Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > منتديات اهل البيت عليهم السلام > عاشوراء الحسين علية السلام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014/08/04, 02:41 PM   #1
الجمال الرائع


معلومات إضافية
رقم العضوية : 799
تاريخ التسجيل: 2012/12/12
المشاركات: 857
الجمال الرائع غير متواجد حالياً
المستوى : الجمال الرائع is on a distinguished road




عرض البوم صور الجمال الرائع
افتراضي مواضيع حسينية 1

خلافة يزيد وخلاف الحسين له


خلافة النبي (صلى الله عليه وآله): نيابة عنه في الولاية على الأُمّة في جميع شؤونها، أو جميع شؤونه إلاّ الوحي، فهي أُخت النبوة وشريكتها في البيعة والعهد والرئاسة العامة، وسمي المتولي لهذا العهد «إماماً» يجب الاقتداء بأفعاله والاهتداء بأقواله، لذلك أجمعت أُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله): على اشتراط العدالة فيه مع الفضل الديني ما نص عليه القرآن الحكيم في آية إبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} كذلك اشترطوا في متن بيعته: العمل بكتاب الله وسنة رسوله خوفاً من حصول سوء الاختيار أو فسوق المختار.
ولقد ثار المهاجرون والأنصار ومسلمو مصر والأمصار على عثمان بن عفان حتى كان ما كان من أمره وأمر مروان، كل ذلك إنكاراً منهم لأحداث تخالف الكتاب والسنة، ولقد كان الأحرى بالجمهور وأولياء الأُمور: أن يعتبروا بهذا الحادث ويأخذوا دروساً من الحوادث فلا يُؤمّروا إلا من ائتمنوه على الدين لكي يسير فيهم على الهدى والصلاح، لكن ابن هند وعصبته ـ المستخفّة بالحق ـ لم يتبعوا سبيل المؤمنين يوم ملكوا رقاب المسلمين وأخضعوا أمام قوتهم حتى المهاجرين.
هذا; ولم يحس من الحسين بعد الحسن (عليهما السلام) موجة خلاف أو رغبة الخلافة، </span>
الصفحة 40 بل أقام مسيرته الهادثة برهاناً ساطعاً على زهده عنها، إذ كان يفضل هدوء الشعب على الشغب، ولكن على شريطة حفظ الشرع وظواهره والدين وشعائره ـ ولو نوعاً ما ـ أمّا أن يرى يزيد ممثّلاً عن جدّه الأمين وخليفته في المسلمين مع استهتاره وفسقه وفسق عمّاله فشيء لا يستطيع حمله صدر الحسين وأمثاله!

وبالرغم من صبر الحسين واحتسابه مدّه أربعين عاماً من إمارة معاوية مرّت حوادث مُرّة ضاق عنها صدر ابن علي الرحب وأوغرت صدر يزيد من الجهة الأخرى أخص بالذكر منها حدثين بارزين استثار الواحد منهما حنق يزيد وكل ما في حفايظه من ضغائن، وهو ما سنقصّه عليك من أمر أُرينب بنت إسحاق سيدة الجمال(1)، كما استثار الحدث الثاني من حسين الفتوة كل شهامة ومروة، وحول وقوة، وذلك اهتمام ابن هند لاستخلاف ولده يزيد إماماً للمسلمين وأميراً على المؤمنين إذ كان معاوية الدهاء يحاول ذلك من شتّى الوجوه بين الجد والهزل على ألسنة المتزلفين إليه.
تذاكر معاوية يوماً مع الناس في بيعة يزيد والاحنف بن قيس جالس لا يتكلم فقال: مالك لا تقول يا أبا بحر؟ قال: أخافك إن صدقت وأخاف الله إن كذبت.
ورووا عن معاوية أنه أظهر بعد موت زياد بن أبيه كتاباً مفتعلاً عن خطه بتحويل الخلافة وولاية عهدها إلى يزيد(2).
وعن الحسن البصري أنه قال: «أفسد أمر هذه الأُمة اثنان: عمرو بن العاص في
____________
1) العقد الفريد ج2 ص100.
2) العقد الفريد.

الصفحة 41 التحكيم والمغيره بن شعبة، فإنه كان عامل معاوية على الكوفة، فكتب إليه معاوية: إذا قرأت كتابي فأقبل معزولاً. فأبطأ عنه، فلما ورد عليه قال: ما أبطأ بك؟ قال أمر كنت أُوطؤه وأهيئه. قال: ماهو: قال البيعة ليزيد من بعدك. قال: أو قد فعلت؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى عملك فلما خرج قال له أصحابه: ما وراؤك؟ قال: وضعت رجل معاوية في غرزغي لا يزال فيه إلى يوم القيامة».

ثمّ حجّ معاوية وفي صحبته يزيد يقدّمه إلى المهاجرين كمرشح للخلافة بعده، فدخل عليه الحسين في المدينة وهو على ماهو عليه من التظاهر بالفجور وشرب الخمور فلم يسؤه يومئذ إلاّ التجاهر بانكار هذا العمل وانضم إلى صوته أصوات ثلة من أكابر الصحابة، وابن صخر من ورائه ينثر الذهب والفضة ويبث المواعيد حتى انحصرت أصوات المعارضين في أربعة، فحس ابن الرسول بأول خذلان من أُمته في مدينة جدّه.وما عاد ابن صخر إلى الشام حتى راجت في المدينة وصايته بمباراة معارضيه الأربعة ولا سيما الحسين ابن فاطمة، فهدأت سورة ابن البتول إذ وجد أمامه متسعاً، ويرى أثر هذه الصدمة في قلوب الأمة وموجة الحركات العامة إن قضى طاغية الشام نحبه، فدبّر ابن علي أمره حسبما تسمح له الظروف وتساعده الأحوال، إلاّ أنّه فوجىء من يزيد بأخذ البيعة منه خاصة ومن الناس عامة وصحت مكيدة ابن هند في تخديره الأعصاب من وصيته بالحسين (عليه السلام) بينماكان ابن الرسول قالعاً منهم بالسكوت عنه، لكنهم لم يقنعوا منه بالحيدة ولا بالعزلة ولا بالخروج إلى الثغور أو إلى أقصى المعمور.
</span>
الصفحة 42 </span>الصفحة 43
أهلية الحسين للخلافة


ربّما اتّخذوا استجابة الحسين (عليه السلام) لدعوة الكوفة وإرساله ابن عمه إليها لأخذ العهد منها دليلاً على أنّه رشّح نفسه للخلافة، غير أنّ ذلك لا ينافي خطته الدفاعية ولا يوجد نحوه مغمزاً، حيث اجتمعت لنهضة الحسين وتلبيته لدعوة الكوفة أسباب أربعة لو تعلّق كل رجل من المسلمين بواحد من تلكم الأسباب لأصبحت مقاومة يزيد عليه حتماً وإلزاماً:

أوّلاً:
أهلية يزيد للمخالفة وعدم أهليته للخلافة. فقد امتلأت بطون التواريخ عن سوء سيرته وسريرته: من شرب الخمر، وصيده بالنمر، وخلاعته في فجوره حتى بالمحارم.
ثم إنّه لم ينل عهد ملكه بوصاية أو وراثة ممّن استحقها من قبل، فقد ابتز أبوه الامارة بالمكر والغدر، وأخذ البيعة له بالعنف والقهر، وبتهديد ألسنة الأسنة والحراب، دون أدنى حرية للمسلمين في الشورى والانتخاب.
فكان الواجب على الأُمّة خلع هذا الخليع الغاصب، وفيما صح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله(1): «سيد الشهداء عمي حمزة، ورجل قام في وجه إمام جائر يأمره وينهاه
____________
1) صححه الحاكم والطبراني عن جابر و (علي).

الصفحة 44 ثم قتله» وقد تم هذا التنبؤ في عمل الحسين قبل غيره.


ثانياً:
علم ابن النبي من نفسه ومن آثار جّده وأبيه وأخيه: أنّه إمام المسلمين دون سواه، ورشحته ألسنة المتجاهرين بالحق، وصدَّقته البقية تحت ستار التقيّة. فهل يكون لأحد من الوجوه مثل هذا ثم لا ينهض؟!

ثالثاً:
تلوح من السيرة الحسينية المثلى أنّه مسبوق العلم بأنباء من جدّه وأبيه وأُمه وأخيه وحاشيته وذويه بأنّه مقتول بسيف البغي ـ خضع أو لم يخضع، وبايع أو لم يبايع ـ فهلا يرسم العقل الناضج لمثل هذا الفتى المستميت خطة غير الخطة التي مشى عليها حسين الفضيلة، قوامها الشرع وزمامها النبل ولسان حاله:


مشيناها خطىً كتبت عليناومن كتبت عليه خطىً مشاها



رابعاً:
تواتر الكتب إلى ابن النبي (صلى الله عليه وآله) من العراق وخلاصة أكثرها: «اقدم علينا يابن رسول الله، فليس لنا إمام غيرك، ويزيد فاسق فاجر ليس له بيعة في أعناقك، فعجّل بالمسير إلينا، وإن لم تفعل خاصمناك عند جدّك يوم القيامة».
فماذا يكون ـ ياليت شعري ـ جواب مثل الحسين لمثل هؤلاء؟ وهلا تراه ملوماً لو لم يستجب دعوتهم؟!
</span>
الصفحة 45
الحسين رمز الحق والفضيلة


لا عجب إن عدّت نهضة الحسين (عليه السلام) المثل الأعلى بين أخواتها في التاريخ وحازت شهرة وأهميّة عظيمتين، فإنّ الناهض بها الحسين رمز الحق ومثال الفضيلة، وشأن الحق أن يستمر، وشأن الفضيلة أن تشتهر. وقد طبع اّل علي (عليهم السلام) على الصدق حتى كأنّهم لا يعرفون غيره، وفطروا على الحق فلا يتخطونه قيد شعرة.
ولا بدع فقد ثبت في أبيهم عن جدهم عن النبي (صلى الله عليه وآله): «عليّ مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار»(1)، فكان علي لا يراوغ أعداءه ولا يداهن رقباءه، وهو على جانب عظيم من العلم والمقدرة وتاريخه كتاريخ بنيه يشهد على ذلك، فشعور التضحية ـ ذلك الشعور الشريف ـ كان في علي وبنيه ومن غرائزهم ولا سيما في الحسين بن علي (عليه السلام) وما في الآباء ترثه الأبناء.
وقد تفادى علي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه كرّات عديدة، كذلك الحسين تفادى لدين الرسول (صلى الله عليه وآله) وأُمته، إذ قام بعملية أوضحت أسرار بني أُمية ومكائدهم وسوء نواياهم في نبي الإسلام ودينه ونواميسه.

____________
1) استدل الرازي في تفسيره بهذا الحديث وثبوته المتواتر على الجهر بالبسملة.

الصفحة 46 وفي قضية الحسين حجج بالغة برهنت على أنّهم يقصدون التشفّي منه والانتقام، وأخذهم ثارات بدر وأحقادها. وقد أعلن بذلك يزيدهم طغياناً ـ وهو على مائدة الخمر ونشوان بخمرتين خمرة الكرم وخمرة النصر ـ إذ تمثلّ بقول ابن الزّبعرى(1):



ليت أشياخي ببدر شهدواجزع الخزرج من وقع الأسل


وأضاف عليها:


لعبت هاشم بالملك فلاخبر جاء ولا وحي نزللست من خندف(2) إن لم أنتقممن بني أحمد ما كان فعل



____________
1) بكسر الزاي وفتح الباء وسكون العين وفتح الراء المهملتين: كنية شاعر الحزب السفياني.
2) خندف: لقب أم مدركة بن إلياس بن مضر جد قريش.

الصفحة 47
الحركات الإصلاحية والضرورية


إذا كان نجاح الأُمة على يد القائد لزمامها، وإصلاحها يتوقف على صلاح إمامها فمن أسوء الخيانات والجنايات ترشيح غير الأكفّاء لرياستها ورياسة أعمالها. وسيان في الميزان أن ترضى بقتل أُمتك أو ترضى برياسة من لا أهلية لها عليها، وأية أُمة اتخذت فاجرها إماماً، وخونتها حكاماً، وجهالها أعلاماً، وجبناءها أجناداً وقواداً فسرعان ما تنقرض ولابد أن تنقرض.
هذا خطر محدق بكل أُمة لو لم يتداركه ناهضون مصلحون وعلماء مخلصون وألسنة حق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيضربون المعتدي على يده، أو يوقفونه عند حدّه.
وبتشريع هذا العلاج درأ نبي الإسلام عن أُمته هذا الخطر الوبيل، ففرض على الجميع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد تهديده المعتدين وضمانه للنهاضين وصح عنه (صلى الله عليه وآله): «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ذلك لكي لا يسود على أُمته من لا يصلح لها فيفسد أمرها وتذهب مساعي الرسول ومن معه أدراج الرياح. وقد كان هذا الشعور الشريف حيّاً في نفوس المسلمين حتى عصر سيدنا الحسن السبط (عليه السلام).
وناهيك انّ أبا حفص خطب يوماً فقال: «إن زغت فقوّموني» فقام أحد </span>
الصفحة 48 الحاضرين يهز فيوجهه السيف ويقول: «إن لم تستقم قومناك بالسيف».

غير أنّ امتداد السلطان لمعاوية بن أبي سفيان، وإحداثه البدع،وإماتته السنن وإبادته الأبرار(1) والأحرار بالسيف والسمّ والنار(2)، وغشّه الأفكار وبثّه الأموال في وجوه الأمة أخرست الألسن، وأغمدت السيوف، وكمت الأفواه، وصمت الآذان، وحادت بالقلوب عن جادة الحق والحقيقة ورجالهما فمات أو كاد أن يموت ذلك الشعور الإسلامي السامي. وأوشك أن لا يحس أحد بمسؤوليته عن مظلمة اخيه ولا يعترف بحق محاسبة آمريه أو معارضة ظالميه.
وكاد أن تحل قاعدة: «قبّلوا يداً تعجزون عن قطعها» محل آية: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}.

____________
1) من سنة 40 هـ إلى سنة 60 بعدما استعمل على العراق المغيرة بن شعبة وزياد بن سمية لاستيصال شأفة الحزب العلوي وقتل صلحاء الصحابة والتابعين ـ كحجر بن عدي وأصحابه ـ سراًوجهراً وغدراً وغيلة أودفناً في التراب حياًوشق بطونهم وسمل عيونهم. عدا من قتلوا حرباً أو صلباً أونفيهم وقطع أرزاقهم أو التعرض بأعراضهم، كل ذلك ليحملوا الأمة بكل وسيلة على سب أبي تراب والترحّم على عثمان وتسويغ المظالم.
2) وقد أفرط معاوية في قتل صلحاء الصحابة والتابعين بدسّ السمّ في مأكلهم ـ أمثال ابن أبي وقاص، والحسن بن علي، ومالك الأشتر النخعي.
وقال ابو الفرج الأموي في مقاتله: وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص فدس اليهما سماً فماتا منه... الخ.

