيمان غير متواجد حالياً
المستوى : وهج الإيمان is on a distinguished road




عرض البوم صور وهج الإيمان
افتراضي

ماأعظمها من رزية
مأجورين


توقيع : وهج الإيمان
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمقتل الحسين عليه السلام في كربلاء بسمة الفجر عاشوراء الحسين علية السلام 5 2015/06/22 02:57 AM
128عالم سني كبير يعترف بمولد الإمام المهدي عج الشيخ عباس محمد الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) 1 2015/05/24 09:19 PM
ماذا حصل لنساء الامام الحسين ع به أستشهادة رجل متواضع عاشوراء الحسين علية السلام 1 2015/02/27 08:31 PM
الاحداث الاعجازية التي جرت بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام الجمال الرائع عاشوراء الحسين علية السلام 2 2014/12/30 12:38 PM
مواضيع حسينية 2 الجمال الرائع عاشوراء الحسين علية السلام 4 2014/10/23 12:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |