الصحابي جعفر الطيار (رض)

[اهات الزهراء]

الصحابي جعفر الطيار (رض)

جعفر بن أبي طالب
يعتبر جعفر بن أبي طالب من أروع الشخصيات التاريخية التي تتمثل فيها البطولة الإسلامية، فهو الزعيم الأول للمسلمين في الشام، زعيم المهاجرين في تاريخ الإسلام، قائد الشهداء الأبرار في حملة الإسلام على الكفر وحرب الحق مع الباطل. هو جعفر بن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وأمه هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وإخوته: طالب وعقيل والإمام علي وجميعهم لهم أدوارهم المشرفة في تاريخ الإسلام، كان جعفر من السابقين إلى الإسلام في الدعوة كما في رواية أنه كان ثالث من أسلم وكان أبوه أبو طالب يشجعه وإخوته على الاستمرار في الدعوة، كما رآه يوماً يصلّي مع أخيه علي مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا ثالث معهم فقال: (تقدم صل جناح ابن عمك) وأنشأ قائلاً:
إن علــــــياً وجـــــــــعفراً ثقـــــتي عند مــــــلم الخـــــــطوب والكرب
والله لا أخـــــــــــــــذل النــــــبـــي ولا يخـــــــذله مــن بني ذو حسب
لا تخـــــــــذلا وانـــصرا بن عمكما أخـــــي لكـــــــم مـــن دونه وأبي
من تاريخ الطيار أن النبي لما آخى بين المهاجرين والأنصار آخى بين جعفر وبين معاذ بن جبل كما في (الإصابة)، وفي العالم الثالث للهجرة استقبل النبي جعفر وقبّل ما بين عينيه وضمه إليه، وقال قولته المشهورة: (ما أدري بأيهما أفرح بقدوم جعفر أم بفتح خيبر).
وأهم الحوادث التي حدثت في حياة جعفر ودوره المشرف في نصرة الإسلام هجرة الحبشة عندما قامت قريش في تعذيب المسلمين فهاجر المسلمون الهجرة الأولى، وهم كانوا ثلاثة وثمانون مسلماً، وكان ذلك بقيادة جعفر ومعه زوجته أسماء بنت عمير الخثعمية وهناك رزق أولاده الثلاثة عبد الله وعون ومحمد وقصته مشهورة مع النجاشي ملك الحبشة حيث أراد المشركون أن يردوهم وخافوا منهم ومن نشاطهم الإسلامي، وفي رواية أن النجاشي أسلم وأسلم معه جمع من الصحابة وحيث أن هذه الهجرة والقصة لا تخلو من الحكم والفوائد نذكرها. فإنه لما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة والرسالة تتابع الناس بالدخول في الإسلام إلى أن فشا الإسلام في مكة بين القبائل كلها وأقبلت كل طائفة من قريش على من أسلم بالتكذيب والتعذيب والأذى وحمى الله تعالى ورسوله منهم بواسطة عمه أبي طالب ومن معه من بني هاشم وبني عبد المطلب، فلما رأى صلى الله عليه وآله وسلم ما أصاب الصحابة من البلاء وما هم عليه من الأذى والمعاقبة لعمه أبي طالب، وهو لا يقدر على أن يمنعهم قال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه فيخرج عند ذلك المسلمون إلى الحبشة وكانت هذه الهجرة الأولى. وكانت الهجرة بقيادة جعفر بن أبي طالب ومعه ثمانون رجلاً حتى نزلوا أرض الحبشة فأمنوا بها على أنفسهم وعلى دينهم وعلى عبادتهم وتلقاهم النجاشي أحسن تلقِ وأكرمهم غاية الإكرام وأحسن جوارهم وعبدوا الله تعالى لا يخافون أحداً واستمروا في نشاطهم الإسلامي. فلما رأت قريش أن جعفراً ومن معه من الصحابة قد اطمأنوا في نشاطهم الديني وأمنوا بأرض الحبشة وإنهم قد أصابوا داراً وقراراً تشاوروا فيما بينهم عن الطريقة التي يحدون بها من نشاطهم الإسلامي فبعثوا منهم رجلين ليخرجوهم من دارهم التي كانوا بها آمنين، فذهبوا إلى النجاشي لغرض أن يردوهم ليفتنوهم عن دينهم عند النجاشي وأن يهدوا له الهدايا مما يستظرف، فجمعوا له وللبطارقة هدايا ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص، قالوا لهم: (ادفعا إلى كل بطريق بهدية قبل أن يكلما النجاشي). فخرجا حتى إذا قدما على النجاشي قدما إليه بهدية فقبلها بعد أن قدما إلى بطارقته هداياهم ثم قالا له: (أيها الملك إنه قد خرج منا إلى بلدك غلمان سفهان فارقوا دينهم ودين آبائهم وقومهم وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم عليهم فهم أعرف بهم وأعلم بما عابوا عليهم )، ولم يكن شيئ أبغض إلى عمرو بن العاص وصاحبه من أن لا يسمع كلامهما النجاشي.
فقالت بطارقته وهم حوله: (صدقاًً أيها الملك إن قومهم اعرف بهم، واعلم بما عابوا عليهم فسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم. فغضب النجاشي فقال: والله لا أرسلهم إليهما فإنهم قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان الرجلان في أمرهم، فإن كان الأمر كما يقولون سلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وإن كان الأمر غير ذلك منعتهم منهم وأحسنت جوارهم ما جاوروني.
ثم أرسل أصحابه، فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه، فقالوا: نقول الذي علمناه وأمرنا به كائن في ذلك ما هو كائن. فلما حضروا بين يدي الملك النجاشي دعا أساقفته فنشروا لهم كتبهم حوله فقال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم به دين آبائكم وقومكم، ولم تدخلوا في دينهم فقال جعفر بن أبي طالب: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسبي الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، وكنا على ذلك حتى بعث الله رسولاً إلينا وهو منا نعرفه ونعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونطرح ما كنا نعبد نحن وآباؤنا دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الأرحام و حسن الجوار، والكف عن المحارم والزنا وعن الفحشاء، وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما حلل لنا، فعدوا علينا وعذبونا وفتنونا ودعونا إلى عبادة الأصنام دون عبادة الرب جل وعلا، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبن ديننا خرجنا من بلادنا واخترناك على من سواك من الملوك ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك.
فقال النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء، قال جعفر بن أبي طالب (عليه السلام): نعم، فقال النجاشي: فاقرأ فقرأ جعفر بن أبي طالب عليه سطراً من سورة كهيعص: (ذكر رحمة ربك) وأخذ يقرأها والنجاشي يبكي حتى أخضبت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضبت مضاجعهم حين سمعوا ما تلي عليهم. ثم قال الملك: والله هذا هو الذي جاء به موسى وعيسى انطلقا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون ولا يهانون.
فقال عمرو بن العاص: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، يقولون إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، فسألهم فقال جعفر: فيه ما يقول نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن عيسى عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول، فلما سألهم الملك وأجابوا بهذا الجواب ضرب الملك النجاشي بيده الأرض فأخذ منها عوداً ثم قال: اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي وبلادي، وحينئذ خرج كل من عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة مخذولين مقبوحين من عند النجاشي، وأقام المسلمون بقيادة جعفر بن أبي طالب هناك مستمرين في نشاطهم الإسلامي.
في غزوة مؤته:
أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جيشاً بقيادة جعفر بن أبي طالب إلى مؤته وذلك في العام الثامن للهجرة، والسبب في هذه البعثة كما رواه الواقدي، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث الحارث بن عمير الأسدي في السنة الثامنة للهجرة إلى ملك بصرى ومعه كتاب، فلما نزل مؤته عرض له شرحبيل بن عمر الغساني، فقال: أين تريد قال: الشام، فقال: لعلك من رسل محمد، قال نعم، فأمر به فوثق برباط، ثم قدمه فضرب عنقه، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رسول غيره وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاشتد عليه وندب الناس وأخبرهم بمقتل الحارث فأهرعوا ثم خرجوا وعسكروا في الترك فأمر عليهم جعفر بن أبي طالب، فإن قتل فزيد بن حارثة فإن قتل فعبد الله بن رواحة هكذا، وفي روايات أخرى غير ذلك، وقال السيد الأمين والاعتبار يذكر ذلك، فلم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليؤمر عليهم غير جعفر مع كفائته وكونه أهلاً للإمارة وتفوقه على الآخرين في الشجاعة والإخلاص كما يدل عليه ما في (الإستيعاب).
مقتل جعفر بن أبي طالب (عليه السلام):
في غزوة مؤته في السنة الثامنة من الهجرة أبلى جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين بلاءً حسناً وكان جعفر قد قطعت يمينه فأخذ الراية بشماله ثم قطع شماله فضم الراية إلى صدره حتى خرّ صريعاً شهيداً في سبيل الله، كما في (الإصابة) ووجد في مقاديم بدنه تسعون ضربة بين طعنة رمح وضربة سيف، كما في (الإصابة) و(الاستيعاب) أيضاً، وقد حزن على موته الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حزناً شديداً. وعن ابن عمر قال: وجدنا ما بين صدر جعفر بن أبي طالب ومنكبيه تسعين جرحاً ما بين ضربة وطعنة بالرمح، ولما بلغ النبأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نعى جعفر وواسى امرأته أسماء بنت عمير، فعزاها في زوجها ودخلت فاطمة الزهراء عليها السلام، وهي تبكي وتقول: واعماه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على مثل جعفر فلتبكي البواكي ودمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: قطعت يداه قبل أن يستشهد وقد أبدله تعالى عن يديه بجناحين من الزمرد الأخضر فهو الآن يطير بهما في الجنة مع الملائكة كيف يشاء، وكان من هنا عرّف بجعفر الطيار. وكان أول من رثاه شعراً حسان بن ثابت في قصيدته الطويلة التي يقول فيها:
نــــــاولني ليـــــــل بيــثرب أعسر وهم إلى ما نـــــــوم الناس مسهر
رأيـــــت خـــيار المؤمنين تواردوا شعوباً وقد خلـــــــفت فيمن يؤخر
فـــــــلا يبـــــعدن الله قـتلى تتابعوا بمؤته منـــــهم ذو الجناحين جعفر
وزيــــــد وعـــــبد الله حين تتابعوا جميعاً وأســــــباب المنــــية تخطر
غداة غدوا فـــي المؤمنين يقودهم إلى المــــوت ميمون النقيبة أزهر
كما زان في الإســـــلام آل هــاشم دعــــــــائم عـــــز لا ترام ومذخر
هـــــم جـبل الإسلام والناس حوله رضام إلى طـــــود يـــروق ويقهر
هـــــــم أوليــــــاء الله أنـزل حكمه عليهم وفــــــيهم والـكتاب المطهر
ورثـاه كعب بن مالك الأنصاري بقصيدة جاء فيها:
صـــــلّى الإلـــــه عــليهم من حجة وســـــقى عــظامهم الغمام المثقل
وقــــــفوا بمــــــؤتة للإله نفوسهم حذر الـــــروى ومـخافة أن ينكلوا
فمـــــــضوا أمـــام المسلمين كأنهم فلــــــق علـــــيهن الحديد المرهل
إذ يهتــــــدون بجــــــــعفر ولـوائه إذ كــــــان أولــــهم فنـــــعم الأول
حتـــى تـــفرجت الصــفوف وجعفر حين التقى وعــد الصفوف مجندل
فـــــترجل الـــقمر المنــــــير لفقده والــشمس قــد كسفت وكادت تأفل
قال محمد عدنان المخيم في كتابه (مملكة الكرك) ما نصه: مؤته قرية إلى جنوبي الكرك وهي إحدى مزارات منطقة الكرك فيها قبور زيد بن الحارثة وعبد الله بن رواحة وجعفر الطيار الذين استشهدوا في غزوة مؤته سنة ثمان للهجرة المعادل 629م، ومؤته هي الآن من المزارات المقصودة وبالأخص من الشيعة منها. وجاء في كتاب (خمسة أعوام في الشرق الأدنى) ما نصه:
وبالقرب من الكرك نجد مزاراً جليلاً يقارن اسمه بتلك البقعة ونال شأناً رفيعاً، فهو جعفر الطيار وهو مكان تاريخي يورده الحديث الإسلامي. ذكر المؤرخون أنه في السنة الثامنة للهجرة خرج المجاهدون في البادية لمحاربة الروم وافتتاح ملكهم فالتحم الجمعان في بقعة تدعى مؤته فسقط من الجانبين عدد وافر وأسفرت المعركة عن كسر المجاهدين ونصرة الروم عليهم، وكان في المنطقة قائد مشهود له في المعارك يدعى جعفر، ويستمر المؤلف قائلاً: ففي أيام الربيع يفد إليه الزائرون من عرب المجالي، والحجايا، والسلاجطة، والحباشنة، والمعايطة وغيرهم، إلى أن يقول: وبعد الأفراح ينحرون الذبائح ويقدمونها للفقراء إكراماً لجعفر الطيار.
قال في (المراقد): (مرقده في مؤته حيث استشهد وشيد عليه قبة قديمة وله حرم وإلى جنبيه مشهد. حدثنا بعض أصحابنا العراقيين الزائرين لمرقده في إمارة الأردن في إمارة الأمير الشريف عبد الله) وفي الهامش عن المحامي عبد الله أنه في سنة 1942م ذهب مع الشريف الملك عبد الله لتعمير قبر جعفر الطيار في مؤته، فلما وصلوا إلى القبر وجدوه مهدوماً فنزل فرأى بدن جعفر الطيار بهيئته وثيابه وعليه الدم طرياً والسيف في عنقه لم يتغير من بدنه شيء فكأنه ميت من يومه، وكان المحامي الشريف يحلف بالأيمان المغلظة مراراً أنه وجده كذلك، فعمّر الأمير عبد الله بن الملك الحسين القبر وبنى المسجد الذي عليه، والمرقد الشريف لجعفر بن أبي طالب وصحبه الأبرار الشهداء اليوم يعرف بمنطقة المزار في المنطقة التي كانت تعرف بمؤته والإسم الرسمي لهذا المزار في الأردن وهكذا نجد حياة الطيار تعتبر دروساً عملية في التضحية والجهاد من أجل العقيدة والحق.

المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: سيرة أهـل البيت (عليهم السلام)

---

hgwphfd [utv hg'dhv (vq)

[اهات الروح]

جزيتم خيرا ووفقتم للعمل الصالح

[هو الحق]

رضوان الله عليه
بارك الله بكم على هذا التوضيح لسيرته التاريخيه الخالده
جزاكم ربي كل الخير يارائعه

[اهات الزهراء]

اللهم يرزقنا زيارته في الدنيا
وشفاعته بالاخره
شكرا لمروركم منورين الموضوع

[اهات الزهراء]

اللهم يرزقنا زيارته في الدنيا
وشفاعته بالاخره
شكرا لمروركم منورين الموضوع