الصفحة 49
آثار الحركة الحسينية


كان مآل الأحوال السالفة محق الحق بالقوة، وسحق المعنويات بالماديات، وانقراض الأئمة والأُمة بانقراض الاخلاق والمعارف لولا أن يقيض الرحمن لانقاذ هذه الأمة حسيناً آية للحق، وراية للعدل، ورمزاً للفضيلة، ومثالاً للإخلاص يوازن نفسه ونفوس الأُمة في ميزان الشهامة، فيجد الرجحان الكافي لكفة الأُمة فينهض مدافعاً عن عقيدته، عن حجته، عن أُمته، عن شريعته، دفاع من لا يبتغي لقربانه مهراً، ولا يسألكم عليه أجراً، ودون أن تلوي لواءه لائمة عدو أو لائمة صديق، ولا يصده عن قصده مال مطمع، أو جاه مصطنع، أو رأفة بآله، أو مخافة على عياله.
هذا حسين التاريخ والذي يصلح أن يكون المثل الأعلى لرجال الإصلاح وقلب حكم غاشم ظالم دون أن تأخذه في الله لومة لائم، وقد بدت لنهضته اّثار عامة النفع جليلة الشأن فإنها:

أولاً:
أولدت حركة وبركة في رجال الإصلاح والمنكرين لكل أمر منكر حيث اقتفى بالحسين السبط أبناء الزبير، والمختار الثقفي، وابن الأشتر، وجماعة التوابين، وزيد الشهيد، حتى عهد سَمِّيه الحسين بن علي شهيد فخ، وحتى عهدنا الحاضر ممن لا يحصون في مختلف الأزمنة والأمكنة، فخابت آمال أُميه فيه، إذ ظنت أنها قتلت حسيناً فأماتت بشخصه شخصيته وأبادت روحه ودعوته. كلا! ثم </span>
الصفحة 50 كلا! لقد أحيت حسيناً في قتله وأوجدت من كل قطرة دم منه حسيناً ناهضاً بدعوته داعياً إلى نهضته.

أجل! فإن الحسين لم يكن إلاّ هاتف الحق، وداعي الله، ونور الحق لا يخفى، ونار الله لا تطفى، ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ويعم ظهوره.

ثانياً:
إنّ الحسين (عليه السلام) ـ بقيامه في وجه الجور والفجور مقابلا ومقاتلاً ـ أحيا ذلك الشعور الإسلامي السامي الذي مات في حياة معاوية أو كاد أن يموت، ونبه العامة إلى حب الحياة، ورعاية الذات واللذات، والتخوف على الجاه والعائلات. لو كان تبرر لأولياء الدين مصافات المعتدين لكان الحسين أقدر وأجدر من غيره، لكنه أعرض عنها إذ رآها تنافي الإيمان والوجدان، وتناقض الشهامة والكرامة، فجددت نهضته في النفوس روح التديّن الصادق وعزّة في نفوس المؤمنين عن تحمل الضيم والظلم وعن أن يعيشوا سوقة كالأنعام وانتعشت إحساسات تحرير الرقاب والضمائر من أغلال المستبدين وأوهام المفسدين.

ثالثاً:
إنّ النهضة الحسينية هزّت القرائح والجوارح نحو الإخلاص والتفادي، وأتبعت الصوائح بالنوائح لتلبية دعاة الحق واستجابة حماة العدل في العالم الإسلامي وإنعاش روح الصدق وهو رأس الفضائل.
وبوجه الإجمال عدت نهضة الحسين (عليه السلام) ينبوع حركات اجتماعية باقية الذكر والخير في ممالك الإسلام، خففت ويلات المسلمين بتخفيف غلواء المعتدين، فأي خير كهذا الينبوع السيال والمثال السائر في بطون الأجيال.
</span>
الصفحة 51
الفضيلة والرذيلة


الفضيلة محبوبة الجميع والرذيلة مكروة إلاّ لدى صاحبها،وإذا عدّت الفضائل فضيلة، فضيلة: من وفاء، وسخاء، وصدق، وصفاء، وشجاعة، وإباء، وعلم، وعبادة وعفة، وزهد، فحسين التاريخ رجل الفضيلة بجميع مظاهرها; كما أنّ معارضيه رجال الرذائل بكل معانيها لا يتناهون عن منكر فعلوه.
فأتت من أجل ذلك نهضة الحسين (عليه السلام) أُمثولة الحق والعدل، إذ بطل روايتها أقوى مثال للفضيلة، قد كانت حركة يزيد(1) أُمثولة الباطل والظلم، إذ بطل روايتها
____________
1) طفحت مدونات التاريخ بمظالم يزيد وهتكه لحرمات الدين والحرمين في أيامه القصيرة، ويشترك معه ـ طبعاً ـ في الإثم كل من ساعده عليه أو ساعده على استخلافه، كالمغيرة بن شعبة الذي حمل معاوية على استخلاف يزيد وقصته معروفة، فصار أبوه لا يتريّث في ترشيحه للخلافة فولاه إمارة الحج مرتين بعد أن استتب له الأمر، وولاه الصائفة تارة وقيادة الجيش أخرى ـ والصائفة غزوة الروم، لأنّهم كانوا يغزون صيفاً، وصائفة القوم ميرتهم في الصيف ـ. كما وأخذ له البيعة من المسلمين في حياته طوعاً وكرهاً غير مبال بمن خالفوه وشنعوا عليه حتى مات معاوية سنة ستين ونادى يزيد بنفسه ملكاً على المسلمين وخليفة عن أسلافه.
وقد استمرت ولايته ثلاث سنوات تقريباً فكان عمله في السنة الأولى قتل الحسين ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله) والبقية من آله ـ على الوجه المشروح في هذا الكتاب ـ وسبي ذراريه وعياله إلى الشام بأسوء من سبايا المشركين.
ولم تقف سوء نيّته عند هذا الحد حتى ثنى الفاجعة الأولى بالأخرى وتسمى «الحرة» فأخاف مدينة الرسول وجيرانه سنة 63 هـ لأجل إنكارهم عليه منكرات أعماله المخالفة للشريعة، وفي صحيح مسلم عنه (صلى الله عليه وآله): «من أخاف أهل المدينة أخافه الله وكانت عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» وأمر يزيد باباحة حرم النبي (صلى الله عليه وآله) لجيشه ثلاثة أيام فعبثوا بها سلباً ونهباً وقتلاً وبغياً. حتى قيل في سفك دمائها وهتك نسائها ما يقشعر منه الإنسان. فلم يبق بعدها بدري في العرب، وأخذ منهم بالقهر إقرارهم على أنّهم عبيده وإماؤه لا يملكون في جنب أوامره مالاً أو عرضاً أو رقبة، وقتل كل ممتنع عن هذه البيعة القاسية ما عدا علي بن الحسين (عليه السلام)، وختم سني إمرته بحصار الكعبة ورميها بالحجارة من المنجنيق المنصوب على جبل أبي قبيس، وباستباحة القتل في البلد الحرام وفي الشهر الحرام: أي محرم سنة أربعة وستين بفرض إرغام عبيدالله بن الزبير ـ المستجير هو من معه بالمسجد الحرام ـ ورمى الكعبة بالنار يوم السبت ثالث ربيع الأول فأحرق أستارها وسقفها وقرني كبش إسماعيل فيها، وبقيت النار مضطرمة أحد عشر يوماً، في أثناء ذلك كان هلاك يزيد في رابع عشر ربيع الأول الموافق لعاشر نوفمبر سنة 682 م.

الصفحة 52 أقوى مثال للرذيلة والفجور. وما حربهما إلاّ تمثيلاً لصراع الحق والباطل. والحق مهما قلّ مساعده وذلّ ساعده في البداية فإن النصر والفخر حليفاه عند النهاية: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ}.


l,hqdu psdkdm 1



توقيع : الجمال الرائع
أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه اكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنأن، والاحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مواضيع للبنات وبس خادمة ألكوثر بنات الزهراء 2 2014/02/08 04:20 AM
مواضيع حلوة وغريبة زينب الارشيف والتكرار 11 2013/03/09 08:07 PM
لكي تدرك مواضيع قيمه علي مولاي المواضيع العامة 10 2012/12/08 12:58 PM
مواضيع جميله ومفيده علي مولاي المواضيع العامة 5 2012/10/15 09:59 PM
مواضيع من هنا وهناك البيرق الصــور العامة 9 2012/07/27 05:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |